الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رئيس الحكومة الفرنسية يقول تصريح الجنرال
هو تأكيد لسياسة فرنسا في الجزائر
ذهب رئيس الوزراء الفرنسي (م دوبرية) يؤكد هذا المشروع الخطير على أعضاء الجمعية الوطنية الفرنسية قال دوبرى (ان مشروع ديغول المعلن في 16 سبتمبر يعطى الجزائر الفرصة الوحيدة لمغادرة الحلقة الجهنمية من العنف والدخول الى دائرة الحقوق، والعودة الى الحقوق ليست في الاعتراف بسيادة جزائرية مزعومة، ولا في اجراء مفاوضات سياسية مع المسؤولين عن حركة العصيان: ان بيان الجنرال ديغول ليس أساسا للمناقضة أو المفاوضة وانما هو تأكيد لسياسة فرنسا وتحديد لخطتها في الجزائر، ويمضى ويقول: في بيانه موضحا شروط حكومة فرنسا لوقف اطلاق النار (على الذين بدأوا بإطلاق النار في الجزائر أن يتوقفوا على ذلك ويعودوا بدون عذاب الى عائلتهم وأعمالهم، ولقد أعطيت التعليمات اللازمة من قبل حكومة الجمهورية حتى يمكن مناقشة كيفية وقف اطلاق النار، وستعطى الضمانات اللازمة في هذه المناسبة الى ممثلي العصاة بعدم تعرض حريتهم للخطر واذا لم تنجح هذه المفاوضات فبإمكانهم العودة الى الخارج بكل حرية (
…
ومنذ اعلان تقرير المصير ضاعف الجيش الفرنسي والمنظمة الارهابية من نشاطهما الايبادي، وتعذيب السكان بإذن المسؤولين من الحكومة الفرنسية فكان الجيش الفرنسي يصدر الأحكام على المواطنين والمجاهدين سواء كانوا ثائرين أم، لا يضرب الاعناق والاعدامات المختصرة، وفي بعض الأحيان بدون محاكمة فيذبح ويمثل بالضحايا أشنع تمثيل.
أصبحت السلطة الفرنسية تعذب الفرد والجماعة على السواء كتب بعض الاوربيين من المنصفين المعتدلين عدة كتب في اقتراف المناكر التي يرتكبها جنود المظلات نذكر من بين هذه الكتب كتاب (بنوارى) فإنه يتصف الضباط الفرنسيين كيف يتكلمون عن
التعذيب وأنواعه فقال: فلشد ما صدمني أن الناس مدنيين وعسكريين يتحدثون عن ذلك جهارا- في غير ما حياء- حديثهم عن شيء طبيعي، وعن فيلم سينمائي أو عن مباراة كرة القدم
…
وضباط آخرون يقولون: هذه الفظائع التي عمت في الجيش الجميع يتكلمون عنها علانية، المدنيون في المقاهي والملاهي، والعسكريون في كتائبهم ومطابخهم، والجميع يستخفون بقولهم، هناك البحر المتوسط بيننا وبين الجزائر وعلى كل حال، فنحن أمة تعلم المدنية
…
فأين هذا من أعمال المجاهدين في معاملتهم لأسرى فرنسيين فإنهم يفضلونهم على أنفسهم في المأكل والملبس
…
أصدرت الحكومة الجزائرية المؤقتة 4 - 15 - 1958 مرسوما يقضي بإطلاق سراح أسرى الحرب بلا قيد أو شرط، وكانت تأمل من وراء هذا السلوك أن ترى الجانب الفرنسي يطبق المبادئ الانسانية بصورة تدريجية على النزاع القائم، وينص هذا المرسوم عن تفريج خمسين أسيرا فرنسيا على دفعات متتابعة
…
بعد ما وصل هؤلاء الأسرى الى ذويهم أعلنوا للعالم بأن قوانين الحرب مضمونة في الجزائر الحرة، وأن نظام أسرى الحرب كما يعرفه القانون الدولي محترم كل الاحترام، فالأسرى يراسلون أهلهم حتى انهم وجهوا اليهم بواسطة الصليب الأحمر الدولي رسائل مسجلة عن أشرطة صوتية، وقد بلغت عاطفة الحنان التي اشتهر بها الجزائريون فجعلتهم يقبلون في كثير من الاحوال على توزيع جرايتهم على الأسرى، وكان الجند الجزائري يضطر الى المشي بلا نعل بعف ما يخلعها ويقدمها الى الأسير الفرنسي، وهو مثخن القدمين
…
هذه المعاملة الحسنة التي يعامل بها المسلمون أعدائهم، هي من تعاليم الدين الحنيف الذي يوصى بالشفقة والرحمة على الضعفاء مهما كانت جنسياتهم وعقائدهم، فهو دين العدل والمسامحة والانسانية الكاملة لا كما يدعى رواد المدينة الغربية
من أنهم يهذبون الانسانية ويحملون اليها المساواة والحرية والاستقلال الا ان الشواهد والتجارب تكذب هذه الادعاآت الزائفة والأقوال الباطلة
…
كان الجيش الفرنسي يعامل المقاتلين الجزائريين الواقعين في قبضته معاملة وحشيه، لم يطبق عليهم قانون أسرى الحرب ولم يكتف بذلك بل كان يتعرض للوحدات الجزائرية التي كانت تحمل أسرى الحرب الفرنسيين عبر الحدود التونسية أو المغربية ليطلقوا سراحهم
…
ومع هذا فقد وجه قادة الثورة عنايتهم بوجه خاص الى حالة الشبان الأجانب الذين كانت السلطات الفرنسية تجندهم من الأجانب عنها- المسمين بالفرقة الاجنبية- بغير رضاهم، وقد أنشأوا عددا من المكاتب، تتولى أمر إعادة هؤلاء الجنود الفتيان الى أوطانهم، ففي سنة 1960م بلغ عدد المعادين الى أوطانهم عبر الحدود المغربية وحدها 3299 جنديا فرنسيا
…
قام ذووا الضمائر الحية من الفرنسيين بمعارضة الحرب في الجزائر معارضة شديدة، وأصدروا بيانا أمضى فيه أكثر من 131 شخصا يمثلون الفكر والآداب والعدل والمساواة أمثال) بول ساتر) وسيمون دى بوفوار، وفرانسو ساجان وغيرهم دعو الجنود الفرنسيين الذين يقاتلون في الجزائر الى تبرئة ضمائرهم بحيث يهملون الأوامر التي تتفق مع المبادئ الإنسانية، وانضم رجال الكنيسة الى التنديد بأعمال التعذيب واستنكروها، ودللوا بذلك على تطور موقف الكنيسة إزاء القضايا الاستعمارية.
كان قادة الجيش الفرنسي يظنون أن مشروع ديغول في تقرير مصير الجزائر لم يكن جديا، ولهذا قال الجنرال ماسو في خطابه الذى ألقاه على جموع المعمرين بمدينة الجزائر يوم 29 من أكتوبر 1959 قال: "لقد أتيت إليكم لأؤكد لكم أنه لم يتغير شيء، وأن عمليات التهدئة مستمرة، وسوف تستمر بنفس الوسائل، وإنى أدرك قلقكم كفرنسيين منذ أن تقدم الجنرال ديغول بمشروعه الجديد، فأؤكد لكم علنا أنكم متمسكون بفرنسا.
والاختيار الذي سيسمح لكم وحدكم مع الجيش الذي هو بالقرب
منكم، والذي سيبقى هنا معكم بأن تظهروا من جديد قراركم، ومن جهة الاختيار فإنكم ستبقون الى جانب فرنسا"
…
تعرضت السياسة الفرنسية في الجزائر من بعد اعلان تقرير المصير لهزات عنيفة وتغيرات سياسية نتيجة موقف الثورة الصلب نلاحظ أن مبادئ جبهة التحرير ظلت قائمة دون تغيير اللهم الا في بعض التغيرات اللفظية التي لم يتغير من مضمونها شيء وفيما يلى برنامج الجبهة كما أعلنته بعد تكوينها في سنة 1956
…
الهدف هو الاستقلال الوطني بإيجاد دولة جزائرية ذات سيادة ونظام ديمقراطي اشتراكي في دائرة المبادئ الاسلامية مع احترام جميع الحريات الأساسية بدون تمييز في الدين، وفي الميدان الخارجي، تصرح بأن غايتها هو تدويل القضية الجزائرية، وتحقيق وحدة شمال افريقيا في نطاقها الطبيعي الذي هو نطاق العروبة والإسلام.
وبينت أن أساس المفاوضات مع فرنسا على النحو التالي:
1 -
فتح المفاوضات مع الممثلين الحقيقيين للشعب الجزائري على أساس الاعتراف بالسيادة الجزائرية الموحدة التي لا تتجزأ.
2 -
ايجاد جو من الثقة، وذلك بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ورفع جميع التدابير الاستثنائية والتوقف عن تتبع فرقا المقاومة
…
3 -
الاعتراف بالشخصية الجزائرية في تصريح رسمي ينسخ جميع القوانين التي صيرت الجزائر أرضا فرنسية بالرغم من التاريخ والجغرافيا واللغة والدين والعادات التي يتصف بها الشعب الجزائري، وفي مقابل ذلك يتعهد الجزائريون بما يلى
…
أ- ضمان المصالح الفرنسية الثقافية والاقتصادية التي حصلوا عليها بطريقة شريفة، وكذلك الأشخاص والعائلات
…
ب- جميع الفرنسيين الراغبين في البقاء بالجزائر يكون لهم الخيار بين جنسيتهم الأصيلة، وفي هذه الحالة يعتبرون أجانب بالنسبة للقوانين المعمول بها، أو يأخذون الجنسية الجزائرية وفي هذه الحالة يعتبرون جزائريين لهم ما للجزائريين من حقوق وواجبات
…
ج- تحديد العلاقات بين الجزائر وفرنسا تكون موضوع مفاوضات بين الدولتين على قدم المساواة والاحترام المتبادل
…
كانت السلطة الفرنسية قبل مجيء الجنرال ديغول غير مستعدة للاعتراف بجبهة التحرير كمفاوض شرعي متحدث باسم الجزائر، فلما آل الأمر الى الجنرال لم يتكلم على المفاوضة وإنما تكلم على سلم الأبطال. واستمر على رفضه في الدخول فيها مع جبهة التحرير حتى بعد إصدار مشروعه بتقرير المصير
…
ولما كانت الحرب في تصاعد، وجميع برامج الحرب والقوات فشلت والثوار لم يستجيبوا للنداء الذي تكلم عليه الجنرال، ومنه حب أن يتصل بجبهة التحرير ليعرف نواياها.
وفي صيف سنة 1960 أراد الجنرال أن يجس النبض بشبه محادثة رسمية مع جبهة التحرير، ولم يفعل ذلك الا بعد تردد شديد، فتلاقى الوفدان من الحكومتين، وأدلى كل واحد منهما بنظريته فيما يخص القضية الجزائرية، ولما كانت وجهة النظر متباينة، رجع كل منهما الى بلاده، ولم تغير هذه المحادثة من الوضعية شيئا
…
هذا مما يدل دلالة واضحة على أن الجنرال ديغول عندما تولى السلطة لم يكن مستعدا لتقبل النهاية التي وصلت إليها الثورة الجزائرية، ألا وهو الاستقلال التام ووحدة التراب الوطني، وتسليم السلطة الى الجزائريين، ولهذا نميل الى الرأي القائل بأن الجنرال لم تكن لديه سياسة محددة اتجاه الجزائر الا أن آراءه قد تطورت تحت ضغط الحوادث العالمية، وأمام صمود الثوار على وجه الخصوص
…
وتقرير المصير الذى اعترف به، والاستفتاء الذى يريد إجراءه في الوقت المناسب كما يقول يشكلان عقبة كأداء في وجه الثورة الزاحفة الى الأمام.
بعث الجنرال الى القوات المسلحة الفرنسية والموظفين الفرنسيين في الجزائر- بعد أسبوعين من اعلان مشروعه-