الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هزائم مريعة في جبل مزى للجيوش الفرنسية
الجيش الفرنسي يستعمل النابالم
وصف معركة جبل مزى كما رواها جنودنا الأربعة لمراسل المجاهد في 18 - 5 - 1960 أصدرت وزارة الأخبار في الحكومة الجزائرية المؤقتة بلاغا عن معركة جرت في جبال مزى استعملت أثناءها القوات الفرنسية قنابل النابالم أصابت بها أربعة من جنودنا
…
دارت هذه المعركة الرهيبة التي استمرت من 5 الى 8 ماي 1960م في جبل مزى القريب من جنان بررزق في الجنوب الغربي من القطر الجزائز، وكانت قوانا في هذه المعركة مؤلفة من خمس كتائب مجهزة بأحسن الأسلحة وأحدثها، فلديها الى جانب الأسلحة الاتوماتيكية الخفيفة مدافع رشاشة ومدافع الهاون من عيار 81، وأجهزة لا سلكية تسهل لنا الاتصال بالقيادة العليا في كل حين، وكانت قوانا تملك زمام المبادرة في هذه المعركة وتحتل مواقع حصينه فوق القمم العالية، وقد صدرت إليها الأوامر بأن لا تكشف عن مواقعها الا بعد أن يقترب العدو بمسافة قصيرة جدا بحيث لا يتمكن من الانسحاب، ولا يستطيع الطيران والمدفعية المعادية التدخل في المعركة نتيجة تلاحم الجانبين واختلاطهما
…
وفي مساء يوم 5 ماي احتلت احدى وحداتنا جبل مزى، بينما أخذت الكتائب الأخرى مواقعها في جبل زرانين المقابل للمركز العسكري الفرنسي في حجرة مقيل، وجبل فرطاسة المواجه لجنان بورزق وهكذا كونت وحداتنا نصف دائرة، وكمنت في احكام لقوات العدو المنتظر مجيئها.
وفي صبيحة اليوم التالي قامت أربع طائرات ب 26، وطائرتان ت 6 بعملية استطلاع ثم جاءت بعدها سبع طائرات عمودية فأنزلت الجنود الفرنسيين دفعتين متوالتين في مكان يدعى الحجرة المدفونة، ومن هناك انطلقت القوات الفرنسية تقتفي آثارنا دون أن تعثر علينا لأننا كنا قد أحسنا تضليلها وأخفينا
مواقعنا عنها حتى وقعت في الكمين المنصوب لها دون أن تتنبه وفعلا تقدمت القوات الفرنسية داخل الكمين حتى صارت على بعد عشرين ميتر من مرمى أسلحتنا دون أن تشعر بأي شيء غير عاد، واستعمل المجاهدون عنصر المفاجأة لينقضوا على العدو انقضاضا ساحقا ويصلوه جحيما متواصلا من نيران أسلحتهم الأتوماتيكية، ولم يمر غير وقت وجيز حتى أبيدت تلك العناصر المعادية التي وقعت في الكمين، وبدأت نجدات العدو تتوالى على ميدان المعركة تحت حماية المدفعية الثقيلة التي كانت ترسل قنابلها دون أي ضبط، وتحديد من المراكز العسكرية في جنان بورزق ودرمل، واتسع ميدان المعركة وحمى وطيسها بعد قدوم هذه النجدات، وقد استطاعت قواتنا المتمركزة خلف الصخور المتينة أن تكبد هذه القوات المعادية الجديدة خسائر فادحة، وأن تردها على أعقابها وتضطرها الى الانسحاب بعد أن ترك العدو في ميدان المعركة ما يزيد على 300 جنديا بين قتيل وجريح، وبعد انسحاب القوات البرية تدخل الطيران الذى استمر يقنبل المنطقة حتى منتصف الليل في حين كانت النجدات العسكرية تتهاطل من كل جهة محاولة ضرب الحصار حولنا، ولكن قواتنا استطاعت أن تخرق الحصار وان تشق طريقها حتى بين صفوف العدو ماضية الى مواقع أخرى أكثر ملائمة للمعركة
…
ومع مطلع النهار في اليوم الثاني شن العدو عملية واسعة محاولا فرص الحصار علينا من جديد، فتعرض لوابل من النيران، واضطر الى التراجع، وتدخل الطيران والمدفعية مرة أخرى كما قدمت النجدات عن طريق السكة الحديدية، وسيارات النقل، والطائرات العمودية التي تجاوز عددها الثلاثين طائرة، والتي كانت توالى نقل النجدات العسكرية بدون انقطاع غير أن المقاومة البطولية الرائعة التي أبداها جنودنا البواسل جعلت العدو يعتمد في المعركة على الطيران بصفة خاصة، فتدفقت فوق ميدان المعركة أفواج متوالية من الطائرات التي تجاوز عددها الخمسين: طائرة من نوع ب 26، 29 وت، كانت هذه الطائرات تطلق نيران رشاشاتها الخفيفة، وترمي قنابل النابالم، وهي قنابل مستطيلة الحجم تنفجر بمجرد نزولها وتطلق دخانا أسود
يتبعه لهيب متدفق يشق عنان السماء ويلتهم الأحجار والأشجار وكل شيء يعترضه، وتنطلق منه رائحة كريهة تشبه رائحة الكبريت، وقد أصبح ميدان المعركة جحيما من اللهب الذي يزداد انتشارا مع الأرض، وارتفاعا في الجو، ولكن أبطالنا استطاعوا أن يواجهوا جرائم العدو بروح بطولية صامدة، وأن يقتحموا صفوف العدو السميكة التي كانت تفرض عليهم حصارا شديدا، وهكذا شق أبطالنا طريقهم داخل جحيم السماء والأرض، واسطاعوا أن ينقذوا إخوانهم الجرحى رغم تكاثر قوات العدو التي كانت ترد من كل جانب وان يحملوهم الى المواقع الأمينة حيث يجدون العلاج السريع، ثم قدموا الى المغرب ليكونوا دليلا حيا وشهادة ناطقة أمام الرأي العالمي على جرائم الاستعمار الفرنسي ووحشيته التي ستزيد في التعجيل يعمره الكريهة والقضاء عليه الى الأبد
…
هذه النصوص اختيرت من المقالات والوثائق التي نشرت بجريدة المجاهد اللسان المركزي لجبهة التحرير الوطني - الجمهورية الجزائرية المؤقتة - وزارة الأخبار
…