الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والثمانون بعد الثمانمائة:
(889)
ولكنما أهلي بواد أنيسه
…
ذئات بتبغي الناس مثنى وموحد.
قال سيبويه: وسألته - يعني الخليل - عن أحاد ومثنى وثلاث ورباع، فقال: هو بمنزلة أخر إنما حده واحد، واثنين اثنين، فجاء محدودا عن وجهه، فترك صرفه، قلت: أفتصرفه في النكرة؟ قال: لا، لنه نكرة يوصف به نكرة، قال أبو عمرو (أ (فاطر: 1) صفة كأنك قلت: أولي أجنحة اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة، وتصديق قول أبي عمرو قول ساعة بن جؤية.
عاودني ديني فلت كأنما
…
خلال ضلوع الصدر شرع ممدد.
ثم قال:
ولكنما أهلي بواد أنيسه
…
البيت
قال الأعلم: الشاهد في ترك صرف مثنى وموحد، لأنهما صفتان لذئاب معدولتان عن اثنين اثنين، وواحد واحد. انتهى.
والبيتان من قصيدة لساعدة رثى بها ابن عم له قتلته قشير، قاله ابن السيد. وقال غيره، رثى به ابنه أبا سفيان، والقصيدة أوردها السكري في أشعار الهذليين، وهذا مطلعها:
ألا بات من حولي نياما رقدا
…
وعاودني ديني الذي يتجدد
وعاودني ديني فبت كأنما
…
خلال ضلوع الصدر شرع ممدد
بأوب يدي صناجه عند مدمن
…
غوى إذا ما ينتشي يتغرد
ولو أنه إذا كان ما حم واقعا
…
بجانب من يخفي ومن يتودد
ولكنما أهلي بواد أنيسه
…
.. البيت
لهن بما بين الأصاغي ومنصح
…
تعاو كما عج الحجيج الملبد
قوله: ألا بات الخ .. ، بات يقال للفعل الذي يختص بالليل كما اختص الفعل في ظل بالنهار، وهي من أخوات صار، و "من" اسمها، و"نياما" خبرها، قال السكري: دينه: دأبه وأمر الذي هو عليه، ويروي:"يتعدد" أي: الذي يأتيه في العداد، أي: في وقته، يقال: إن اللسعة لتعاد فلانا، يريد: تأتيه في وقت لسعة الحية، أي: يأتيه الوجع، أي يأتبي همي الذي يتعدد، أي: الذي يتأبني همي الذي يتعدد، أي: الذي يأتبي عدا، أي: كل وقت.
وقوله: وعاودني ديني، يقول: كأن بيت أضلاعي صوت وتر، والشرع، بكسر الشين، والشرعة مثله، وترى العود ونحوه، يقول: كأن حنيني ضرب عود في أضلاعي، قال السكري، وقال ابن السيد في شرح أبيات "أدب الكاتب": أرد بدينه: حاله التي كانت تعتاده، يقال ما زال ذلك ديني ودأبي وديدني وديداني، أي: عادتي وحالتي، والشرع: والوتر، يقول كأن بين أضلاعي غناء عودة لكثرة حنيني وبكائي، والمدمن: الذي يدمن شرب الخمر والغناء. انتهى. وخلال: ظرف بمعنى بين، وأثناء.
والأوب: الرجع، والصناجة: التي تضرب الصنج وتغني، والغوي: الضال، وينتشي: يسكر، ويتغرد: يتطرب، قال السكري: قوله: بأوب يدي، أو بها:
رجعها وترديدها في الضرب، عند رجل مدمن الخمر غوى جاهل، يتغرد: يتطرب، والتطريب: مد الصوت.
وقوله: ولو أنه إذ كان ما حم، بضم الحاء المهملة، أي: قدر، قال السكري: يقول: لو كان ما أصابني إلى جانب من يحفي ويتود دني، ولكنما هو بجانب من لا يبالي، يقال: حفي به حفاوة: إذا أكرمه وألطفه، يقول: لو أنه إذا كان ما أراد أن يصيبني بجانب من يودني ويلطفني يريد أهله، ولكن ما أصابني ناء عنهم. انتهى. وأوضحه ابن السيد بقوله: يحفي بلطف، يقال: فلان يحفي بفلان، ويتحفى به: إذا رفق به ولطف، يقول: لو أصابني هذا الرزء بجانب من يتحفي بي ويهتم لحالي، لهان على موقعه، فحذف جواب لو لما فهم المعنى. انتهى.
وقوله: ولكنما أهلي الخ
…
، قال ابن السيد التي تطلب الناس لتأكلهم اثنين اثنين، وواحدا واحدا، ويمكن أن يريد السباع بأعينها، ويحتمل أن يريد قوما بمنزلة السباع. انتهى. ويبطل الاحتمال الثاني البيت الذي بعده، ولهذا اقتصر الجواليقي في شرحه على الأول، فقال: لو كان ما أراد أن يصيبني أصابني بجانب أهلي، ولكنما أصابني في بلد ناء، وأهلي بواد ليس به أنيس، هم مع السباع والوحش في بلد قفر، تبغي: تطلب، وأصله: تتبغي بتائين، ومثنى ومود صفتان لسباع. انتهى. ورواية السكري: سباع موضع ذئاب. وقوله: لهن بما بين الخ .. قال السكري: لهن، أي: للسباع، والأضاحي ومنصح: موضعان، وتعاو: صوت، وملبد، كان الحجاج في ذلك الزمان يلبدون شعورهم بالصمغ لئلا يتشعث وينتفش. انتهى. وترجمة ساعدة بن جوية تقدمت في الإنشاد الثالث من أول الكتاب.