الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وإن قال لبنيه. كان للذكور دون الإناث.
ش: أي لبني فلان أو لبني، لاختصاص الاسم بهم دون الإناث، قال سبحانه:{أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} [الصافات: 153] وقال تعالى: {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ} [الزخرف: 16] وقال: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} [آل عمران: 14] وهذا إذا لم يكونوا قبيلة، فإن كانوا قبيلة - كما إذا أوصى لولد هاشم، أو بني تميم - دخل فيه الذكر والأنثى، والخنثى، لأن ذلك اسم للقبيلة ذكرها وأنثاها، قال تعالى:{يَابَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 40] وقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] وقال: {يَابَنِي آدَمَ} [الأعراف: 26] ولا يدخل فيه ولد بناتهم من غيرهم، لأنهم لا ينسبون إليهم.
[الوصية بالحمل وللحمل]
قال: والوصية بالحمل وللحمل جائزة، إذا أتت به لأقل من ستة أشهر منذ تكلم بالوصية.
ش: أما الوصية بالحمل فجائزة إذا كان مملوكا وعلم وجوده، أو حكم به حال الوصية، كما سيأتي بيانه إن شاء
الله تعالى، إذ غايته أنه غرر، وذلك لا يمنع صحة الوصية كعتقه، وذلك لأن نهيه صلى الله عليه وسلم عن الغرر مختص بالبيع، وما في معناه، حذارا من أكل مال الغير بالباطل. واشترط كونه مملوكا لأن الوصية بملك الغير باطلة، واشترط العلم أو الحكم بوجوده، وإلا لاحتمل حدوثه، فلا تتعلق الوصية به، نعم لو وصى بما تحمل جاريته ونحوها صحت، لأن لفظه مستقبل. وأما الوصية للحمل فجائزة أيضا، قياسا على إرثه، بجامع انتقال المال من الإنسان بعد موته بغير عوض، بل أولى، لصحتها للمخالف في الدين والعبد، بخلاف الإرث، وشرط صحتها أن تضعه لأقل من ستة أشهر من حين الوصية، ليعلم وجوده حال الوصية، إذ التمليك لا يصح لمعدوم، كذا قال الجمهور، ومنهم أبو محمد في الكافي، وفي المغني قيده بأن تضعه لستة أشهر فما دون، وليس بجيد، لأنها إذا وضعته لستة أشهر احتمل حدوثه حال الوصية، فلم تصادف الوصية موجودا يقينا، وقد انعكس ذلك على ابن المنجا رحمه الله تعالى فقال: لا بد من ذكر ستة أشهر، معتمدا على ما في المغني، ومعللا بأنها إذا
وضعته لستة أشهر علم وجوده حال الوصية، وقد تقدم رده. انتهى، أما إن وضعته لأكثر من ذلك لم تصح الوصية له على مقتضى كلام الخرقي، وأورده أبو البركات مذهبا؛ لأنه لا يعلم وجوده حال الوصية، وسبب الانتقال إلى الورثة قد وجد يقينا، فلا يزول عنهم بالشك والاحتمال، وقيل: إن وضعته لزوج أو سيد ولم يلحقهما نسبه إلا بتقدير وطء قبل الوصية صحت؛ لأنه والحال هذه قد حكم بوجوده ظاهرا حال الوصية، إذ حال المسلم إنما يحمل على الصلاح، وإلا فلا لما تقدم، وهذا الذي قطع به أبو محمد في الكافي والمغني، لكنه لم يفصح بتنقيح الحكم. واعلم أن من شرط الوصية بالحمل وللحمل أن تضعه حيا، إذ الميت لا يصح تملكه ولا تمليكه، والله أعلم.
قال: وإذا أوصى بجارية لبشر، ثم أوصى بها لبكر، فهي بينهما.
ش: لأن الأصل بقاء وصية الأول، فالظاهر أنه يسوي بينهما في الاستحقاق، فإذا تقسم العين بينهما مع وجودهما،
لاستوائهما في سبب الحق، ويختص بها أحدهما مع موت الآخر، لزوال المزاحمة، والله أعلم.
قال: وإن قال: ما أوصيت به لبشر فهو لبكر. كانت لبكر.
ش: لأن هذا دليل على الرجوع في وصية الأول، والوصية بها للثاني، فعمل على مقتضاه، بخلاف التي قبلها، فإنه يحتمل الرجوع والاشتراك في الاستحقاق، والأصل عدم الرجوع. وقد تضمن هذا صحة الرجوع في الوصية، وهو إجماع إلا في الرجوع بالوصية بالعتق، فإن في الرجوع فيه خلافا ومذهبنا جوازه، والله أعلم.
قال: ومن كتب وصيته ولم يشهد فيها حكم بها، ما لم يعلم رجوعه عنها.
ش: إذا كتب وصيته ولم يشهد فيها، وعرف خطه، فإنه ينفذ ما فيها، ما لم يعلم رجوعه عنها، نص عليه أحمد، واعتمده الأصحاب، لما تقدم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين، وله شيء يريد أن يوصي فيه، إلا