الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
[مقدمة الشارح]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (1).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)(3).
أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله - تعالى - وخير الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار.
وبعد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله - تعالى - أمر يحيى بن زكريا -
(1) سورة آل عمران، الآية:102.
(2)
سورة النساء، الآية:1.
(3)
سورة الأحزاب، الآيتان: 70، 71.
عليه الصلاة والسلام - بخمس كلمات أن يعمل بها، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها
…
- وذكر منها -: ((وآمركم أن تذكروا الله - تعالى -؛ فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سِرَاعاً، حتى إذا أتى على حصنٍ حصينٍ فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله - تعالى -
…
)) (1).
((فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة؛ لكان حقيقاً بالعبد ألا يفتر لسانه من ذكر الله - تعالى - وألاّ يزال لهجاً بذكره؛ فإنه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة، فهو يرصده؛ فإذا غفل وثب عليه وافترسه)) (2).
وقال مطرف بن عبد الله - رحمه الله تعالى -: ((نظرت في هذا الأمر من أين هو؟ فإذا هو من عند الله - سبحانه -، ثم نظرت على مَن تَمامه، فإذا هو على الله - تعالى - ثم نظرت ما مَلَاكه؟! فإذا هو الدعاء، ثم نظرت في ابن آدم فإذا هو ملقى بين ربه وبين الشيطان فإذا أراد الله - تعالى - به خيراً اجتره إليه بعصمته، وإلا خلّى بينه وبين الشيطان)).
إذن ذكر ودعاء الله سبحانه وتعالى هو حصن المسلم، وحياة قلبه، وقوت بدنه، وسعادة روحه، هو منجاته من كل شر وسوء
…
وإن من أشمل وأسهل وأصح، ما يرشد إلى ذكر الله - تعالى - ويعين
(1) رواه أحمد (4/ 202)، والترمذي برقم (2872).
(2)
انظر: ((الوابل الصيب)) لابن القيم رحمه الله (ص 50).
على دعائه سبحانه، هو كتاب ((حصن المسلم)) للشيخ الفاضل سعيد بن علي بن وهف القحطاني - حفظه الله تعالى -.
ولقد لاقى هذا الكتاب - على صغر حجمه - قَبولاً واسعاً كبيراً
…
؛ فلا تكاد تجد بيتاً إلا وفيه هذا الكتاب، بل لا تكادَ تجد مسلماً ليست له نسخة منه خاصة به
…
بل ومن شدة إقبال الناس عليه؛ تُرجم إلى عدة لغات عالمية
…
حقًّا إن مثل هذا الكتاب يجب أن يُعتنى به، ويُخدم خدمة علمية.
ولقد سُئِلْتُ أن أضع عليه شرحاً يعين على فهمه، ويرشد إلى معرفة معانيه
…
فوجد هذا السؤال في قلبي مكاناً رَحباً
…
، فسارعت مستعيناً بالله العظيم الكريم إلى الإجابة، مستفيداً في ذلك من شروح الكتب الستة وغيرها من شروح كتب السنة، وأيضاً من شرحي على كتاب ((الكلم الطيب)) (1) لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -.
ولم أعزُ ذلك - على الغالب - لكثرة الاستفادة منها، وخشية إثقال الحواشي، وأيضاً لما فعلته من تصرف في بعض ألفاظها أحياناً.
ولقد أبقيت كتاب ((حصن المسلم)) على ما هو عليه، وأبقيت التخريجات والتعليقات التي في الحاشية كما هي، إلا أن المصنف - حفظه الله - لم يذكر أرقام الأحاديث في تخريجه في الغالب؛ فرأيت أن أضع بين معقوفتين عزو
(1) سيطبع قريباً - إن شاءالله - بـ (مكتبة المعارف) في الرياض.
الحديث إلى رقمه، وأن أنقل بعض التعليقات إلى المتن أو الشرح.
وأيضاً لقد كانت مني تخريجات للأحاديث التي وردت في الشرح؛ فرأيت تمييز الحواشي؛ فرمزت إلى تخريجاته وتعليقاته بـ (ق)، وإلى تخريجاتي وتعليقاتي بـ (م).
ولقد حاولت جاهداً أن أجعل شرحي هذا سهلاً واضحاً، خالياً من التعقيدات
…
(1)، وأرجو أن أكون قد وُفِّقتُ إلى السداد والصواب، وجُنِّبْتُ الخطأ والزلل والخلل.
والله العظيم أرجو أن يجزي المصنف خير الجزاء، وأن يرزقني وإياه والمسلمين جميعاً الإخلاص في القول والعمل، ويهدينا سواء السبيل، ويقينا شر أنفسنا، ويحفظنا من كيد الشيطان وشره، ويجعلنا من الذاكرين له سبحانه [كثيراً]، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
مجدي بن عبد الوهاب الأحمد/ أبو مسلم
- غفر الله له، وعفا عنه -
ليلة الخميس 27 صفر 1426هـ.
الموافق 6 نيسان 2005م
في بلاد الشام - الأردن - الزرقاء
الرمز البريدي: (13111)، ص. ب:(5827)
(1) ومما يجب التنبيه عليه؛ أن الأدعية والأذكار يوجد بينها اشتراك في الألفاظ، وتكرار؛ فرأيت الاقتصار على شرح اللفظ مرة واحدة دون تكرار ذلك إلا نادراً، والله الموفق.