الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قولين، واتفق الفريقان على وجوب الأرش عند تعذر الرد، على مقتضى قول المجد، والله أعلم.
[الانتفاع بالمرهون]
قال: ولا ينتفع المرتهن من الرهن بشيء إلا ما كان مركوبا أو محلوبا، فيركب ويحلب بقدر العلف.
ش: نماء الرهن ملك للراهن، إذ النماء تابع للملك.
2028 -
وعن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يغلق الرهن، لصاحبه غنمه، وعليه غرمه» رواه الشافعي والدارقطني وحسن إسناده، وروي مرسلا عن سعيد، وناهيك بمراسيله،
قال الشافعي رحمه الله: غنمه زيادته، وغرمه هلاكه ونقصه، انتهى، وإذا كان النماء للراهن فلا ينتفع المرتهن من الرهن بشيء، لا من الأصل، ولا من النماء.
2029 -
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه» نعم إن أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع، ولم يكن الدين عن قرض جاز لوجود طيب النفس.
2030 -
وإن كان الدين عن قرض لم يجز، حذارا من «قرض جر منفعة» .
وهل يستثنى مما تقدم إذا كان الرهن مركوبا أو محلوبا أو لا؟ فيه روايتان (إحداهما) لا، فلا ينتفع المرتهن من ذلك بشيء إلا بإذن مالكه، كما تقدم للحديث.
2031 -
وعن إبراهيم النخعي - وذكر له قوله صلى الله عليه وسلم: «الرهن محلوب ومركوب» - فقال: إن كانوا ليكرهون أن يستمتعوا من الرهن بشيء. رواه البيهقي.
(والثانية) : - وهي المشهورة، والمعمول عليها في المذهب - للمرتهن أن يركب ما يركب، ويحلب ما يحلب، بمقدار العلف، متحريا للعدل في ذلك.
2032 -
لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول لله صلى الله عليه وسلم: «الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب
بنفقته إذا كان محلوبا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة» رواه الجماعة إلا مسلما والنسائي، وقول الشافعي رحمه الله: يشبه قول أبي هريرة أن من رهن ذات ظهر ودر لم يمنع الراهن ظهرها ودرها، لأن له رقبتها.
2033 -
يرده ما في المسند «إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها، ولبن الدر يشرب، وعلى الذي يشرب نفقته» فجعل المنفق هو المرتهن، فيكون هو المنتفع، ثم قوله صلى الله عليه وسلم:«الظهر يركب بنفقته» أي بسبب نفقته، وهو إشارة إلى أن الانتفاع عوض النفقة، وذلك إنما يتأتى في المرتهن، أما الراهن فإنفاقه وانتفاعه ليسا بسبب المعاوضة، وإنما ذلك بسبب الملك، ولأن ذلك محض مصلحة، من غير مفسدة، ومبنى الشرع على ذلك، وبيانه أن منفعة الركوب لو تركت لذهبت مجانا، وكذلك اللبن لو ترك لفسد، وبيعه أولا
فأولا ربما تعذر، ثم هذا الحيوان لا بد له من نفقة، فأخذها من مالكه ربما أضر به، وربما تعذر أخذها منه، فإن بيع بعض الرهن فيها فقد يفوت الرهن بالكلية، فجوز الشارع للمرتهن الإنفاق والاستيفاء بقدره، إذ لا حرج عليه في ذلك، بل فيه دفع الحرج عنه، وحفظ الرهن، وإذا تحصل المصلحة من الطرفين. انتهى.
ويدخل في المحلوب إذا كانت أمة مرضعة، فإن للمرتهن أن يسترضعها بقدر نفقتها، كما أشار إليه أبو بكر في التنبيه، ونص عليه ابن حمدان، وهل يلحق بالمركوب والمحلوب ما يخدم من عبد أو أمة؟ فيه روايتان (أشهرهما) لا، قصرا للنص على مورده، كما أشار إليه الإمام في رواية الأثرم، إذ الأصل المنع مطلقا.
2034 -
لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه» خرج منه ما تقدم (والثانية) نعم، قياسا على ما تقدم، لفهم العلة وهو ذهاب المنفعة.
إذا عرف هذا فشرط الاستيفاء أن يكون بقدر العلف، مع تحري العدل، ولا ينهك ولا يعجف بالركوب والحلاب، حذارا من الضرر المنفي شرعا، ثم إن فضل من اللبن شيء عن النفقة ولم يمكن بقاؤه إلى وقت حلول الدين، فإن المرتهن يبيعه إن أذن له في ذلك، أو الحاكم إن لم يؤذن
له، ويجعل ثمنه رهنا، وإن فضل من النفقة شيء رجع به على الراهن، قاله أبو بكر، وابن أبي موسى، وغيرهما، وظاهر كلامهم الرجوع هنا، وإن لم يرجع إذا أنفق على الرهن في غير هذه الصورة، لكن ينبغي إذا أنفق متطوعا أنه لا يرجع بلا ريب.
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يشترط لجواز الإنفاق والاستيفاء - فيما تقدم - تعذر النفقة من المالك بامتناعه أو غيبته، وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في الهداية، وأبي البركات، وطائفة، وصرح به أبو محمد في المغني، نظرا لإطلاق الحديث، وشرط أبو بكر في التنبيه امتناع الراهن من النفقة، والقاضي في الجامع الصغير، وأبو الخطاب في خلافه وصاحب التلخيص وغيرهم غيبة الراهن، وابن عقيل في التذكرة إذا لم يترك له راهنه نفقة، وينبغي أن يكون هذا محل وفاق.
(تنبيه) : قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يغلق الرهن» في رواية «من صاحبه» الحديث أي لا يستحقه المرتهن، يقال: غلق الرهن إذا لم يوف الراهن الحق، فاستحق المرتهن الرهن، قال زهير:
وفارقتك برهن لا فكاك له
…
يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الرهن لا يغلق، وقد جاء ذلك صريحا في حديث مرسل.
2035 -
فروى البيهقي في سننه بسنده إلى معاوية بن عبد الله بن جعفر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يغلق الرهن» وإن رجلا رهن دارا بالمدينة إلى أجل، فلما جاء الأجل قال الذي ارتهن: هي لي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن» انتهى.
2036 -
وقال معمر: قلت للزهري: يا أبا بكر قوله: «الرهن لا يغلق» قال: يقول: إن لم آتك إلى كذا وكذا فهو لك. والله أعلم.
- قال: وغلة الدار وخدمة العبد، وحمل الشاة وغيرها، وثمرة الشجرة المرهونة من الرهن.
ش: نماء الرهن كأجرة الدار والعبد، وما يكتسبه باصطياد ونحوه وثمرة الشجرة وولد الأمة ونحو ذلك تبع للرهن، فيكون مرهونا كالأصل، لأنه حكم ثبت في العين بعقد المالك، فدخل فيه النماء والمنافع كالملك، ولا يرد قوله صلى الله عليه وسلم: له غنمه لأنا نقول بموجبه، وأن الغنم مال للراهن، ولا يمنع ذلك من تعلق حق المرتهن به كالأصل.
ومقتضى كلام الخرقي رحمه الله جواز إجارة المرهون في الجملة، مع بقائه على الرهنية واللزوم، لقوله: وغلة الدار. ولا غلة للدار إلا بالإجارة، وهذا اختيار أبي محمد، وإحدى الروايتين عن أحمد رحمه الله نص عليها في رواية ابن منصور، فقال: له أن يكريه بإذن الراهن، وتكون الأجرة للراهن.
(والثانية) : يزول لزوم الرهن بذلك، أومأ إليها في رواية ابن منصور أيضا، في رجل ارتهن دارا فأكراها من صاحبها، فلا تكون رهنا حتى ينقضي ذلك، فإذا انقضى كراه رجعت إليه وصارت رهنا، ونحوه نقل ابن ثواب، وهذا اختيار أبي بكر في الخلاف، قال: إن منافع الرهن تعطل، ومبنى الخلاف على ما أشار إليه أبو الخطاب في