الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الحكم فيمن وقف وقفا وشرط أن يأكل منه]
قال: إلا أن يشترط أن يأكل منه، فيكون له مقدار ما اشترط.
ش: إذا وقف وقفا وشرط أن يأكل منه، أو يسكنه مدة حياته، أو مدة معلومة صح، نص عليه.
2144 -
محتجا بما روى أن في صدقة النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكل أهله منها بالمعروف غير المنكر.
2145 -
ولأن في حديث عمر: «لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقا، غير متمول» ، وكان عمر هو الوالي عليها إلى أن مات.
2146 -
ويروى عن ابن عمر وزيد بن ثابت رضي الله عنهما أنهما وقفا داريهما وسكناهما مدة حياتهما. والظاهر أن ذلك عن شرط، والله أعلم.
قال: والباقي على من وقف عليه وأولاده الذكور والإناث من أولاد البنين، بينهم بالسوية، إلا أن يكون الواقف فضل بعضهم.
ش: إذا وقف على قوم وأولادهم وعقبهم كما تقدم، وشرط الأكل منه، فإن الفاضل بعد الأكل يكون بين القوم وأولادهم، وعقبهم يشارك الآخر الأول، إذ الواو للجمع المطلق لا للترتيب، ويكون بين الذكور والإناث بالسوية، إذ هذا قضية الاشتراك، كما لو أقر لهم بشيء، ولهذا لما شرك الله بين ولد الأم في الثلث كان بينهم بالسوية، نعم إذا فضل الواقف بأن جعل للذكر مثل حظ الأنثيين، أو بالعكس اعتبر تفضيله، كما لو جعله على أحدهم دون الآخر.
وقول الخرقي: من أولاد البنين، نص منه على أنه إذا وقف على قوم وأولادهم وعقبهم دخل فيه ولد البنين، ولا خلاف في هذا نعلمه، ومفهوم كلامه أنه لا يدخل فيه ولد
البنات، وهو أشهر الروايات، نص عليها في: ولد ولدي لصلبي. واختاره القاضي في التعليق والجامع، والشيرازي، وأبو الخطاب في خلافه الصغير، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] الآية، ولم يدخل فيه ولد البنات وقال الشاعر:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
…
بنوهن أبناء الرجال الأباعد
ولأن ولد الهاشمية ليس بهاشمي، ولا ينتسب إلى أبيها شرعا ولا عرفا، وبهذا علل أحمد، فقال: لأنهم من رجل آخر، (والرواية الثانية) : يدخلون فيه، اختاره أبو الخطاب في الهداية، لأن البنات أولاده، فأولادهن أولاد أولاده حقيقة، وقد قال الله تعالى:{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام: 84] إلى قوله: {وَعِيسَى} [الأنعام: 85] وهو من ولد بنته.
2147 -
وفي البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» » يعني الحسن.
2148 -
وعن أسامة بن زيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي:«وأما أنت يا علي فختني، وأبو ولدي» (والثالثة) يدخلون إلا أن يقول: على ولد ولدي لصلبي. فلا يدخلون، وهذه الرواية اختيار أبي بكر، وابن حامد، حكاه عنهما أبو
الخطاب في الهداية، وأبو محمد في المقنع، والقاضي فيما حكاه عنه صاحب التلخيص، وفي الروايتين للقاضي، والمغني أنهما اختارا الرواية الثانية، وفي الخصال لابن البنا أن ابن حامد اختار الثانية، وأبا بكر الثالثة، وكذا في المغني القديم فيما أظن، ومحل الخلاف مع عدم القرينة أما مع القرينة فالعمل لها، ولهذا قيل في عيسى عليه السلام والحسن: إنهما إنما دخلا مع الذكر، والكلام مع الإطلاق، والله أعلم.
قال: وإذا لم يبق منهم أحد رجع إلى المساكين.
ش: يرجع إلى شرط الواقف في الجمع والترتيب وغير ذلك، كما يرجع إليه في شرط الوقف، ففي المسألة السابقة جمع بين القوم وأولادهم وعقبهم بواو الجمع، فقلنا: يشترك فيه الجميع، وفي الثانية رتبه بثم، فقلنا بترتيبه بعد من تقدم، ويوقف استحقاقه على انقراضهم، ويدخل الفقراء في لفظ المساكين، وكذلك كل موضع اقتصر فيه على ذكر أحد
اللفظين، فإنه يتناول القسمين، أما لو جمع بين اللفظين آتيا بما يقتضي التمييز بينهما، كأن قال: وقفت على الفقراء والمساكين نصفين. ونحو ذلك. فإنه يجب التمييز بينهما وقسم الوقف بينهما نصفين، ولو قال: على] الفقراء والمساكين. ولم يقل نصفين، فالحكم كالزكاة، يجوز الدفع إليهما، والاقتصار على أحدهما على المشهور، وعلى الرواية الأخرى لا بد وأن يدفع إلى ثلاثة من كل صنف، والله أعلم.
قال: وإذا لم يجعل آخره للمساكين، ولم يبق ممن وقف عليه أحد، رجع إلى ورثة الواقف في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله رحمه الله والرواية الأخرى يكون وقفا على أقرب عصبة الواقف.
ش: قد تضمن هذا الكلام صحة الوقف المعلوم الابتداء، المنقطع الانتهاء، وهذا مذهبنا، لأن مصرفه معلوم كما سيأتي، فصح كما لو صرح بالمصرف، إذ المطلق يحمل على العرف، وإذا صح وانقرض من وقف عليه - كما لو وقف على ولده وأولادهم [فانقرضوا]- فإنه يصرف إلى جميع ورثة الواقف، يقسم على قدر مواريثهم منه، على إحدى الروايات عن أحمد رحمه الله وفي الكافي أنها ظاهر المذهب،
لأن الوقف مصرفه البر، وأقاربه أولى الناس ببره، لقوله: صلى الله عليه وسلم «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول» .
2149 -
وقوله: صلى الله عليه وسلم «إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس» .
2150 -
وقوله: صلى الله عليه وسلم «صدقتك على غير رحمك صدقة، وصدقتك على رحمك صدقة وصلة» (والراوية الثانية) يختص به أقرب العصبة، لأنهم أحق أقاربه ببره.
2151 -
قال صلى الله عليه وسلم: «ابدأ بمن تعول، أمك وأباك وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك» رواه النسائي. (والرواية الثالثة) : يجعل
في بيت المال، يصرف في مصالحهم، وهي أنص الروايات عنه؛ لأنه مال لا مستحق له، أشبه مال من لا وارث له، (والرواية الرابعة) وبها قطع القاضي في الجامع الصغير، والشريف، وأبو جعفر، وإليها ميل أبي محمد - يصرف في المساكين، لأنهم أعم جهات الخير، ومصرف الصدقات، وحقوق الله تعالى، من الكفارات ونحوها.
وإذا قلنا: يرجع إلى أقارب الواقف الجميع أو العصبة، فإنه يشمل غنيهم وفقيرهم، على ظاهر كلام الخرقي والإمام، وبه قطع أبو البركات وغيره، إذ مصرف الوقف كذلك، واختار القاضي في الروايتين أنه يختص الفقراء منهم، إذ القصد بالوقف البر والصلة، والفقراء أولى بهذا المعنى من غيرهم، ومن رجع إليه فإنه يرجع إليه وقفا، لأن الملك قد زال عنه بالوقف، فلا يعود، ملكا إلى الورثة، قطع بذلك القاضي، وأبو الخطاب، وأبو البركات، وغيرهم، وزعم في المغني أن أحمد نص عليه، وقال: ويحتمل كلام الخرقي أن يصرف إليهم إرثا، ويبطل الوقف، وقال ابن أبي موسى: إن دفع إلى جميع الورثة رجع إرثا، بخلاف الرجوع إلى العصبة، وهذا مقتضى ما في المقنع، وكلام الخرقي عكسه، وحيث قلنا، يصرف إلى الأقارب فانقرضوا، أو لم