الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اصطياده، ونحو ذلك، وقد تضمن كلام الخرقي صحة التقاط الصبي والسفيه، وهو صحيح. لعموم قوله: صلى الله عليه وسلم من وجد لقطة ونحو ذلك، وكما يصح احتطابه وغيره، والله أعلم.
[ما يجوز التقاطه وما لا يجوز]
قال: وإذا وجد الشاة بمصر أو بمهلكة فهي لقطة.
ش: يعني فله أخذها، وهذا (إحدى الروايتين) وأشهرهما، لما تقدم من «قوله عليه السلام في حديث زيد بن خالد فإنما هي لك، أو لأخيك، أو للذئب» (والرواية الثانية) لا يلتقطها إلا الإمام، لقوله: صلى الله عليه وسلم «لا يأوي الضالة إلا ضال» وعلى الأولى - وهي المذهب - هل يملكها بالتعريف؟ فيه روايتان قد تقدمتا، وحكم كل ما لا يمتنع من صغار السباع - الثعلب، وابن آوى، والذئب، ونحو ذلك - كفصلان الإبل، وعجول البقر، وأفلاء الخيل، والأوز، والدجاج، ونحوها - حكم الشاة فيما ذكرنا. وقد دل مفهوم كلام الخرقي على ذلك فيما بعد.
وظاهر كلام الخرقي أنها تعرف كغيرها من اللقطات، وهو مقتضى كلام صاحب التلخيص وأبي البركات، وغيرهما، وزعم أبو محمد أن الأصحاب لم يذكروا لها تعريفا، ثم قال أبو محمد: إن واجدها يخير بين ثلاثة أشياء: (أكلها) وعليه قيمتها، (وبيعها) وحفظ ثمنها، (وحفظها) والإنفاق عليها من ماله، وهل يرجع به إن لم ينو التبرع؟ فيه روايتان، وظاهر كلام صاحب التلخيص يخالفه في الأخير؛ لأنه قال: لا يبيع بعض الحيوان للنفقة عليه؛ لأنه يفضي إلى بيع كله.
ونبه الخرقي بقوله: بمصر أو بمهلكة. على قول مالك ومن وافقه، من أنه إن وجدها بمصر أخذها وذبحها، وبمهلكة يحفظها إلى أن يجيء ربها.
(واعلم) أنها إنما تكون لقطة بالمهلكة إذا لم يعلم أن صاحبها تركها، أما لو تركها صاحبها بالمهلكة ترك الإياس منها، فليست بلقطة، وهي لمن أحياها، نص عليه، والله أعلم.
قال: ولا يتعرض لبعير، ولا لما فيه قوة يمنع عن نفسه.
ش: لا يتعرض لبعير، لنص حديث زيد، ولا لما فيه قوة يمنع نفسه عن صغار السباع، كالخيل، والبغال، والبقر، لما علل به صلى الله عليه وسلم من قوله:«دعها فإن معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء، وتأكل الشجر، حتى يجدها ربها» «وقال في الشاة: خذها، فإنما هي لك، أو لأخيك أو للذئب» فعلل جواز أخذ الشاة بكونها معرضة للذئب، ومنع من أخذ البعير؛ لكونه معه حذاؤه فيرعى، «وسقاؤه» وهو ما يوعي في بطنه من الماء، وهو لكبر جثته لا يقدر عليه الذئب ونحوه، فيؤمن من تلفه غالبا.
2213 -
وقد روى منذر بن جرير رضي الله عنهما، قال: كنت مع أبي جرير، بالبوازيج في السواد، فراحت البقر، فرأى بقرة أنكرها فقال: ما هذه البقرة؟ قالوا: بقرة لحقت بالبقر.
فأمر بها فطردت حتى توارت، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يؤوي الضالة إلا ضال» رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وألحق الأصحاب بذلك الحمر، نظرا إلى صورتها، وألحقها أبو محمد بالشاة، نظرا إلى مشاركتها في علتها، وهو تعرضها للذئب، ومفارقتها للإبل في عدم صبرها على الماء، وحكم ما يمتنع من صغار السباع بطيرانه كالطيور كلها، أو بسرعته، كالظباء ونحوها، أو بنابه، كالفهد والكلب - على وجه - حكم الإبل ونحوها، نعم إن كانت الصيود متوحشة، إذا تركت ذهبت إلى الصحراء، وعجز عنها صاحبها جاز التقاطها، قاله أبو محمد، ويلحق بالإبل من غير الحيوان ما يتحفظ بنفسه كأحجار الطواحين وكبير الخشب، ونحو ذلك بطريق الأولى؛ لأن الإبل متعرضة للتلف في الجملة، بخلاف هذه.
وقوله: ولا يتعرض لبعير. هذا في غير الإمام أو نائبه، أما الإمام أو نائبه فله أخذها ليحفظها لمالكها، لا ليتملكها.
2214 -
لما روى مالك في موطئه عن ابن شهاب قال: كانت ضوال الإبل في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إبلا مؤبلة تتناتج، ولا يمسها أحد، حتى إذا كان عثمان أمر بمعرفتها، ثم تباع، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها. والله أعلم.