الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما قول عدي:
أيها القلي تعلل بددن
…
إن همي في سماع وأذن
فالسماع مصدر بمعنى المسموع. انتهى. وقال التبريزي: كان الواجب أن يقول: تطيروا بها فرحا، ولا يجعل الجواب ماضيا، وإن كان جائزا في الشعر، وفرحا مفعول له، ومعنى طاروا بها: كثروا في الناس وأذاعوها، وأذنوا: سمعوا وجهلا على وجبنا، بتقدير: أتجمعون جهلا وجبنا.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والثلاثون بعد التسعمائة:
(931)
إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا
…
أو تنزلون فإنا معشر نزل
قال سيبويه: وسألت الخليل رحمه الله عن قول الأعشى:
إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا
…
البيت
فقال: الكلام هاهنا على قوله يكون كذا، أو يكون كذا لما كان موضعه ما لو قال فيه: أتركبون لم ينقص المعنى، صار بمنزلة: ولا سابق شيئا. وأما يونس، فقال: أرفعه على الابتداء كأنه قال: أو أنتم نازلون، وقول يونس أسهل. وأما قول الخليل، فجعله بمنزلة قول زهير:
بدا لي أني لست مدرك ما مضى
…
ولا سابق شيئا إذا كان جائيا
والإشراك على هذا التوهم بعيد كبعد: ولا سابق شيئا. انتهى. قال الأعلم: الشاهد في رفع تنزلون حملا على معنى إن تركبوا، لأن معناه ومعنى أتركبون متقارب وكأنه قال: أتركبون فذلك عادتنا، أو تنزلون في معظم الحرب، فنحن معروفون بذلك، هذا مذهب الخليل وسيبويه، وحمله يونس على القطع، والتقدير عنده: أو أنتم تنزلون، وهذا أسهل في اللفظ، والأول أصح في المعنى والنظم، والخليل ممن يأخذ بصحة المعاني، ولا يبالي باختلال الألفاظ. انتهى.
فأنت ترى أنهم حملوه على إضمار المبتدأ بالنقل عن يونس، ولم يقل أحد منهم: أن "أو" بمعنى الإضراب، كما قال المحقق الرضي، ولا ضرورة تلجئه إليه. واقتصر ابن عصفور في كتاب "الضرائر" على مذهب الخليل، وخصه بالضرورة قال: ألا ترى أن تنزلون حكمه أن تحذف منه النون للجزم، لأنه معطوف على الفعل المجزوم بأداة الشرط، وهو تركبوا، لكنه اضطر إلى رفعه .. إلى آخر ما ذكره.
والبيت من قصيدة للأعشى ميمون التي مطلعها:
ودع هريرة إن الركب مرتحل
…
وهل تطبيق وداعا أيها الرجل
وهذه القصيدة ملحقة بالمعلقات السبع، وروى الخطيب التبريزي البيت كذا:
قالوا الطراد فقلنا تلك عادتنا
…
أو تنزلون فإنا معشر نزل
وقال في شرحه: يقول: إن طاردتم بالرماح، فتلك عادتنا، وإن نزلتم تجادلون بالسيوف نزلنا. انتهى. وعلى هذه الرواية لا شاهد فيه، ونزل: جمع نازل، ونزولهم عن الخيل يكون لضيق المعركة ينزلون، فيقاتلون على أقدامهم، وفي ذلك الوقت يتداعون: نزال.
وترجمة الأعشى تقدمت في الإنشاد التاسع عشر بعد المائة.