الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سهم، ويبقى سهم على ثلاثة، لا تصح، فتضرب ثلاثة في اثنين، تصير ستة، للبنت نصفها ثلاثة، وللجد سهمان، وللأخت سهم.
[باب ميراث ذوي الأرحام]
ذوو الأرحام في أصل الوضع الشرعي واللغوي كل من انتسب إلى الميت بقرابة، سواء كانت القرابة من قبل الأب أو من قبل الأم.
2279 -
ولهذا كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يستدل على ميراث العصبة بقوله سبحانه: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] ولا نزاع أن الآية الكريمة تتناول العصبة وأصحاب الفروض، وإنما النزاع في تناولها للرد، ولذوي الأرحام، وكذلك قَوْله تَعَالَى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1]{وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] تتناول كل
قريب، ولهذا قال إمامنا وأصحابنا وغيرهم: إذا أوصى لذوي رحمه، أو وقف عليهم، تناول كل قرابة له، من جهة الأب والأم. وذوو الأرحام في العرف الاصطلاحي هنا: كل قرابة ليس بذي فرض ولا عصبة، لأن الوارث لما كانوا ثلاثة أقسام، (منهم) من له شيء مقدر، فسمي صاحب فرض، لأن الفرض في اللغة التقدير، (ومنهم) من يأخذ المال إذا انفرد، ويأخذ ما بقي مع ذي الفرض، وهو العصبة، ولما اختص هذان القسمان الشريفان باسمين، بقي (القسم الثالث) وهو أدنى الأقسام، وهو من لا فرض له ولا تعصيب، فخص بالاسم العام، طلبا للتمييز بين الأقسام، وهذا كما أن الحيوان يشمل الناطق والبهيم، [فلما امتاز الناطق باسمه الخاص وهو الإنسان، اختص الاسم العام وهو الحيوان بأدنى نوعيه، وهو البهيم] . وإذا تقرر أن ذوي الأرحام في الاصطلاح الطارئ اسم لمن يرث بلا فرض ولا تعصيب، فهم أحد عشر صنفا، ولد البنات، وولد الأخوات، وبنات الإخوة، وبنات الأعمام، وبنو الإخوة من الأم، والعم من الأم، والعمات، والأخوال، والخالات، وأبو الأم، وكل
جدة أدلت بأب بين أمين، أو بأب أعلى من الجد. والله أعلم.
قال: ويورث ذوو الأرحام.
ش: هذا المذهب المعروف، المشهور في نص أحمد، وقول أصحابه، وهو مذهب جمهور الصحابة، لقول الله سبحانه:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] هؤلاء من أولي الأرحام، فيكونون أولى بنص الكتاب.
2280 -
وفي الدارقطني [عن ابن عباس رضي الله عنهما]«أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه، فكانوا يتوارثون، [حتى نزلت: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ} [الأنفال: 75] فكانوا يتوارثون] بالنسب.»
2281 -
وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من ترك مالا فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه، والخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه ويرثه» رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وحسنه أبو زرعة.
2282 -
«وعن أبي أمامة بن سهل رضي الله عنه، أن رجلا رمى رجلا بسهم فقتله، وليس له وارث إلا خال، فكتب في ذلك أبو عبيدة بن الجراح، إلى عمر رضي الله عنه، فكتب إليه عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الله ورسوله مولى من لا مولى له،
والخال وارث من لا وارث له» رواه أحمد، وابن ماجه، وللترمذي منه المرفوع وحسنه.
2283 -
وعن بريدة قال: «مات رجل من خزاعة، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بميراثه، فقال: «التمسوا له وارثا، أو ذا رحم» فلم يجدوا له وارثا، ولا ذا رحم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أعطوه الكبر من خزاعة» رواه أبو داود.
2284 -
وعن زيد بن أسلم، عن عطاء، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى قباء، يستخير الله في العمة والخالة، فأنزل الله عليه: لا ميراث لهما، ولكن يرثان للرحم» . رواه أبو داود هكذا مرسلا، ولأن ذا الرحم امتاز على سائر المسلمين بالقرابة التي بينه وبين الميت، فكان أولى بماله كالعصبة.
وما يقال - من أن المراد: أن من ليس له إلا خال فلا وارث له، كما يقال: الجوع زاد من لا زاد له. والجوع ليس بزاد، كذلك الخال - مردود بأن في الحديث يرثه ويعقل عنه وبأن الصحابة رووا الحديث، وفهموا منه إثبات الإرث، وفهمهم موافق للحديث، فهو حجة بلا ريب، وقوله في الحديث وارث من لا وارث له أي من لا وارث له معروف، وهم أصحاب الفروض والعصبة، ويؤيد هذا الحديث المرسل لا ميراث لهما يعني مقدرا، ولكن يورثون للرحم. وعن أحمد رواية أخرى: لا يرثون مع بيت المال، بل يقدم بيت المال عليهم، بناء على أنه عاصب، وقد تقدم نصه على ذلك في الوصية بجميع المال، وأنه تبع في ذلك زيد بن ثابت رضي الله عنه.
2285 -
واستدل بعضهم لها بما روى عطاء بن يسار، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى قباء يستخير الله في العمة والخالة، فأنزل الله عليه أن لا ميراث لهما» ، رواه سعيد بن منصور في سننه، وهو مردود بالزيادة التي رواها أبو داود، والله أعلم.
قال: فيجعل من لم تسم له فريضة بمنزلة من سميت له ممن هو نحوه، فيجعل الخال بمنزلة الأم، والعمة بمنزلة الأب، وقد روي عن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى أنه جعلها بمنزلة العم، وبنت الأخ بمنزلة الأخ، وكل ذي رحم لم تسم له فريضة فهو على هذا النحو.
ش: لما ذكر – رحمه الله – أن ذوي الأرحام يرثون أراد أن يبين كيفية توريثهم، وأشار أولا إلى تعريفهم وبيانهم فقال: إنهم من لم تسم له فريضة. وفيه قصور، لأن ذوي الأرحام
- كما تقدم - من لا فريضة له ولا تعصيب، ثم بين كيفية توريثهم، بأنهم يرثون بالتنزيل، وهو المذهب المشهور المعروف، حتى إن عامة الأصحاب لم يحكوا فيه خلافا.
2286 -
وروي نحو ذلك عن عمر، وعلي، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، وناهيك بهم، وذلك لأنهم إنما ورثوا فرعا على غيرهم، فوجب إلحاقهم بذلك الغير. وحكى الشيرازي والسامري رواية أنهم يرثون بالقرب، وهذا مذهب الحنفية، فعلى هذا أولاهم من كان من ولد
الميت، وإن سفلوا ثم ولد أبويه أو أحدهما، وإن سفلوا، ثم ولد أبوي أبويه وإن سفلوا كذلك أبدا، لا يرث بنو أب أعلى وهناك بنو أب أقرب منهم، وإن نزلت درجتهم. ولا تفريع على هذا القول عندنا، إنما التفريع على الأول، وبيانه كما ذكر الخرقي: أن يجعل من لم تسم له فريضة على منزلة من سميت له ممن هو نحوه. فقوله: على منزلة. أي بمنزلة، أو استقر وعلا على منزلة من سميت له الفريضة، وقوله: ممن هو نحوه. «من» لبيان الجنس، أي بيان من سميت له فريضة، و «من» موصول، راجع إلى المسمى له فريضة، وهو راجع إلى من لم تسم له فريضة، والنحو الجهة أي تجعل الذي لم تسم له فريضة بمنزلة الذي سميت له فريضة، أي فريضة قال: من الذي لم تسم له جهته والضمير في جهته راجع إلى الموصول الراجع إلى من سميت له فريضة، وإيضاح ذلك فقال: فتجعل الخالة بمنزلة الأم، والعمة - أي مطلقا، سواء كانت لأبوين، أو لأب أو لأم - بمنزلة الأب.
2287 -
وقد روي هذا عن عمر، وعلي، وعبد الله في العمة، ونحوه عنهم في الخال، وهذا إحدى الروايات عن أحمد رحمه الله واختيار القاضي في التعليق، وأبي محمد وغيرهما.
2288 -
لما روى الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العمة بمنزلة الأب، إذا لم يكن بينهما أب، والخالة بمنزلة الأم، إذا لم تكن بينهما أم» ولأن الأب أقوى جهات العمة، فوجب تنزيلها منزلته، كبنت الأخ، وبنت العم تنزلان منزلة أبويهما، لا أخويهما (وعن أحمد) رواية أخرى أن العمة بمنزلة العم، لأنه أخوها، فنزلت منزلته.
2289 -
وهو إحدى الروايتين عن علي، واختيار أبي بكر عبد العزيز، قال القاضي في تعليقه - بعد أن حكى الرواية
مطلقة -: وينبغي أن تكون بمنزلة العم من الأبوين، لأنا لو نزلناها منزلة العم من الأب سقطت مع بنت العم من الأبوين، ولو نزلت منزلة العم من الأم نزلت بغير وارث، وتبعه على ذلك أبو الخطاب، وأبو البركات وغيرهما، (وعنه) رواية ثالثة أن العمة لأبوين أو لأب كالجد، لأنه أبوهما، والفرع يتبع أصله، قال أبو البركات: فعلى هذه العمة لأم، والعم لأم كالجدة أمهما. واعلم أن الرواية - والله أعلم - إنما وردت في العمة، كما ذكر الخرقي، كذا حكاها القاضي وغيره، وكذلك خص أبو محمد الخلاف بها في الكافي، وقطع في العم للأم أنه كالأب، وكذلك الشيرازي، لكنه قطع في العم للأم أنه كالعم، وحكى أبو البركات الخلاف فيهما. انتهى.
وتنزل بنت الأخ بمنزلة أبيها وهو الأخ، وعلى هذا كل من كان من ذوي الأرحام، ينزل منزلة من يدلي به، وهو معنى قول الخرقي: وكل ذي رحم لم تسم له فريضة، فهو على هذا النحو. أي المثل، مثال ذلك بنت بنت، وبنت بنت ابن، بنت البنت بمنزلة البنت، وبنت بنت الابن بمنزلة بنت الابن، فيكون المال بينهما على أربعة بالفرض والرد، كأصلهما، فلو كان معهما بنت أخ كانت بمنزلة أبيها، فالباقي لها، والمسألة من ستة، فلو كان معهم خالة فهي بمنزلة الأم، فيكون لها السدس، ولبنت البنت النصف، ولبنت بنت الابن السدس تكملة الثلثين، والباقي - وهو السدس - لبنت الأخ، فإن كان مكان الخالة عمة فمن نزلها منزلة الأب أسقط بها بنت الأخ، كما يسقط الأخ بالأب، ومن نزلها منزلة العم أسقطها، كما يسقط العم بالأب، ومن نزلها جدا، قاسم الباقي بينها وبين بنت الأخ، كما يقاسم بين الأخ في هذه المسألة.
قال: وإذا كان وارث غير الزوج والزوجة ممن قد سميت له فريضة، أو مولى نعمة، فهو أحق بالمال من ذوي الأرحام.
ش: لما ذكر الخرقي رحمه الله أن ذوي الأرحام يرثون، أراد أن يبين شرط توريثهم فقال: شرط توريثهم أن لا يكون معهم وارث سميت له فريضة، أو مولى نعمة وأراد أن يبين بهذا أن الرد والولاء يقدمان بالميراث على الرحم، ولا نزاع عندنا - فيما أعلم - أن الرد يقدم على ذي الرحم، لقوله عليه السلام:«الخال وارث من لا وارث له» وهذا له وارث.
2290 -
قال ابن مسعود: ذو السهم أولى ممن لا سهم له. ولأن الرحم التي في ذي الفرض أولى من الرحم التي لا فرض لها، أما الولاء فالمعمول عليه عندنا أيضا أنه يقدم على الرحم للحديث.
2291 -
وقوله عليه السلام: «الولاء لحمة كلحمة النسب» (وعنه) : تقدم الرحم عليه، لانتفاء الرحم فيه.
واستثنى الخرقي من أصحاب الفرائض الزوج والزوجة، فإن ذوي الأرحام يرثون معهما، لما تقدم من أنه لا حظ للزوجين في الرد، ولا نزاع أن الزوجين يأخذان فرضهما من غير حجب ولا عول، ثم يقسم الباقي بين ذوي الأرحام كما لو انفردوا، نص عليه، وعليه جمهور الأصحاب،
وقيل: يقسم بينهم كما يقسم بين من أدلوا به، وهو الذي جزم به القاضي في التعليق، فعلى هذا لو خلف زوجا، وبنت بنت، وبنت أخ، فللزوج النصف، والباقي بينهما نصفين على المنصوص، وتصح من أربعة، وعلى الثاني: الباقي بينهما بعد النصف على ثلاثة أسهم. كما يقسم بين من أدلوا به، إذ الزوج يرث مع البنت الربع، ويبقى الباقي بينهما - وهو النصف والربع - على ثلاثة، فلما أخذ الزوج هنا النصف، كان الباقي بينهما على ثلاثة، وتصح من ستة، للزوج ثلاثة، ولبنت البنت سهمان، ولبنت الأخ سهم، ولو كان مكان الزوج زوجة، فعلى الأول تصح من ثمانية، للزوجة الربع اثنان، ولكل واحد منهما ثلاثة، وعلى الثاني تصح من ثمانية وعشرين، للزوجة الربع سبعة، والباقي بينهما على سبعة، لبنت البنت أربعة أسباع باثني عشر، ولبنت الأخ ثلاثة أسباع بتسعة. والله أعلم.
قال: ويورث الذكور والإناث من ذوي الأرحام بالسوية، إذا كان أبوهم واحدا، وأمهم واحدة، إلا الخال والخالة، فإن للخال الثلثين، وللخالة الثلث.
ش: ضابط هذا إذا أدلى جماعة بوارث واحد واستوت منازلهم منه، وهو الذي احترز عنه الخرقي بقوله: إذا كان
أبوهم واحدا وأمهم واحدة، فنصيبه بينهم بالسوية ذكرهم وأنثاهم، على المشهور من الروايات، والمختار لجمهور الأصحاب، قال أبو الخطاب: عليها عامة شيوخنا. لأنهم يرثون بالرحم المجردة، فاستوى ذكرهم وأنثاهم [كولد الأم](والرواية الثانية) للذكر مثل حظ الأنثيين، إلا ولد ولد الأم، لأنهم فرع على ذوي الفروض والعصبات، فثبت فيهم حكمهم، وخرج ولد ولد الأم، لأنهم فرع على من ذكره وأنثاه سواء، فغايته أن يثبت للفرع ما للأصل، (والرواية الثالثة) يسوى بينهم إلا الخال والخالة، وهو اختيار الخرقي، والشيرازي، وابن عقيل في التذكرة، وقال: استحسانا. يعني أن مقتضى الدليل التسوية، خرج منه الخال والخالة على سبيل الاستحسان، ولم يذكر دليله، لكن إن كان لهذا أصل فيعكر على تنزيل الخال بمنزلة الأم.
2292 -
وذكر بعضهم أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الخال والد إذا لم يكن دونه أم، والخالة أم إن لم يكن دونها أم»
وقد أشار أبو محمد إلى ضعف هذا القول، وقال: لا أعلم له وجها. قال القاضي: لم أجد هذا بعينه عن أحمد. ومثال المسألة ابن أخت مع أخته، أو ابن بنت مع أخته، المال بينهما نصفين على الأول، وأثلاثا على الثاني.
واحترز بقوله: إذا كان أبوهم واحدا، وأمهم واحدة. عما لو اختلف أبوهم وأمهم، كابن بنت، وبنت بنت أخرى، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى، واحترزنا بقولنا: ولم يتفاضلوا بالسبق. عما لو خلف بنت بنت، وبنت بنت بنت، فإن المال لبنت البنت، ولهذه المسألة مزيد تحقيق، ليس هذا موضعه، والله أعلم.
قال: وإذا كان ابن أخت، وبنت أخت أخرى، أعطي ابن الأخت حق أمه النصف، وبنت الأخت حق أمها النصف.
ش: هذا الذي احترز عنه الخرقي فيما تقدم بقوله: إذا كان أبوهم واحدا وأمهم واحدة. وهذا هو القاعدة، وهو أن الجماعة إذا أدلوا بجماعة، جعلت كل واحد منهم بمنزلة أقرب وارث إليه أدلى به، في إرثه، وحجبه، والحجب به، ففي مسألتنا ابن الأخت يدلي بأمه، وبنت الأخت الأخرى تدلي بأمها، فيكون المال بينهما نصفين كأميهما بغير خلاف. .
قال: وإذا كان ابن وبنت أخت، وبنت أخت أخرى، فللابن وابنة الأخت النصف بينهما نصفين، ولبنت الأخت الأخرى النصف.
ش: هذا أيضا مما تقدم، فللابن وأخته النصف، حق أمهما، بينهما نصفين، على مختاره ومختار الجمهور، وعلى الرواية الأخرى: يكون بينهما على ثلاثة، ولبنت الأخت الأخرى النصف حق أمها وتصح المسألة من أربعة على رأي الجمهور، وعلى الرواية الأخرى من ستة، والله أعلم.
قال: وإذا كن ثلاث بنات أخوات متفرقات، كان لبنت الأخت من الأب والأم ثلاثة أخماس المال، ولبنت الأخت من الأم الخمس، ولبنت الأخت من الأب الخمس، جعلن مكان أمهاتهن.
ش: هذا أيضا مما تقدم، وقد صرح الخرقي رحمه الله بأنهن جعلن مكان أمهاتهن، فبنت الأخت من الأبوين مكان أمها فلها النصف، وبنت الأخت من الأب مكان أمها، لها السدس تكملة الثلثين، وبنت الأخت من الأم مكان أمها، لها السدس، فأصل المسألة من ستة، وترجع بالرد إلى خمسة فيقسم المال بينهم على ذلك، والله أعلم.
قال: وكذلك إن كن ثلاث عمات متفرقات.
ش: هذا مبني على قاعدة، وهو أن الجماعة إذا أدلوا بواحد، واختلفت منازلهم منه، فإن نصيبه يقسم بينهم، على حسب ميراثهم منه لو ورثوه، ففي مسألتنا العمات يدلين بالأب على المذهب، ومنازلهم منه مختلفة، فإحداهن أخته لأبويه، والأخرى لأبيه، والأخرى لأمه، فتقسم نصيبه بينهن على حسب ميراثهن منه، وميراثهن منه لأخته لأبيه وأمه النصف، ولأخته لأبيه السدس تكملة الثلثين، ولأخته لأمه السدس، فتقسم نصيبه بينهن على خمسة، ونصيبه والحال هذه جميع المال، إذ لا وارث له معنا غيرهن، والله أعلم.
قال: فإن كن ثلاث بنات إخوة متفرقين، فلبنت الأخ من الأم السدس، وما بقي فلبنت الأخ من الأب والأم.
ش: هذا أيضا مبني على ما تقدم قبل، ولو ذكره رحمه الله قبل مسألة العمات لكان أولى، إذ بنات الإخوة ينزلن منزلة الإخوة، ولو مات رجل وخلف ثلاثة إخوة متفرقين، سقط الأخ من الأب بالأخ من الأبوين، وكان للأخ من الأم السدس، والباقي للأخ من الأبوين، فكذلك هنا، لبنت الأخ من الأم السدس، والباقي لبنت الأخ من الأبوين، والله أعلم.
قال: وإذا كن ثلاث بنات عمومة متفرقين، فالمال لبنت العم من الأب والأم، لأنهن أقمن مقام آبائهن.
ش: هذا أيضا مبني على ما تقدم، وقد نص أحمد رحمه الله على ذلك، وقد علله الخرقي رحمه الله بأنهن أقمن مقام آبائهن، فبنت العم من الأبوين بمنزلة أبيها، وبنت العم من الأب بمنزلة أبيها، وبنت العم من الأم بمنزلة أبيها، ولو مات شخص وخلف ثلاثة أعمام، متفرقين، كان الميراث للعم للأبوين، إذ لا ميراث للعم للأب مع العم للأبوين، والعم للأم من ذوي الأرحام.
واعلم أن المنصوص وكلام الخرقي في هذه المسألة يلتفت إلى أن العمومة ليست جهة، وبيانه أنا إذا لم نجعلها جهة فالعمومة من جهة الأبوة، والقاعدة أن الوارث من ذوي الأرحام إذا اجتمعوا من جهة واحدة، فمن سبق إلى الوارث ورث وأسقط غيره، وبنت العم للأبوين، وبنت العم للأب قد سبقتا بنت العم للأم إلى الوارث، فتسقط بهما، ثم بنت العم للأب تسقط ببنت العم للأبوين، وأثبت أبو الخطاب العمومة جهة، فلزم على قوله أن المال يكون لبنت العم من الأم إذا نزلناها أبا، على المشهور، وبيانه أن ذوي الأرحام إذا اجتمعوا من جهتين، فإنك تنزل البعيد حتى يلحق بمن جعل بمنزلته، وإن سقط به القريب، ففي صورتنا إذا جعلنا العمومة جهة، فبنت العم من الأبوين بمنزلة أبيها، وكذلك بنت العم للأب، وجهتهما واحدة، وبنت العم للأم بمنزلة الأب، فكأن الميت مات وخلف أباه
وعمه، ولا عبرة بالسبق إلى الوارث لاختلاف الجهة، وإذا خلف الميت أباه وعمه، كان المال للأب دون العم، فلزم أن المال لبنت العم من الأم، لتنزيلها أبا، دون بنت الأبوين، لتنزيلها عما، وقد بعد هذا القول، والله أعلم.
قال: فإن كن ثلاث خالات متفرقات، وثلاث عمات متفرقات، فالثلث بين الثلاث خالات على خمسة أسهم، والثلثان بين العمات على خمسة أسهم، فتصح من خمسة عشر سهما، للخالة التي من قبل الأب والأم ثلاثة أسهم، وللخالة التي من قبل الأب سهم، وللخالة التي من قبل الأم سهم، وللعمة التي من قبل الأب والأم ستة أسهم، وللعمة التي من قبل الأب سهمان، وللعمة التي من قبل الأم سهمان.
ش: إنما كان كذلك لأن الخالات بمنزلة الأم، والعمات بمنزلة الأب، ولو خلف الشخص أباه وأمه، كان لأمه الثلث، والباقي لأبيه، ثم القاعدة أن الجماعة إذا أدلوا
بواحد، فنصيبه بينهم على حسب ميراثهم منه، والخالات يدلين بالأم، فنصيبها بينهن على حسب ميراثهن منها، وميراثهن منها أن لأختها لأبويها النصف، ولأختها لأبيها السدس تكملة الثلثين، ولأختها لأمها السدس، أصل مسألتهن من ستة، وترجع بالرد إلى خمسة، فتقسم الثلث بينهم على خمسة، والقول في العمات كالقول في الخالات سواء، وإذا أردت تصحح المسألة قلت: أصل المسألة من ثلاثة، للأم الثلث واحد على خمسة، لا يصح ولا يوافق، وللأب الثلثان اثنان على خمسة، لا يصح أيضا ولا يوافق، والأعداد متماثلة، إذ هي خمسة وخمسة، فتجتزئ بأحد العددين، وتضربه في أصل المسألة يصير المجموع خمسة عشر، للخالات الثلاث خمسة أسهم، بينهن على خمسة، للتي من قبل الأبوين ثلاثة، وللتي من قبل الأب سهم، وللتي من قبل الأم سهم، وللعمات الثلثان، عشرة أسهم على خمسة، للتي من قبل الأبوين ستة، وللتي من قبل الأب سهمان، وللتي من قبل الأم سهمان، والله أعلم.