الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاقتصاد في الإسلام
يؤاخذ علماء الاقتصاد الغربيون الدين الإسلامي على عدم تنظيمه يقولون: إنه لم يأت بنظام مفصل للناس.
وأحوال المعيشة الاقتصادية، والنظم السياسية تتقلب من زمن الى زمن وتختلف بين أمة وأخرى، فيصلح لهذا الزمن ما لم يكن صالحا قبل خمسين أو ستين سنة وما ليس بصالح بعد خمسين أو ستين سنة أخرى فكيف يتقيد الناس فيها على اختلاف الازمنة.
والدين فريضة من الفرائض يدين بها الناس مآت السنين، وتثبت مع الدين ثبوت العقيدة التي لا تتزعزع مع الأيام ولا تساوى شيئا في موازين الأديان ان لم يكن لها هذا الثبوت وهذا الدوام، انما يناسب أن يبين الدين للناس قواعده التي يستقر عليها كل نظام صالح يأتي به الزمن ولا عليه بعد ذلك أن تختلف هذه النظم بين أمة وأخرى في العصر الواحد، أو تختلف في الأمة الواحدة بين عصرين ومن الأمثلة التي يحسن أن نذكرها كلها نذكر الدين ونذكر النظم الاقتصادية. ان الحياة الاقتصادية التي قامت في الغرب زمنا قامت على رؤوس الاموال وفوائدها التي يدور عليها عمل المصاريف والشركات متطورة ومتناقضة ورؤوس الأموال قائمة على الربا المحرم عند الاسلام.
فهل على الاسلام أن يبدل عقائده بين المذاهب الاقتصادية المتطورة خلال جيلين متعاقبين أو أكثر كلا، وليس عليه أن يبدل هذه العقائد اذا تبدلت المذاهب وجاء بعدها مذهب آخر غير الذى يقدس رؤوس الأموال وغير الذى يحرمها وإنما أقام الاسلام قواعد الاقتصاد التي يقام عليها نظام صالح ولا يتصور أنها تناقض نظاما منها كان بالأمس أو يكون بعد زمن طويل أو قصير
…
قرر الاسلام أن يمنع الاحتكار وكنز الأموال وقرر أن يمنع الاستغلال بغير عمل، وقرر أن يتداول الجميع الثروة ولا تكون
دولة بين الأغنياء، وقرر أن تكون للضعفاء والمحرومين حصة سنوية، وقد يزاد عليها بأمر الامام واحسان المحسنين واذا تقرر هذا في مجتمع إنساني فلا حرج عليه أن يتخذ له نظاما من نظم المعيشة الاقتصادية كيفما كان، ولا خوف على مجتمع قط يمتنع ديه الاحتكار والاستغلال واهمال العاجزين عن الكسب والعمل ومن شاء فليتهم هذا النظام بما شاء من الأسماء الملكية كان نظام الطبقات هو السائد في الجاهلية، فجاء الاسلام فعالج هذا النظام معالجة حكيمة لاحظ فيها مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة معا وكان بين ذلك قواما، فأباح للفرد أن يملك وأن يتصرف في ماله من بيع وشراء وهيبة كيف شاء، وأن يتمتع بماله لكن في دائرة الحدود المعقولة وينهاه عن التزمت والحرمان من الطيبات قال تعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (1).
فحفظ له هذا الحق وصانه، غير أنه لا يطلق له حرية التصرف مطلقة بلا قيد، فيقيد له بعض تصرفاته كالتبذير والاسراف، واجباره على دفع الحقوق والواجبات كالزكاة وحثه على الانفاق لأن مال الفرد في الاسلام هو مال الجماعة قال تعالى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (2).
والجماعة هي تخلفه في هذا المال وهذا ما أشار اليه القرآن الكريم بقوله عز وجل: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} (3).
ويقول الرسول صلوات الله عليه وسلامه: (أيما عرضة أصبح فيهم أمرؤ جائعا فقد برئت منهم ذمه الله ومن كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، ومن كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث وأن أربع فخامس أو سادس) ويقول عمر رضي الله عنه (لو استقبلت
(1) سورة الاعراف
(2)
سورة النساء
(3)
سورة الحديد
من أمرى ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء ولرددتها على الفقراء).
ليس هذا تقريرا لمبدأ الشيوعية، الملكية في الاسلام حق مقدس جارى به العمل، فالمسلم له أن ينمى ماله ويشركه من بعده لورثته الا أنه لا يغش ولا يتعامل مع الناس بالربا، ولا يمنع المال من مستحقه ولا يظلم العمال في أجورهم، ولا يحتكر البضائع يتربص بها الغلاء والناس في أشد الحاجة إليها
…