الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[شرط الهبة والصدقة فيما يكال أو يوزن]
قال: ولا تصح الهبة والصدقة فيما يكال أو يوزن إلا بقبضه.
ش: لما فرغ المصنف من الكلام على الوقوف شرع في الكلام على العطايا، وهي جمع عطية، كخلية وخلايا، والعطية الشيء المعطى، وحدها: تمليك عين في الحياة بلا عوض، وهي جنس، أنواعه الصدقة، والهبة، والهدية، فإن كان القصد بها التقرب إلى الله تعالى لمحتاج فهي صدقة، وإن حملت إلى المهدى إكراما وتوددا فهدية، وإلا فهبة، إذا تقرر هذا فإن هبة غير المعين - كقفيز من صبرة، ورطل من زبرة، ونحو ذلك - تفتقر إلى القبض بلا نزاع وفي المعين ثلاث روايات، (الافتقار) ، (وعدمه) - وهو مختار القاضي وعامة أصحابه - (والتفرقة) بين صبر المكيل والموزون فتفتقر إلى القبض دون غيرهما، وهو مختار الخرقي، وأبي محمد، ومدرك الخلاف أن من قصر الحكم على غير المعين قال: مقتضى العموم عدم الافتقار.
2162 -
بدليل قوله: صلى الله عليه وسلم «العائد في هبته كالعائد في قيئه» خرج منه غير المعين.
2163 -
بدليل ما روي عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان نحلها جداد عشرين وسقا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: يا بنية إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا، ولو كنت جددتيه، واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله. رواه مالك في الموطأ، وجداد عشرين وسقا غير معين، قال أحمد: حديث أبي بكر رضي الله عنه في شيء مجهول وإذا يبقى في ما عداه على مقتضى العموم.
2164 -
ويؤيد هذا ما روي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما، أنهما قالا: الهبة جائزة إذا كانت معلومة، قبضت أو لم
تقبض. ومن ألحق صبر المكيل والموزون بذلك قال: فيها أيضا نوع شياع وإبهام فتلحق به.
2165 -
ومن عمم الحكم في الجميع استدل بما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: ما بال قوم ينحلون أولادهم، فإذا مات أحدهم قال: مالي، وفي يدي. وإذا مات هو قال: قد كنت نحلته ولدي. لا نحلة إلا نحلة يحوزها الولد دون الوالد، فإن مات ورثه.
2166 -
وأرى عثمان رضي الله عنه أن الوالد يجوز لولده [إذا كانوا صغارا] .
2167 -
وقال بعض العلماء: اتفق أبو بكر وعمر، وعثمان، وعلي، رضي الله عنهم على أن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة.
(تنبيه) : حيث افتقرت الهبة إلى القبض فهل ذلك لصحتها، أو للزومها وملكها، أو للزومها فقط؟ ظاهر كلام الخرقي وطائفة من الأصحاب الأول، قال أبو الخطاب في الانتصار - في البيع بالصفة -: القبض ركن في غير المتعين، لا ينبرم العقد بدونه، وقال في موضع آخر: إن الزيادة قبل القبض للواهب. وهذا مقتضى كلام القاضي في المجرد أيضا، حيث جعلها تبطل بموت الواهب قبل القبض، قال في التلخيص: كان القاضي يجعل القبض كجزء من السبب مثل القبول، ومقتضى كلام أبي محمد في الكافي، وأبي البركات بل صريحه الثاني، ومقتضى كلام صاحب التلخيص الثالث؛ لأنه قال بعد كلام القاضي المتقدم في المجرد: والمذهب لا يقتضي ذلك، إذ الملك
ينتقل في بيع الخيار على الصحيح، وقال أيضا: إن الزوائد الحاصلة بعد العقد وقبل القبض للمتهب بشرط اتصال القبض، لكن شرطه اتصال القبض يقتضي القول الثاني، وكلام أبي محمد في المغني يحتمل أيضا القول الثاني والثالث، وكلام أحمد ظاهره الثاني، قال في رواية حنبل: إذا تصدق على رجل بصدقة - دار أو ما أشبه ذلك - فإذا قبضها الموهوب له صارت في ملكه. وكلام الصحابة رضي الله عنهم يحتمل القولين الأولين، أما القول الثالث: فضعيف، ولا يعرف مصرحا به، والله أعلم.
قال: وتصح في غير ذلك بغير قبض إذا قبل كما تصح في البيع.
ش: تصح الهبة في غير المكيل والموزون، وقد تقدم ذلك، وقوله: إذا قبل. تصريح بأنه لا بد في الهبة من القبول، ولا إشكال في ذلك، إذ هو أحد ركنيها، أشبه الإيجاب، ويقوم ما يدل عليهما مقامهما، اختاره ابن عقيل، وأبو محمد وغيرهما.
2168 -
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا أتي بطعام سأل عنه، فإن قالوا: صدقة: قال لأصحابه: «كلوا» ولم يأكل، وإن قالوا: هدية. ضرب بيده، فأكل معهم» ، وعن القاضي، وأبي الخطاب: لا تصح بالمعاطاة. وقوله: كالبيع. أي أنه تتوقف صحته على القبول، ومراده كالبيع مطلقا، لا كالبيع في المكيل والموزون، إذ لا نزاع أن القبول في البيع ليس بشرط في الصحة إلا في التصرف، وقد يؤخذ من كلام الخرقي أن [من] شرط صحة القبول تأخره عن الإيجاب، كما أن ذلك بلا نزاع. رتبته، وهذا إحدى الروايتين، والله أعلم.
قال: يقبض للطفل أبوه أو وصيه بعده، أو الحاكم، أو أمينه بأمره.
ش: يقبض للطفل أبوه، لما تقدم عن عثمان رضي الله عنه، أو وصيه بعده؛ لأنه يقوم مقامه، أو الحاكم إذا