الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«قهرا» زيادة في الحد، ولهذا أسقطه في المغني، لكن فيه زيادة إيضاح، يخرج بذلك المال المسروق، والمنتهب، والمختلس، لأنه لم يأخذه على وجه القهر.
وقوله: بغير حق. يخرج الاستيلاء بحق، كاستيلاء الولي على مال الصبي، والحاكم على مال المفلس، ونحو ذلك.
وهو غير جامع، لخروج ما عدا المال من الحقوق؛ كالكلب، وخمر الذمي، ونحو ذلك، ثم إنه عرف «غير» بالألف واللام، والمشهور عدم تعريفها بهما، ولهذا لم يعرفها في المغني.
وقال أبو البركات: هو الاستيلاء على مال الغير ظلما. ويرد عليه ما ورد على الأول، وأنه غير مانع، لدخول السرقة، والانتهاب، ونحو ذلك - كالاختلاس - فيه، والله أعلم.
[تصرفات الغاصب في المغصوب]
قال: ومن غصب أرضا فغرسها أخذ بقلع غرسه،
وأجرتها إلى وقت تسليمها، ومقدار نقصانها، إن كان نقصها الغرس.
ش: يصح غصب العقار على المذهب المعروف المشهور، حتى إن القاضي وعامة أصحابه لم يذكروا في المسألة خلافا، مع أن القاضي ذكر رواية ابن منصور، واستشكلها.
2086 -
وذلك لما روي عن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أخذ شبرا من الأرض ظلما فإنه يطوق يوم القيامة من سبع أرضين» . متفق عليه. وفي لفظ لأحمد: «من سرق» .
2087 -
وعن الأشعث بن قيس رضي الله عنه «أن رجلا من كندة ورجلا من حضرموت اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض باليمن، فقال الحضرمي: يا رسول الله أرضي اغتصبها هذا وأبوه. فقال الكندي: يا رسول الله أرضي ورثتها من أبي. فقال الحضرمي: استحلفه يا رسول الله أنه ما يعلم أنها أرضي وأرض والدي، اغتصبها أبوه، فتهيأ الكندي لليمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه لا يقتطع عبد - أو رجل - مالا بيمينه إلا لقي الله يوم يلقاه وهو أجذم» . فقال الكندي: هي أرضه وأرض والده» . رواه أحمد.
ونقل عنه ابن منصور ما يدل على أن العقار لا يضمن بالغصب، إذ الغصب إثبات اليد على المال عدوانا، على وجه تزول به يد المالك، ولا يوجد ذلك في العقار، وفائدة الخلاف أنها لو غرقت بماء السماء ونحو ذلك، أو كان فيها بناء فانهدم، ضمن على الأول دون الثاني، ولو غصبها غاصب آخر، فهدم بناءها، أو نقل ترابها، فللمالك تضمين من شاء منهما على الأول، وعلى الثاني يضمن الثاني فقط، لوجود النقل والهدم منه. إذا تقرر هذا فإذا غصب أرضا فغرسها، فإنه يؤخذ بقلع غرسه.
2088 -
لما روى عروة بن الزبير، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من أحيا أرضا فهي له، وليس لعرق ظالم حق» . قال: ولقد أخبرني الذي حدثني بهذا الحديث «أن رجلين اختصما إلى رسول الله
- صلى الله عليه وسلم، غرس أحدهما نخلا في أرض الآخر، فقضى لصاحب الأرض بأرضه، وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها، قال: فلقد رأيتها وإنها لتضرب أصولها بالفؤوس، وإنها لنخل عم» . رواه أبو داود، والدارقطني، قال أحمد: العم الطوال. ويؤخذ بأجرتها إلى وقت تسليمها، وكذلك كل ما له أجر، بناء على أن منافع المغصوب مضمونة، إذ هي بمنزلة الأموال؛ ولهذا قلنا - على المشهور -: يجبر المفلس المحترف على إيجار نفسه لوفاء دينه، وسواء انتفع أو لم ينتفع، لتلفها تحت يده العادية.
ويؤخذ أيضا بنقص الأرض إن نقصها الغرس، وكذا لو نقصت بغيره، وكذلك الحكم في كل عين مغصوبة، على
الغاصب ضمان نقصها، كما يضمن جملتها، والنقص هو نقص القيمة في جميع الأعيان، اختاره الشيخان. (وعنه) - وهو المشهور عنه -: أن في عين الدابة ربع قيمتها.
2089 -
واعتمد في ذلك على ما روي عن عمر رضي الله عنه، أنه كتب إلى شريح - وقد كتب إليه يسأله عن عين الدابة -: إنا كنا ننزلها بمنزلة الآدمي، إلا أنا أجمع رأينا أن فيها ربع الثمن. وهذا إجماع، وهو اختيار القاضي في التعليق، والشريف، وأبي الخطاب في خلافيهما، ثم الشيخان، وأبو الخطاب في الهداية والقاضي في روايتيه، جعلوا الخلاف في عين الدابة من الخيل، والبغال، والحمير، ونصوص أحمد على ذلك، والقاضي في تعليقه وفي جامعه، والشريف، وأبو الخطاب في خلافيهما، وصاحب التلخيص، والمستوعب، وأبو محمد في الكافي، خصوا الخلاف بعين الفرس.
(وعنه) : أن الرقيق يضمن بما يضمن به في الإتلاف، [وتفرد أبو محمد في المقنع عن الأصحاب، فخرج أنه يضمن بأكثر الأمرين من النقص أو مما يضمن به في
الإتلاف] ، وتحرير ذلك يحتاج إلى طول. والله أعلم.
قال: وإن كان زرعها فأدركها ربها والزرع قائم، كان الزرع لصاحب الأرض، وعليه النفقة، وإن استحقت بعد أخذ الغاصب الزرع لزمته أجرة الأرض.
ش: إذا غصب أرضا فزرعها فإن أدركها ربها والزرع قائم، كان الزرع له وعليه النفقة، على ظاهر كلام أحمد - في عامة نصوصه - والخرقي، والشيرازي، وابن أبي موسى فيما أظن.
2090 -
لما روى رافع بن خديج رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وله نفقته» . رواه الخمسة إلا النسائي، وقال البخاري: هو حديث حسن. وعليه اعتمد أحمد، فقال في رواية
علي بن سعيد: آخذ به. وفي رواية حرب: أذهب إليه. وقال القاضي، وعامة أصحابه، والشيخان: يخير مالك الأرض بين تركه إلى الحصاد بالأجرة، وبين أخذه بالنفقة، نظرا إلى رب الأرض، وحملا على الغاصب، إذ لو كلف الأخذ بالقيمة ربما شق ذلك عليه، وحكى أبو الخطاب احتمالا بأن الزرع للغاصب، لأنه نماء ملكه، وعليه الأجرة.
ولا نزاع أن رب الأرض لا يجبر الغاصب على قلع الزرع. ثم هل النفقة قيمته - وهي التي صححها القاضي في التعليق، قياسا على ما إذا أتلفه - أو نفقته من البذر والمؤونة - وهو ظاهر كلام الخرقي لظاهر الحديث؟ فيه روايتان.
وقال ابن الزاغوني: أصلهما هل يضمن ولد المغرور بمثله