الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستعداد للثورة
كانت حركات الانتصار للحريات أكثرها اتباعا من الأحزاب الأخرى، وأشدها استعداد للكفاح المسلح
…
ففي سنة 1947م قام بعض المناضلين من هذه الحركة يطالبون بسرعة الإعداد للثورة، وقد تمكنوا فعلا من انتزاع قرار من المكتب السياسي لهيئة التنظيم السري الذي يهيئ وينظم الاستعداد للقتال، وفعلا تشكلت منظمة سرية وأطلق عليها أسم (لوص) معناها الشباب الثوري، وعهد بقيادتها الى السيد أحمد بن بله وجماعة أخرى معه كالسيد محمد بن الوزداد، والسيد بوجمعة سويداني، وسرعان ما اندمج الشباب الثوري في هذه المنظمة، وهذه التشكلات العسكرية كانت هي نواة جيش التحرير فيما بعد.
أخذت (لوص) تنتشر وتتسع حتى شمل تنظيمها كل أقاليم الجزائر، وكانت دائبة على تدريب أعضائها على السلاح، وقسمت القطر الجزائري الى خمس ولايات كل ولاية تشتمل على 23 دائرة.
وكل دائرة تضم عددا من الخلايا. وحرصا على هذا التنظيم السري حدد أعضاء الخلية بثلاثة أفراد لا يعرفون غيرهم، وقد نجح هذا التنظيم السري نجاحا كبيرا فكانت السلطة الفرنسية تجهل وجوده تماما، وفي 1955م اكتشف الفرنسيون التنظيم السرى في مقاطعة وهران فتعرض أعضاؤه لحملة من الإرهاب والتنكيل، وقدم رئيس هذا الجهاز السرى للمحاكمة مع بضعة وعشرين شخصا من أعضائه، وحكم عليهم بمدد متفاوتة بالسجن بتمهه التآمر على سلامة الدولة.
وفي خلال اكتشاف هذا النظام السرى كان الخلاف الحزبي قد تعمقت جذوره، وتعرض لهزات عنيفة فقدته السيطرة على هذا التنظيم، وفي سنة 1952م عقد قادة الحزب في الجزائر العاصمة مؤتمرا في غيبة زعيمه الحاج مصالي، واتخذوا عدة قرارات منها تأليف لجنة جديدة لقيادة الحزب. من ذلك الوقت أصبحت هذه
اللجنة تعرف باللجنة المركزية للحزب، لكن سرعان ما كان رد الفعل من طرف زعيم الحزب فأصدر بيانا بحل هذه اللجنة المركزية
…
بدأ الشعب يتذمر من حركة الانتصار لأنها اشتغلت بالخلاف الحزبي في وقت لم تسمح لها الظروف بذلك، لأن الوقت يدعو الى الاتحاد والعمل والتكتل نظرا للثورة التي كانت مشتعلة الأوار في القطرين الشقيقين، وليس من المعقول أن تتمادى هذه الحركة نفي نزاعها فتضيع الفرص المواتية من بين أيدى الشعب، وتذهب المصلحة الوطنية.
مل الشباب المتحمس هذه السياسة وسئم الانتظار وأمقت هذا الانشقاق الذي وقع في صفوف المناضلين وأصبح ينظر باستخفاف وسخرية الى مشاحنات السياسيين، وعلى هذا الاعتبار قرر الشباب المتحمس أن يستقل بالعمل عن الفريقين معا فأنشأ لجنة وأطلق عليها أسم (كريا) معناها جمعية الكفاح الوطني الثوري، ولم تلبث يسيرا حتى اندمجت مع بقية منظمة (لوص (وأصبح الجميع يعرف باسم (كريا) وهذه اللجنة كانت مؤلفة من تسعة أشخاص، ثلاثة منهم كانوا يقيمون في القاهرة وهم محمد خيذر، وآيت أحمد، وانضم إليهما أحمد بن بله بعد ما تمكن من الفرار من السجن وذلك في سنة 1952 م، أما الستة الآخرون هم: رابح بطاط، كريم بلقاسم، محمد العربي بن المهيدي، محمد بوضياف، مراد ديدوش، مصطفى بن بو العيد، وكانت الملاقاة بينهم دائما في جنيف.
وفي أبريل سنة 1953م عقد قادة (كريا) اجتماعا سرا بمدينة الجزائر اتفقوا فيه على الاحتفاظ بمركز القيادة العامة لأحمد بن بله على أن يقوم به في القاهرة بالإدارة السياسية والتنظيم الخارجي للثورة وانتهى الاجتماع بإصدار منشور وزع على المناضلين، واستمرت (كريا) في تغذية الجماهير بالمنشورات في الوقت الذى كان يدور فيه التنظيم الثوري على قدم وساق حتى اذا ما أقبل عام 1954م كانت الجمعية الثورية للكفاح الوطني قد امتدت منظماتها الى أكثر مناطق الجزائر
…
وفي شهر يوليو 1954م اجتمع اثنان وعشرون شابا هم قادة العناصر الثورية لمنطقة العاصمة وقسنطينة ووهران وأصدروا
نداء الى الشباب الوطني يدعونه الى وقف النزاع الحزبي ونبذ الخلاف والفرقة والتجمع على صعيد الكفاح المسلح ضد الاستعمار
…
وفي منطقة القبائل اجتمع ثلاثة وعشرون شابا وهم قادة التنظيم الثوري في بلاد القبائل، وقرروا تلبية الدعوة الى بدء الكفاح المسلح، وذهبوا بدورهم يهيئون القوة الوطنية للقتال.
وفي 20 يوليو خرج أول فريق للثوار الى جبال أوراس حيث اتخذوا من قرية (ونز) مقرا لقيادتهم، ومنها بدأوا ينتقلون ما بين المدن والقرى الجبلية لجمع المتطوعين وتدريبهم على القتال وكانت قيادة هذه المنطقة تنتقل ما بين العاصمة وقسنطينة والقبائل ووهران، وبعد هذه الجولة التي استمرت ثلاثة أشهر كانت عوامل الثورة قد نضجت ولم يبق الا توجيه الضربة الألى.