الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زحف التتار على الممالك الاسلامية الشرقية
لم يتأثر المسلمون بالحروب الصليبية التي دامت زهاء قرنين من الزمن واتحدت الكنيسة مع أوربا على حريهم، ورغم هذا لا زالوا مختلفين ومتنابذين ولم يسلم بعضهم لبعض، ولم ينظروا في الخطر الذى يهدد كيانهم جميعا، ولم يرجعوا الى الدين الذى يوحد بينهم ليقفوا صفا واحدا في وجه الغزو المتكالب عليهم من كل ناحية، ويجعلوا حدا لهذا الافتراق الشنيع الذى تأصل في نفوسهم، وأسلمت هذه الحالة - اي حالة الصليبيين - الى حالة أخرى هي أدهى وأمر من سابقتها، الا وهو زحف المغول على الممالك الاسلامية الشرقية وتحطيمها تحطيما شنيعا، وأنهى بذلك الخلافة العباسية الرمزية وتدمير الحضارة البغدادية، ننقل بعض الفقرات من التاريخ. كيف اكتسح التتار الممالك الاسلامية وتخريبها. بيد أن الصليبيين كانوا في الشام ومصر وآسيا الصغرى، وداروا حول هذه الدوائر، ولم يتجاوزوها.
أما هجوم التتار الكاسح فقد انساب من أقصى الشرق لا يلوي على شيء الا جعله ركاما ولا على قوم الا جعلهم رميما حتى وصلوا الى الشام واستولوا على أكثره، وراموا مصر، ثم ارتدوا على أدبارهم خاسئين أمام جيش مصر والشام.
ولتذكر كلمة لابن الأثير في وصف التتار وما كان منهم في القرن السابع الهجري فإنها كلمة بليغة مصورة قال رحمه الله: لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر الحادثة استعظاما لها كارها لذكرها، وها أنا أقدم رجلا وأؤخر أخرى، فمن الذى يسهل عليه أن يكتب على نعى الاسلام والمسلمين ومن الذي يهون عليه ذلك، فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا، الى أن حثني جماعة من الاصدقاء على تسطيرها، وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعا فنقول: (هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى والمصيبة الكبرى التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها عمت الخلائق وخصت المسلمين، فلو
قال قائل ان العالم مند خلق الله سبحانه، وتعالى آدم الى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقا، فإن التاريخ لم يتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها
…
ولعل الخلق لا يرون مثل هده الحادثة الى أن ينقرض العالم، وتفنى الدنيا الى خروج يأجوج ومأجوج، هؤلاء لم يبقوا على أحد بل قتلوا النساء والرجال والاطفال، وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنة (فانا لله وانا اليه راجعون)، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم لهذه الحادثة التي استطار شررها وعم ضررها، وسارت في البلاد كالرياح
…
ان قوما خرجوا من أطراف الصين فقصدوا بلاد تركستان
…
ومنها الى بلاد ما وراء النهر فملكوها
…
ثم تعبر طائفة منهم الى خرسان فيفرغون منها ملكا وتخريبا وقتلا ونهبا، ثم يتجاوزونها الى الري وهمدان الى حدود العراق، ثم يقصدون بلاد أذربيجان ويخربونها ويقتلون أكثر أهلها ولم ينج منها إلا الشريد الطريد النادر في أقل من سنة هذا ما لم يسمع بمثله أحد، ثم قصدوا بلاد قفجاق، وهم من أكثر الترك عددا، فقتلوا كل من وقف لهم، فهرب الباقون إلى الغياض وراء الجبال. وفارقوا بلادهم، واستولى هؤلاء التتار عليها، فعلوا هذا في أسرع زمان. ولم يلبثوا الا بمقدار سيرهم لا غير، ومضت طائفة أخرى غير هذه الطائفة الى غزنة وما جاورها من بلاد الهند وسجستان وكرمان ففعلوا بها مثل ما فعل هؤلاء، وأشد، هذا مما لم يطرق الاسماع مثله، فان الالسكندر الذي اتفق المؤرخون على أنه ملك الدنيا لم يملكها في هذه السرعة، وانما ملكها في نحو عشر سنين، ولم يقتل أحدا، وإنما رضى من الناس بالطاعة، وهؤلاء قد ملكوا أكثر المعمورة من الأرض وأحسنها عمارة وأهلا، وأعدل أهل الأرض أخلاقا سيرة في نحو سنة، ولم يبت أحد من الناس ومن البلاد التي لم يطرقوها إلا وهو خائف يتوقعهم. ويترقب وصولهم اليه، ثم أنهم لا يحتاجون الى ميرة ومدد يأتيهم فإنهم معهم الاغنام والبقر، والخيل وغير ذلك من الدواب يأكلون لحومها لا غير، وأما دوابهم التي يركبونها فإنها تحفر الأرض بحوافرها وتأكل عروق النبات، ولا تعرف عن الشعير، فهم إذا نزلوا منزلا لا يحتاجون الى شيء من خارج.
وأما ديانتهم فانهم يسجدون للشمس عند طلوعها، ولا يحرمون شيئا، يأكلون جميع الدواب حتى الكلاب والخنازير وغيرها، ولا يعرفون نكاحا بل المرأة يأتيها غير واحد من الرجال فإذا جاء الولد لا يعرف من أبوه.
هذا وصف لأولئك الذين ابتلى بهم العالم الإسلامي في القرن السابع الهجري، واختص المسلمون بهذا البلاء، ولقد انساب أولئك المغول في الديار الاسلامية حتى فضوا على عاصمة الخلافة قال الأستاذ أنور: لا يعرف الاسلام من بين ما نزل به من الخطوب والويلات خطبا أشد من هؤلاء من غزوات المغول، فقد انسابت جيوش جنكيز خان انسياب الثلوج من قمم الجبال، واكسحت طريقها العواصم الاسلامية، وأتت على كل ما كان لها من مدنية وثقافة، يقول الخميسي في تاريخه في سنة ستة وخمسين وستمائة هجرية: وصل الطاغية هولاكو حفيد جنكيز خان الى بغداد بجيوشه ونزل قائده باجنوس على بغداد من غربها وهولاكو من شرقها، ثم خرج اليه الخليفة العباسي في أعيان الدولة وأكابر الوقت، فضرب المغول رقاب الجميع، وقتل الخليفة وداسوه بالخيل، ودخل التتار المدينة وأقسموها وعمل السيف فيها أربعة وثلاثين يوما وقل من أسلم من سكان المدينة فبلغت القتلى ألف وثمانية مائة نسمة، وقد نهب المغول دار الخلافة لم يبق فيها شيئا، ثم أحرقت بغداد بعد أن قتل أكثر أهلها) انتهى
…
ويقول الأستاذ أبو زهرة رحمه الله أحب أن أشير هنا إشارة عابرة الى الاستيلاء على بغداد قصبة الاسلام، أو تخريبها كما هو التعبير الدقيق، ففي خبرها العبرة ان بغداد لم تبتل فقط بالتتار وهم بلاء في الأرض وشر مستطير، وهم وحدهم كافون لإزالة كل حضارة، وتقويض كل قائم بل ابتليت بغداد بمن فيها، فقد كان فيها اليهود والنصارى قد مالئو التتار، وكاتبوهم وكان فيها من هو أمر وأدهى وهو العلقمي وزير المعتصم آخر خليفة عباسي كان مقيما في بغداد، فإن ذلك الوزير كان شيعيا غالبيا ارتضى لنفسه أن يماليء عبدة الشمس والتتار على عبادة الواحد القهار وخان دينه وخان بلاده، وخان الفضيلة، قد عمل على إضعاف جند بغداد فقد كان فيهما عند توليه مائة ألف جند معهم
الشبكة والسلاح والعدة والعتاد وكان فيهم الأمراء الأكابر الذين كانت لهم حمية الأسود الكواسر، فلم يزل في تقليل العدد حتى أصبح نحو عشرة الآلاف ثم أطمع التتار، وكشف لهم الحال، وضعف الرجال، فجاءوا، ولم يكتف بالذي قدمه بل انهم عندما أقبلوا كالوحوش الضارية حسن للخليفة مصالحتهم على أن ينزل على نصف خراج العراق، ويكون للخليفة النصف الآخر فرضى، وذهب الخليفة ليفاوض فأعاده هولاكو مذموما مدحورا اذ قد أشار الوزير العلقمي في الوقت نفسه على هولاكو ألا يقبل المصالحة لأن الخليفة ينقضها بعد سنة، وأشار عليه بقتله، وأيد العلقمي نصير الطوسي الذى كان في صحبة هولاكو وخدمته.
قتل الخليفة بإشارة الروافض، وانساب التتار، يقتلون ويخربون في بغداد ولم ينج من أهل بغداد الا اليهود والنصارى ومن لجأ الى العلقمي، فهؤلاء وحدهم كان لهم الأمان، أزيلت قصبة الدولة الاسلامية على أيدى عبدة الشمس، وأغراهم بعض الشيعة فلم هذا؟ لم يؤتون حكم الطاغوت على حكم المسلمين؟ لعل السبب في ذلك أنهم يرون في المسلمين الذين يخالفون طريقتهم ضلالا، وهذا السبب عام، ومن هناك سبب خاص لعله كان أقوى تأثيرا، وذلك أنه كان في سنة هـ وهى سنة السابقة على تخريب بغداد، كان بين أهل السنه والرافضة حرب مذهبية نهب فيها بلاد الكرخ ومحلة الرافضة، حتى نهب دور أناس ذوى قرابات للعلقمي، فأثار ذلك حنقه وهياجه على أن دبر للإسلام وأهله ما وقع من الأمر الفظيع الذى لم يؤرخ أبشع منه منذ بنيت بغداد (1).
وسواء أكان القتال بين الرافضة وغيرهم ما يبرره فان هذا يعطينا صورة عن هذا العصر كيف كان المسلمون في هذا الزمن، والبلاء بلاء وهو ابادة لا تبقى ولا تذر، ولا تفرق بين مذهب ومذهب كانوا يتناحرون في نحلهم، هؤلاء يقتتلون والتتار قد أزالوا كل ما وراءهم من بلاد، ثم تعطينا صورة أخرى أشد اقتاما، تبين كيف يعمى التعصب المذهبي القلب والبصيرة،
(1) تاريخ البداية والنهاية لابن كثير
فيقدم وزير أعطى أمانة الخلافة والملك، فيوعز الى من لا دين لهم ولا أخلاقا ليتحكموا في أهل دينه فيبيدونهم عن آخرهم، وهذا الصنف من الخونة كثير في المسلمين لا يخلو منهم زمان ولا مكان، وهم سبب الكوارث للمسلمين في جميع العصور لأنهم منافقون لا يؤمنون بالدين، ثم تبين لنا أيضا كيف يخون اليهود والنصارى المسلمين عند اشتداد الأزمة ويؤلبون أعداء الاديان وأعداء بنى الانسان على من عاهدوهم وحموهم وآووهم، ولكن هي الحفيظة الدنيئة تدفع الى الأذن من غير نظر لعهد ولا لأمانة ولا لمصلحة اجتماعية.
لقد دخل التتار حلب الشام بعد بغداد، وذهبوا الى دمشق فاستولوا عليها واستولوا على القلعة بعد مصالحة أحد أمرائهم واسمه (ابلاسان) فقرب النصارى اليه، وهم تقربوا الى هولاكو، قد هبت اليه طائفة من النصارى معها الهدايا والتحف جاءت من عنده بأمان أعطاه لها الطاغية. وكان ذلك وصلا لما بدئ من قبل في بغداد، بل في كل مدينة دخلها التتار ولنترك الكلمة لأبن كثير يشرح ما كان منهم فقد قال:(دخلوا من باب توما ومعهم صليب منصوب يحملونه على رؤوس الناس وهم ينادون بشعارهم ويقولون ظهر الدين الصحيح، دين المسيح، ويذمون دين الاسلام وأهله، ومعهم أوان فيها خمر لا يمرون على باب مسجد الا رشوا عنده خمرا قماقم ملآنة خمرا يرشون منها على وجوه الناس وثيابهم، ويأمرون كل من يجتازون به في الازقة والأسواق أن يقوم لصليبهم، فتكاثر عليهم المسلمون فردوهم الى سوق كنيسه مريم، فوقف خطيبهم فمدح دين النصارى، وذم دين الاسلام وأهله)(فانا لله وانا اليه راجعون).
ولكن أن الاسلام قد استطاع أن يصل الى قلوب هؤلاء المغول فقد كان الملوك من بعد هولاكو مسلمين، وان لم يذق التتار بشاشة الاسلام الا من بعد فترة من الزمن، الحقيقة أن موقف المسلمين من القرآن في هذا العصر ومن بعده مثلهم كمثل جماعه أحاط بهم الظلام من كل مكان، فهم يتخبطون فيه ويسيرون على غير هدى، فتارة يقعون في هاوية وأخرى يصطدمون بحجر، وثالثة يصطدم
بعضهم ببعض، ولا يزالون هكذا يخبطون خبطا عشوائيا ويسيرون في ظلام دامس مع أن بين أيديهم زرا كهربائيا لو وصلت اليه أصابعهم فإن أدنى حركة يسيرة يمكن أن توقد مصباحا مشرقا منيرا، هذا مثل المؤمنين وموقفهم من كتاب الله (كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ، والماء فوقا ظهرها محمول) لا يستطيعون سبيلا الى الهداية وبين أيديهم النور الكامل يقول الله عز وجل: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (1){فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2){قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (3) ويقول سبحانه وتعالى في حق الكافرين: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} ولكن فما بال المؤمنين الذين آمنوا بالله وصدقوه وأحبوه واعتقدوه ولا يخلو بيت من بيوتهم من كتاب الله، قد أعرضوا عنه ان أهل الكفر قد خدعوا المسلمين عن نورهم، وأبعدوكم عن هديهم، وضللوهم عن طريقهم، وأمسكوا بأصابعهم على أن لا تمس الزر الكهربائي - ألا وهو القرآن الكريم - لينير لهم الحياة خدعوهم بالسياسة، وتارة بالعلم الدنيوي {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} وطورا بالمال، وأخرى بالشهوات وخاصة بالخداع وتاره بالقوة والقهر والجبروت، فكانت النتيجة أن المسلمين اتبعوا الكافرين، وقد حذرهم الله من ذلك بقوله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} (4) ولما سبق في علم الله أن الكفار يهددون المسلمين بما بين أيديهم من قوة وبأس، فأراد أن يستأصل من قلوبهم هذه الشبهة فقال:(سنلقى في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين) ثم يذكر الله حادثة تطبيقية مقرونة بالدليل قال: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ
(1) سورة الشورى
(2)
سورة الاعراف
(3)
سورة آل عمران
(4)
سورة آل عمران
بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (1) هكذا يحذر الله المؤمنين بالقرآن من أن ينهجوا منهج الكفر، فيقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} (2) فأهل الكفر مطبوعون على الخداع وعلى الكيد لأهل الايمان {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} (3){إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ} (4) ويجب على كل مؤمن أن يبرأ من محبة الكافر، قال الله تعالى:{وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} فهذا تصوير صادق لعاطفه أهل الكفر نحو أهل الايمان، ومع هذا فقد نسي المسلمون التحذير {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (5)، ورغم هذا التحذير؟ ورغم أن كتاب الله قد كشف عن أنفسهم هذا الكشف بعد كل هذا أنهوى بأنفسنا الى الهاوية؟ ونسير في أذناب أهل الكفر، ونعمل كما يعمل أهل الكفر. وهم يخدعوننا عن هذا بكل وسيلة وبكل أسلوب.
ولما دخل التتار الى الاسلام وأصبحوا بعض أتباعه فعادت أوربا من جديد تتحفز وتعد العدة لاستناف نشاطها الحربي على العالم الإسلامي واتجهت في هذه المرة الى الهجوم على تركيا زعيمة العالم الإسلامي وموطن الخلافة الاسلامية، وعلى من اتبعها من الممالك الاسلامية.
(1) آل عمران
(2)
سورة المائدة
(3)
سورة آل عمران
(4)
سورة الممتحنة
(5)
سورة آل عمران