الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2131 -
وعن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من أحيا أرضا ميتة فهي له» رواه أحمد والترمذي وصححه. والله أعلم.
[تملك الأرض الموات بالإحياء]
قال: ومن أحيا أرضا لم تملك فهي له.
ش: من أحيا أرضا ميتة لا يعلم أنها ملكت فهي له إلا ما يستثنى، لما تقدم من الأحاديث.
وظاهر كلام المصنف: أنه لا يفتقر إلى إذن الإمام، وعليه الأصحاب، ونص عليه أحمد، مستدلا بعموم الحديث وهو مبني على أن عموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال، (وظاهر كلامه) أيضا أن الذمي يملك بالإحياء كالمسلم، وهو المنصوص، وعليه الجمهور، لعموم ما
تقدم، وقال ابن حامد: لا يملك الذمي بالإحياء. وحمل أبو الخطاب قوله على دار الإسلام، قال القاضي: وهو مذهب جماعة من أصحابنا.
2132 -
لما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «موتان الأرض لله ورسوله، ثم هي لكم مني» وأجيب بعد تسليم صحته أنها لكم أي لأهل داركم، جمعا بين الأدلة، والذمي من أهل دارنا، فعلى المنصوص، إن أحيا موات عنوة لزمه عنه الخراج، وإن أحيا غيره فلا شيء عليه، في أشهر الروايتين.
(وعنه) : عليه عشر ثمره وزرعه، (وظاهر كلامه) أيضا أن موات العنوة يملك بالإحياء، ولا شيء فيه كغيره، وهو إحدى الروايتين، واختاره القاضي، وأبو محمد، وغيرهما، لعموم ما تقدم.
(وعنه) : ليس في أرض السواد موات، معللا بأنها لجماعة المسلمين، فلا يختص بها أحدهم، وهذا اختيار أبي بكر، وابن أبي موسى،
والشيرازي، وعلى هذه الرواية قال أبو البركات: تقر في يده بالخراج، لاختصاصه بمزية، وهو السبق بالإحياء.
ومفهوم كلام الخرقي رحمه الله: أن ما ملك لا يملك بالإحياء، وهذا لا يخلو من ثلاثة أحوال:
(الأول) : أن يكون له مالك معصوم، وهذا لا إشكال أنه لا يملك بالإحياء، لما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها.
(الثاني) : أن يكون له مالك لكن غير معصوم كالحربي، فقال أبو البركات وصاحب التلخيص، وهو ظاهر كلام القاضي: إنه يملك بالإحياء إذ لا حرمة لملكه أصلا، وإذا تستثنى هذه الصورة من مفهوم كلام الخرقي، وقال أبو محمد: حكم دار الحرب حكم دار الإسلام، حتى إنه جعل فيما عرف أنه ملك ولم يعرف له مالك معين روايتين، كالمسألة التي بعده، واستدل بعموم الخبر، وبأن عامرهم إنما يملك بالقهر والغلبة.
(الثالث) : أن يعرف أنه ملك، ولكن لا يعرف له مالك، كخراب باد أهله، ولم يعرف لهم وارث - فعنه - وهو المشهور عنه - لا يملك بالإحياء، وهو مقتضى كلام الخرقي، واختيار أبي بكر، والقاضي، وعامة أصحابه، كالشريف وأبي الخطاب، والشيرازي، لظاهر حديث عائشة، إذ هذه لأحد، لأنه إن كان له وارث فهي له، وإن لم يكن له وارث فهي فيء
للمسلمين، وبهذا علل أحمد في رواية أبي داود.
(وعنه) : تملك بالإحياء، عملا بعموم أكثر الأحاديث.
(وعنه) : وإن تيقنت عصمة من ملكها لم تملك بالإحياء لما تقدم، وإن شك في عصمته ملكت، لأن المقتضي قد وجد، وشك في المانع، وهذا اختيار صاحب التلخيص، واستثنى أبو محمد من هذا ما به آثار ملك قديم جاهلي، كمساكن ثمود ونحوهم، فإنها تملك بالإحياء.
2133 -
لما يروى عن طاوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«عادي الأرض لله ولرسوله، ثم هي بعد لكم» رواه سعيد في سننه، وأبو عبيد في الأموال، ويحتاج كلام أبي محمد إلى بحث ليس هذا موضعه، والله أعلم.
قال: إلا أن تكون أرض ملح، أو ما للمسلمين فيه المنفعة، فلا يجوز أن ينفرد بها الإنسان.
ش: استثنى رحمه الله مما يملك بالإحياء صورتين:
(إحداهما) : أرض الملح، أي معدن الملح، فإنه لا يملك بالإحياء.
2134 -
لما روي «عن أبيض بن حمال رضي الله عنه، أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم استقطعه الملح، فقطع له، فلما أن ولى قال رجل من المجلس: أتدري ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العد. قال: فانتزعه منه، قال: وسأله عما يحمي من الأراك، فقال: «ما لم تنله خفاف الإبل» رواه الترمذي وأبو داود وفي رواية له: أخفاف الإبل قال محمد بن الحسن المخزومي: يعني أن الإبل تأكل منتهى رؤوسها ويحمي ما
فوقه. ولأن هذا مما يتعلق بمصالح المسلمين العامة، فلم يجز إحياؤه كطرق المسلمين ومواردهم، وفي معنى الملح جميع المعادن الظاهرة، لا تملك بالإحياء، وهي ما العمل في تحصيله لا في إظهاره، كالقار، والنفط، والبرام، والموميا، والكحل، والزرنيخ، والجص، ونحو ذلك، وكذلك الحكم في المعادن الباطنة، وهي ما كان ظهورها بالعمل عليها، كمعادن الذهب، والفضة، والحديد، والصفر، والفيروزج، ونحو ذلك مما هو مثبوت في طبقات الأرض، ذكره صاحب التلخيص، وأبو محمد، وحكى أبو محمد احتمالا فيما أظهره من المعادن الباطنة، أنه يملك بالإحياء، ويحتمله كلام أبي البركات، ولفظه: أو ما فيه معدن ظهر قبل إحيائه، ومقتضاه أنه يمنع من إحياء موات
قد ظهر فيه معدن، ويستفاد منه بطريق التنبيه أنه يمنع من إحياء معدن قد ظهر، لا من إحياء معدن لم يظهر.
(الصورة الثانية) : ما فيه المنفعة للمسلمين، وهو ما قرب من العامر، وتعلق بمصالحه، من طرقه، ومسيل مائه، وطرح قمامته ونحو ذلك، وكذلك ما تعلق بمصالح القرية، كمرعى ماشيتها، ومحتطبها، ونحو ذلك، وكذلك حريم البئر والنهر، ونحو ذلك، كل ذلك لا يجوز إحياؤه.
2135 -
لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحيا أرضا ميتة في غير حق مسلم فهي له» ومفهومه أن من أحيا أرضا ميتة في حق مسلم لم تكن له، ولأن ذلك من مصالح المملوك، فأعطي حكمه، فإن قرب من العامر ولم يتعلق بمصالحه ففيه روايتان، أنصهما وأشهرهما عند الأصحاب أنه يملك بالإحياء، لعموم قوله: صلى الله عليه وسلم من أحيا أرضا ميتة مع انتفاء المانع، وهو التعلق بمصالح العامر، (والثانية) : لا يملك بالإحياء، تنزيلا للضرر في المآل، منزلة الضرر في الحال،