المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المصحح

- ‌[مقدمة الشارح]

- ‌مسائل تتعلق بالذكر والدعاء

- ‌[أولاً فوائد الذكر]

- ‌[ثانياً] آداب الذكر والدعاء

- ‌[ثالثاً] أوقات الإجابة [وأحوالها]

- ‌[رابعاً] إجابة الدعاء

- ‌[خامساً] من لا يجاب له دعاء

- ‌[سادساً] ما يُنهى عنه] في الدعاء

- ‌[1] النهي عن تعجيل العقوبة في الدنيا:

- ‌[2] النهي عن الاعتداء في الدعاء:

- ‌[3] النهي عن الدعاء بالإثم وقطيعة الرحم:

- ‌[4] النهي عن الدعاء على النفس والأولاد والخدم والمال:

- ‌[5] النهي عن تمني الموت:

- ‌[سابعاً] الحث على الدعاء

- ‌ مقدمة حصن المسلم

- ‌فضل الذكر

- ‌1 - أَذْكارُ الاسْتِيْقاظِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌2 - دُعَاءُ لُبْسِ الثَّوْبِ

- ‌3 - دُعَاءُ لُبْسِ الثَّوْبِ الجَدِيدِ

- ‌4 - الدُّعَاءُ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْباً جَدِيداً

- ‌5 - مَا يَقُولُ إذَا وَضَعَ ثَوْبَهُ

- ‌6 - دُعَاءُ دُخُولِ الْخَلَاءِ

- ‌7 - دعاء الخُرُوج مِنَ الْخَلَاءِ

- ‌8 - الذِّكْرُ قَبْلَ الْوُضُوءِ

- ‌9 - الذِّكْرُ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ الوُضُوءِ

- ‌10 - الذِّكْرُ عِنْدَ الخُرُوجِ مِنَ المَنْزِلِ

- ‌11 - الذِّكْرُ عِنْدَ دُخُولِ المَنْزِلِ

- ‌12 - دُعَاءُ الذَّهَابِ إلَى المَسْجِدِ

- ‌13 - دُعَاءُ دُخُولِ المَسْجِدِ

- ‌14 - دُعَاءُ الخُرُوجِ مِنَ المَسْجِدِ

- ‌15 - أذْكَارُ الأَذَانِ

- ‌17 - دُعَاءُ الرُّكُوعِ

- ‌19 - دُعَاءُ السُّجُودِ

- ‌20 - دُعَاءُ الجَلسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَينِ

- ‌21 - دُعَاءُ سُجُوْدِ التِّلاوَةِ

- ‌22 - التَّشَهُّدُ

- ‌23 - الصَّلاةُ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشهُّدِ

- ‌24 - الدُّعَاءُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الأَخِيْرِ قَبْلَ السَّلامِ

- ‌25 - الأذْكَارُ بَعْدَ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ

- ‌26 - دُعاءُ صَلاةِ الاستِخَارَةِ

- ‌27 - أذْكَارُ الصَّبَاحِ والمَسَاءِ

- ‌28 - أذْكَارُ النَّوْمِ

- ‌29 - الدُّعَاءُ إذَا تَقَلَّبَ لَيْلاً

- ‌30 - دُعَاءُ الفَزَعِ فِي النَّوْمِ، ومَنْ بُلِيَ بالوَحْشَةِ

- ‌31 - مَا يَفْعَلُ مَنْ رَأَى الرُّؤْيا أوِ الحُلْمَ

- ‌32 - دُعَاءُ قُنُوتِ الوِتْرِ

- ‌33 - الذِّكْرُ عَقِبَ السَّلَامِ مِنَ الوِتْرِ

- ‌34 - دُعَاءُ الهَمِّ والحُزْنِ

- ‌35 - دُعَاءُ الكَرْبِ

- ‌36 - دُعَاءُ لِقَاءِ العَدُوِّ وذِي السُّلْطَانِ

- ‌37 - دُعَاءُ مَنْ خَافَ ظُلْمَ السُّلْطَانِ

- ‌38 - الدُّعَاءُ عَلَى العَدُوِّ

- ‌39 - مَا يَقُولُ مَنْ خَافَ قَوْماً

- ‌40 - دُعَاءُ مَنْ أصَابَهُ وَسْوَسَةٌ في الإيْمَانِ

- ‌41 - دُعَاءُ قَضَاءِ الدَّيْنِ

- ‌42 - دُعَاءُ الوَسْوَسَةِ في الصَّلاةِ والقِرَاءَةِ

- ‌43 - دُعَاءُ مَنِ اسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ أمْرٌ

- ‌44 - مَا يَقُولُ وَيَفعَلُ مَنْ أذْنَبَ ذَنْباً

- ‌45 - دُعَاءُ طَرْدِ الشَّيْطَانِ وَوَسَاوِسِهِ

- ‌46 - الدُّعَاءُ حيْنَمَا يَقَعُ مَا لا يَرْضَاهُ أوْ غُلِبَ عَلَى أمْرِهِ

- ‌47 - تَهْنِئَةُ المَوْلُودِ لَهُ وَجَوَابُهُ

- ‌48 - مَا يُعَوَّذُ بهِ الأوْلادُ

- ‌49 - الدُّعَاءُ للمَرِيضِ فِي عِيَادَتِهِ

- ‌50 - فَضْلُ عِيَادةِ المَرِيضِ

- ‌51 - دُعَاءُ المَرِيْضِ الذِي يَئِسَ مِنْ حَيَاتِهِ

- ‌52 - تَلْقِينُ المُحْتَضِرِ

- ‌53 - دُعَاءُ مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ

- ‌54 - الدُّعَاءُ عِنْدَ إغْمَاضِ المَيِّتِ

- ‌55 - الدُّعَاءُ للمَيِّتِ فِي الصَّلاةِ عَلَيْهِ

- ‌56 - الدُّعَاءُ للفَرَطِ فِي الصَّلاةِ عَلَيْهِ

- ‌57 - دُعَاءُ التَّعْزِيَةِ

- ‌58 - الدُّعَاءُ عِندَ إدْخَالِ المَيِّتِ القَبْرَ

- ‌59 - الدُّعَاءُ بَعْدَ دَفْنِ المَيِّتِ

- ‌60 - دُعَاءُ زِيَارَةِ القُبُورِ

- ‌61 - دُعَاءُ الرِّيْحِ

- ‌62 - دُعَاءُ الرَّعْدِ

- ‌63 - مِنْ أدْعِيَةِ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌64 - الدُّعَاءُ إذَا رَأَى المَطَرَ

- ‌65 - الذِّكْرُ بَعْدَ نُزُولِ المَطَرِ

- ‌66 - مِنْ أدْعِيَةِ الاسْتِصْحَاءِ

- ‌67 - دُعَاءُ رُؤْيَةِ الهِلَالِ

- ‌68 - الدُّعَاءُ عِِنْدَ إفْطَارِ الصَّائِمِ

- ‌69 - الدُّعَاءُ قَبْلَ الطَّعَامِ

- ‌70 - الدُّعَاءُ عِنْدَ الفَرَاغِ مِنَ الطَّعَامِ

- ‌71 - دُعَاءُ الضَّيْفِ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ

- ‌72 - التَّعْرِيضُ بِالدُّعَاءِ لِطَلَبِ الطَّعَامِ أَوِ الشَّرَابِ

- ‌73 - الدُّعَاءُ إذَا أَفْطَرَ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتٍ

- ‌74 - دُعَاءُ الصَّائِم إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَلَمْ يُفْطِر

- ‌75 - مَا يَقُولُ الصَّائِمُ إذَا سَابَّهُ أحَدٌ

- ‌76 - الدُّعَاءُ عِنْدَ رُؤْيَةِ بَاكُورَةِ الثَّمَرِ

- ‌77 - دُعَاءُ العُطَاسِ

- ‌78 - مَا يُقَالُ لِلْكَافِرِ إِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ

- ‌79 - الدُّعَاءُ للمُتَزَوِّجِ

- ‌80 - دُعَاءُ المُتَزوِّجِ وَشِرَاءِ الدَّابَةِ

- ‌81 - الدُّعَاءُ قَبْلَ إِتْيَانِ الزَّوْجَةِ

- ‌82 - دُعَاءُ الغَضَبِ

- ‌83 - دُعَاءُ مَنْ رأى مُبْتَلى

- ‌84 - مَا يُقَالُ فِي المَجْلِسِ

- ‌85 - كَفَّارَةُ المَجْلِسِ

- ‌86 - الدُّعَاءُ لِمَنْ قَالَ: غَفَرَ اللهُ لَكَ

- ‌87 - الدُّعَاءُ لِمَنْ صَنَعَ إلَيْكَ مَعْرُوفاً

- ‌88 - مَا يَعْصِمُ اللهُ بِهِ مِنَ الدَّجَّالِ

- ‌89 - الدُّعَاءُ لِمَنْ قَالَ: إنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ

- ‌90 - الدُّعَاءُ لِمَنْ عَرَضَ عَلَيْكَ مَالَهُ

- ‌91 - الدُّعَاءُ لِمَنْ أقْرَضَ عِنْدَ القَضَاءِ

- ‌92 - دُعَاءُ الخَوْفِ مِنَ الشِّرْكِ

- ‌93 - الدُّعاءُ لِمَنْ قالَ: بَارَكَ اللهُ فيكَ

- ‌94 - دُعَاءُ كَرَاهِيةِ الطِّيَرَةِ

- ‌95 - دُعَاءُ الرُّكُوبِ

- ‌96 - دُعَاءُ السَّفَرِ

- ‌97 - دُعَاءُ دُخُولِ القَرْيَةِ أوِ البَلْدَةِ

- ‌98 - دُعَاءُ دُخُولِ السُّوقِ

- ‌99 - الدُّعَاءُ إذَا تَعِسَ المَرْكُوبُ

- ‌100 - دُعَاءُ المُسَافِرِ للمُقِيمِ

- ‌101 - دُعَاءُ المُقِيْمِ للمُسَافِر

- ‌102 - التَّكْبِيْرُ والتَّسْبِيحُ فِي سَيْرِ السَّفَرِ

- ‌103 - دُعَاءُ المُسَافِرِ إذَا أسْحَرَ

- ‌104 - الدُّعَاءُ إذَا نَزَل مَنْزِلاً فِي سَفرٍ أوْ غَيْرِهِ

- ‌105 - ذِكْرُ الرُّجُوعِ مِنَ السَّفَرِ

- ‌106 - مَا يَقُولُ مَنْ أتَاهُ أمْرٌ يَسُرُّهُ أوْ يَكْرَهُهُ

- ‌107 - فَضْلُ الصَّلاةِ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌108 - إِفْشَاءُ السَّلَامِ

- ‌109 - كَيْفَ يَرُدُّ السَّلامَ عَلَى الكَافِرِ إذَا سَلَّمَ

- ‌110 - الدعاءُ عِنْدَ سَمَاعِ صِيَاحِ الدِّيْكِ ونَهيقِ الحِمَارِ

- ‌111 - الدُّعَاءُ عِنْدَ سَمَاعِ نُبَاحِ الكِلَابِ بِاللَّيلِ

- ‌112 - الدُّعَاءُ لِمَنْ سَبَبْتَهُ

- ‌113 - مَا يَقُولُ المُسْلِمُ إذَا مَدَحَ المُسْلِمَ

- ‌114 - مَا يَقُولُ المُسْلِمُ إِذَا زُكِّيَ

- ‌115 - كَيْفَ يُلَبِّي المُحْرِمُ فِي الحَجِّ أَوِ العُمْرَةِ

- ‌116 - التَّكْبيرُ إذَا أتَى الحَجَرَ الأسْوَدَ

- ‌117 - الدُّعَاءُ بَيْنِ الرُّكْنِ اليَمَانِي والحَجَرِ الأسْوَدِ

- ‌118 - دُعَاءُ الوُقُوفِ عَلَى الصَّفَا والمَرْوَةِ

- ‌119 - الدُّعَاءُ يَوْمَ عَرَفَةَ

- ‌120 - الذِّكْرُ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ

- ‌121 - التَّكْبِيرُ عِنْدَ رَمْي الجِمَارِ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ

- ‌122 - مَا يَقُوْلُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ والأمْرِ السَّارِّ

- ‌123 - مَا يَفْعَلُ مَنْ أَتَاهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ

- ‌124 - مَا يَقُولُ ويَفْعَلُ مَنْ أَحَسَّ وَجَعاً في جَسَدِهِ

- ‌125 - دُعَاءُ مَنْ خَشِيَ أنْ يُصِيبَ شَيئاً بِعَيْنِهِ

- ‌126 - مَا يُقَالُ عِنْدَ الفَزَعِ

- ‌127 - مَا يَقُولُ عِنْدَ الذَّبْحِ أوِ النَّحْرِ

- ‌128 - مَا يَقُولُ لِرَدِّ كَيْدِ مَرَدَةِ الشَّيَاطِينِ

- ‌129 - الاسْتِغْفَارُ والتَّوْبَةُ

- ‌130 - فَضْلُ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ، والتَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ

- ‌131 - كَيْفَ كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُسَبِّحُ

- ‌132 - مِنْ أنْوَاعِ الخَيْرِ والآدَابِ الجَامِعَةِ

الفصل: ‌15 - أذكار الأذان

- البسملة والصلاة من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، والسلام وطلب الفضل من حديث أبي حميد وأبي أسيد، وطلب العصمة من حديث أبي هريرة رضي الله عنهم جميعاً.

قال الطيبي رحمه الله تعالى: ((لعل السر في تخصيص الرحمة بالدخول والفضل بالخروج؛ أن من دخل اشتغل بما يزلفه إلى ثوابه وجنته، فيناسب ذكر الرحمة، وإذا خرج اشتغل بابتغاء الرزق الحلال فناسب ذكر الفضل؛ كما قال تعالى: {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (1).

قوله: ((اعصمني)) أي: احفظني وقني.

‌15 - أذْكَارُ الأَذَانِ

22 -

(1) يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ المُؤَذِّنُ إلَاّ فِي ((حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ وَحَيَّ عَلَى الفَلَاحِ)) فَيَقُولُ: ((لَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَاّ باللَّهِ)) (2).

فالحديث المتفق عليه الذي أشار إليه المصنف؛ هو قوله: ((إذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ؛ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ المُؤَذِّنُ)).

وهو من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

وأما الحديث الذي ذُكر فيه الحيعلة والتفصيل؛ فهو من رواية

(1) سورة الجمعة، الآية:10.

(2)

البخاري (1/ 152)[برقم (611)]، ومسلم (1/ 288)[برقم (383)]. (ق).

ص: 78

مسلم (1)، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:((إذا قال: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمداً رسول الله، قال: أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة)).

من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

قوله: ((إذا سمعتم النداء)) أي: الأذان.

قوله: ((ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله)) أي: ثم قال المؤذن.

قوله: ((قال: أشهد أن لا إله إلا الله)) أي: قال أحدكم

إلى آخره.

قوله: ((حي على الصلاة)) أي: هلموا إليها.

قوله: ((حي على الفلاح)) أي: أسرعوا إلى الفوز والنجاح والنجاة.

قوله: ((من قلبه)) أي: خالصاً مخلصاً من قلبه، ودل هذا على أن الأعمال يشترط لها الإخلاص، ولا عمل بدون الإخلاص؛ لأن الأصل في القول والفعل الإخلاص، قال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (2).

(1) رواه مسلم برقم (385). (م).

(2)

سورة البينة، الآية:5.

ص: 79

فالحديث الأول عام مخصوص بحديث عمر رضي الله عنه.

والمراد منه أن نقول مثل ما قاله غير الحيعلتين؛ فإنه يقول بعد قوله: حي على الصلاة وحي على الفلاح: لا حول ولا قوة إلا بالله.

وأما قول المؤذن: الصلاة خير من النوم فلم يرد شيء في القول بمثل ما يقول أو غير ذلك، فتبقى على العموم، أو على عدم ذكر شيء عند سماعها، وهو الأرجح؛ لأنها مما زيد على ألفاظ الأذان في أذان الفجر فقط؛ فيحتاج القول بمثل ما يقول المؤذن عند سماعها إلى دليل، ولا دليل على ذلك.

[قال المصحح: والصواب أن المستمع للأذان إذا سمع المؤذن يقول: الصلاة خير من النوم في أذان الفجر يقول مثل ما يقول المؤذن: ((الصلاة خير من النوم))؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن))](1).

واعلم أن إجابة المؤذن اختلف فيها؛ هل هي واجبة بالحديثين المتقدمين، أم هي سنة لحديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن يتشهد، قال:((وَأنَا وأنَا)) (2)؟! والأظهر القول بسنِّيَّتها، والله أعلم.

(1)[البخاري برقم 611، ومسلم، برقم 383، وانظر الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين 2/ 84]. [المصحح].

(2)

رواه أبو داود برقم (526)، وصححه الألباني، انظر:((صحيح الجامع)) برقم (4742). (م).

ص: 80

23 -

(2) يقولُ: ((وأنَا أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شَرِيْكَ لهُ، وأنَّ مُحمَّداً عبدُهُ ورَسُولُهُ، رَضِيتُ باللَّهِ رَبًّا، وبمُحَمَدٍ رَسُولاً، وبالإسْلامِ دِيناً)) (1)((يَقُولَ ذَلِكَ عَقِبَ تَشَهُّدِ المُؤَذِّنِ)) (2).

- صحابي الحديث هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

قوله: ((رضيت بالله ربًّا)) أي: ملكاً ومالكاً ومتصرفاً ومدبراً

[وإلهاً حقاً](3).

قوله: ((وبمحمدٍ رسولاً)) أي: رسولاً من عند الله - تعالى -؛ فأتابعه بكل ما جاء به؛ أأتمر بأمره وأنتهي عما نهى.

قوله: ((وبالإسلام ديناً)) أي: بأحكامه وشرائعه.

قوله: ((يقول ذلك عقب تشهد المؤذن)) أي: بعد قوله: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.

ليس هذا اللفظ لفظ رواية ابن خزيمة رحمه الله إنما لفظه هو، قوله صلى الله عليه وسلم: ((من سمع المؤذن يتشهد

)).

(1) مسلم (1/ 290)[برقم (386)]. (ق).

(2)

ابن خزيمة (1/ 220)[برقم (422)]. (ق).

(3)

[المصحح].

ص: 81

24 -

(3)((يُصَلِّي عَلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ إجَابَةِ المُؤَذِّنِ)) (1).

هذا من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ، فإنه من صلى عليَّ صلاة، صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة، حلت له الشفاعة)).

قوله: ((ثم صلوا عليَّ)) أي: بعد الفراغ من إجابة المؤذن صلوا علي؛ وإنما أمر بالصلاة عليه عقب الإجابة؛ لأن الإجابة دعاء وثناء، ولا يقبل الدعاء إلا بالصلاة عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم:((كل دعاء محجوب حتى يُصَلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم)) (2).

قوله: ((فإنه)) أي: فإن الشأن أن ((من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشراً))، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:((من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشراً، وحطت عنه عشر خطيئات، ورفعت له عشر درجات)) (3).

(1) مسلم (1/ 288)[برقم (384)]. (ق).

(2)

الحديث حسنه الألباني، انظر ((الصحيحة)) برقم (2035). (م).

(3)

رواه النسائي في ((عمل اليوم والليلة)) برقم (362 - 363)، وصححه الألباني، انظر ((صحيح الجامع)) برقم (6359). (م)

ص: 82

قوله: ((ثم سلوا الله لي الوسيلة)) والوسيلة ما يتقرب به إلى الغير؛ يقال: وَسَلَ فلان إلى ربه وسيلة، وتوسل إليه بوسيلة، إذا تقرب إليه بعمل، والمراد بها في الحديث منزلة في الجنة، حيث فسرها صلى الله عليه وسلم بقوله:((فإنها منزلة في الجنة)).

قوله: ((لا تنبغي)) أي: هذه الوسيلة ((إلا لعبد)) واحد، ((من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو)).

قوله: ((حلت له)) أي: وجبت له ((الشفاعة))؛ أي: شفاعتي.

25 -

(4) يَقُولُ: ((اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، والصَّلاةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيْلَةَ والفَضِيْلَةَ، وابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ، [إنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيْعَادِ])) (1).

- صحابي الحديث هو جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

قوله: ((رب هذه الدعوة التامة)) والمراد دعوة التوحيد؛ وقيل لدعوة التوحيد تامة لأن الشرك نقص، أو التامة التي لا يدخلها تغيير ولا

(1) البخاري (1/ 152)[برقم (614)]، وما بين المعقوفتين للبيهقي (1/ 410)، وحسن إسناده العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله في تحفة الأخيار (ص 38). (ق).

وقال الشيخ الألباني رحمه الله عن هذه الزيادة التي للبيهقي رحمه الله: ((هي شاذة؛ لأنها لم ترد في جميع طرق الحديث عن علي بن عياش، اللهم إلا في رواية الكشميني لصحيح البخاري خلافاً لغيره، فهي شاذة أيضاً لمخالفتها لروايات الآخرين للصحيح .. )) انظر: الإرواء (1/ 261). (م).

ص: 83

تبديل، بل هي باقية إلى يوم النشور، أو لأنها هي التي تستحق صفة التمام وما سواها فمعرض للنقص.

قوله: ((الصلاة القائمة)) أي: الدائمة.

قوله: ((الوسيلة)) هي منزلة في الجنة.

قوله: ((الفضيلة)) أي: المرتبة الزائدة على سائر الخلق.

قوله: ((وابعثه مقاماً محموداً)) أي: ابعثه يوم القيامة فأقمه مقاماً يحمد القائم فيه.

قوله: ((الذي وعدته؛ إنك لا تخلف الميعاد)) قال الطيبي رحمه الله: ((المراد بذلك قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (1)، وأطلق عليه الوعد؛ لأن عسى من الله تعالى واقع)).

وجاء في نهاية الحديث؛ قوله صلى الله عليه وسلم في جزاء من قالها: ((حلت له شفاعتي)) أي: استحقت ووجبت أو نزلت عليه.

قال المهلب رحمه الله: ((في الحديث الحض على الدعاء في أوقات الصلوات؛ لأنه حال رجاء الإجابة)).

26 -

(5)((يَدْعُو لِنَفْسِهِ بَيْنَ الأَذَانِ والإقَامَةِ؛ فَإنَّ الدُّعَاءَ حِيْنَئذٍ لا يُرَدُّ)) (2).

(1) سورة الإسراء، الآية:79.

(2)

الترمذي [برقم (212)]، وأبو داود [برقم (521)]، وأحمد [(3/ 119)]، وانظر: إرواء الغليل (1/ 262). (ق).

ص: 84

وهذا جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة)).

- صحابي الحديث هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه.

ولفظ الدعاء بإطلاقه شامل لكل دعاء، ولكن لابد من تقييده بما في الأحاديث الأخرى من أنه ما لم يكن دعاء بإثم أو قطيعة رحم أو اعتداء.

16 -

دُعَاءُ الاسْتِفْتَاحِ

قوله: ((الاستفتاح)) أي: افتتاح الصلاة.

27 -

(1)((اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ، بالثَّلْجِ والمَاءِ والبَرَدِ)) (1).

- صحابي الحديث هو أبو هريرة رضي الله عنه.

قوله: ((خطاياي)) جمع خطيئة؛ وهي الذنب.

وإنما شبه بعدها ببعد المشرق والمغرب مبالغة في البعد؛ لأنه ما في المشاهدات أبعد مما بين المشرق والمغرب، فيكون المراد من المباعدة محو الذنوب، وترك المؤاخذة بها، أو المنع من وقوعها، والعصمة منها.

قوله: ((اللهم نقني)) أي: نظفني ((من خطاياي)) كما تنظف ((الثوب

(1) البخاري (1/ 181)[برقم (744)]، ومسلم (1/ 419)[برقم (598)]. (ق).

ص: 85

الأبيض من الدنس))؛ شبه نظافة ذاته من الذنوب بنظافة الثوب الأبيض من الدنس؛ لأن زوال الدنس في الثوب الأبيض أظهر، بخلاف سائر الألوان؛ فإنه ربما يبقى فيه أثر الدنس بعد الغسل، ولم يظهر ذلك لمانع فيه بخلاف الأبيض، فإنه يظهر كل أثر فيه؛ والقصد من هذا التشبيه أن يقلع من الذنوب بالكلية، كقلع الدنس من الثوب الأبيض، بحيث لم يبق فيه أثر ما.

قوله: ((اللهم اغسلني من خطاياي

)) إلى آخره، ذَكَرَ أنواع المطهرات المنزلة من السماء، التي لا يمكن حصول الطهارة الكاملة إلا بأحدها، تبياناً لأنواع المغفرة، التي لا يخلص من الذنوب إلا بها؛ أي: طهرني من الخطايا بأنواع مغفرتك، التي هي في تمحيص الذنوب نهاية هذه الأنواع الثلاثة في إزالة الأرجاس، ورفع الجنابة والأحداث.

والمعنى: كما جعلتها سبباً لحصول الطهارة، فاجعلها سبباً لحصول المغفرة؛ وبيان ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي:((إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن، فغسل وجهه، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء)) (1).

28 -

(2)((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وتَبَارَكَ اسْمُكَ، وتَعَالَى جَدُّكَ، ولَا إلَهَ غَيْرُكَ)) (2).

(1) رواه مسلم برقم (244). (م).

(2)

أخرجه أصحاب السنن الأربعة [أبو داود برقم (775 و776) ، والترمذي برقم (242)

((و432)، والنسائي (2/ 133)، وابن ماجة برقم (804 و806)]، وانظر: صحيح الترمذي (1/ 77)، وصحيح ابن ماجة (1/ 135). (ق).

ص: 86

- صحابي الحديث هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، وعائشة رضي الله عنها.

قوله: ((وبحمدك)) أي: أحمد بحمدك، أو تقديره: وبحمدك سبَّحتك، ووفِّقْتُ لذلك.

قوله: ((وتبارك)) من البركة، وهي الكثرة والاتساع، وتبارك؛ أي: تعالى وتعظم، وكثرت بركاته في السموات والأرض، إذ به تقوم، وبه تستنزل الخيرات.

قوله: ((وتعالى)) أي: علا وارتفع.

قوله: ((جدك)) أي: عظمتك.

29 -

(3) ((وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ والأرْضَ حَنِيفاً ومَا أنَا مِنَ المُشْرِكينَ، إنَّ صَلاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، ومَمَاتِي للَّهِ رَبِّ العَالَمينَ، لا شَرِيْكَ لَهُ، وبِذَلِكَ أُمِرْتُ، وأَنَا مِنَ المُسْلِمينَ. اللَّهُمَّ أنْتَ الْمَلِكُ لا إلَهَ إلَاّ أنْتَ، أنْتَ رَبِّي، وأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، واعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِر لِي ذُنُوبِي جَمِيعاً إنَّهُ لا يَغْفِرُ

ص: 87

الذُّنُوبَ إلَاّ أنْتَ، وَاهْدِنِي لأحْسَنِ الأخْلَاقِ لَا يَهْدِي لأحْسَنِهَا إلَاّ أنْتَ، واصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَاّ أنْتَ، لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، والْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ، والشَّرُّ لَيْسَ إليْكَ، أنَا بِكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وتَعَالَيْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوْبُ إلَيْكَ)) (1).

- صحابي الحديث هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

قوله: ((وجهت وجهي)) أي: أخلصت ديني وعملي، وقيل: قصدت بعبادتي ((الذي فطر السموات والأرض)) أي: خلق السموات والأرض.

قوله: ((حنيفاً)) أي: مستقيماً مخلصاً؛ معناه: مائلاً إلى الدين الحق، وهو الإسلام؛ وأصل الحنف الميل، ويكون من الخير والشر، وينصرف إلى ما تقتضيه القرينة.

وقال أبو عبيد رحمه الله: ((الحنيفي عند العرب من كان على دين إبراهيم)).

قوله: ((وما أنا من المشركين)) بيان الحنيف، وإيضاح معناه.

و ((المشرك)) يطلق على كل كافر من عابد وثن وصنم ويهودي،

(1) أخرجه مسلم (1/ 534)[برقم (771)]. (ق).

ص: 88

ونصراني، ومجوسي، ومرتدٍّ، وزنديق

وغيرهم.

قوله: ((إن صلاتي)) أي: عبادتي.

قوله: ((نسكي)) أي: تقربي كله، وقيل: ذبحي.

وجمع بين الصلاة والذبح، كما في قوله تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (1)، وقيل: صلاتي وحجي.

قوله: ((ومحياي ومماتي)) أي: وما آتيه في حياتي، وأموت عليه من الإيمان والعمل الصالح ((لله رب العالمين)) خالصة لوجهة ((لا شريك له، وبذلك)) من الإخلاص ((أمرت)) من الله تعالى، ((وأنا من المسلمين)).

قوله: ((ظلمت نفسي)) بأن أوردتها موارد المعاصي.

قوله: ((واعترفت بذنبي)) والاعتراف بالذنب بمنزلة الرجوع منه، قدمه على سؤال المغفرة أدباً، كما قال آدم وحواء - صلوات الله عليهما وسلامه:{قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (2).

قوله: ((واهدني)) أي: ارشدني ووفقني ((لأحسن الأخلاق)) أي: لصوابها.

قوله: ((واصرف عني سيئها)) أي: سيء الأخلاق؛ أي: قبيحها.

(1) سورة الكوثر، الآية:2.

(2)

سورة الأعراف، الآية:23.

ص: 89

قوله: ((لبيك)) من اللب بالمكان إذا أقام به ولزمه؛ ومعناها: أنا مقيم على طاعتك.

قوله: ((وسعديك)) أي: إسعاداً بعد إسعاد.

قوله: ((والشر ليس إليك)) اعلم أن مذهب أهل الحق أن جميع الكائنات خيرها وشرها، نفعها وضرها، كلها من الله سبحانه وتعالى، وبإرادته وتقديره هو سبحانه وتعالى وقد اختلف العلماء في تفسيره، على عدة أقوال:

الأول: أن معناه: والشر لا يُتقرَّب به إليك - هو الأشهر -.

والثاني: لا يصعد إليك، إنما يصعد الكلم الطيب.

والثالث: لا يضاف إليك أدباً؛ فلا يقال: يا خالق الشر، وإن كان خالقه، كما لا يقال: يا خالق الخنازير، وإن كان خالقها.

والرابع: ليس شرًّا بالنسبة إلى حكمتك؛ فإنك لا تخلق شيئاً عبثاً - وهذا قوي - والله أعلم.

قوله: ((أنا بك وإليك)) أي: بك أستجير، وإليك ألتجئ، وبك أحيا وأموت، وإليك المرجع والمصير، أو أنا قائم بك؛ لأن جميع الموجودات الممكنة قائمة بك، وراغب إليك

، ونحو ذلك من التقديرات.

قوله: ((تباركت)): استحققت الثناء العظيم المتزايد.

قوله: ((وتعاليت)) أي: تعظمت عن مُتَوهم الأوهام، ومتصور الأفهام، وعن كل النقائص.

ص: 90

30 -

(4)((اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائيلَ، ومِيكَائيْلَ، وإسْرَافيْلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ، أنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بإذْنِكَ، إنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)) (1).

- صحابية الحديث هي عائشة رضي الله عنها.

قوله: ((رب جبرائل وميكائيل وإسرافيل)) إنما خصص هؤلاء بالذكر من بين سائر المخلوقات، كما جاء في القرآن والسنة من نظائره؛ من الإضافة إلى كل عظيم المرتبة، وكبير الشأن، ودون ما يستحقر ويستصغر؛ فيقال له: سبحانه رب السموات والأرض، ورب العرش الكريم، ورب الملائكة والروح، ورب المشرقين والمغربين، ورب الناس ورب كل شيء، فاطر السموات والأرض، خالق السموات والأرض، وكل ذلك وشبهه وصف له سبحانه وتعالى بدلائله العظيمة، وعظيم القدرة والملك.

ومعنى ((جبرائيل)) عبد الله؛ لأن ((جبر)) معرب ((كبر)) وهو العبد، و ((ائيل)) هو الله تعالى، وهو: أي: جبرائيل - ملك متوسط بين الله

(1) أخرجه مسلم (1/ 534)[برقم (770)]. (ق).

ص: 91

ورسله، وهو أمين الوحي، وكذلك ((ميكائيل وإسرافيل)) معناهما عبد الله، قيل: إنما خص هذه الملائكة تشريفاً لهم.

قوله: ((عالم الغيب والشهادة)) أي: ما غاب عن العباد وما شاهدوه.

قوله: ((اهدني لما اختلف فيه من الحق)) أي: وفقني إلى الحق الذي اختُلف فيه وثبتني عليه.

قوله: ((بإذنك)) أي: بتيسيرك وفضلك.

قوله: ((إلى صراط مستقيم)) أي: طريق الحق والصواب.

31 -

(5)((اللهُ أكْبَرُ كَبيراً، اللهُ أكْبَرُ كَبيراً، اللهُ أكْبَرُ كَبيراً، والحَمْدُ للَّهِ كَثيراً، والحَمْدُ للَّهِ كَثِيراً، وَالحَمْدُ للَّهِ كَثِيراً، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وأصِيلاً (ثَلاثاً) أعُوذُ با للَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ: مِنْ نَفْحِهِ وَنَفْثِهِ، وهَمْزِهِ)) (1).

- صحابي الحديث هو جبير بن مطعم رضي الله عنه.

قوله: ((الله أكبر كبيراً)) أي: كبرت كبيراً، ويجوز أن يكون حالاً مؤكدة، أو مصدراً بتقدير تكبيراً كبيراً.

قوله: ((كثيراً)) أي: حمداً كثيراً.

(1) أخرج أبو داود برقم (1/ 203)[برقم (764)]، وابن ماجه (1/ 265)[برقم (807)]، وأحمد (4/ 85)، وأخرجه مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما بنحوه، وفيه قصة (1/ 420)[برقم (601)]. (ق).

ص: 92

قوله: ((بكرة وأصيلاً)) أي: أول النهار وآخره.

قوله: ((نفخه)) فسرها الراوي بالكبر؛ وإنما فسر النفخ بالكبر؛ لأن المتكبر يتعاظم لا سيما إذا مدح.

قوله: ((نفثه)) فسرها الراوي بالشعر؛ وإنما كان الشعر من نفثة الشيطان؛ لأنه يدعو الشعراء المداحين الهجائين المعظمين المحقرين

، وقيل: المراد شياطين الإنس؛ وهم الشعراء الذين يختلقون كلاماً لا حقيقة له.

والنفث في اللغة: قذف الريق وهو أقل من التفل.

قوله: ((همزه)) فسرها الراوي بالموتة؛ والمراد بها هنا الجنون.

والهمز في اللغة: العصر، يقال: همزت الشيء في كفي؛ أي: عصرته.

32 -

(6)((اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ (1) أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَنْ فِيهنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَنْ فيهنَّ، [وَلَكَ الحَمْدُ أنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَنْ فِيهنّ]، [وَلَكَ الحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَنْ فِيهنّ][وَلَكَ الحَمْدُ أنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ][وَلَكَ الحَمْدُ] [أنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وقَوْلُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ الحَقُّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ

(1) كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله إذا قام من الليل يتهجد. (ق).

ص: 93

حَقٌّ، والنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقٌّ] [اللَّهُمَّ لَكَ أسْلَمْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وبِكَ آَمَنْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وإليْكَ حَاكَمْتُ. فاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ، ومَا أخَّرْتُ، ومَا أسْرَرْتُ، ومَا أعْلَنْتُ][أنْتَ المُقَدِّمُ، وأنْتَ المُؤَخِّرُ لا إلَهَ إلَاّ أنْتَ][أنْتَ إلَهِي لَا إِلَهَ إلَاّ أنْتَ])) (1).

- صحابي الحديث هو عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

قوله: ((أنت نور السموات والأرض)) أي: إن كل شيء استنار منها واستضاء فبقدرتك، وأضاف النور إلى السموات والأرض للدلالة على سعة إشراقه، وفشوا ضياءه، وعلى هذا فسر قوله تعالى:{اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} (2).

وقد ثبت أن الله تعالى سمى نفسه: ((النور)) بالكتاب والسنة، وقد ورد في الكتاب على صيغة الإضافة، وفي الحديث الصحيح (3) الذي جاء

(1) البخاري مع الفتح (3/ 3) و (11/ 116) و (13/ 371، 423، 465)[برقم (1120)]، ومسلم مختصراً بنحوه (1/ 532)[برقم (769)]. (ق).

(2)

سورة النور، الآية:35.

(3)

رواه مسلم برقم (178). (م).

ص: 94

عن أبي ذر رضي الله عنه من غير إضافة، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم:((نور أنى أراه)) حين سأله أبو ذر رضي الله عنه: ((هل رأيت ربك؟)).

[قال المصحح: قوله صلى الله عليه وسلم: ((نور أنَّى أراه)) معناه: حجابه نور فكيف أراه، وقد فسر ذلك الحديث الآخر الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور)) وفي رواية: ((النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)) (1). فاسم النور بدون إضافة يحتاج إلى دليل، أما القرآن فقد جاء مضافاً نور السموات والأرض](2).

وقد أحصى أهل الإسلام ((النور)) في جملة الأسماء الحسنى، وقد عرفنا من أصول الدين أن حقيقة ذلك ومعناه يختص بالله سبحانه، ولا يجوز أن يفسر بالمعاني المشتركة، وصح لنا إطلاقه على الله بالتوقيف.

[قال المصحح: سألت شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى: هل من أسماء الله النور؟ فقال: نور السموات والأرض](3).

ونقول في بيان ما أشكل: إن الله تعالى سمى القمر نوراً، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم نوراً، وهما مخلوقات، وبينهما مباينة ظاهرة في المعنى، فتسمية القمر بالنور

(1)[رواه مسلم، برقم 179، المصحح].

(2)

[المصحح].

(3)

[المصحح].

ص: 95

للضوء المنتشر منه في الأبصار، وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم به للدلالات الواضحة، التي لاحَت منه للبصائر، وسمى القرآن نوراً لمعانيه التي تُخرج الناس عن ظلمات الكفر والجهالة، وسمى نفسه نوراً لما اختص به من إشراق الجلال، [وسبحات] العظمة، التي تضمحل الأنوار دونها.

وهذا الاسم على هذا المعنى لا استحقاق فيه لغيره سبحانه، بل هو المستحق له المدعو به:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1).

قوله: ((أنت قيم السموات)) أي: الذي يقوم بحفظها ومراعاتها، وحفظ من أحاطت به، واشتملت عليه، يؤتي كل شيء ما به قوامه، ويقوم على كل شيء من خلقه مما يراه من تدبيره.

قوله: ((أنت رب السموات والأرض)) أي: أنت مالك السموات والأرض ((ومن فيهن)) والرب يأتي بمعنى المالك والسيد والمطاع والمصلح.

قوله: ((أنت الحق)) الحق اسم من أسماء الله - تعالى -؛ ومعناه: الموجود حقيقة، المتحقق وجوده وإلاهيته.

قوله: ((ووعدك الحق)) أي: الثابت غير الباطل؛ قال الله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (2).

قوله: ((وقولك الحق)) أي: غير كذب، بل هو صدق حقاً وجزماً.

(1) سورة الأعراف، الآية:180.

(2)

سورة آل عمران، الآية:9.

ص: 96

قوله: ((ولقاؤك الحق)) أي: واقع كائن لا محالة، والمراد من لقاء الله: المصير إلى الدار الآخرة.

[قال المصحح: لقاء الله تعالى حق لا شك فيه، لكن على الوجه اللائق بالله تعالى، من غير تعطيل، ولا تحريف، ولا تكييف، ولا تمثيل، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1). قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: ((أما اللقاء فقد فسره طائفة من السلف والخلف بما يتضمن المعاينة والمشاهدة بعد السلوك والمسير، وقال: إن لقاء الله يتضمن رؤيته سبحانه وتعالى

كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} فذكر أنه يكدح إلى الله فيلاقيه، والكدح إليه: يتضمن السلوك والسير إليه، واللقاء يعقبهما

))] (2).

قوله: ((والجنة حق)) أي: موجودة مُعدَّة للمؤمنين.

قوله: ((والنار حق)) موجودة مُعدَّة للكافرين.

قوله: ((والنبيون حق)) أي: حق في أنهم من عند الله - تعالى - وأنهم أنبياء الله تعالى وعبيده.

قوله: ((ومحمد حق)) أي: حق نبوته ورسالته، وأنه عبد الله ورسوله إلى العرب والعجم [والإنس والجن، ولا نبي بعده](3)، وإنما أفرد نفسه بالذكر، وإن كان داخلاً في النبيين، تنبيهاً على شرفه وفضله.

(1) سورة الشورى، الآية:11.

(2)

مجموع الفتاوى (6/ 461 - 475)(المصحح).

(3)

[المصحح].

ص: 97

قوله: ((والساعة حق)) أي: واقعة كائنة لا محالة، والمراد من الساعة هو الحشر والنشر.

قوله: ((اللهم لك أسلمت)) أي: انقدتُ وأطعت.

قوله: ((وبك آمنت)) أي: صدقت بك وبكل ما أخبرت وأمرت ونهيت.

فيه إشارة إلى الفرق بين الإيمان والإسلام.

قوله: ((وعليك توكلت)) أي: فوَّضت أمري إليك، واعتمدتُ في كل شأني عليك.

قوله: ((وإليك أنبت)) أي: رجعت وأقبلت بهمتي وطاعتي إليك، وأعرضت عما سواك.

قوله: ((وبك خاصمت)) أي: بك أحتج وأدافع، وأقاتل من عاند فيك، وكفر بك، وأقمعه بالحجة وبالسيف.

قوله: ((وإليك حاكمت)) أي: رفعت محاكمتي إليك في كل من جحد الحق، وجعلتك الحكم بيني وبينه، لا غيرك مما كانت تحاكم إليه الجاهلية وغيرهم، من صنم وكاهن ونار وشيطان .. وغيرها، فلا أرضى إلا بحكمك، ولا أعتمد على غيرك.

قوله: ((فاغفر لي ما قدمت وما أخرت)) أي: من الذنوب.

قوله: ((وما أسررت)) بها، ((وما أعلنت)) منها؛ أي: من المعاصي والذنوب.

ص: 98