الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ضمان الراعي]
قال: ولا ضمان على الراعي إذا لم يتعد.
ش: لا ضمان على الراعي، لأنه مؤتمن على الحفظ، أشبه المودع، ولأنها عين قبضت بحكم الإجارة، أشبهت العين المستأجرة، أما إذا تعدى أو فرط - مثل أن تركها تغيب عن نظره، أو ضربها ضربا أسرف فيه، أو من غير حاجة إليه، أو سلك بها موضعا مخوفا، أو نام عنها أو غفل، ونحو ذلك - فيضمن، لأنه مفرط، أشبه المودع، ولو جاء بجلد الشاة مدعيا لموتها من غير بينة قبل قوله على أصح الروايتين.
وقد تضمن كلام الخرقي جواز إجارة الراعي، وهو واضح، لِقَوْلِهِ تَعَالَى حكاية عن صاحب موسى:{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27] الآية، وجواز إجارة الطبيب، لأنه فعل مباح مأذون فيه، أشبه سائر الأفعال المباحة، ويقدر ذلك بالمدة، لا بالعمل لعدم انضباطه، ويبين قدر ما يأتي له في كل يوم، هل هو مرة أو أكثر من ذلك، ولا يجوز التقدير بالبرء عند القاضي، وجوزه ابن أبي موسى، وكذلك أبو محمد، لكن جعله جعالة لجواز
جهالة العمل فيها، ويجوز اشتراط الكحل من الطبيب على الأصح لا الدواء اعتمادا على العرف.
وتضمن أيضا جواز إجارة الختان، وهو واضح لما تقدم، وجواز إجارة الحجام، وهو اختيار أبي الخطاب، وتبعه الشيخان.
2124 -
لما روى أنس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم، حجمه أبو طيبة فأعطاه صاعين من طعام، وكلم مواليه فخففوا عنه» [متفق عليه، وفي لفظ: «دعا غلاما منا فحجمه، فأعطاه أجره صاعا أو صاعين، وكلم مواليه أن يخففوا عنه» ] من ضريبته. رواه أحمد والبخاري.
2125 -
وعن ابن عباس قال: «احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره، ولو كان سحتا لم يعطه» . رواه أحمد، والبخاري، ولأن بالناس حاجة إلى ذلك، أشبه غيره من المنافع.
وقال القاضي وجمهور أصحابه: لا يصح الاستئجار على الحجامة، وهو ظاهر كلام أحمد، وقال في التلخيص: إنه المنصوص. وذلك:
2126 -
لما روى أبو هريرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كسب الحجام، ومهر البغي، وثمن الكلب» ، رواه أحمد.
2127 -
وعن رافع بن خديج رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«كسب الحجام خبيث، ومهر البغي خبيث، وثمن الكلب خبيث» رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وصححه، والنسائي ولفظه:«شر المكاسب ثمن الكلب، وكسب الحجام، ومهر البغي» والنهي يقتضي التحريم، وكذلك الخبث، لا سيما وقد قارنه بما لا نزاع في تحريمه، وجعله شر المكاسب.
2128 -
وقد «روى محيصة بن مسعود أنه كان له غلام حجام، فزجره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أطعمه أيتاما لي؟ قال: «لا» قال: أولا أتصدق به؟ فرخص له أن يعلفه ناضحه» . رواه أحمد، وفي لفظ:«أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام، فنهاه عنها، ولم يزل يسأله فيها حتى قال: «أعلفه ناضحك، وأطعمه رقيقك» رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وحسنه، وأما حديث ابن عباس فقال أحمد في رواية الأثرم: هذا تأويل من ابن عباس. وأما إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم فعلى طريق الصلة والإحسان، لما فعل معه، جمعا بين الأحاديث، وقد قال أحمد في رواية ابن القاسم: نحن نعطي كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ونقول له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تأكله. قيل له: فيشارط في الحجامة؟ قال: لم أسمع في الشرط شيئا. وعلى هذا يجوز أن يعطى من غير شرط،