الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويرجع المشتري على الغاصب بقيمة الولد، لأنه دخل على أنه غير مضمون عليه، ولا إتلاف من جهته، وهل يرجع بالمهر؟ فيه روايتان؛ (إحداهما) وهي اختيار الخرقي والقاضي، وعامة أصحابه: نعم.
2091 -
تبعا لقضاء عمر رضي الله عنه، فإنه قضى بالرجوع، ولما تقدم.
(والثانية) وهي اختيار أبي بكر: لا، اتباعا لقضاء علي رضي الله عنه، فإنه قضى بعدم الرجوع، ولأنه غرم ما استوفى بدله، فلم يرجع به، كما لو تلفت الجارية أو أجزاؤها، والله أعلم.
[هلاك الشيء المغصوب]
قال: ومن غصب شيئا ولم يقدر على رده لزم الغاصب القيمة، فإن قدر عليه رده، وأخذ القيمة.
ش: من غصب شيئا فعجز عن رده؛ كعبد أبق، أو فرس شرد، ونحو ذلك، لزمته قيمته، لأنه تعذر رده، أشبه ما لو تلف، ويملكها المغصوب منه، قاله أبو محمد.
وقال القاضي في التعليق: لا يملكها، وإنما يباح له الانتفاع بها، بإزاء ما فاته من منافع العين المغصوبة، ولا نزاع أن الغاصب لا يملك العين المغصوبة، فإذا قدر عليها بعد أداء القيمة ردها على المغصوب منه، لبقائها على ملكه، وأخذ القيمة، لأن دفع القيمة كان لتعذر العين، وقد زال التعذر، ولئلا يجتمع البدل والمبدل لشخص واحد، والله أعلم.
قال: ولو غصبها حاملا فولدت في يده، ثم مات الولد، أخذها سيدها، وقيمة ولدها أكثر ما كانت قيمته.
ش: إذا غصب حاملا، أو حائلا فحملت عنده، فإن الولد مضمون عليه، إذ الولد إما مودع في الأم، وإما كأجزائها، وفي كلا الموضعين يجب الضمان، إذ الاستيلاء على الظرف وعلى الجملة استيلاء على المظروف وعلى الجزء.
إذا تقرر هذا فإذا ولدت في يده؛ فلا يخلو إما أن تلده حيا أو ميتا، فإن ولدته ميتا وكان قد غصبها حاملا، فلا
شيء عليه، لأنه لا يعلم حياته حين استيلائه، وإن كان قد غصبها حائلا فحملت، ثم أسقطته ميتا، فكذلك عند القاضي أبي يعلى، وعند ابنه أبي الحسين يضمنه بقيمته لو كان حيا.
قال أبو محمد: والأولى إن شاء الله أن يضمنه بعشر قيمة أمه، وإن ولدته حيا وجب رده مع أمه على مالكها، مع أرش نقص الولادة إن كان ثم نقص، فلما مات الولد رد الأم ورد قيمة الولد لما تقدم، ثم إن كانت قيمته لا تختلف من يوم الولادة إلى يوم التلف ردها، وإن اختلفت فإن كان لمعنى فيه من كبر، وسمن، وهزال، وتعلم صناعة، ونحو ذلك؛ فالواجب القيمة الزائدة، لأنه مغصوب في تلك الحال، فإذا نقص البعض؛ ضمن النقص، وإن كان الاختلاف لتغير الأسعار؛ لم يضمنه، نص عليه، واختاره الأصحاب، حتى إن القاضي قال: لم أجد عن أحمد رواية بالضمان، ونقل عنه ابن أبي موسى - وناهيك به - رواية بالضمان لذلك، وعليها حمل القاضي كلام الخرقي هنا.
فعلى المذهب يضمن المغصوب بقيمته يوم تلفه، على المشهور والمختار أيضا عند الأصحاب: إذ قبل التلف الواجب رد العين، وإنما ثبتت القيمة حين التلف. ونقل عنه ابن مشيش: يضمنه بقيمته يوم غصبه، وكذلك نقل عنه ابن
منصور، إلا أنه عاوده في ذلك فجبن عنه، تنزيلا لزوال يده منزلة تلف العين، وحكم بقية المتقومات كذلك، أما المثلي فيضمن بمثله، فإن تعذر المثل فبقيمته يوم إعوازه على المذهب، والله أعلم.
قال: وإذا كانت للمغصوب أجرة، فعلى الغاصب رده وأجرة مثله مدة مقامه في يده.
ش: يجب رد المغصوب ما دام باقيا، لما تقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم:«على اليد ما أخذت حتى تؤديه» وقوله صلى الله عليه وسلم: «ومن أخذ عصا أخيه فليردها» ، ويجب الرد وإن تضرر بذلك، كأن بعده، أو بنى عليه، ونحو ذلك، لأنه الذي أدخل الضرر على نفسه، وإذا رده فإن كانت له أجرة فعلى الغاصب أجرة مثله مدة مقامه في يديه، على المنصوص والمختار للأصحاب، وسواء استوفى المنافع، أو لم يستوفها؛ لأن المنافع مال فوجب ضمانه كالعين، ونقل عنه محمد بن
الحكم التوقف في ذلك، إلا أن الخلال قال: هذا قول قديم، لأن ابن الحكم مات قبل أبي عبد الله بنحو من عشرين سنة. واستدل لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:«الخراج بالضمان» وحمل على الأعيان، والله أعلم.
قال: ومن أتلف لذمي خمرا أو خنزيرا فلا غرم عليه، وينهى عن التعرض لهم فيما لا يظهرونه.
ش: من أتلف - من مسلم أو ذمي - خمرا أو خنزيرا لذمي، فإنه لا غرم عليه.
2092 -
لما في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه قال: «ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام» . وما حرم بيعه لا لحرمته لم تجب قيمته
كالميتة.
وخرج أبو الخطاب - وتبعه أبو البركات - رواية بضمان خمر الذمي على الذمي، بناء على أنها مال، وعلى كل حال فينهى عن التعرض لهم فيما لا يظهرونه، لأن عقد الذمة اقتضى تركهم وما هم عليه، ما لم يضر المسلمين، والوفاء بالعهد واجب، أما إن أظهروا ذلك فإنه يتعرض لهم، ويمنعون منه، لمخالفتهم الشرط، والله أعلم.