المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تنيه لا أذكر المعارك الحربية التي دارت رحاها طيلة سبع سنوات - الاعتصام بالإسلام

[عمر العرباوي]

فهرس الكتاب

- ‌الإيمان بالله عز وجل صنع رجالاكانوا أغمارا في الجاهلية فأصبحوا سادة العالم

- ‌تعاليم الاسلام قوة روحية ومادية معاوعدالة اجتماعية ورحمة، لجميع الناس

- ‌الاقتصاد في الإسلام

- ‌الدفاع

- ‌أسباب تدهور المجتمع الإسلامي الأول

- ‌الغزو الصليبي المتكالب على المسلمين

- ‌زحف التتار على الممالك الاسلامية الشرقية

- ‌تركيا والغرب

- ‌ثورة الشعوب الاسلامية الحديثة علىالاستعمار الغربي أينما كان

- ‌تقلص ظل الاستعمار الثقيل من بلدان المسلمين

- ‌لا يزال المسلمون متدهورين رغم الحوادث التي انتابهم

- ‌تقليد المسلمين للغرب هو الذيصدهم عن تعاليم الاسلام السمحاء

- ‌هل يجعل المسلمون حدا لهذه التدهورات الخطيرةأم تستمر الى ما لا نهاية لها

- ‌الاحتلال الفرنسي للجزائر

- ‌فضائع الاستعمار الفرنسي إبان الاحتلال

- ‌عوامل ثورة الجزائر الكبرى

- ‌الاستعداد للثورة

- ‌تخطيط للثورة وتنسيقها في الداخل والخارج

- ‌تكوين جبهة التحرير

- ‌تنيه

- ‌بداية الثورة في الجزائر

- ‌أعمال جبهة التحرير

- ‌موقف الحكومة الفرنسية من الثورةوصداها في الداخل والخارج

- ‌الحكومة الفرنسية الاشتراكية

- ‌خطف الزعماء الخمس من الجو

- ‌الهجوم المثلث على مصر

- ‌الاضراب العام الذي دام ثمانية أيام

- ‌الأسلاك الشائكة على طول حدود الجزائرشرقا وغربا ((ومراقبة البواخر من ناحية البحر))

- ‌القانون الاطاري

- ‌سقوط الحكومات الفرنسية على التوالي

- ‌تصاعد الثورة في الداخل والخارج

- ‌النابالم في الفيتنام

- ‌النابالم في الجزائر (بقلم جان لاكنر)

- ‌هزائم مريعة في جبل مزى للجيوش الفرنسيةالجيش الفرنسي يستعمل النابالم

- ‌صدى الثورة في الخارج

- ‌تخطيط للعمليات العسكرية الفرنسية

- ‌عملية التطهير المعروفة بعملية (جوميل)

- ‌اصطدام التطرف الفرنسي بالواقع الجزائري

- ‌معاملة جنرالات فرنسا للشعب الجزائريومخططاتهم الحربية

- ‌ثورة معمري الجزائر مع الجيش الفرنسي على الحكومةالمركزية في باريس وسقوط الجمهورية الرابعة

- ‌نداء الجنرال ديغول لتولي رئاسة الحكم

- ‌صعود الجنرال ديغول الى الحكم

- ‌تجديد الدستور الفرنسي

- ‌أول خطبة للجنرال ديغول بين فيها حل القضية الجزائرية

- ‌تأسيس حكومة في جزائرية في الخارج

- ‌انتخابات تشريعية في الجزائر وفي فرنسا

- ‌الجنرال ديغول رئيس للجمهورية

- ‌فشل فرنسا واعترافها بتقرير المصير

- ‌اعتكاف الحكومة الجزائرية المؤقتة على دراسة تقرير المصير

- ‌رئيس الحكومة الفرنسية يقول تصريح الجنرالهو تأكيد لسياسة فرنسا في الجزائر

- ‌رسالة من الجنرال ديغول الى القيادة العسكرية الفرنسيةفي الجزائر

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ ‌تنيه لا أذكر المعارك الحربية التي دارت رحاها طيلة سبع سنوات

‌تنيه

لا أذكر المعارك الحربية التي دارت رحاها طيلة سبع سنوات ونصف في هذا الوطن، من تخوم صحرائه من الجنوب الى البحر في الشمال ومن الحدود المغربية من الغرب الى الحدود التونسية من الشرق.

كل هذه البقاع الفسيحة بما فيها من جبال وسهول وصحاري، ومدن وقرى كانت مسرحا للاشتباكات الكثيرة، والمعارك الدامية، والاغتيالات والتخريب والهدم

ولا أذكر أعمال المعمرين الأوربيين وبطشهم الشديد بالمسلمين، ولا المنظمة الإرهابية التي اقترفت أكبر الجرائم وأشنعها، وتكالبها على الأبرياء العزل من السكان، وأعمالها الوحشية التي تجاوزت كل حد، فكانت تدخل المنازل ليلا، وتخطف الشخصيات، وتخرج منها الكلام بالقوة، ومن بعد تقتلها أو تدفنها حية حتى تموت، ومن بعد صارت تستعمل القتل الجماعي على مرأى ومسمع من الحكومة الفرنسية، ولا أعمال الفرقة الأجنبية، وجنود المظلات الذين كانوا يرفعون الشباب والشيوخ في الشاحنات الى مراكز التعذيب ليستنطقوهم وينكلوا بهم حتى مر الشعب على أشد العذاب وأقساه هولا، ولا الخسائر التي لحقت المسلمين في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وكذلك لا أتعرض للخسائر التي ألحقها الثوار بالمعمرين من الأوربيين الذين كانوا عرضة للشعب في جميع مطالبه وحقوقه الشرعية وخطفهم للغلاة منهم والضباط من الجيش الفرنسي، وذبح الخونة والجواسيس، ومصادرة أموالهم، ولا العزائم التي تسلح بها الشعب، ولا الاستماتة التي أبداها في مقاومة الاستعمار حتى أحرز على النصر، ولا الدعاية التي جهز لها الطرفان المتحاربان كل إمكانيتهما، فكل طرف كان يستعمل أساليب وأنواعا من الدعاية ليجلب الشعب الى جانبه، ولا الأموال التي كانت تنفق على هذه الحروب الاستعمارية، ولا البرامج التي سطرت للقضاء والتغلب على الجانب المعادي فهذا كله لا أتعرض

ص: 143

له، لأن الثورة الجزائرية عمت الوطن كله، وهزت كيان الشعوب المستعمرة للمطالبة بحقها، فأصبحت تقاوم الاستعمار بالسلاح حتى أحرزت على استقلالها.

وتفصيل حوادث الثورة ليس في مقدور أي فرد كان أن يقوم به وحده، لأنها اجتاحت البلاد كلها وطالت مدتها. ولهذا لا يستطيع أحد أن يحصي حوادثها الكثيرة. اللهم إلا إذا تألفت لجان من جميع الولايات التي كانت إبان الثورة - عندئذ - يستطيع رجال كل ولاية أن يسجلوا حوادثها على حدة محافظة على التراث النفيس الذي هو شرف الآباء والأجداد، ووفاء للشهداء الأبرار، والمجاهدين الأبطال.

فبذلك يكون للجزائريين تاريخ طريف أضافوه الى تاريخ أمتهم التليد قديما وحديثا

وإنما أذكر الخطوط الرئيسية للثورة والحوادث الهامة، والمراحل التي اجتازتها، وأتبع سيرها من بدايتها الى نهايتها، ولا أدخل في التفاصيل وإنما أشير الى بعضها لأنها متعددة النواحي مترامية الأطراف، لعبت فيها الشجاعة والبطولة دورا هاما، هذا قوي بسلاحه معتمد عليه. والآخر قوي بحقه وبإيمانه وإرادته التي لا تخضع ولا تلين.

من الذي كان يظن أن الشعب يقف في وجه أعظم دولة وأضخم جيش مسلحا تسليحا عصريا ينتزع منه استقلاله، ولا أحد كان يعلم أن في الشعب عباقرة.

يستطيعون أن يسيروا العالم، ومن كان يتكهن أن الفدائيين يغوصون على الموت غوصا، وهم غض الشباب رطب الإهاب، كل هذا لم يستطع أحد أن يعرف قبل الثورة، وإنما الفضل يرجع إليها هي التي اكتشفت المواهب التي كان منطويا عليها هذا الشعب.

نترك تفصيل حوادث الثورة لغيرنا، وإنما قصدنا الوحيد - في هذا الكتاب هو بيان مفعول الدين كيف حوك الجماهير الى الجهاد في سبيل الله، فأصبح هو العامل البارز فيها، فوحد بين صفوف الشعب فصار كل فرد من أفراده لا يدخر جهدا ولا وسعا

ص: 144

في سبيل ما يقدمه الى الثورة، وأمد المجاهدين بقوة معنوية فعالة لا ينضب لها معين في جميع مراحلها وأطوارها واستجاب الشعب له من صميم أعماقه، واستهان بما كان له من نفس ومال في سبيل الله، وفضل الموت على الحياة، ولولا الدين لما حالف النجاح الثورة أبدا، ولم تستطيع أي قوة في العالم أن تزحزح الاستعمار من هذا الوطن.

الدين هو القوة الفعالة في هذا الوطن، فكل من استمسك به فقد فاز ونجا، وكل من ابتعد عنه فقد ارتكس وهلك، ولهذا اعتمد عليه قادة الثورة في دفع الشعب الى الجهاد والتفاني والإخلاص في سبيله، وكان العدة والزاد، والحصن الحصين الذي يلجأ إليه المجاهدون في كل زمان ومكان.

لولا النهضة الأخيرة للشعوب الاسلامية لانسلخت عن الاسلام ومنها برهنت على أنها لا زالت متأثرة به.

وهنا يبدو بوضوح وجلاء أن أشد الأديان مراسا في إباء الاستعباد هو الاسلام الحنيف.

ص: 145