الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فإن حوله المالك قبل تقضي المدة لم يكن له أجرة لما سكن.
ش: إذا حول المؤجر المستأجر قبل انقضاء المدة المعقود عليها، لم يكن للمؤجر أجرة لما سكن، نص عليه أحمد وعليه الأصحاب؛ لأنه لم يسلم إليه المعقود عليه، فلم يستحق [شيئا] ، كما لو استأجره ليحفر له عشرين ذراعا، فحفر عشرة، وامتنع من حفر الباقي، وحكى أبو محمد في المقنع احتمالا بأن عليه من الأجرة بقسطه، لأن استيفاءه حصل على وجه المعاوضة، أشبه المبيع [إذا] استوفى بعضه، ومنعه المالك بقيته، والله أعلم.
[منع المستأجر من استيفاء المنفعة المعقود عليها]
قال: وإن جاء أمر غالب، يحجز المستأجر [عن] منفعة ما وقع عليه العقد، لزمه من الأجرة بمقدار مدة انتفاعه.
ش: قد تقدم أن المعقود عليه المنفعة، فإذا جاء أمر منع المستأجر من استيفاء المنفعة المعقود عليها، وكان قد انتفع،
فإن عليه من الأجرة بقدر ما انتفع، لحصول المعقود عليه، والتمكن من استيفائه شرعا، فأشبه ما لو استوفى جميع المنفعة، ولا يلزمه أجرة لما يستقبل، لعدم حصول المعقود عليه، إذ حصولها إنما هو باستيفائها أولا فأول، وقد تعذر ذلك، وصار هذا كما لو اشترى صبرتين، فقبض إحداهما وتلفت الأخرى بأمر سماوي قبل قبضها، ثم إن كانت أجرة المدة متساوية، وقد استوفى نصف المدة مثلا، ومنع من باقيها، فعليه نصف الأجرة، وإن اختلفت؛ كأن يكون أجرها في الصيف أكثر من أجرها في الشتاء، أو بالعكس، فإن الأجر المسمى يقسط على ذلك، فإذا قيل: إن أجرها في الصيف يساوي مائة درهم، وأجرها في الشتاء يساوي خمسين، وكان قد سكن الصيف، كان عليه بقدر ثلثي المسمى.
إذا تقرر هذا فاعلم أن الأمر الغالب الذي ذكره الخرقي له صور:
(إحداها) : إذا تلفت العين، ثم إن كان تلفها قبل التسليم، أو بعده، وقبل مضي مدة لها أجر، فإن الإجارة تنفسخ، وإن كان بعد التسليم ومضي مدة لها أجر، انفسخ فيما بقي، واستقر ما مضى، وهذه الصورة مما يدل
عليه كلام الخرقي، لكن ليس في كلامه رحمه الله تعرض للفسخ ولا لعدمه، وظاهره الفسخ.
(الصورة الثانية) : أن يحدث للعين ما يمنع استيفاء معظم المعقود عليه مع بقائها، كدار انهدمت وأرض انقطع ماؤها، ونحو ذلك، فهل تنفسخ الإجارة - وهو مقتضى كلام الخرقي، وبه قطع ابن أبي موسى، والشيرازي، وابن البنا، ذكروه في الدار، واختاره أبو محمد، لأن المقصود بالعقد قد فات، أشبه ما لو تلف - (أو لا تنفسخ) ، بل يثبت للمستأجر خيار الفسخ - وهو قول القاضي في الدار، وصححه القاضي في التعليق، لإمكان الانتفاع بالعرصة، بنصب خيمة، أو جمع حطب، ونحو ذلك، أشبه نقص العين؟ فيه وجهان، أما لو زال نفعها بالكلية، أو الذي بقي فيها لا يباح استيفاؤه بالعقد، كدابة مؤجرة للركوب، صارت لا تصلح إلا للحمل، فإن الإجارة تنفسخ وجها واحدا.
(الصورة الثالثة) : إذا غصب العين غاصب، فيخير المستأجر بين الفسخ والرجوع بما يقابل ما بقي من المدة، وبين الإمضاء ومطالبة الغاصب بأجرة المثل، وخرج أبو الخطاب الانفساخ إن قيل بعدم تضمين منافع المغصوب، ويحتمله
كلام الخرقي هنا.
(الصورة الرابعة) : إذا حدث خوف عام، منع المستأجر من استيفاء المنفعة، أو حصرت البلد، فامتنع المستأجر من الخروج إلى الأرض المؤجرة، أو اكترى للحج فلم يحج الناس ذلك العام، ونحو ذلك، فإن للمستأجر خيار الفسخ.
ومقتضى كلام الخرقي رحمه الله: أنه لو حدث أمر لا يمنع المستأجر من منفعة ما وقع عليه العقد، كأن تعيب المعقود عليه، فإن العقد لا ينفسخ، نعم للمستأجر الخيار بين الفسخ والإمساك بكل الأجرة، ذكره ابن عقيل، وتبعه أبو محمد وغيره، قاله أبو البركات، وقياس المذهب أن له الأرش، ولا يبطل الخيار بالتأخير.
(فائدة) : لو أتلف المستأجر العين المؤجرة، ثبت ما تقدم من الفسخ أو الانفساخ، مع تضمين المستأجر ما أتلف، ومثله جب المرأة زوجها تضمن ولها الفسخ، والله أعلم.