الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تجديد الدستور الفرنسي
ولما تمكن الجنرال من قبضة الحكم وضمن ثقة الشعب الى جانبه، وخلا له الجو من المعارضة حل الجمعية الوطنية وألف لجنة من المشرعين الكبار وأرباب القانون ليجددوا له الدستور، ووضع لهم تصميمات خاصة، وكانت هذه اللجنة لا تقر المواد بصفة نهائية الا بمراجعته ومشورته حتى جاء هذا الدستور الجديد مطابقا لفكرته لأن الأعمال التي يريد اعتزامها لا بد له من موافقة الدستور عليها وهذا الدستور يترك الباب مفتوحا أمام المستعمرات في افريقيا الغربية والوسطى لكى تختار بين البقاء في العائلة الفرنسية، أو الانفصال عنها، لأنه كان خائفا من ثورة الجزائر أن تمتد الى هذه المستعمرات، ولم يشرك الجزائر في هذا الاختيار لأنه كان يعتبرها أرضا فرنسية
…
ولما تم الدستور قدمه الى الشعب الفرنسي، والى الشعوب المستعمرة في افريقيا للمصادقة عليه، وعين له يوم 26 سبتمبر 1958 م، وأخذ في بث الدعاية له ونشر مواده على صفحات الجرائد في فرنسا والأقطار التابعة لها وسافر الجنرال بنفسه الى افريقيا السوداء ليفهمها في هذا الدستور حتى تصادق عليه بإجماع.
وكانت قوات الأمن والمنظمات الفاشية والعسكريون يضغطون على السكان المسلمين ليشاركوا في هذا الاستفتاء باعتبارهم فرنسيين
…
قابلت الثورة هذه الاعمال المنافية للمعقول والمنطق الصحيح بإجراءات مضادة لها، ففي يوم 25 من أغسطس 1958م أمرت جبهة التحرير الفدائيين أن يحطموا المنشآت الاقتصادية والعسكرية في أرض فرنسا نفسها، فعم التخريب جميع الوطن الفرنسي كاملا، فكانت خسائر كبيرة تعد بالمآت المليارات.
وفي يوم 26 - ايلول 1958م جرى الاستفتاء العام على هذا الدستور وقبل الاستفتاء صرح القائد الجزائري بوصوف قائلا:
لن يشترك أي جزائري واحد في هذا الاستفتاء الذى سيقع في هذا الشهر على دستور الجنرال ومضى يقول (ان ثورة الجزائر يمكن أن تستمر عشر سنوات أخرى، وسيكون لدى الثوار الأسلحة الكافية التي تمكنهم من مواصلة الحرب، ولا تستطيع فرنسا الاستمرار في الحرب بدون مساعدة أمريكا (.
امتنع المسلمون عن الاشتراك في هذا الاستفتاء مستجيبين في ذلك الى قرار قيادتهم بمقاطعته. وقام الفدائيون بتحطيم مراكز الانتخاب
…
ولما بدئ الاقتراع على هذا الدستور حملت السلطة الفرنسية المسلمين في الشاحنات وسيارات النقل إلى مراكز الاقتراع مستعملة في ذلك القوة، وقي مساء نفس اليوم أذاع السيد فرحات عباس رئيس الجمهورية الجزائرية المؤقتة أول بيان سياسي مند إعلان الحكومة قال فيه: (ان الشعب الجزائري لن يلقي السلاح الى أن يتم الاعتراف بحقوق الجزائر في السيادة والاستقلال، والجزائر ليست فرنسا، والشعب الجزائري ليس فرنسيا، وأشار الى الاستفتاء حول الدستور الفرنسي الذى بدأ اليوم في الجزائر، هو ضغط لا يحتمل على شعب يكافح من أجل الاستقلال (.
انجلت معركة الانتخابات عن قتلى ومساجين من طرف الجزائريين الذين رفضوا المشاركة في هذا الاستفتاء.
ولأول مرة خرجت النساء المسلمات من خدورهن الى صناديق الاقتراع يسوقهن الجند أمامه، وعد الجنرال هذا من مفاخره العظيمة وحادثا هاما في سياسته وتقدما محسوسا نحو الحرية التي ينشدها الجزائريون
…
صوتت شعوب افريقيا السوداء كلها بنعم، واختارت البقاء في المجموعة الفرنسية الا غنيا فضلت الانفصال عن هذه المجموعة دون أن تتعرض لأى ضغط
…
وباختصار فإن هذه المجموعة من الأفارقة وافقت على ما جاء في هذا الدستور من المواد ورضيت به، وكان الدستور ينص على أن سياسة هذه الأمم وثقافتها كلها بيدي فرنسا وما بقى من
الشؤون الأخرى تتصرف فيها وحدها، وتمتنع عن رفع علم بلادها ورمزها، وإذا أرادت أن تكون لها شعار فتنقشه في العمود الذى يحمل العلم الفرنسي
…
ومن هذه الأمم لم تقنع بهذه الوضعية المزرية بشرفهم فواصلت كفاحها السياسي حتى أحرزت على استقلالها، وذلك في سنة 1960 ولكنها باقية مرتبطة مع فرنسا ورئيسها هو رئيس هذه المجموعة في جميع الميادين وعلى إثر موافقة الجزائريين المزيفة على الدستور، فتحت أبواب المجالس النيابية الفرنسية أمام الجزائريين، وزيد في عدد الأعضاء في مجلس النواب الى 44 نائبا والشيوخ الى 32 على ما كان عليه سابقا، فأصبحت نسبة الجزائريين الى المستوطنين الفرنسيين الثلثين بدلا من النصف
…
وأكدت تصريحات (م. دبريه) رئيس الوزراء وجود هذا الاتجاه أي (اتجاه ادماج الجزائر في فرنسا) لدى حكومة الجنرال حينما أعلن عن نيته في توحيد النقد والميزانية والقانون المدني بما في ذلك قانون الأحوال الشخصية إذا أراد الجزائريون
…