الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تقسيم خمس الفيء والغنيمة]
قال: فخمس الفيء والغنيمة مقسوم على خمسة أسهم.
ش: قد دل كلام الخرقي رحمه الله من جهة إشارة النص على أن الفيء والغنيمة يخمسان؛ «أما الغنيمة» : فلا نزاع في تخميسها بحمد الله في الجملة، وقد دل عليها قَوْله تَعَالَى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الآية.
2353 -
وفي الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما، «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس:«آمركم أن تؤدوا خمس ما غنمتم» .
وقد اختلف في أشياء من الغنيمة: هل تخمس كالسلب، والنفل، وأشياء أخر، ونذكر ذلك إن شاء الله تعالى في غير هذا الموضع.
«وأما الفيء» : فالمنصوص عن أحمد في رواية أبي طالب أنه لا يخمس، لأن الله سبحانه قال:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7] إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10] الآيات، فدل على أنه كله لهؤلاء، ولم يذكر خمسا.
2354 -
وفي النسائي من حديث مالك بن أوس، عن عمر رضي الله عنه في حديث طويل، فيه أنه قال:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [الأنفال: 41] هذا لهؤلاء {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ} [التوبة: 60] هذه
لهؤلاء {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] قال الزهري: قال عمر: هذه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وكذا {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [الحشر: 7] و {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر: 8]{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: 9]{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10] فاستوعبت هذه الآية الناس، فلم يبق رجل ممن المسلمين إلا وله من هذا المال حق - أو قال حظ - إلا بعض من تملكون من أرقائكم، ولئن عشت ليأتين على كل مسلم حقه أو قال حظه.
ورواه أبو داود عن الزهري قال: قال عمر: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] وذكر مثل رواية النسائي، وهذا من عمر تفسير للآية الكريمة
وهو كالنص في عدم التخميس، وتفسير الصحابي إذا وافق ظاهر النص [كان] حجة بلا ريب.
وقال الخرقي: إنه يخمس.
قال القاضي: لم أجد بما قال نصا. ووجهه أنه مال مشرك مظهور عليه، فوجب أن يخمس كالركاز، والغنيمة، ودل كلامه - من جهة دلالة النص - على أن خمس الفيء والغنيمة يقسمان على خمسة أسهم، وذلك لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الآية.
2355 -
وسهم الله والرسول صلى الله عليه وسلم واحد، كذا قال عطاء، والشعبي.
2356 -
وعن بعضهم أن ذكر الله تعالى لافتتاح الكلام تبركا به.
2357 -
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: «سمعت عليا يقول: ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمس الخمس فوضعته مواضعه حياته،
وحياة أبي بكر، وحياة عمر، فأتي عمر بمال آخر حياته، فدعاني فقال: خذه. فقلت: لا أريده. فقال: خذه فأنتم أحق به. قلت: قد استغنينا عنه. فجعله في بيت المال. رواه أبو داود. وفي رواية: إن رأيت أو تولينا حقنا من هذا الخمس في كتاب الله» . وهذا يدل على أن الخمس كان يخمس خمسة أسهم، لا أقل منها ولا أكثر.
(تنبيه) : الغنيمة التي تخمس هي: ما وجد بعد دفع السلب لمستحقه، وبعد دفع ما وجد فيها لمسلم أو معاهد
له، وبعد إعطاء أجرة من حفظها أو نقلها، وجعل من دل على حصن أو ماء، ونحو ذلك، ولهذه تفاصيل ليس هذا موضع بيانها، وبعد ما أكل منها من طعام، أو علف، على ما يذكر في موضعه.
واختلف في ما إذا دخل قوم لا منعة لهم دار الحرب فغنموا، هل يخمس ما غنموه؟ على روايتين.
واختلف أيضا في النفل، كقول الإمام: من جاء بعشرة أرؤس فله منها رأس ونحو ذلك، فقال أبو البركات: يخمس، وقال أبو محمد: الظاهر أنه لا يخمس. والله أعلم.
قال: سهم للرسول صلى الله عليه وسلم مصروف في الكراع، والسلاح، ومصالح المسلمين.
ش: سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم باق بعد موته صلى الله عليه وسلم لم يسقط، اعتمادا على الأصل، وهو ثبوته.
2358 -
وفي حديث جبير بن مطعم أنه قال: وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمر يعطيهم، ومن كان بعده منه مختصرا، رواه البخاري.
2359 -
وعن عمرو بن عبسة قال: «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعير من المغنم، فلما صلى أخذ وبرة من المغنم ثم قال: «لا يحل لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس، والخمس مردود فيكم» . رواه أبو داود، وروى نحوه النسائي عن عبادة بن الصامت، وعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وهو شامل لحال حياته، وحال وفاته، ومصرفه مصالح المسلمين، كالفيء على المشهور، ولما تقدم من قوله عليه السلام: وهو مردود فيكم.
(وعن أحمد) رواية أخرى: يصرف في السلاح والكراع والمقاتلة خاصة.
2360 -
لما روي عن عمر رضي الله عنه قال: «كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم، فكان ينفق على أهله نفقة سنة -
وفي لفظ: يحبس لأهله قوت سنتهم - ويجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سيبل الله» . متفق عليه.
(تنبيه) : «الوبرة» : واحدة الوبر للإبل، كالصوف للضأن، والشعر للمعز، قال الله تعالى:{وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] .
«والكراع» : الخيل.
قال: وخمس مقسوم في صلبية بني هاشم، وبني المطلب، ابني عبد مناف، حيث كانوا، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ش: قوله: في صلبية بني هاشم. يعني: أولاد هاشم، دون من يعد منهم من مواليهم، وحلفائهم، وقد دل كلام الخرقي رحمه الله على خمس مسائل:
(إحداها) : أن سهم ذوي القربى ثابت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وهذا مذهبنا؛ لأنه سبحانه ذكرهم في كتابه من ذوي السهام، والأصل: البقاء ما لم يعارضه معارض.
2361 -
«وعن جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أعطيت بني المطلب، وتركتنا، ونحن وهم منك بمنزلة واحدة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد» . وفي رواية: فقلنا: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا. وزاد: قال جبير: ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل شيئا» .
وقال ابن إسحاق: عبد شمس، وهاشم، والمطلب أخوة لأم، وأمهم عاتكة بنت مرة، وكان نوفل أخاهم لأبيهم. هذه رواية البخاري.
2362 -
وفي رواية أبي داود: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقسم لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل من الخمس شيئا، كما قسم لبني هاشم وبني المطلب» ، قال: وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمر يعطيهم ومن بعده.
وفي رواية: وعثمان بعده.
فهذان عمر وعثمان أعطيا بعد موته صلى الله عليه وسلم، ومنع أبي بكر لعله لمانع قام عنده، والنسخ لا يثبت بالاحتمال.
2363 -
وعن يزيد بن هرمز قال: كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذوي القربى لمن هو؟ قال يزيد بن هرمز: فأنا كتبت كتاب ابن عباس إلى نجدة، كتب إليه: كتبت تسألني عن سهم ذوي القربى لمن هو؟ وهو لنا أهل البيت، وقد كان عمر دعانا إلى أن ينكح منه أيمنا، ويجدي منه عاملنا، ويقضي منه عن غارمنا، فأبينا إلا أن يسلمه إلينا فتركناه عليه. رواه أبو داود، والنسائي، وأحمد، واحتج به، وهذا لفظه.
(الثانية) : أن ذا القربى بنو هاشم وبنو المطلب ابني عبد مناف، دون مواليهم، وغير مواليهم، لما تقدم من حديث جبير رضي الله عنه، والمعتبر الأب، لأن النسب له، فإن الهاشمي، وإن لم تكن أمه هاشمية، يستحق، وابن الهاشمية لا يستحق إذا كان أبوه غير هاشمي.
(الثالثة) : أنه يجب تعميمهم، وتفرقته بينهم حيث كانوا حسب الإمكان، لأنه سهم مستحق بالقرابة، أشبه الميراث، فعلى هذا يبعث الإمام إلى عماله في الأقاليم، وينظر ما حصل من ذلك، فإن استوت الأخماس فرق كل خمس فيمن قاربه، وإن اختلفت أمر بحمل الفضل ليدفع إلى مستحقه، قال أبو محمد: والصحيح إن شاء الله تعالى أنه لا يجب التعميم، لأنه يتعذر أو يشق، فلم
يجب كالمساكين، والإمام ليس له حكم إلا في قليل من بلاد الإسلام، فعلى هذا يفرقه كل سلطان فيما أمكن من بلاده. قلت: ولا أظن الأصحاب يخالفون أبا محمد في هذا.
(الرابعة) : أن القسم بينهم يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، وهو إحدى الروايتين، وبه جزم أبو محمد في المقنع، لأنه سهم استحق بقرابة الأب شرعا، ففضل فيه الذكر على الأنثى كالميراث، وخرج ولد الأم والوصية.
(والرواية الثانية) : يسوى بين ذكرهم وأنثاهم، لأنهم أعطوا باسم القرابة، والذكر والأنثى فيها سواء، أشبه ما لو وصى لقرابة فلان، يحققه أن الجد يأخذ مع الأب، وابن الابن يأخذ مع الابن، وهذا خلاف الميراث.
(الخامسة) : أن غنيهم وفقيرهم فيه سواء، على عموم كلام الخرقي، وهو المشهور المعروف، لعموم قَوْله تَعَالَى:{ولذي القربى} [الأنفال: 41] .
2364 -
وفي الصحيحين في حديث طويل أن العباس وعليا جاءا يطلبان أن عمر يقضي بينهما، فقال عمر: إن الله كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره، فقال:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الحشر: 7] قال: فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم أموال بني النضير، فوالله ما استأثر بها عنكم، ولا أخذها دونكم. انتهى. والعباس كان من الأغنياء، وقال
أبو إسحاق بن شاقلا: يختص به فقراؤهم، لما تقدم عن عمر.
(تنبيه) : «الحرورية» : طائفة من الخوارج، نسبوا إلى «حروراء» اسم بلدة، تمد وتقصر، كان أول مجتمعهم بها، وتحكيمهم فيها.
«ويحذي» : يعطي.
«والغارم» : المديون.
والاستئثار: الاستبداد بالشيء، والانفراد به، والله أعلم.
قال: والخمس الثالث في اليتامى.
ش: قد شهد النص بذلك، واليتيم من لا أب له، وإن كان له أم، ولم يبلغ الحلم.
2365 -
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يتم بعد البلوغ، ولا صمات يوم إلى الليل» .
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يشترط فقرهم، وإليه ميل أبي محمد، نظرا لإطلاق الآية الكريمة، واشترطه جمهور الأصحاب، لأن ذا الأب لا يدفع إليه، والمال أنفع من الأب، قال أبو محمد: قال الأصحاب: ويفرق على جميع أيتام البلاد، قال: والقول فيه كالقول في سهم ذي القربى، والله أعلم.
قال: والخمس الرابع في المساكين.
ش: للنص، ويدخل فيهم الفقراء، إذ كل موضع ذكر فيه أحد الصنفين دخل الآخر، وحيث أريدا ذكرا كما في الزكاة.
قال أبو محمد: قال أصحابنا: ويعم جميعهم في جميع البلاد. قال: وقد تقدم قولنا في ذلك، والله أعلم.
قال: والخمس الخامس لابن السبيل.
ش: للنص، وسيأتي بيان ابن السبيل إن شاء الله تعالى، فإن اجتمع في واحد أسباب، كمسكين هو ابن سبيل، يتيم، فإنه يعطى بكل منها، فإن أعطي فزال فقره؛ لم يعط له شيئا، والله أعلم.
قال: وأربعة أخماس الفيء لجميع المسلمين، بالسوية بينهم، غنيهم وفقيرهم فيه سواء، إلا العبد.
ش: لما قال: إن الفيء يخمس. قال: إن أربعة أخماسه للمسلمين. وعلى المنصوص جميعه للمسلمين، ولا نزاع أن العبيد لا حق لهم في الفيء، وقد تقدم عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لم يبق رجل من المسلمين إلا وله في هذا المال حق، إلا بعض من تملكون من أرقائكم، ومن عدا العبيد من المسلمين لهم حق في الفيء في الجملة، فيصرف في مصالح المسلمين، إذ نفعها يعود على جميعهم، ويبدأ بالأهم فالأهم، من سد الثغور، وكفاية أهلها وغيرهم من جند
المسلمين، ثم الأهم فالأهم، من سد البثوق، وعمل القناطر، وأرزاق القضاة، والمفتين، والمؤذنين، ونحوهم، من كل ذي نفع عام، وما فضل منه قسم بين المسلمين غنيهم وفقيرهم، على قول الخرقي.
والمشهور، لما تقدم عن عمر أنه قال: لم يبق رجل من المسلمين إلا وله في هذا المال حق، وقرأ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7] إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10] وعن أحمد يقدم ذووا الحاجات.
2366 -
لما روى مالك بن أوس قال: [ذكر عمر يوما الفيء، فقال] : ما أنا بأحق بهذا الفيء منكم، وما منا من أحد بأحق به من أحد إلا أنا على منازلنا من كتاب الله عز وجل، وقسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالرجل وقدمه، والرجل وبلاؤه، والرجل وحاجته، رواه أبو داود.
وقال القاضي: أهل الفيء هم أهل الجهاد، ومن يقوم بمصالحهم، ومن لا يعد نفسه للجهاد، فلا حق له فيه.
وهل يلتفت إلى أن الفيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحصول النصرة والمصلحة به، فلما مات صارت المصلحة للجند، وما
يحتاج إليه المسلمون، فصار ذلك لهم دون غيرهم.
2367 -
ويشهد لذلك قصة عمر المتقدمة: أن الله تعالى كان خص رسول الله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره، فقال تعالى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الحشر: 7] قال: فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم أموال بني النضير، فوالله ما استأثر بها عليكم، ولا أخذها دونكم، حتى بقي هذا المال، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه نفقة سنة، ثم يجعل ما بقي أسوة المال. وفي رواية: ثم يجعل ما بقي بجعل مال الله. والأول يلتفت إلى أن الفيء لم يكن ملكا له، وإنما كان يتصرف فيه بالأمر، فهو لجميع المسلمين.
2368 -
لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أعطيكم ولا أمنعكم، إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت» رواه البخاري. انتهى. يبدأ عند العطاء بالمهاجرين، ثم بالأنصار، ثم
بسائر المسلمين، ويبدأ بالأقرب فالأقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل يفاضل بينهم؟ حكى أبو محمد فيه روايتين، واختار أن ذلك موكول إلى رأي الإمام واجتهاده، وقال أبو البركات: وفي جواز التفضيل بينهم بالسابقة روايتان. فخص الخلاف.
2369 -
وقد روي عن أبي بكر وعلي رضي الله عنهما أنهما سويا، فيروى أن أبا بكر سوى، فقال له عمر: يا خليفة رسول الله أتجعل الذين جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، وهجروا ديارهم كمن إنما دخلوا في الإسلام كرها؟ فقال أبو بكر: إنما عملوا لله، وإنما أجورهم على الله، وإنما الدنيا بلاغ.
2370 -
وعن عمر وعثمان أنهما فضلا.
2371 -
وعن نافع أن عمر كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف، وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقيل له: هو من المهاجرين، فلم نقصته من أربعة آلاف؟ فقال: إنما هاجر به أبوه، يقول: ليس هو ممن هاجر بنفسه.
2372 -
وعن قيس بن أبي حازم قال: كان عطاء البدريين خمسة آلاف، خمسة آلاف وقال عمر: لأفضلنهم على من بعدهم. رواهما البخاري.
2373 -
وعن عوف بن مالك قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الفيء قسمه في يومه، فأعطى الآهل حظين، وأعطى الأعزب حظا. زاد في رواية: فدعينا، وكنت أدعى قبل عمار، فدعيت فأعطاني حظين، وكان لي أهل، ثم دعي بعدي عمار بن ياسر فأعطي حظا واحدا» . رواه أبو داود، وأحمد وحسنه، والله أعلم.
قال: وأربعة أخماس الغنيمة لمن شهد الوقعة.
2374 -
ش: كذا قال عمر رضي الله عنه، وهو إجماع في الجملة، وقد دل عليه قَوْله تَعَالَى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41]