الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2076 -
«وعمرو بن أمية الضمري في تزويج أم حبيبة» .
[ما تجوز فيه الوكالة]
قال: ويجوز التوكيل في الشراء والبيع، ومطالبة الحقوق، والعتق، والطلاق؛ حاضرا كان الموكل، أو غائبا.
ش: يجوز التوكيل في الشراء، لما تقدم من الآية والخبر، ولذلك قدمه الخرقي، وفي البيع، لأنه في معناه، وكذلك ما في معناهما من الإجارة، والصلح، والرهن، والجعالة، والمساقاة، والنكاح، ونحو ذلك من عقود المعاوضات، ويجوز التوكيل في مطالبة الحقوق.
2077 -
لأن عليا رضي الله عنه وكل عقيلا عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقال: ما قضي له فلي، وما قضي عليه فعلي.
2078 -
ووكل عبد الله بن جعفر عند عثمان، وقال: إن للخصومة قحما، وإن الشيطان ليحضرها، وإني لأكره أن أحضرها.
قال أبو زياد: القحم: المهالك. ومثل هذا يشتهر، ولم ينقل إنكاره فكان إجماعا، ويجوز التوكيل في العتق، والطلاق، لأن الحاجة قد تدعو إليهما، أشبها ما تقدم، ولأنه إذا جاز التوكيل في الإنشاء؛ جاز في الإزالة بطريق الأولى، وفي معناهما الوقف، والهبة، والخلع، ونحو ذلك مما يزيل ملك المال، أو ملك البضع، وسواء في جميع ذلك حضور الموكل وغيبته، لعموم الأدلة، وإنما ذكر
المصنف ذلك تنبيها على مخالفة الإمام أبي حنيفة رحمه الله إذ عنده أن للخصم الامتناع من محاكمة الوكيل إذا كان الموكل حاضرا، والله أعلم.
قال: وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه، إلا أن يجعل ذلك إليه.
ش: لا يجوز للوكيل التوكيل إلا بإذن، على المشهور من الروايتين، واختاره الخرقي، وأبو محمد، وغيرهما؛ إذ إذن الموكل إنما يتناول تصرف الوكيل بنفسه، فلا يتعداه إلى غيره، كما لو نهاه، فإنه ليس له التوكيل اتفاقا.
وعنه: له ذلك، لأن له أن يتصرف بنفسه، فله أن يفوض ذلك إلى نائبه كالمالك، أما إن جعل التوكيل إليه - إما بنص، ولفظ عام، بأن قال له: اصنع ما شئت. أو قرينة حالية كأن يكون الوكيل لا يتولى مثله ذلك، لدناءة الموكل فيه، وشرف الوكيل، ونحو ذلك، أو يعجز عنه لكثرته - فإنه يجوز، اعتمادا على الإذن اللفظي أو العرفي، نعم هل يجوز التوكيل فيما يعجز عنه في الجميع، أو في القدر الذي يعجز
عنه فقط؟ فيه وجهان، وحيث جوز له التوكيل فإنه يتقيد بأمين، لأن ذلك هو الحظ دون غيره، والله أعلم.
قال: وإذا باع الوكيل ثم ادعى تلف الثمن، من غير تعد منه، فلا ضمان عليه، فإن اتهم حلف.
ش: الوكيل في البيع وكيل فيه وفيما ينشأ عنه، وهو حفظ الثمن، فإذا باع وقبض الثمن، ثم ادعى تلف الثمن، والحال أنه من غير تعد منه، فالقول قوله، لأنه أمين، والقول قول الأمين، والحكمة في ذلك أنه لو كلف إقامة البينة على ذلك؛ لتعذر عليه أو شق، فيمتنع الناس من الدخول في الأمانة مع الحاجة إليه، فيحصل الضرر، ولهذا قلنا: إذا ادعى التلف بأمر ظاهر - كحريق عام، ونهب جيش، ونحو ذلك مما تسهل إقامة البينة عليه - كلف إقامة البينة على وجود ذلك، ثم القول قوله في التلف، ويتفرع على أن القول قوله أنه لا ضمان عليه، أما لو ثبت تعديه ببينة أو إقرار؛ فإن الضمان عليه، لزوال أمانته، فهو كالغاصب، ومتى قلنا: القول قوله. فأنكره الموكل فإنه يحلف، لأن ما ادعاه عليه محتمل، والله أعلم.
قال: ولو وكله أن يدفع إلى رجل مالا، فادعى أنه دفعه إليه، لم يقبل قوله على الآمر إلا ببينة.
ش: إذا وكل وكيلا أن يدفع إلى رجل مالا، فادعى أنه دفعه إليه، وأنكره من أمر بدفعه إليه، فإن قول الوكيل لا يقبل على الآمر، ويلزمه الضمان على المذهب، لأنه مفرط، حيث لم يشهد على الدفع، أشبه ما لو أمره بذلك فخالف، (وعنه) : يقبل قول الوكيل على الآمر، فلا ضمان عليه، حملا للتفريط على المالك، لأنه لم يحتط لنفسه، حيث لم ينص له على الإشهاد، ولهذا قلنا - على الصحيح -: أنه لو دفع المال بحضرته لم يضمن، لأن حضوره قرينة رضاه بالدفع بغير بينة، وقيل: لا ينتفي الضمان. اعتمادا على أن الساكت لا ينسب له قول، (هذا كله) إذا لم يكن بينة، أما مع البينة فإن قوله يقبل على الآمر، وينتفي عنه الضمان، لعدم تفريطه، ولا فرق بين أن تكون البينة قائمة، أو غائبة، أو ميتة، إذا كانت على حال لو وجدت
قبلت، نعم لو كانت ممن اختلف في ثبوت الحق بشهادتها - كشاهد واحد، أو رجل وامرأتين - فهل يبرأ من الضمان؟ قال أبو محمد: يخرج على روايتين.
وقول الخرقي: ولو وكله أن يدفع إلى رجل مالا. يشمل الدفع على أي صفة كان، فدخل في كلامه ما لو أمره بالإيداع، والأصحاب على أنه في الإيداع لا يلزمه الإيداع إذا لم يشهد، لعدم الفائدة في الإشهاد، إذ القول قول المودع في الرد والتلف، ويرد بأن فيه فائدة، وهو ثبوت الوديعة، فلو مات أخذت من تركته.
وقول الخرقي: لم يقبل قوله على الآمر. دل بطريق التنبيه أنه لا يقبل قوله على من أمر بالدفع إليه، لأنه إذا لم يقبل قوله على من ائتمنه، فعلى من لم يأتمنه أولى.
ومقتضى كلام الخرقي: أن الآمر أنكر الوكيل، وعلى هذا لو صدق الآمر الوكيل في الدفع فلا ضمان عليه.
وصرح القاضي وغيره
من الأصحاب: أنه لا فرق في تضمين الوكيل بين تصديق الآمر له أو تكذيبه، لأن مناط الضمان كونه فرط، حيث لم يشهد، والله أعلم.
قال: وشراء الوكيل من نفسه غير جائز.
ش: هذا هو المشهور من الروايات، اختارها الخرقي، والشريف، وأبو الخطاب، وابن عقيل، وغير واحد، للتهمة، إذ الإنسان طبع على طلب الحظ لنفسه، ومقتضى الوكالة طلب الحظ للموكل، فيتنافى الغرضان، أو أن مقتضى الإذن في البيع أن يبيع من غيره، لا من نفسه، فكأنه قال: بع هذا ولا تبع من نفسك.
(والرواية الثانية) : يجوز، بشرط أن يزيد على مبلغ ثمنه في النداء، لانتفاء التهمة غالبا، ويلزم على هذه الرواية أن يقول بجواز التوكيل للوكيل، إما مطلقا، وإما مع وجود قرينة تدل
على ذلك.
(والرواية الثالثة) : يجوز، بشرط أن يوكل من يبيع، ويكون هو أحد المشتريين، معللا بأنه لا يأخذ بإحدى يديه من الأخرى.
(والرواية الرابعة) : يجوز أن يشارك فيه، لا أن يشتريه كله، لانتفاء التهمة أو ضعفها إذا، وعلى الروايات كلها إذا أذن له في الشراء من نفسه جاز له الشراء بلا نزاع، نعم على مقتضى تعليل أحمد - في الرواية الثالثة - لا يجوز؛ لأنه يأخذ بإحدى يديه من الأخرى، والله أعلم.
قال: وكذلك الوصي.
ش: حكم الوصي حكم الوكيل، لا يجوز له الشراء من مال موليه إلا حيث يجوز للوكيل، لاستوائهما معنى، فاستويا حكما، إذ كل منهما متصرف على الغير، والله أعلم.
قال: وشراء الرجل لنفسه من مال ولده [الطفل] جائز، وكذلك شراؤه له من نفسه.
ش: يجوز للأب أن يشتري لنفسه من مال ولده الذي تحت حجره، ويبيع له من ماله، لانتفاء التهمة في حقه غالبا، لكمال شفقته، والله أعلم.
قال: وما فعل الوكيل بعد فسخ الموكل أو موته فباطل.
ش: أما إذا علم الوكيل بفسخ الموكل أو موته، فلا شك في بطلان ما فعله بعد ذلك، وأما إذا لم يعلم، فظاهر كلام الخرقي - وهو اختيار الشريف، وأبي الخطاب، وابن عقيل وغيرهم -: أن تصرفه غير نافذ أيضا، لأنه متصرف بلا إذن، لزواله بالفسخ أو الموت، ولا ملك، أشبه الفضولي.
قال القاضي: وهذا أشبه بأصول المذهب وقياسه، لقولنا: إن الخيار إذا كان لهما كان لأحدهما الفسخ من غير محضر من الآخر، ولم يذكر عن أحمد نصا، والمنصوص عن أحمد رحمه الله في رواية ابن منصور، وجعفر بن محمد، وأبي الحارث: أن تصرفه نافذ، اعتمادا على أن الحكم لا يثبت في حقه قبل العلم، كما نقول في الأحكام المبتدأة، قال
سبحانه: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: 275] ومقتضى كلام الخرقي أن الوكالة عقد جائز، لبطلانه إياها بالموت والفسخ، وهو صحيح.
(تنبيه) : القاضي وأبو محمد وغيرهما يجعلون الخلاف في نفس انفساخ عقد الوكالة قبل العلم، وأبو البركات وغيره - وهو مقتضى كلام الخرقي - يجعلون الخلاف في نفوذ التصرف، لا في نفس الانفساخ، وهذا أوفق لمنصوصات أحمد، قال أبو العباس: وهو لفظي، والله أعلم.
قال: وإذا وكله في طلاق زوجته فهو في يده، حتى يفسخ أو يطأ.
ش: الوكالة تنفسخ بما يدل على الفسخ من لفظ أو فعل، إناطة للحكم على المعنى، فإذا وكله في طلاق زوجته فإنه يملك ذلك مطلقا، لعدم تقييده له بزمان ولا مكان، إلى أن يفسخ أو يطأ، إذ وطؤه دليل رغبته فيها، وعلى هذا إذا باشرها دون الفرج، فقال أبو محمد: فيه احتمالان، بناء على التردد في حصول الرجعة بذلك، والله أعلم.
قال: ومن وكل في شراء شيء فاشترى غيره، فإن الآمر مخير في قبول الشراء، فإن لم يقبل لزم الوكيل، إلا أن يكون اشتراه بعين المال، فيبطل الشراء.
ش: من وكل في شراء شيء فاشترى غيره - كأن وكل في شراء عبد زيد، فاشترى عبد عمرو، أو في شراء عبد، فاشترى ثوبا، ونحو ذلك - فلا يخلو إما أن يقع الشراء بعين مال الموكل، أو في ذمة الوكيل، فإن وقع بعين مال الموكل فهل يبطل، وهو المذهب.
2079 -
لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: «لا تبع ما ليس عندك» ، أو يقف على إجازة المالك - لحديث عروة بن الجعد - فيه روايتان، وإن وقع في ذمة الوكيل بنية الشراء للموكل فهل الشراء صحيح - وهو المذهب المعروف المشهور، وجزم به الشيخان وغيرهما - إذ التصرف وقع في الذمة، وهي قابلة لذلك، أو باطل - كالشراء بالعين، حكاه القاضي في الروايتين؟ فيه خلاف، وعلى الأول فهل يلزم المشتري، لكونه اشترى لغيره بغير أمره،