الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حنبل: قد وقف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوفهم بالمدينة ظاهرة، فمن رد الوقف فإنما رد السنة. وأما العطية فيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى. والله أعلم.
[حكم من وقف على قوم وأولادهم وعقبهم ثم آخره للمساكين]
قال: ومن وقف في صحة من عقله وبدنه على قوم، وأولادهم، وعقبهم، ثم آخره للمساكين، فقد زال ملكه عنه.
ش: إذا وقف في صحة من عقله - بأن لا يكون مغلوبا على عقله بجنون، أو إغماء أو غيرهما - وفي صحة من بدنه - بأن كان غير مريض - وقفا متصلا كما ذكر الخرقي، فإن ملك الواقف يزول عن العين الموقوفة، على المشهور المعروف، المختار من الروايتين؛ لأنه سبب يزيل التصرف في الرقبة والمنفعة، أشبه الهبة والبيع، (والرواية الثانية) : أنه باق على ملك الواقف، لقوله: صلى الله عليه وسلم «إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها» فعلى الأول ينتقل الوقف إلى الموقوف عليه،
على المشهور المختار أيضا من الروايتين، كالهبة والبيع، إلا أن يكون الموقوف عليه مما لا يملك، كالمسجد ونحوه، فإن الملك في الوقف ينتقل إلى الله تعالى، (والرواية الثانية) : يكون ملكا لله تعالى، حكاها غير واحد؛ وهي ظاهر اختيار ابن أبي موسى، قياسا على العتق، بجامع زوال الملك على وجه القربة، وفرق بزوال المالية ثم، بخلاف هنا.
وتلخص أن في المسألة ثلاثة أقوال: (ملك) للموقوف عليه، وهي المذهب، (ملك) لله تعالى، (ملك) للواقف وبنيه، وللخلاف فوائد:(منها) لو كان الموقوف ماشية لم تجب زكاتها على الثانية، وكذلك على الثالثة، لضعف الملك، وهو انتقاء التصرف في الرقبة والمنفعة، ووجبت على الموقوف عليه على الأولى، على ظاهر كلام الإمام، واختيار القاضي في التعليق، وأبي البركات، وغيرهما، وقيل: لا تجب، لضعف الملك، اختاره صاحب التلخيص وغيره، (ومنها) : أرش جنايته، يلزم الموقوف عليه على الأولى، لانتفاء التعلق بالرقبة لامتناع البيع، وعلى الثانية
هل يجب في بيت المال أو في الغلة؟ فيه وجهان، قلت: وعلى الثالثة يحتمل أن يجب على الواقف، ويحتمل أن يجب في الغلة، (ومنها) إذا كان أمة ملك الموقوف عليه تزويجها على الأولى، والحاكم على الثانية، لكن يشترط إذن الموقوف عليه، قاله في التلخيص، قلت: والواقف على الثالثة، لكن بإذن الموقوف عليه (ومنها) النظر حيث أطلق يكون للموقوف عليه، على الأولى، وللحاكم على الثانية، وبه جزم ابن أبي موسى، قلت: وللواقف على الثالثة (ومنها) الشفعة لا تستحق على الثانية، قلت: وكذا على الثالثة، وفي استحقاقها على الأولى وجهان (ومنها) نفقة الوقف، تجب حيث شرطت، ومع عدمه في الغلة، ومع عدمها على من الملك له، قاله في التلخيص، قلت: فعلى الثانية تجب في بيت المال، هذا في الحيوان لحرمته، أما العقار فلا تجب عمارته إلا على من يريد الانتفاع به (ومنها) إذا وطئها الموقوف عليه، فلا حد عليه للملك أو شبهه، وتصير أم ولد على الأولى، لا على الثانية والثالثة، والله أعلم.
وظاهر كلام الخرقي أن ملك الواقف يزول عن الوقف وإن لم يخرجه عن يده، وهو المشهور المختار المعمول به من الروايتين، لعموم قوله – صلى الله عليه وسلم في حديث عمر:«لا يباع أصلها، ولا يوهب، ولا يورث» ولأنه تبرع يمنع البيع والهبة والميراث، أشبه العتق (وعنه) لا يلزم ويزول الملك عنه إلا بالإخراج عن يده، اختاره ابن أبي موسى؛ لأنه تبرع بشيء لم يخرج عن المالية أشبه الهبة، (وظاهر كلامه) أيضا أنه لا يفتقر إلى القبول من الموقوف عليه، ولا خلاف في ذلك إن كان على غير معين كالمساكين، أو على من لا يتصور القبول منه كالمساجد، أما ما كان على آدمي