الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معاملة جنرالات فرنسا للشعب الجزائري
ومخططاتهم الحربية
ان جنرالات فرنسا كلهم تقريبا لا انسانية لهم اذا نظرنا الى أعمالهم الاجرامية التي يتكلم عنها التاريخ أيام الاحتلال لهذا الوطن وأيام ثورة 1954م التي شاهدناها نحن بأنفسنا يبقى الانسان مدهوشا أمام وحشيه هذا الشعور
…
فكر هؤلاء القادة حقا في إبادة الشعب الجزائري عن طيب خاطر بحيث جعلوا من التقتيل والتخريب والتهديم مذهبا يدينون به ومبدأ يطبقون بنوده، فجنرالات فرنسا هم الذين قاموا بمأساة الحرب الجزائرية المريعة قال مجرمهم الأكبر السفاح الجنرال (بيجو) في خطبته التي ألقاها في مجلس النواب بتاريخ 16 يناير سنة 1840م - فقال إننا في حاجة الى جحافل دهماء من المعمرين الفرنسيين والاوربيين لنجلبهم إلى الجزائر، فمن اللازم أن تعطوهم أراضي مرعة، ومراعى ترعى أنزلوا بها المعمرين ولا يهمكم أمر أربابها
…
يجب توزيع هذه الأراضي للأوربيين حتى يصبح أهلها الأولون نسيا منسيا، وأخيرا يجب أن نجعل نصب أعيننا هدفا متينا محكما هو أن ننشئ إقليما فرنسيا، ولذا فإننا في أمس الحاجة الى غزو واسع النطاق يشبه غزو الغوط وإن لم نفعل هذا ستكون نتيجتنا أوهن من نسيج العنكبوت.
وشاطره في هذا الرأي الجنرال روفيقوا القائد الأعلى لجيش الاحتلال فقال: (حيث أننا لن نستطيع أن نمدنهم فما بأيدينا إلا إقصاؤهم في الفيافي والغفار، ويستبعدون كما تستبعد الوحوش الى الأماكن النائية، ويتحتم عليهم حينئذ أمام اتساع رقعة استيطاننا وتعميرنا الا التقهقر نحو الصحراء والمغاوير.
جعل جنرالات فرنسا أرض الجزائر نهبة الناهب محفوفة بالأرزاء منزوفة بالدماء حتى كادت تصبح قاعا صفصفا
…
قال
الدكتور بوديسون في كتابه خواطر عن الجزائر سنة 1954م لا يهم فرنسا أن تخرق في سياستها الاستعمارية المقاييس الأخلاقية وقيمها، ولكن الذي يهمنا قبل كل شيء هو تأسيس مستعمرة نملكها بصفة نهائية، ننشر على الشواطئ البربرية المدنية الأوربية، ومن البديهي أن أقرب الطرق لبلوغ غايتنا هو نشر الرعب، ففي استطاعتنا أن نحارب أعداءنا الافريقيين بالحديد والنار، وأن نضرم نار الفتنة بين قبائل التل والصحراء وأن نبلو السكان باستهلاك الكحول ونشر الفساد وبث عقارب النزاع والفوضى بينهم (.
قال أندري مورو في مكسيكو أمام جماعة من الطلبة عن الاستعمار الفرنسي الإنساني قال: (ان الاستعمار في روحه وصلبه لا يمكن أن يكون إنسانيا ما هو الا قتل واغتيال (.
وكان جنرالات فرنسا يتشوقون دائما الى دماء العزل والضعفاء والأبرياء من الشعب الجزائري شامخين بأنوفهم مزهوين بأنفسهم مغترين بقوتهم حانقين على الثوار غاضبين على الشعب ولقد أسند لهم الحكم في هذا الوطن إبان الثورة، وأطلق لهم العنان في التصرف التام في الشعب بدون مراقبة، وهم في ثورة شديد من الغضب والحقد على الجزائريين الذين وقفوا في وجوههم طيلة هذه السنين من الحرب، وهم من هم مكانة وشهرة في العالم؟
جمع هؤلاء الجنرالات السكان من رؤوس الجبال والسهول والأرياف والصحارى، وحشدوهم مع أهليهم وذويهم من نساء وأطفال وعجزة داخل معسكرات محاطة بأسلاك شائكة، ومن بعدها أقاموا عليهم حراسا شدادا غلاظا لا يعرفون للرحمة معنى، بعدما دكت منازلهم دكا وأتلفت محصولاتهم، وحرقت قراهم، بحيث ترك المسلمون كل ما كان لهم من دور ومتاع وضيعات، وأجبروهم على الاقامة في هذه المحتشدات مختلطين بعضهم ببعض كالحيوانات التي تساق الى الحضائر، وتركوهم فريسة للجوع والعري والأمراض، فكانت الأوبئة تفتك بهم فتكا عظيما، ففزع العالم عامة والشعب الفرنسي خاصة لما يجريه هؤلاء
القادة من مذابح جماعية بطيئة رهيبة لأن سكان البادية تقريبا زج بهم في هذه المحتشدات الهائلة، البلاغ الرسمي يعترف بأكثر من مليون جزائري بين هذه الأسلاك الشائكة.
توالت الاحتجاجات على هذه الأعمال الوحشية من طرف العالم وقام الأحرار من الشعب الفرنسي من ناحيتهم بحملة دعائية واسعة في الصحف، فكانوا ينددون بأعمال المعمرين وفضح جرائمهم، والتشهير بالظلم والابادة التي كان يجرونها قادة الجيش في الجزائر
…
اضطرت الحكومة الفرنسية الى تشكيل لجنة للتحقيق في أوضاع هذه المعسكرات ونزلائها، كانت هذه اللجنة مؤلفة من ستة أعضاء موظفين كلهم فرنسيون، وهم بطبيعة الحال خصوم للثورة، وبعد أن زارت خمسة عشر معسكرا رفعت الى الحكومة التقرير الآتي، وهذا نصه قالت فيه
…
1 -
إن جميع المعسكرات والتجمعات أقامتها القوات الفرنسية بمحض سلطتها والأسباب التي دعت الى اقامتها هي أسباب عسكرية بحته، وهى تنظيف المناطق التي ينشط فيها الثوار.
2 -
ليس لهذه المعسكرات سجل رسمي، وهو ما لا نستطيع بصفة رسمية أن نؤكد عددهم على وجه التحديد الا أن المؤكد لدينا هو أنهم لا يقلون عن مليون شخص.
3 -
لاحظنا أن عدد الرجال في هذه المعسكرات أقل بكثير من عدد النساء.
4 -
كلما يحدث تجمع منا هذا القبيل تنقطع أسباب الحياة
بشكل يكاد يكون تاما، وهو ما جعل الحياة المادية للأهالي في هذه المعسكرات تشكل في أغلب الحالات حالة مؤلمة
…
وهذه المعسكرات محاطة بالأسلاك، ومهما حاولت معهم السلطات، فإن حياتهم الاجتماعية لا يمكن أن تكون مثلما كانت عليه بواسطة مواردهم الخاصة
…
5 -
الحالة الصحية تجاوزت كل حد للتعاسة، فمثلا في كل تجمع يوجد ألف طفل يموت كل يوم اثنان، أما الحالة الصحية للنساء والرجال بصفة عامة قد بلغت درجة من الضعف حتى أصبحت العقاقير الطبية أمامها غير ذات أثر يذكر
…
6 -
يلاحظ أن تجمع الأهالي بهذه الصورة يجعل حياتهم الاقتصادية مقضيا عليها بالفناء، إذ جيء بهم الى هذه المعسكرات لينقطعوا فيها عن موارد العيش، وكلما أصيب هؤلاء السكان في حياتهم المادية كذلك أصيبوا في حياتهم المعنوية وفي كرامتهم، لأن حياتهم كلها داخل المعسكرات متوقفة على ما يقدمه لهم ضباط الشؤون الأهلية (صاص) من صدقات لا تتجاوز أحد عشر كيلو غراما من شعير في الشهر لكل شخص دون اعتبار نصيب الأطفال ويضاف الى ذلك أن عدد كبيرا من سكان هذه المعسكرات قد توقف عليهم هذا المورد الوحيد لحياتهم، وذلك منذ شهر ونصف لم نستطع أن نعرف سبب ذلك.
وختمت اللجنة تقريرها بقولها: إن الاجراءات السابقة جعلت ما يقرب من مليون شخص بين النساء والاطفال والرجال مهددين بمجاعة، وأن الوسائل الادارية العادية لا يمكن أن تطبق في هذه المعسكرات بأية حال، ولذلك ينبغي تغيير هذه الأساليب الادارية بالنسبة لحشود المعسكرات هذه مع مراعاة النشاط الاقتصادي لهؤلاء الناس، والذى بدونه يستحيل عليهم أن يواصلوا الحياة
…
هذا هو تقرير اللجنة، ولكن هل انتهى القادة العسكريون من برامجهم الابادية كلا؟ ان جنرالات فرنسا كانوا دائما يضعون إبادة الشعب الجزائري هدفا لهم، وهم في كل مرة يبوؤون بالخيبة المريرة والفشل الذريع.