الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث عشر بعد التسعمائة:
913 جالت لتصرعني فقلت لها اقصري
…
إني امرؤ صرعي عليك حرام
قال العسكري في كتاب "التصحيف": وقد أقوى امرؤ القيس في القصيدة الميمية، في قوله:
إني امرؤ صرعي عليك حرام
إلا في مذهب من يقول: أخرجه مخرج حذام، واحتج بقوله:
يا ليت حظي من نداك الضافي
…
والفضل أن تتركني كفاف
انتهى. وقال ابن الشجري في المجلس الرابع: وقد انفرد الأصمعي بروايته ورواية حرام بكسر الميم، لو رواه بضمها على الإقواء كان أحب إلي، وقال أبو حاتم في تعليل الكسر فيه: أخرج حرام مخرج كفاف من قول الراجز:
والفضل أن تتركني كفاف
عدل كفاف عن كاف، وإن شئت قدرتها معدولة عن التركة الكافة. انتهى كلامه، يعني كلام أبي حاتم. ولا يتأتى في حرام العدل عن فاعل أو فاعلة كما تأتي ذلك في كفاف، وكفاف قد اتسع استعمالها في الشعر القديم، وورد في أشعار المتأخرين، وإذا كان العدل في كفاف ممكنا وفي حرام متعسفا، وجب أطراح المتعسف، وأن تحمل هذه اللفظة [على وجه] يستقيم به فيها الكسر، وذلك أن يكون ألحقها ياء النسب للمبالغة من حيث كانت (وصفا كقولهم في الأحمر: أحمري، وفي الدوار دواري، قال الراجز):
والدهر بالإنسان دواري
ثم خفف الياء من حرامي ضرورة كما خففها القائل:
قتلت علباء وهند الجملي
فهذا أمثل مما رآه أبو حاتم، ويجب على هذا الوجه إثبات الياء في الخط.
وقوله: إني امرؤ صرعي، كان حقه أن يقول: صرعه، فيعيد إلى امرئ ضمير غيبه، لأنه اسم غيبة، ولكنه لما وقع خبرا عن ياء المتكلم، والخبر المفرد هو المخبر عنه، أعاد عليه من الجملة التي وصف بها ضمير متكلم، ونظير ذلك في التنزيل قوله تعالى:(إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)[الأعراف/138] كان قياسه: يجهلون بالياء، لأنه صفة قوم، وقوم اسم غيبة، والتاء خطاب، ولكن حسن إجراء الخطاب وصفا لفوم لوقوعه خبرا عن ضمير المخاطبين، وقال أبو حاتم سهل ابن محمد: قوله: صرعي عليك حرام، المعنى: أنه حاذق بالركوب، فهذه الناقة لا تقدر أن تصرعهن وقال غير أبي حاتم: معناه: قد أتيت إليك من الإحسان ما لا ينبغي لك معه أن تصرعيني، أي: قد حرم إحساني إليك صرعي عليك، وقيل هذا البيت:
تخدي على العلات سام رأسها
…
روعاء منسمها رثيم دامي
وهما من قصيدة في وصف ناقته، وخدي البعير يخدي خديا، ووخد يخد وخدانا ووخدا، كلاهما من السير السريع، وقوله: على العلات، أي: على ما بها من الكلال والجوع والعطش، وسام رأسها، أي: مرتفع من نشاطها، وموضع سام نصب على الحال، ولكنه أسكنه ضرورة، كقول بشر بن أبي خازم:
كفى بالنأي من أسماء كافي
فرأسها إذن مرتفع بسام دون الابتداء ارتفاع الفاعل بفعله، لأن اسم الفاعل إذا اعتمد عمل عمل الفعلن واعتماده أن يكون خبرا أو صفة أو صلة أو حالا، وروعاء: حديدة الفؤاد ترتاع من كل شيء، وانتصابها على الحال، والمنسم: للبعير كالظفر للإنسان، ورثيم: مشقوق، فعيل بمعنى مفعول، صكته الحجارة فرثمته، وأصل الرتم في الأنف، يقال: رثمت أنفه: إذا شققته حتى يسيل دمه، ولكنه استعاره للمنسم كمجلس، قوله: اقصري من القصر الذي هو الحبس، أي احبسي جولانك. إلى هنا كله كلام ابن الشجري.
وأول القصيدة:
لمن الديار غشيتها بسخام
…
فمعايتين فهضب ذي أقدام
دار لهند والرباب وفرتني
…
ولميس قبل حوادث الأيام
عوجا على الطليل المحيل لأننا
…
نبكي الديار كما بكى ابن حذام
ومجدة نسأتها فتكمشت
…
رتك النعامة في طريق حام
تخدي على العلات
…
البيتين
وبعدهما:
فجزيت خير جزاء ناقة واحد
…
ورجعت سالمة القرا بسلام