الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فناسب أن لا يرث، مع دخوله في عموم النص والمعنى، والعادل، والقاتل قصاصا أو حدا، ونحوهم، مأذون لهم في الفعل، مثابون عليه، وذلك لا يناسب نفي الإرث، بل الإرث طلبا لإقامة الحدود ونحوها، المطلوب إقامتها شرعا، فمنع الإرث ثم سد لوقوع القتل المطلوب عدمه، ومنع الإرث هنا مفض إلى سد المطلوب وقوعه شرعا، فهو عكسه، والله أعلم.
[التوارث بين المسلم والكافر]
قال: ولا يرث مسلم كافرا، ولا كافر مسلما، إلا أن يكون معتقا فيأخذ ماله بالولاء.
ش: لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم.
2308 -
لما في الصحيحين وغيرهما عن أسامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» .
2309 -
وفي الصحيحين أيضا «عن أسامة، أنه قال: يا رسول الله، أين تنزل غدا في دارك بمكة؟ فقال: «وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟» وكان عقيل ورث أبا طالب، ولم يرثه جعفر، ولا علي شيئا، لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين.
2310 -
وكان عمر يقول: لا يرث المؤمن الكافر.
2311 -
وعن محمد بن الأشعث، أن عمة له يهودية أو نصرانية توفيت، فذكر محمد ذلك لعمر بن الخطاب، وقال: من يرثها؟ فقال له عمر: يرثها أهل دينها. ثم أتى عثمان بن عفان فسأله عن ذلك، فقال له عثمان: أتراني نسيت ما قال لك عمر بن الخطاب؟ يرثها أهل دينها. رواه مالك في الموطأ، مع أن هذا قد حكي إجماعا، أما في إرث
الكافر من المسلم فبلا نزاع، وأما في المسلم من الكافر فقال أحمد: ليس فيه بين الناس اختلاف. وحكي فيه خلاف ضعيف.
واستثنى الخرقي رحمه الله ما إذا أعتق المسلم كافرا، أو الكافر مسلما، فإنه يرثه بالولاء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد.
2312 -
واحتج بأن عليا قال: الولاء شعبة من الرق. انتهى.
فكما أن الرق يثبت مع اختلاف الدين، كذلك الولاء يثبت مع اختلاف الدين، وفي هذا الاستدلال نظر، فإنه لا نزاع في ثبوت الولاء، إنما النزاع في ثبوت الإرث به، ولعل أحمد رحمه الله فهم أن المراد بقول علي الإرث.
2313 -
وكذا حكي عن علي الإرث.
2314 -
وقد استدل لذلك بما روي عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يرث المسلم النصراني إلا أن يكون عبده أو أمته» رواه الدارقطني، وروي موقوفا عن جابر، ويكون المراد [بالعبد] من كان عبده مجازا، وإلا فالعبد لا يورث بالإجماع.
(وبالجملة) هذه الرواية اختيار عامة الأصحاب، حتى إن القاضي في الجامع الصغير، والشريف في خلافه، والشيرازي، وابن عقيل في التذكرة، وابن البنا في الخصال، لم يذكروا غيرها، وقال أبو الخطاب في هدايته: إنها الأظهر.
(والرواية الثانية) : لا يتوارثان، لما
تقدم من قوله عليه السلام: «لا يرث الكافر المسلم» وغير ذلك.
2315 -
ولأنه عليه السلام شبه الولاء بالنسب، بقوله صلى الله عليه وسلم:«الولاء لحمة كلحمة النسب» . وإذا لم يثبت الإرث مع اختلاف الدين في النسب، ففي الولاء أجدر، وهذه الرواية اختيار أبي محمد، وعليها إن كان للمعتق عصبة على دين المعتق ورثوه، لأن وجود المعتق في نظر الشارع - والحال هذه - كالعدم، وإن أسلم الكافر من المعتق، أو المعتق ورث المعتق، رواية واحدة لزوال المانع. انتهى.
ومفهوم كلام الخرقي: أن المسلم يرث المسلم، وهو واضح، وأن الكافر يرث الكافر، ولا نزاع في ذلك إذا اتفق الدين والدار، وهو مقتضى ما تقدم من الحديث، وقصة عقيل وطالب، وقصة عمر رضي الله عنه.
2316 -
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتوارث أهل ملتين شتى» رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وللترمذي مثله من حديث جابر، ولم يقل: شتى، ومفهومه: أن أهل الملة الواحدة يتوارثون، أما إن
اختلفت مللهم فهل يتوارثون؟ فيه روايتان:
(إحداهما) : يتوارثون، اختارها الخلال، وهي مقتضى كلام الخرقي، لأن الله تعالى ذكر ميراث الآباء من الأبناء، والأبناء من الآباء، وغيرهم من الأقارب ذكرا عاما، فلا يترك ذلك إلا فيما تيقن خروجه، والذي تيقن خروجه بالنص أن الكافر لا يرث المسلم، والمسلم لا يرث الكافر، إذ قوله عليه السلام:«لا يتوارث أهل ملتين» يحتمل أن يحمل على ذلك، إذ هو المتيقن، ويعضد هذا قَوْله تَعَالَى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] .
(والثانية) : لا يتوارثون، اختارها أبو بكر، والشريف، وأبو الخطاب في خلافيهما،