الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقليد المسلمين للغرب هو الذي
صدهم عن تعاليم الاسلام السمحاء
بعد ما خرج الاستعمار من أوطان المسلمين بدأت الشعوب العربية تنفر من كل ما ينتمي الى الاسلام من عقيدة متينة وأخلاق فاضله وعوائد حسنة التي هي مادتهم الوحيدة قبل الاحتلال، وحفظت لهم كيانهم من الانهيار كأمة ذات حضارة عريقة وسيادة في الماضي في وقت الاحتلال، وارتموا من أول وهلة من - بعد الاستقلال - في أحضان الغرب، لا لشيء الا أنه متقدم في العلوم والتكنولوجية، وهم متخلفون، ولكن ما شأن التنكر للأخلاق والقيم الروحية، والاباحة المطلقة، وعدم التقيد بأوامر الاسلام، والتحلل من جميع نواهيه، كأن المسلمين لم يكن لهم شرع عادل، ولا أفكار نيرة، ولا سيادة في الماضي كانت مضرب الأمثال، ولا عقيدة راسخة هيمنت على الشرق والغرب، ولا مناهج في الحياة مستقيمة، ولا تاريخ حافل بجلائل الاعمال.
لكن الموجهين لهذه الشعوب أكثرهم لا علاقة لهم بالدين، ولا تجاوب بينهم وبين تعاليمه، ولذا تركوا الناشئة لقمة سائغة لبعض المغرضين الذين لا هم لهم الا عزل الشباب عن دينهم وتعاليمه وأخلاقه.
وها نحن نشاهد الحكومات الاسلامية تجلب القوانين الوضعية من الدول الكافرة والملحدة وتطبقها على المسلمين، وتركت القوانين الاسلامية العادلة وتستورد من هذه الدول التي لا تؤمن بدين العوائد الفاسدة والأخلاق الساقطة السافلة عن طريق الأفلام، والجرائد والمجلات والكتب، والتعليم ووسائل أخرى لتسمم الناشئة، وتغرس فيها الرذائل لتصدها عن دين الله، لا زال العالم الإسلامي في مد وجزر كما كان قبل سقوطه بين براثن الاستعمار رغم النهضة الأخيرة التي أصهرته بحوادثها المؤلمة، وأخرجته منها إبريزا خالصا بعد ما تجرع مرارة السيطرة والحكم الأجنبي عدة قرون.
وها نحن نشاهد أن للعرب صورة واحدة من وقائع كثيرة من عصور الظلام والانحطاط التي سقطت فيها الأمة العربية من عليائها، فتغلبت عليهم الأمراض الفتاكة التي تفتك بالمجتمعات كحب الرئاسة، والأنانية الفردية الطاغية، والاستبداد في الآراء والحكم وتقديم المصلحة الخاصة على غيرها يبدو لي أن هذه الخصال المذمومة التي تهدم ولا تبنى، وتفرق ولا تجمع أصبحت فاشية في الحكومات العربية، ولا يقضى عليها الا الدين الحنيف، ومن هؤلاء الحكام لا يستجيبون له. فهذه الأعراض عن الاسلام أصبحت تقليدا ثابتا في نفوس حكام المسلمين مع أنهم ينتسبون اليه، ويدعون المقدرة على تطبيقه وتنفيذه.
بدأ الشباب المسلم - من بعد الاستقلال يتنكر للدين، ويطعن فيه جهارا وأصبح يشكك الناس في شخصية الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه ويقول: ان التمسك بالإسلام رجعي، والحفاظ على أحكامه، وأخلاقه وآدابه تأخر وهمجية وأطلق هذا الشباب الملحد العنان لشهواته الجامحة التي لا تعرف الحدود ولا القيود، فأباح جميع المحرمات التي تغرى النفوس، وتقدف في الأفواه، وصار لا غيرة له على محارمه يفعل كما تفعل المجتمعات الاباحية، وتحلل من كل ما يأمر به الدين الحنيف، وصار يسبح في المتناقضات، ويخبط في متاهات لا أدرى أين يسير؟ أيسير الى الشرق أم الى الغرب؟ الا أنه لا يسير الى الاسلام، وهذه التناقضات جاءته من مخلفات الاستعمار التي تركها من ورائه، وأصبح يغذى فيها من وراء البحار بواسطة الاذاعات والجرائد والمجلات والكتب، الاستعمار لا يعتمد على الغزو العسكري فحسب، بل يعتمد على وسائل أخرى هي أعظم وأشد خطرا من القوات العسكرية كالاقتصاد والثقافة، وإثارة الفتن وبث الشكوك في المعتقدات، ولكن المسلمين وولاة الأمور تركوا هذه الأمراض المزمنة تفتك بالناس فتكا شنيعا، ولم يعالجوها بقوانين الاسلام التي فيها الشفاء العاجل من بعد الاستقلال، بل عالجوها بقوانين الاستعمار نفسه، ولهذا تشجعت الشبيبة على التمرد على الدين واعنقت الكفر والالحاد،
وأصبحت لا تتميز عن المجتمعات الالحادية في الرذائل والأخلاق السافلة.
والحكومات الاسلامية هي التي تتحمل مسؤولية هذا الفساد الذى كاد يقضى على ما كان للمسلمين من مقومات وأخلاق وآداب.
ترك الشباب الذى ينتمي الى الاسلام الدين الحنيف، وبدأوا يسمون علما ويهبطون روحيا وأخلاقيا، قد قطموا الصلة بينهم وبين الله، وبينهم وبين الايمان به عز وجل، وما دامت هذه المقاطعة للدين سارية المفعول فليس لهذا الشباب من اصلاح، لأنه أصبح آلة فساد وتحطيم، فيحطم كل ما شاده المجاهدون الأبرار بعزائمهم لأنه يعيش في فوضى جاهلية جهلاء {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (1).
ومن المدهش حقا أن الجامعات الاسلامية لا تدرس الاقتصاد الإسلامي فيها، والمسلمون لا يعترفون بقدرته على حل مشاكل الناس ورعايته الشؤون الاجتماعية.
الاقتصاد الإسلامي لا صلة له بالحركة السياسية، بل هو في مصلحة الجميع فيضمن القضاء على الربا وعلى الفوضى التي تنتهى بالناس الى الحرب، وهذا ما يقوله عز وجل:{يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الرباء ان كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وان تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} (2).
الحرب القائمة اليوم بين الدول الكبرى هي التي تهدد الناس بالهلاك والدمار نتيجة النظام الربوي.
فالاقتصاد العالمي هو الذى يسير سياسة الحكم، ويحرك الجماهير ويأتي بالحرب.
أما نظام الاسلام في الاقتصاد فهو خالق السلام بين النظم الاقتصادية العالمية الرأسمالية والشيوعية.
(1) سورة الانعام
(2)
سورة البقرة
كيف يتحد المسلمون وعلى من يتحدون؟ أيتحدون على المبادئ الرأسمالية أم على المبادئ الشيوعية؟ أم على الاسلام؟ فالمسلمون لا يتحاكمون الى الاسلام وان كانوا معترفين به كدين رسمي للدولة.