الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مذهب الغير، إذ مذهب مالك رحمه الله عدم اشتراط رؤية الراكبين، وكذلك أبو حنيفة في الأوطية في حال، وكذلك الشافعي في غطاء المحمل وتبعه القاضي رحمه الله والله أعلم.
قال: فإن رأى الراكبين أو وصفا له، وذكر الباقي بأرطال معلومة فجائز.
ش: لأن ذلك مما ينضبط بالصفة، ولذلك يصح السلم فيه، وإذا تحصل معرفته، وقال الشريف وأبو الخطاب: لا تكفي الصفة في ذلك، لاختلاف الراكب في ثقله وخفته، وحركته وسكونه، وذلك لا ينضبط بالصفة، والله أعلم.
[الأجير الخاص والمشترك]
قال: وما حدث في السلعة من يد الصانع ضمن.
ش: الأجير على ضربين؛ (أجير خاص) : وهو من استؤجر إلى مدة، كمن استؤجر شهرا أو يوما، لخدمة، أو بناء، ونحو ذلك، فيستحق المستأجر نفعه في جميع المدة، [سمي خاصا؛ لاختصاص المستأجر بنفعه في تلك المدة] . (وأجير
مشترك) : وهو الذي قدر نفعه بالعمل، كمن استؤجر لخياطة ثوب معين أو موصوف، ونحو ذلك، سمي مشتركا؛ للاشتراك في عمله، لأنه يتقبل لاثنين وأكثر.
إذا تقرر هذا فالأجير الخاص لا يضمن ما تلف بفعله، ولا بغير فعله، ما لم يوجد منه تفريط وقصد للخيانة، نص عليه أحمد في رواية جماعة، وعليه الأصحاب، لأن عمله غير مضمون عليه، فلم يضمن ما تلف به كالقصاص، ولأنه نائب عن المالك، في صرف منافعه فيما أمر به، فلم يضمن إذا لم يتعد، كالوكيل، وذهب ابن أبي موسى إلى أنه يضمن ما جنت يده، وحكى عن أحمد رواية بتضمينه ما تلف بأمر خفي لا يعلم إلا من جهته، كما سيأتي في الأجير المشترك، اللهم إلا أن يعمل في بيت المستأجر فلا يضمن ما تلف بغير فعله، وعنده أنه لا فرق [بين الأجير الخاص، والأجير المشترك، والمنصوص الفرق وعليه الأصحاب.
وأما الأجير المشترك - وهو الذي ذكره الخرقي هنا - فيضمن] ما تلف بفعله، كحائك أفسد حياكته، وقصار خرق الثوب بدقه أو عصره، وطباخ أفسد طبخه، وجمال أتلف المتاع بعثرته، أو بانقطاع الحبل الذي شد به، ونحو
ذلك، نص على ذلك أحمد في رواية الجماعة، وعليه الأصحاب.
2123 -
لما روى جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، أنه كان يضمن الصباغ والصواغ، وقال: لا يصلح الناس إلا ذلك. ولأن عمله مضمون عليه، وما تولد من المضمون فهو مضمون، كجناية العمد، ودليل الوصف أنه لا يستحق العوض إلا بالعمل، وأن الثوب لو تلف في حرزه بعد علمه لم يكن له أجر.
وظاهر كلام أحمد والخرقي: أنه لا فرق بين أن يعمل في بيته، أو في بيت المستأجر، ولا بين أن يكون المستأجر على
المتاع أم لا، وصرح به القاضي في التعليق في أثناء المسألة، وابن عقيل، واختاره أبو محمد، إذ ضمانه كجنايته، وعن القاضي - أظنه في المجرد - قال في الكافي: وأصحابه، أنه إنما يضمن ما عمله في ملكه، أما ما عمله في ملك المستأجر من خياطة ونحوها، فلا ضمان عليه، ما لم يفرط، كأن يسرف في الوقود ونحوها، لأنه سلم نفسه إلى المستأجر، أشبه الأجير الخاص، وكذلك لو كان صاحب المتاع مع الملاح في السفينة، أو راكبا على الدابة فوق حمله، لعدم زوال يد المالك، وكذلك لو كان الراكب على الدابة حرا، إذ الحر لا يضمن من جهة الإجارة، وخرج أبو الخطاب وجها بعدم الضمان رأسا، كسراية القود وإفضاء الزوجة، إذ التلف حصل من فعل مباح، والله أعلم.
قال: وإن تلفت من حرزه فلا ضمان عليه.
ش: ما تلف عند الأجير المشترك لا يخلو من ثلاثة أحوال:
(أحدها) : أن يكون بتفريط منه أو تعد، فيضمن كما دل عليه كلام الخرقي بطريق التنبيه، وهو واضح.
(الثاني) : ما تلف بفعله بغير تفريط منه، وقد تقدم.
(الثالث) : ما تلف بغير فعله من غير تفريط منه، كأن سرق أو حرق ونحو ذلك، والمشهور المنصوص في رواية الجماعة – وهو اختيار الخرقي وأبي بكر والقاضي وأصحابه والشيخين -: أنه لا ضمان عليه؛ لأنها عين مقبوضة بعقد إجارة، لم يتلفها بفعله، أشبهت العين المستأجرة.
(وعن أحمد) رواية أخرى بالضمان مطلقا، لقوله صلى الله عليه وسلم:«على اليد ما أخذت حتى تؤديه» . (وعنه) ثالثة إن كان التلف بأمر ظاهر - كالحريق، واللصوص الغالبين، ونحو ذلك - فلا ضمان، وإن كان بأمر خفي كالضياع، ونحو ذلك فعليه الضمان، إناطة بالتهمة، قال صاحب التلخيص: ومحل
الروايات إذا لم تكن يد المالك على المال، أما إن كانت عليه فلا ضمان بحال، والله أعلم.
قال: ولا أجرة له فيما عمل فيها.
ش: قد تقدم أن ما تلف من حرز الأجير المشترك ونحو ذلك، فلا ضمان عليه فيه، وهو يشمل ما إذا تلف بعد فعله وقبله، فإذا تلف بعد فعله فهل يستحق أجرة لذلك؟ قال الخرقي: لا أجرة له، لأنه لم يسلم عمله إلى المستأجر، فلم يستحق عوضه، كالمبيع من الطعام إذا تلف في يد البائع قبل تسليمه.
وظاهر كلام الخرقي - وتبعه أبو محمد -: أنه لا فرق بين أن يعمل في بيت المستأجر أو خارجا عنه، ولا بين أن يكون ذلك بناء أو غيره، وفصل أبو البركات ذلك، وملخص ما قاله: أنه إن كان العمل في بيت المستأجر، وكان بناء فله أجرته رواية واحدة؛ لأن تسليمه يحصل بمجرد فعله، وإن كان غير بناء فروايتان، مبناهما على أنه إذا كان في ملكه فهل العمل مسلم بمجرد عمله، أو لا بد من التسليم؟ وإن كان العمل خارج بيت المستأجر وكان غير بناء فلا أجرة له رواية