الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زبرة، ونحوهما، أما المعين كالعبد والدار ونحوهما، والمشاع المعلوم بالنسبة من معين، فهل حكمه حكم ما تقدم، يشترط لصحته أو للزومه القبض؟ وهو مقتضى كلام الخرقي، وأبي بكر في التنبيه، وابن أبي موسى، ونصبها أبو الخطاب والشريف وقال في الكافي: إنه المذهب لظاهر قَوْله تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] وصفها سبحانه بكونها مقبوضة، ولأنه عقد إرفاق أشبه القرض، أو لا يشترط له ذلك، بل يلزم بمجرد العقد وقال في التلخيص: إنه الأشهر، قياسا على البيع؟ على روايتين.
(تنبيه) : حيث اعتبر اللزوم فذلك في حق الراهن، إذ لا لزوم في حق المرتهن، والله أعلم.
[من يصح منه الرهن]
قال: من جائز الأمر.
ش: الجار والمجرور في موضع الحال، أي لا يصح الرهن إلا مقبوضا في حال كونه من جائز الأمر، وصاحب الحال محذوف دل عليه السياق، وتقديره: من مقبض جائز الأمر، وهو المكلف، الرشيد، المختار، فلو رهن وهو كذلك فحجر عليه لجنون، أو سفه، أو فلس لم يصح تقبيضه، بل ويبطل إذنه في القبض إن كان قد أذن، لأنه نوع تصرف، وتصرف هؤلاء غير صحيح، وكذلك إن أغمي عليه، نعم يقوم ولي المجنون والسفيه مقامه في ذلك، وفي المفلس يعتبر إذن الغرماء في القبض، ولو رهن وهو مختار، ثم أكره على القبض لم يصح ذلك، ويستفاد مما تقدم أنه إذا لم يصح التقبيض من هؤلاء - وإن كان قد وجد الرهن - فلأن لا يصح عقد الرهن بطريق الأولى، والله أعلم.
قال: والقبض فيه من وجهين، فإن كان مما ينقل فقبض المرتهن له أخذه إياه من راهنه منقولا، وإن كان مما لا ينقل - كالدور، والأرضين - فقبضه تخلية راهنه بينه وبين مرتهنه، لا حائل دونه.
ش: قبض كل شيء بحسبه، على ما جرت العادة فيه، على المشهور والمختار من الروايتين، فقبض ما ينقل - كالصبر ونحوها - بالنقل.
2020 -
«قال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه» . متفق عليه، والنهي عن ذلك لعدم قبضه.
2021 -
لأن في البخاري عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه» وفي لفظ «حتى يستوفيه» وقبض ما يكال، أو يوزن، أو يعد، أو يذرع، بكيله أو وزنه أو عدده أو ذرعه، نظرا للعرف في ذلك، ولما تقدم.
2022 -
وعن عثمان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا اشتريت فاكتل، وإذا بعت فكل» رواه أحمد والبيهقي، وللبخاري منه كلام النبي صلى الله عليه وسلم بغير إسناد، وفي رواية للبيهقي «إذا ابتعت كيلا فاكتل، وإذا بعت كيلا فكل» .
2023 -
«وعن حكيم بن حزام، وعثمان رضي الله عنهما أنهما كانا يجلبان الطعام من أرض قينقاع إلى المدينة، فيبيعانه بكيله، فأتى عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ما هذا؟» قالا: جلبناه من أرض كذا وكذا، ونبيعه بكيله، قال:«لا تفعلا ذلك، إذا اشتريتما طعاما فاستوفياه، فإذا بعتماه فكيلاه» رواه البيهقي في سننه، ولا يشترط مع ذلك نقله على المذهب، لظاهر ما تقدم، وفيه احتمال، وشرط الاعتداد بكيل ذلك أو وزنه ونحوهما حضور المشتري أو وكيله، فلو كيل أو وزن بغير حضوره لم يكن قبضا إلا أن يشتري منه مكيلا بعينه، ويدفع إليه ظرفا ويقول: كله لي. فيفعل، فإنه يصير مقبوضا، قال صاحب التلخيص: وفيه نظر
إذ الفرق بين كيله في ظرف أو غير ظرف بعيد جدا.
وهل يكتفي بعلم كيل ذلك أو وزنه [ونحو ذلك] عن الكيل والوزن ونحوهما؟ نص أحمد رحمه الله في المكيل على روايتين، كما إذا اشترى مكيلا قد شاهد كيله قبل البيع، ولم يغب عنه، (إحداهما) لا يكتفي بذلك، ولا يكون قبضا صحيحا، وهي اختيار أبي بكر، والقاضي.
2024 -
لما روي عن جابر رضي الله عنه، قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع، وصاع المشتري» ، رواه ابن ماجه، والبيهقي. واحتج به أحمد في رواية ابن إبراهيم.
2025 -
ورواه البيهقي من رواية أبي هريرة أيضا، وزاد «فيكون للبائع الزيادة، وعليه النقصان» (والثانية) يكتفي بذلك، قبضا صحيحا، إذ المقصود معرفة المقدار وقد حصل، وعلى هذا للمشتري التصرف فيه بذلك، وليس له
مطالبة البائع بكيل، وإن ادعى نقصانه لم يقبل منه، وعلى الأول تنعكس هذه الأحكام، وظاهر كلام المجد، وغيره الاكتفاء بعلم ذلك في غير المكيل، وصاحب التلخيص أجرى ذلك في الوزن أيضا فقال فيما اشتري بكيل أو وزن، وقبض بمعياره، ثم بيع من بائعه، أن فيه الروايتين.
(تنبيه) : فإن كان المبيع في الكيل، وعقد البيع الثاني، ففرغه المشتري الثاني، صح القبض، وأغنى عن الاستئناف، انتهى.
وقبض ما يتناول - كالجواهر، والأثمان، ونحوهما - بالتناول، إذ العرف فيها ذلك، وقبض الحيوان بمشيه من مكانه. وما عدا ذلك - كالدور، والعقار، والثمرة على الشجرة، ونحو ذلك - بالتخلية بينه وبين مرتهنه، من غير حائل بينهما، بأن يفتح له باب الدار، أو يسلم إليه مفتاحها، ونحو ذلك، وإن كان فيها متاع للراهن، وعن أحمد رواية أخرى أن قبض جميع الأشياء بالتخلية مع التمييز، قياسا على العقار ونحوه.
ومقتضى كلام الخرقي رحمه الله أنه لم يجعل للقبض إلا وجهين فقط، النقل، والتخلية، فقد يقال في الجواهر
ونحوها: إن تناولها نقل لها، لأنها انتقلت من يد البائع إلى يد المشتري، وكيل المكيل ونحوه نقله من محله إلى محل آخر، وخلاصته أن صفات النقل تختلف، وأحال الخرقي رحمه الله بيانها على موقف، ثم إنه رحمه الله لم يتعرض لصفة القبض فيما يعتبر له القبض في البيع، فليعتمد هنا.
وقوله: أخذ من راهنه. إشارة إلى أنه لا بد في القبض من التسليم من الراهن، أو ما يقوم مقامه، وهو إذنه في ذلك، أما إن لم يوجد واحد منهما فإن وجود ذلك كعدمه، على المعروف المجزوم به، وفي التلخيص في الهبة حكاية رواية بصحة قبض ما قبضه المتهب بدون إذن الواهب، فيخرج هنا كذلك، ولا معرج على ذلك، أما على المذهب فلو كان الرهن في يد المرتهن، بإعارة، أو وديعة، ونحو ذلك، ففي اشتراط إذنه له في القبض روايتان، وقيل: وجهان، فإن اشترط فلا بد من مضي زمن يتأتى القبض فيه، فإذا كان المرهون حاضرا بين يدي الراهن، اكتفي بمضي مدة يتأتى قبض ذلك فيها، فاكتياله
أو وزنه، أو نقله حسب ما هو، وإن كان في بيته، أو دكانه، ونحو ذلك، فلا بد من أن يمضي إليه، ويشاهد المرهون، ليتحقق التمكين، ثم بعد ذلك تمضي مدة يمكن القبض فيها على ما ذكر، وإن لم يشترط الإذن ففي اعتبار مضي زمن يتأتى القبض فيه وجهان، والله أعلم.
قال: وإذا قبض الرهن من تشارطا أن يكون الرهن على يده صار مقبوضا.
ش: تصح النيابة في قبض الرهن، لأنه قبض في عقد، فجاز التوكيل فيه كسائر القبوض، فعلى هذا إذا اتفق الراهن والمرتهن حال العقد أو بعده على جعل الرهن في يد إنسان صح، وصار مقبوضا للمرتهن، قاله في المغني، وفيه تساهل، لأنه يوهم أن له أخذه منه، وليس كذلك كما سيأتي.
ثم قول الخرقي: من. يشمل المسلم والكافر، والعدل والفاسق، والذكر والأنثى، والحر والعبد، وغيرهم، وهو كذلك، إلا أنه لا بد أن يقيد بكونه جائز
التبرع، ليخرج الصبي، والمجنون، والعبد بغير إذن سيده، والمكاتب بلا جعل، أما إن أذن السيد، أو جعل للمكاتب جعل، فإنه يجوز، لزوال المانع، وانتفاء التبرع (ويشمل) أيضا الاثنين، والجماعة، وهو كذلك، وليس لواحد منهم الانفراد بحفظه.
وقوله: من تشارطا قوته تقتضي أن يكون غيرهما، فلو استناب المرتهن الراهن في القبض لم يصح، قاله في التلخيص، وعبد الراهن القن، وأم ولده، ومستولدته كهو، نعم يجوز استنابة مكاتبه، وكذلك عبده المأذون له في أصح الوجهين، وفي الآخر لا يجوز إلا أن يكون عليه دين.
وقوله: صار مقبوضا. يقتضي أنه ليس لواحد منهما نقله عن من جعل على يده، وهو كذلك، كما لو كان بيده المرتهن، نعم إن اتفقا على ذلك جاز، وكذلك إن تغيرت
حال المجعول على يده، كأن كان عدلا ففسق ونحوه، كان لكل منهما طلب التحويل إلى آخر، ثم إن اتفقا عليه وإلا جعله الحاكم عند عدل، وكذا لو تغيرت حال المرتهن، فللراهن رفع الأمر إلى الحاكم، ليضعه على يد عدل، والله أعلم.
قال: ولا يرهن مال من أوصي إليه بحفظ ماله إلا من ثقة.
ش: لأن ولي اليتيم إنما يتصرف بالأحسن، قال سبحانه:{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] والأحسن بل الحسن أن لا يرهن مال اليتيم إلا عند ثقة، إذ الرهن أمانة، وغير الثقة لا يؤتمن، ولا بد أن يكون الحظ لليتيم في الرهن، كأن يحتاج إلى نفقة على نفسه، أو عقاره المتهدم، ونحو ذلك، وله مال ينتظر وروده، فالأحظ إذا في الاقتراض، ورهن بعض أصول ماله، أما إن لم يكن له مال ينتظر، فلا حظ في الاقتراض، وإذا يبيع بعض أصول
ماله، فإن لم يجد من يقرضه، ووجد من يبيعه نساء، وكان أحظ من بيع ماله، جاز الشراء نساء، ورهن شيء من ماله، قاله في المغني، وظاهره أنه لا ينتقل إلى الشراء نسيئة إلا عند عدم من يقرضه، والذي ينبغي مراعاة الأصلح لليتيم. انتهى.
وحكم الحاكم وأمينه حكم الوصي في ذلك، وكذلك الأب بطريق الأولى، ومن ثم له أن يرتهن من نفسه، بخلاف غيره على المحقق، وفي المغني حكاية رواية بجواز ذلك لغيره، وفيها نظر، إذ أصل ذلك - والله أعلم - البيع، ولا يعرف فيه رواية مطلقة بالجواز، والله أعلم.
قال: وإذا قضاه بعض الحق كان الرهن بحاله على ما بقي.
ش: العين المرهونة رهن بجميع الدين، وبكل [جزء] من أجزائه، وقد حكى ابن المنذر الإجماع على نحو ذلك، والله أعلم.
قال: وإذا أعتق الراهن عبده المرهون فقد صار حرا.
ش: هذا هو المشهور والمختار من الروايات للأكثرين، لأنه عتق من مالك.
2026 -
فشمله مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا عتق فيما لا يملك ابن آدم» . وفارق غيره من التصرفات، لتشوف الشارع إليه، ومن ثم نفذ في ملك الغير، وفي المبيع قبل القبض، وفي الآبق، والمبهم، ونحو ذلك، (والثانية) واختارها الشيرازي: لا ينفذ مطلقا، حذارا من إبطال حق المرتهن من الوثيقة، وأنه لا يجوز، كما لا يجوز بيعه، وهبته، ونحوهما، (والثالثة) ينفذ عتق الموسر لا المعسر، تخريجا على المفلس، إذ الموسر لا ضرر على المرتهن في عتقه،
لإمكان أخذ القيمة منه، بخلاف المعسر، وهذا كله في نفوذ العتق، أما الإقدام عليه فإنه لا يجوز، لما فيه من إدخال الضرر على المرتهن، بإبطال حقه من الوثيقة، نعم إن أذن المرتهن في العتق جاز، ونفذ بلا ريب، لزوال المانع، والله أعلم.
قال: ويؤخذ إن كان له مال بقيمة المعتق فيكون رهنا.
ش: إذا قلنا بنفوذ العتق نظرنا في الراهن، فإن كان له مال أخذت منه قيمة المعتق، لتفويته إياه على المرتهن، فتجعل رهنا، لأنها بدل المرهون والحال هذه، وبدل الشيء يقوم مقامه، وخير أبو بكر في التنبيه المرتهن بين الرجوع بقيمة العبد، أو بعبد مثله، وإن لم يكن له مال بأن كان معسرا، بقيت القيمة في ذمته إلى حين يساره، ولا يستسعى العتيق، فإن أيسر قبل حلول الحق أخذت منه كما تقدم، وإن أيسر بعده فلا فائدة في جعل القيمة رهنا، ويؤمر بالوفاء، وتعتبر القيمة حين العتق، لأنه وقت التلف، وإن لم نقل بالنفوذ، فظاهر كلام الأصحاب أنه لا ينفذ بعد زوال الرهن، ولابن حمدان احتمال بالنفوذ إذا، هذا كله إذا لم يأذن المرتهن، أما إن أذن في العتق فإن حقه يبطل من الوثيقة، ولا قيمة له، والله أعلم.
قال: وإن كانت جارية فأولدها الراهن خرجت أيضا من الرهن.
ش: لأن الإيلاد إتلاف معنوي، فنزل منزلة الإتلاف الحسي، وعامة الأصحاب يجزمون هنا بذلك، بخلاف العتق، لأن الفعل أقوى من القول، بدليل نفوذ إيلاد المجنون، دون عتقه، وظاهر كلامه في التلخيص إجراء الخلاف فيه، فإنه قال: والاستيلاد مرتب على العتق، وأولى بالنفوذ، لأنه فعل، والله أعلم.
قال: وأخذ منه قيمتها تكون رهنا.
ش: أي إذا كان له مال، وإلا بقيت القيمة في ذمته إلى يسرته، على ما تقدم في العتق، والاعتبار في القيمة بيوم الإحبال، قاله في الرعاية، ولا بد أن يلحظ أيضا أن المرتهن لم يأذن في الوطء، قال في التلخيص: وصدقه المرتهن أنها