الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشرط الرجوع حيث جوزناه (أن تكون العين) الموهوبة باقية في ملك الابن، فإن خرجت عن ملكه ثم عادت إليه بعقد، أو إرث فلا رجوع، وإن رجعت إليه بفسخ فثلاثة أوجه؛ ثالثها: إن كان كخيار المجلس أو الشرط رجع، وإلا فلا، (وأن لا يتعلق) بها حق يمنع تصرف الابن، كالرهن، وحجر الفلس، والكتابة إن لم يجز بيع المكاتب، ثم إن زالت هذه التعلقات جاز له الرجوع، لزوال المانع.
وقوله: وإن لم يثب عليها. تنصيص على مخالفة من قال: إن لم يثب عليها رجع. وهو مشعر بأن الهبة لا تقتضي ثوابا، وهو كذلك، وإن كانت من الأدنى للأعلى.
(تنبيه) : هذا الحكم يختص بالأب، فليس للأم الرجوع فيما وهبته لولدها، على المنصوص والمختار، وقيل: لها الرجوع كالأب. والله أعلم.
[العمرى نوع من الهبة]
قال: وإذا قال: داري لك عمري، أو هي لك عمرك. فهي له ولورثته من بعده.
ش: العمرى نوع من الهبة، تفتقر إلى ما تفتقر إليه الهبة من الإيجاب، والقبول، والقبض، وهي مأخوذة من العمر، ومعناها كما قال الخرقي أن يقول: داري - أو فرسي ونحو ذلك - لك عمري، أو مدة حياتي، أو لك عمرك،
أو حياتك. ونحو ذلك، فتصح، وتكون للمعمر، ولورثته من بعده.
2179 -
لما روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«العمرى ميراث لأهلها» وفي لفظ جائزة لأهلها متفق عليه.
2180 -
وعن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعمر عمرى فهي لمعمره محياه ومماته، لا ترقبوا، من أرقب شيئا فهو سبيل الميراث» ، رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
2181 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرى لمن وهبت له، متفق عليه، وفي لفظ:«أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تفسدوها، فمن أعمر عمرى فهي للذي أعمر حيا وميتا، ولعقبه» رواه مسلم.
وظاهر كلام الخرقي في العمرى أنها تكون للمعمر ولورثته، وإن شرط المعمر رجوعها إليه، أو إلى ورثته عند موت المعمر، فيبطل الشرط، ويصح العقد، وهو إحدى الروايات عن أحد، لعموم ما تقدم، ولأن فيها «لا ترقبوا، من أرقب شيئا فهو على سبيل الميراث» والرقبى معناها: الرجوع إلى المرقب إن مات المرقب.
2182 -
وعن جابر رضي الله عنه، «أن رجلا من الأنصار أعطى أمه حديقة من نخل حياتها، فماتت فجاء إخوته فقالوا: نحن فيه شرع سواء قال جابر: فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمها بينهم ميراثا.» رواه أحمد.
(والرواية الثانية) يصح العقد والشرط، فتكون للمعمر إذا مات المعمر.
2183 -
إعمالا لقوله: صلى الله عليه وسلم «المسلمون على شروطهم» .
2184 -
وعن جابر رضي الله عنه: إنما العمرى التي أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك. فأما إذا قال: هي لك ما عشت. فإنها ترجع إلى صاحبها. رواه أحمد ومسلم وأبو داود. (وعنه) يبطل العقد والشرط؛ لأنه شرط منهي عنه، إذ الجاهلية كانوا يفعلون ذلك.
2185 -
فنهى الشارع عنه بقوله: صلى الله عليه وسلم «لا تعمروا، ولا ترقبوا» والنهي يقتضي الفساد، وإذا يفسد العقد، لاختلاف الرضى بدونه، والله أعلم.
قال: وإذا قال: سكناها لك عمرك. كان له أخذها أي وقت أحب؛ لأن السكنى ليست كالعمرى والرقبى.
ش: هذه هبة منفعة، والمنافع إنما تستوفى بمضي الزمان شيئا فشيئا، فلا تلزم إلا في قدر ما قبضه واستوفاه، وقوله: لأن السكنى ليست كالعمرى والرقبى قد تقدم بيان العمرى وأما الرقبى فهي هبة ترجع إلى المرقب إذا مات المرقب،
ومعناها أنها لآخرهما موتا، وحكمها حكم العمرى المشروط رجوعها إلى المعمر، فيها الروايات، سواء أطلق فقال: أرقبتك هذه. أو صرح بموضوعها فقال: هي لآخرنا موتا، والله أعلم.