الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول في سورة التغابن
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (2)[التغابن: 2] / [204 ب/م] يحتمل أن المراد: خلقكم متصفين بالكفر والإيمان، فيحتج به الجمهور؛ لأن خالق الموصوف هو خالق الصفة، ويحتمل أن المراد: خلقكم ثم منكم من كفر ومنكم/ [423/ل] من آمن، فيتنازعها الفريقان: الجمهور والمعتزلة، بناء على كسب الأفعال وخلقها على ما عرف.
{ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاِسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (6)[التغابن: 6] هذه شبهتهم المعروفة في إنكار الرسل، وقد سبقت.
{ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ} [التغابن: 6] أي: بإنكار الرسالة {فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاِسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (6)[التغابن: 6] أي: عنهم وعن معارفهم وعباداتهم.
{ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاِسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (6)[التغابن: 6] لكماله وتنزهه عما يحتاج إليه غيره.
وقد سبقت المسألة.
{حَمِيدٌ} أي: محمود ليس كغيره من الأغنياء، يفعل مع غناه ما يستحق به الذم، بل الله-عز وجل-يسدي الجميل والمعروف العام والخاص، فهو الذي يستحق الحمد.
{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} (7)[التغابن: 7] أي: ادعوا ذلك دعوى لا تحقق لها: {ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} (7)[التغابن: 7] أمر وأثبت وأقسم وأكد البعث باللام في أوله والنون في آخره، {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} (7) [التغابن:
7] أي: البعث {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} (7)[التغابن: 7] وقد سبق برهانه وتوجيهه في عدة
مواضع.
{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (9)[التغابن: 9] أي: يغبن فيه أهل الجنة أهل النار بما يفوز به هؤلاء، ويرث أهل الجنة أهل النار على ما سبق بيانه.
{ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (11)[التغابن: 11] إن قيل: الإيمان إنما يترتب على هدى القلب، فلو ترتب هدى القلب على الإيمان لزم الدور، وإنه محال.
ويجاب عنه بأن المراد: من يؤمن بالله يزد قلبه هدى وبه ينقطع الدور.
{اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (13)[التغابن: 13] فيه أن التوكل قرين التوحيد ونتيجته، ومن أكبر مقاماته، والتوكل هو التفويض إلى الله-عز وجل-مع ترك الاعتراض.
{فَاتَّقُوا اللهَ} ناسخ لقوله-عز وجل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (102)[آل عمران: 102] أو مخصص له.
…