المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المعاني هي المالكة سياستها والمستحقة طاعتها، فمَن نصر اللفظ على - البلاغة ١ - البيان والبديع - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 علوم البلاغة الثلاثة: أهميتها، والفرق بينها - علم البيان

- ‌مقدمة في أهمية علوم البلاغة

- ‌موضوع علوم البلاغة، والفرق بينها، وأثرها في النفس

- ‌علم البيان

- ‌الدرس: 2 التشبيه (1)

- ‌تعريف التشبيه

- ‌أركان التشبيه

- ‌أقسام التشبيه باعتبار الحسية والعقلية

- ‌الدرس: 3 التشبيه (2)

- ‌تعريف وجه الشبه

- ‌أحوال وجه الشبه

- ‌وجه الشبه باعتبار ذكره وحذفه، وباعتبار ظهوره وخفائه

- ‌الدرس: 4 التشبيه (3)

- ‌أدوات التشبيه

- ‌أغراض التشبيه

- ‌الدرس: 5 التشبيه (4)

- ‌بيان مكانة التشبيه من خلال نماذج من روائع التشبيه

- ‌كيف يُكتسب وجه الشبه من الأمور الدقيقة في أطراف التشبيه

- ‌الدرس: 6 المجاز اللغوي

- ‌تعريف الحقيقة، وبيان أقسامها باعتبار المصطلح

- ‌تعريف المجاز

- ‌المجاز بين التقرير والإنكار

- ‌أقسام المجاز اللغوي باعتبار الإفراد والتركيب

- ‌المصطلحات التي تطلق على أنواع المجاز "مجاز الاستعارة

- ‌الدرس: 7 الاستعارة

- ‌أقسام الاستعارة

- ‌الاستعارة المكنية والتخييلية

- ‌الاستعارة التصريحية

- ‌الدرس: 8 تابع: الاستعارة

- ‌الاستعارة الوفاقية، والاستعارة العنادية

- ‌الاستعارة المطلقة، والمجردة، والمرشحة

- ‌الاستعارة العامية والخاصية

- ‌الاستعارة باعتبار حسية وعقلية طرفي المستعار منه والمستعار له

- ‌الدرس: 9 المجاز المرسل

- ‌المجاز المرسل وعلاقاته "السببية والمسببية

- ‌علاقة: الجزئية، الكلية، اعتبار المكان

- ‌علاقة: اعتبار ما يكون، الحالية، المحلية، الآلية، المجاورة

- ‌الدرس: 10 تابع: المجاز المرسل

- ‌خصائص وأسرار الاستعارة

- ‌خصائص وأسرار المجاز المرسل

- ‌الدرس: 11 الكناية

- ‌تعريف الكناية

- ‌أقسام الكناية

- ‌تقسيم الكناية باعتبار القرب والبعد بين المعنيين

- ‌الدرس: 12 تابع الكناية - التعريض

- ‌أمثلة على الكناية البعيدة

- ‌التعريض

- ‌بلاغة وأثر وقيمة الكناية والتعريض

- ‌الدرس: 13 علم البديع: مفهومه، ومراحل تطوره

- ‌تعريف علم البديع

- ‌نشأة البديع، ومراحل تطوره

- ‌استعراض لأهم جهود المعنيين بعلم البديع

- ‌الدرس: 14 منزلة البديع، ومدخله في الإعجاز القرآني - الطباق (1)

- ‌منزلة البديع بين الدراسات البلاغية، ومدى تبعيته للمعاني والبيان

- ‌مدخل البديع في الإعجاز القرآني

- ‌الطباق، وأقسامه

- ‌الدرس: 15 الطباق (2)

- ‌تعريفات أخرى للطباق، وصوره

- ‌أقسام الطباق من حيث الإيجاب والسلب

- ‌أقسام الطباق باعتبار التضاد والاتفاق في المعاني

- ‌الدرس: 16 الطباق (3)

- ‌أقسام الطباق باعتبار الظهور والخفاء

- ‌أثر الطباق وبلاغته في الكلام

- ‌الدرس: 17 المقابلة

- ‌تعريف المقابلة لغةً واصطلاحًا

- ‌أثر المقابلة في بلاغة الكلام

- ‌الدرس: 18 تأكيد المدح بما يشبه الذم، والعكس

- ‌(تأكيد المدح بما يشبه الذم

- ‌تأكيد الذم بما يشبه المدح

- ‌الدرس: 19 التورية

- ‌معنى التورية لغةً واصطلاحًا، وعناصرها

- ‌الفرق بين المجاز والتورية

- ‌الفرق بين التورية والكناية

- ‌أقسام التورية

- ‌الدرس: 20 السجع

- ‌تعريف السجع لغةً واصطلاحًا، والسجع عبر العصور

- ‌آراء في أسلوب السجع، وهل يطلق على ما جاء في القرآن

- ‌شروط حسن السجع، وأنواعه

- ‌بلاغة السجع

- ‌الدرس: 21 الجناس باعتباره أحد المحسنات اللفظية

- ‌معنى الجناس في اللغة والاصطلاح، وجهود البلاغيين في إبرازه

- ‌تقسيم المحسنات البديعية إلى: معنوية، ولفظية

- ‌أقسام الجناس

- ‌بلاغة الجناس

الفصل: المعاني هي المالكة سياستها والمستحقة طاعتها، فمَن نصر اللفظ على

المعاني هي المالكة سياستها والمستحقة طاعتها، فمَن نصر اللفظ على المعنى كان كمَن أزال الشيءَ عن جهته، وأحاله عن طبيعته، وذلك مظِنة الاستكراه، وفيه فتح أبواب العيب والتعرض للشيء". والحاصل: أن الجناس محسن لفظي وإن كان التحسين فيه شاملًا لكل من اللفظ والمعنى، إلا أن التحسين فيه لما كان راجعًا إلى اللفظ أولًا وبالذات عُدَّ ضمن المحسنات اللفظية.

‌أقسام الجناس

هذا، وللجناس أقسام كثيرة ومتفرعة، وصور عديدة ومتنوعة، وأساس هذه الأقسام هو اللفظ، أما المعنى فلا مدخلَ فيها؛ لأنه مختلَف في كل قسم من أقسامه. والأقسام الرئيسة التي ارتضاها البلاغيون للجناس هي التام وغير التام. فالجناس التام: هو ما كان طرفاه متفقين في أربعة أمور: نوع الحروف بأن تكون الكلمتان مكونتين من حروف متحدة، مثل:

للسود في السود آثار تركن بها

وقعًا من البيض يثني أعينَ البيض

ب- عدد الحروف بأن تكون الكلمتان مكونتين من حروف متساوية من حيث العدد بعد الاتفاق في الجنس، ولا يعتد بـ"أل" التعريفية؛ لأنها طارئة على الكلمة.

جـ- هيئة الحروف بأن تكون الحروف المتجانسة المتساوية في العدد متحدةَ الضبط في الكلمتين: الرفع يقابله رفع، والنصب نصب، وهكذا في كل حروفها، ولا يُعتد بحركة الحرف الأخير؛ لأنه خاضع لعوامل الإعراب.

د- ترتيب الحروف: بأن تكون الحروف المتجانسة المتساوية العدد، المتحدة الضبط، متحدة الموضع، الأول يقابله الأول، والثاني والثالث كذلك وهكذا.

ص: 492

وكل هذه الشروط موجودة في بيت ابن الرومي السابق، فهو من الجناس التام. وعلى هذا فكل جناس اتحد طرفاه في الأمور الأربعة فهو جناس تام. وقد قسمه البديعيون إلى أربعة أنواع:

النوع الأول: التام المماثل؛ وهو ما اتفق طرفاه في الاسمية أو الفعلية أو الحرفية، بأن يكون اسمين أو فعلين أو حرفين. ومن أمثلة الجناس الاسمي قول بعضهم: زائر السلطان كزائر الليل في الزائر. ومنه قول الأفوه الأودي:

وأقطع الهَوْجَل مستأنسًا

بهوجل عَيْرانة عنتريس

فالجناس هنا بين "هوجل" و"هوجل" الأول بمعنى الطريق البعيد، والثانية بمعنى الفرس. ومنه قول المتنبي:

لك يا منازل في القلوب منازل

أقفرتِ أنت وهن منك أواهل

فقد خاطَب الشاعر منازلَ أحيائه الدارسة، قائلًا لها: إن في قلبه منزلةً وذكرَى لا تزول، وإن أقفرتْ تلك المنازل من ساكنيها وعفا عليها الدهر، والجناس بين "منازل" و"منازل". الأولى بمعنى مكان السكنى، والثانية بمعنى المكانة والذكرى. ومنه قول الشاعر يرثي صديقًا له اسمه اللواتي:

أعيني أين أدمعك اللواتي جريـ

نـ دمًا غداة قضَى اللواتي

فالجناس هنا بين "اللواتي" و"اللواتي" الأولى بمعنى الدموع، والثانية اسم شخص. ومنه قول أبي تمام:

إذا الخيل جابت قسطل الحرب صدعوا

صدور العوالي في صدور الكتائب

"جابت": قطعت واخترقت، و"قسطل الحرب" يعني: غباره، والمعنى: إذا دارت المعارك فإن الأبطال الممدوحين يحطمون أطراف الرماح في صدور الأعداء.

ص: 493

فالجناس هنا بين "صدور العوالي" بمعنى أطراف الرماح، و"صدور الكتائب" بمعنى نحور جنود كتائب الأعداء. ومن الجناس التام المماثل قول الله تعالى:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} (الروم: 55) فالجناس بين: {السَّاعَةُ} و {سَاعَةٍ} الأولى بمعنى يوم القيامة، والثانية بمعنى اللحظة الأخيرة من الزمن. ومن أمثلة الجناس الفعلي:

يا إخوتي منذ بانت النُّجُب

وجب الفؤاد وكان لا يجب

يعني: من الوجيب، وهي الحركة الشديدة:

فارقتكم وبقيتُ بعدَكم

ما هكذا كان الذي يجب

فالجناس بين "يجب" و"يجب" الأولى بمعنى يضطرب ويتحرَّى، والثانية بمعنى يلزم. وقال أحد الشعراء يذم مَن يتعاطى قول الشعر وليس هو بشاعر:

والمعدمون من الإبداع قد كثروا

وهم قليلون إن عُدوا وإن حصروا

قوم لو أنهم ارتاضوا لَمَا قرضوا

أو أنهم شعروا بالنقص ما شعروا

فالجناس بين "شعروا" و"شعروا" الأولى بمعنى أحسوا، والثانية بمعنى لم يقولوا الشعر. يقول: لو أن هؤلاء علموا بنقصهم لما جرأ واحد منهم على أن يقول شعرًا. فهذا جناس من نوع واحد فِعلي كسابقه. والجناس التام الفعلي أمثلته نادرة وليس في القرآن مثال واحد منه، وإنما جاء فيه الجناس التام الاسمي -كما مر بك- في آية واحدة، وذكر السيوطي في (الإتقان): أن شيخ الإسلام ابن حجر استنبط موضعًا آخرَ منه في القرآن الكريم هو قول الله تعالى: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ * يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} (النور: 43، 44) فـ"الأبصار" الأولى بمعنى البصر، والثانية بمعنى العقول؛ وعلى هذا، فالجناس بينهما تام مماثل.

ص: 494

أما التام المماثل الحرفي فلا يكاد يوجد، وكان من السهل صرف الفكر عنه، وإنما ذكرناه لتكون على بينة منه وجودًا أو عدمًا. وقد مثل مجيزوه بقولهم: قد يجود الكريم وقد يبخل الجواد، وقالوا: الجناس بين "قد" و"قد" الأولى مفيدة للتكثير، والثانية مفيدة للتقليل، فهما مختلفا المعنى مع اتحاد اللفظ، كما مثلوا له بقولهم: ما منهم من قائم، منهم الأولى بيانية والثانية زائدة، وإذا كان هذا منهجهم في التمثيل للجناس الحرفي فأحرَى أن يمثَّل له بقول الشاعر:

قهرناكم حتى الكماة فأنتم

تهابوننا حتى بنين الأصاغر

فإن "حتى" و"حتى" مع اتحاد لفظيهما مختلفان في المعنى حيث مدخولهما، فالأولى تفيد التعظيم، والثانية تفيد التحقير. وهذا شاهد مأثور، فهو أولى من المصنوع. النوع الثاني من الجناس التام: المستوفى، وضابط هذا النوع هو أن يكون طرفاه مختلفين: اسم وفعل، أو اسم وحرف، أو فعل وحرف، وهذا النوع أكثر ورودًا من الجناس التام المماثل؛ لتسامحهم في بعض القيود التي اعتبروها في المماثِل، ولذلك كثرت أمثلته في كلام الأدباء، ومنه قول المعري:

لو زارنا طيف ذات الخال أحيانًا

.....................

الخال: هي النكتة أو الندبة التي تكون في خد الحسناء.

لو زارنا طيف ذات الخال أحيانا

ونحن في حُفر الأحداث أحيانا

فالجناس بين "أحيانا" و"أحيانا" الأولى اسم وهي جمع حين، والثانية فعل، والمعنى: لو أن المحبوب زارنا ونحن أموات لبعث فينا الروحَ من جديد بزيارته. ومثله:

وسميته يحيى ليحيا فلم يكن

إلى رد أمر الله فيه سبيل

ص: 495

والمعنى: أن الشاعر سمى وليده يحيى؛ تفاؤلًا لكي يعيش، ولكنه أتاه أجله المحتوم، فبادره ولم تجدِ التسمية. والجناس -كما هو واضح- بين "يحيى" و"يحيا" الأولى اسم والثانية فعل. ومثله قول أبي تمام يمدح يحيى بن عبد الله البرمكي:

ما مات مِن كَرم الزمان فإنه

يحيا لدى يحيى بن عبد الله

فـ"يحيى" الأولى فعل، والثانية اسم، وهذا يختلف عن سابقه من حيث تقدم الفعل فيه على الاسم. أما السابق فالاسم فيه مقدم على الفعل، ومثله قول أبي الفتح البستي:

قيل للقلب ما دهاك أجبني

قال لي بائع الفران فراني

ناظراه فيما جنى ناظراه

أو دعاني أمُت بما أودعاني

في النص ثلاثة مواضع للجناس؛ الأول: بين "الفراني" و"فراني" وهو من الجناس التام المستوفي؛ لأن الأولى اسم، والثانية فعل. والثاني: بين "ناظراه""وناظراه" وهو من الجناس التام المستوفي؛ لاختلاف طرفيه بين الفعلية والاسمية، وهو محل الشاهد؛ لأن ناظراه الأولى فعل أمر مسند إلى ألف الاثنين، ومعناه: جادلاه وساءلاه، وناظراه الثانية اسم بمعنى عيناه، يعني: أنه سحره بنظراته الآسرة. الثالث: فهو بين "دعاني" و"أودعاني" والمعنى: جادلاه وسائلاه فيما فعلتُ في عيناه، فإن لم تفعلَا فاتركاني أمت بما أودعتُ في عيناه. ومثال مقابلة الاسم بالحرف مع ندرة هذا النوع: ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجهَ الله تعالى إلا أجرتَ بها، حتى ما تجعل في فِي امرأتك)) "في" الأولى حرف جر، والثانية اسم بمعنى الفَم. ومثاله في مقابلة الفعل بالحرف ما ذكروه من قولهم: علا زيد على جميع أهله، بمعنى: علت منزلته عليهم.

ولا يخفَى عليك بعد أن الجناس التام المستوفي إنما هو فيما وقع بين الاسم والفعل أو الفعل والاسم، وعلى هذا نص ابن السبكي ملغيًا من الحساب كل جناس

ص: 496

كان الحرف طرفًا فيه، وقد وقفتَ أنت على حقيقة ذلك، إذ المعول عليه في هذه الفنون هو ما كان طريقه معروفًا عند الأدباء وكثر سَيْرهم فيه، أو قل مع مَلاحته، وكل ما ذكر للجناس الحرفي سوى الحديث المذكور:((حتى ما تجعل في في امرأتك)) فإنه يحمل بين طياته أسباب رده. ثالث أنواع الجناس التام: ما يسمى بالجناس المركب، وضابطه: أن يكون مكونًا من طرفين أحدهما مركب إما من كلمتين مستقلتين، أو كلمة، أو جزء كلمة، أو جزئي كلمتين، أما الطرف الآخر فيكون مفردًا. ومما هو مشهور في ذلك قول أبي الفتح البستي:

إذا ملِك لم يكن ذا هبة

فدعه فدولتُه ذاهبة

فالجناس بين "ذا هبة" و"ذاهبة" والطرف الأول مكون من كلمتين: "ذا" بمعنى صاحب، "وهبة" بمعنى منحة، والطرف الثاني هو كلمة واحدة "ذاهبة" اسم فاعل مؤنث. وهذا النوع منه ما يسمى بالملفوف، وهو ما تركب أحد ركنيه من كلمتين تامتين، كقول الشاعر -وقد سبق:

ناظراه فيما جنى ناظراه

أو دعاني -أي اتركاني- أمت بما أودعاني

ومثله قول الشاعر:

أسرع وسِرْ طالب العلم

بكل واد وكل مَهْمَهْ

يعني: مكان مقفر.

وإن لحى عاذل جَهولٌ

فقل له: يا عذول مَه مَه

فالطرف الثاني "مه مَه" مسكون من كلمتين تامتين كما ترى. ومنه: ما يطلق عليه المرفوف، وهو ما كان طرفُه المركب مكونًا من كلمة وبعض أخرى، ومنه قول الحريري:

ولا تلهَ عن تذكار ذنبك وابكه

بدمع يحاكي الوبلَ حالَ مصابه

ص: 497

ومثِّل لعينيك الحمامَ ووقعه

وروعة ملقاه ومطعم صابه

فالركن الثاني مركب من ميم "مطعم" ومن كلمة "صابه" التي بعده، ولا عبرةَ بهاء ضمير الغائب المضاف إليه في الموضعين؛ لأن الجناس متحقق مع زوالهما، فلا تظن أن الطرف الأول مركب من كلمتين والثاني من كلمتين وبعض أخرى. والمعنى: تذكر ذنوبك وتندَّمْ على فعالها وانتحب؛ خوفًا من عقابها، واجعل الموتَ دائمًا بين ناظريك، وخوِّف نفسك لقاءَه، وطعمه المر. والجناس التام المركب يأتي على غير ما وجه، وهو إما أن يتشابه طرفاه لفظًا ومعنى، ويسمى متشابهًا. ومن أمثلته قول شمس الدين بن عبد الوهاب:

طار قلبي يوم ساروا فَرَقًا

وسواء فاض دمعي أو رقا

يعني: سكن.

حار في سقمي مَن بعدهم

كل مَن في الحي داوَى أو رقى

يعني: قرأ الرقية.

بعدهم لا طل وادي المنحنى

وكذا بان الحِمى لا أورقا

فقد وقع في هذا النص ثلاثة ألفاظ بينها تجانس، وهي:"أو رقا" و"أورقى" وأورقا" الأولى بمعنى أو سكن، والثانية بمعنى أو قرأ رقيةً، والثالثة بمعنى أظهر ورقة. ومعنى النص: طار قلبي يوم تفرق أحبابي وظعنوا ولم يُجْدِ هطول دمعي، فبكائي وعدم بكائي سواء، وقد تحير الناس في سبب أسقامي، فهرعوا إلى علاجي، بعضهم طلب شفائي بإعطائي الأدوية، وآخرون كانوا يرقونني بالتلاوة والأبخرة، وقد أقفر الوادي بعد رحيلهم، ولم يعد له معنى عندي، فهم كانوا كل شيء فيه، كانوا ريَّه وزينته وبهجته، وبعدهم صار أجردَ قاحلًا. ولا يخفَى عليك أن هذا المثال من التام المركب الملفوف المتشابه، فهو تام لتوافر شروط

ص: 498

التمام فيه من حيث عدد الحروف وجنسها وترتيبها وهيئاتها، ومركب لأن أحد طرفي الجناس ليس مفردًا، وملفوف لأن طرفه المركب مكون من كلمتين تامتين، ومتشابه؛ لأنه قد تشابه في اللفظ والخط. ومنه قول الآخر:

عضنا الدهر بنابه -يعني: بضرسه-

ليت ما حل بنا به

وإذا اختلف الطرفان خطًّا مع تشابههما لفظًا سمي مفروقًا، فعلى نحو ما يأتي التام المركب متشابهًا أو ملفوفًا، يأتي كذلك مفروقًا. ومن أمثلته قول الشاعر:

تعْرِضْنَ لا على الرواة قصيدة

ما لم تكن بالغتَ في تهذيبها

فإذا عرضتَ الشعرَ غير مهذب

عدوه منك وساوسا تهذي بها

فالجناس بين "تهذيبها" و"تهذي بها" وهما متشابهان لفظًا، مختلفان خطًّا كما ترى. ومن صور التام المركب: ما يسمي بالجناس الملفق، وضابطه: أن يكون طرفاه مركبين من كلمتين أو كلمة وبعض كلمة، والفرق بينه وبين الجناس المركب: أن المركب حصل الترتيب فيه في ركن واحد، وهذا التركيب فيه في الركنين معًا، وهو إما موافق، وإما مفارق، فالملفق الموافق: هو ما توافق طرفاه خطًّا، مثل قول الشاعر:

وليت الحكم خمسًا بعد خمس

لعمري والصبا في العنفوان

فلم تضع الأعادي قدر شاني "يعني: منزلتي"

ولا قالوا فلان قد رشاني

فالجناس بين "قدر شاني" و"قد رشاني" وكل من الطرفين مركب من كلمتين، الأول: مركب من قدر وشاني بمعنى منزلتي، فهو مركب من اسمين، والثاني: مركب من قد ورشاني بمعنى: دفع لي رشوة، فهو مركب من حرف قد، وفعل رشاني. وهكذا. أما الملفق المفارق: فهو ما اختلف طرفاه خطًّا، كقول الشاعر:

خبروها بأنه ما تصدى

لسلو عنها ولو مات صدى

ص: 499

فالطرف الأول مركب من "ما" وهو حرف نفي، ومن "تصدى" بمعنى تعرض، وهو فعل، والثاني مركب من "مات" وهو فعل، و"صدى" وهو اسم. والمعنى: أعلموها أني باقٍ على حبها ولم أتطلع إلى سواها، ولو مِت من هجرها لي. ومنه كذلك قول البستي:

إلى حتفي سَعَى قدمي

أرى قدمي أراقَ دمي

فالجناس في الشطر الثاني من البيت طرفه الأول مركب من فعل واسم، ومثله الثاني. ولعلك تلحظ أن الطرفين فيه قد اتفقَا لفظًا مع اختلافهما خطًّا. وهذا الجناس أجمل من سابقه؛ لاتفاقه في اللفظ، وليس ذلك بشرط فيه، بدليل اشتراك السابق معه في التسمية.

وقد ذكرنا أن الجناس التام مشروط فيه أربعة شروط، وهي: تجانس حروف طرفيه حيث الضبط، أو تساويهما في العدد، واتفاقهما في الترتيب، واتفاقهما في المخرج، فإن تخلف شرط من هذه الشروط خرجنا من الجناس التام إلى أنواع أخرى من الجناس غير التام، تختلف أسماؤها باختلاف الشرط المتخلف، فإن تخلف شرط اتفاقها في الضبط سُمي بالجناس المحرف، وإن اختل شرط اتفاقهما في عدد الحروف سمي بالناقص، وإن اختل شرط ترتيبها سمي بالجناس المقلوب، وإن كان الاختلاف في نوع الحروف من حيث تقارب المخارج وتباعدها، سمي بالمضارع أو اللحن. فما هو الجناس المحرف؟

الجناس المحرف: هو كل جناس اختلف فيه الطرفان من حيث ضبط حروفهما حركات وسكنات، وشرط المتخلفون هو الاتفاق في الضبط، وعلى هذا يمكن تصور الجناس المحرف في الاسم: بأنه ما اختلف ضبط الحروف فيه، ومع هذا يبقَى الجناس المحرف محتفظًا بتساوي عدد الحروف، واتفاق ترتيبها وتجانسها في الطرفين. ومن أمثلته قول أبي تمام:

ص: 500

هن الحمام فإن كسرتَ عيافة

من حائهن فإنهن حِمام

فالجناس بين "الحمام" بفتح الحاء و"حِمام" بكسرها، فالاختلاف هنا في هيئة الحركة فتح فكسر. ومثله قول الآخر:

كيف لا أبغض الصباحَ وفيه

بان عني ذوو الوجوه الصباح

فالجناس بين "الصباح" بفتح الصاد المشددة، و"الصباح" بكسر الصاد المشددة، الأولى بمعنى وقت الصباح، والثانية بمعنى الوجوه المشرقة المضيئة، التي مفردها صبيح. "وبان عني" يعني: رحل وظعن، والاختلاف هنا في هيئة الحركة كذلك فتح فكسر. ومن الجناس المحرف قول المعري:

والحُسن يظهر في شيئين رونقه

بيت من الشعر أو بيتٍ من الشعر

فالجناس بين "الشعر" بمعنى الكلام المنظوم، وبين "الشعر" والمراد به ما على الرأس، والأولى بسكون العين وكسر الشين المشددة، والثانية بفتح العين وفتح الشين المشددة. فالاختلاف هنا بين سكون وحركة وليس بين حركة وحركة، ومثله قولهم:"البدعة شَرك الشِّرك" بفتح الراء في الأولى وسكونها في الثانية، وبفتح الشين في الأولى وكسرها في الثانية، والمعنى مختلف كما تعلم، ومنه قول الشاعر:

أم سيحدثني فقلت لصاحبي

أمحدث أم مُحْدث مَن فيه

فالجناس بين "محدِّث" بالتشديد بمعنى متكلم، و"مُحْدث" بتخفيف الدال المكسورة بمعنى أحدث. ومما ذُكِرَ في ذلك قول السكاكي:"الجاهل إما مفرط أو مفرِّط"، فالتشديد والتخفيف من قبيل اختلاف الضبط، ولا يفهم منه الزيادة والنقص في الحروف باعتبار أن الحرف المشدد حرفان والمخفف حرف واحد، فيكون الجناس ناقصًا -كما سيأتي- وليس محرفًا؛ لأن الحرف المشدد في حكم الحرف الواحد.

ص: 501

نخلص من هذا: أن الجناس المحرف منظور فيه إلى ضبط الحروف في الطرفين، فتارةً تختلف حركة حرف في طرف مع حركة حرف مناظر في الطرف الآخر، مثل حمام وحمام، والصباح والصباح، وتارةً يكون الاختلاف ناشئًا عن حركة وسكون، وثالثة يكون الاختلاف بالتشديد والتخفيف، فيكون الحرف المشدد فيكون الحرف مخففًا في طرف، ومشددًا في طرف آخر.

ولا تنس أن حركة الأطراف لا اعتبار لها لخضوعها لعوامل الإعراب، فإن كان طرفَا الجناس ثلاثيين فالمعتبر حركة الحرفين الأولين دونما نظر لحركة الحرف الثالث، وهكذا فيما زاد على الثلاثة. والجناس الناقص -كما ألمحنا قبل ذلك- هو ما اجتمعت فيه ثلاثة شروط، هي: تجانس الحروف، واتفاق الضبط، واتفاق الترتيب، وتخلف فيه شرط واحد هو تساوي الحروف في العدد في الطرفين. وعلى هذا فالجناس الناقص: هو ما نقص أحدُ طرفيه عن الآخر في عدد الحروف. ولهذا النوع من الجناس أحوال وأضرب متعددة، ملخصها في الآتي: أن يقع الاختلاف في الطرفين بحرف واحد بأن يكون في أول الطرف الزائد، مثل قول الشاعر:

وكم سبقت منه إلي عوارف

ثنائي من تلك العوارف وارف

وكم غُرَر من بِره ولطائف

بشكري على تلك اللطائف طائف

فـ"العوارف" يعني بها: المعروف، و"وارف": الممتد، و"الغرر": الصنائع الجميلة، والمعنى: له علي فضائل سابغة استحقت مني كل شكر وثناء. والجناس بين "عوارف" و"وارف" وبين "لطائف" و"طائف" وقد وقع الحرف الزائد في أول الطرف الذي به الزيادة العين في "عوارف" واللام في "لطائف". وقد يكون الحرف الزائد في وسط الطرف المزيد كقول الشاعر:

كفانا إلكيم حدنا وحديدنا

وكف متى تطلب الوتر تنقم

ص: 502

الجناس بين "حدنا" و"حديدنا" وحرف الزيادة هو الياء الواقع بين المِثلين، والمعتبر في الحرفين هنا "حد" و"حديد"، ولا تأثيرَ للضميرين المضافين إليه. وقد تكون الزيادة في آخر الطرف المزيد، كقول كعب بن زهير الشاعر المعروف:

ولقد علمت وأنت غير حليمة

ألا يقربني هوى لهوان

فالجناس بين "هوى" و"هوان". ومنه قول البهاء زهير الشاعر المصري:

أشكو وأشكر فعله

فأعجب لشاك منه شاكر

طرفي وطرف النجم فيك

كلاهما ساهٍ وساهر

فالجناس المراد هنا "شاك" و"شاكر"، و"ساه" و"ساهر". فالزيادة في هذه الأمثلة في آخر الطرف المزيد. ولكل من هذه الأضرب تسميات من الخير ألا نثقل بها. قد تقع الزيادة في هذه النوع في أكثر من حرف، أما في الأول مثل قولك وأنت تؤم المصلين: ضَعْ بصرك موضع سجودك، فالجناس بين "ضع" و"موضع". وكقول الشاعر:

فلي طبْع كسلسال معِين

زلال من ذرا الأحجار جار

فالجناس بين "أحجار" و"جار". أو تقع الزيادة في الوسط، ومنه: بناء المساجد مجد خالد، فالجناس بين "مساجد" و"مجد". وقد تقع الزيادة في الآخر وهو كثير، ومنه قول الشاعر حسان بن ثابت الأنصاري:

وكنا إذا يغزوا النبي قَبُولة

نَصِل جانبيه بالقِنا والقنابل

فالجناس بين "القنا" و"القنابل"، والزيادة في الحرف كما ترى. ومثله قول الخنساء:

إن البكاء هو الشفاء

من الجوى بين الجوانح

وقد جنست بين "الجوى" و"الجوانح". مثله قول آخر يرثي ميتًا:

فيا لك من حَزْم وعزم طواهما

جديد الردى تحت الصفا والصفائح

ص: 503

جانس بين "الصفا" و"الصفائح". وأما الجناس المقلوب فضابطه: هو أن يختلف طرفاه في ترتيب حروفهما ويبقى محتفظًا بمقومات الجناس الأخرى التي هي اتفاق الحروف في النوع والضبط والعدد، وللجناس المقلوب قسمان هما: جناس قلب الكل، وجناس قلب البعض. فجناس قلب الكل ضابطه: أن تختلف حروفهما في الترتيب، بحيث يقع الحرف أولًا في طرف، وآخر في طرف آخر، وهكذا، وعلى ذلك جاء قول الشاعر:

حُسامك منه للأحباب فتح

ورمحك منه للأعداء حتف

فالجناس بين "فتح" و"حتف"، وأنت ترى أن الفاء أول "فتح"، وآخر "حتف"، والحاء أول في "فتح"، وآخر في "فتح"، أما التاء فقد ظل محتفظًا بترتيبه في الطرفين. وقد تلاعب الشعراء بهذا النوع من الجناس، واتخذوه منهجًا للتظرف والاستملاح، وقصدوا إلى ذلك قصدًا، من ذلك ما حكاه الأستاذ علي الجندي في (فن الجناس) مما روي عن الصاحب بن عبَّاد حين زار الشيخ أبا العباس بن الحارث في يوم شديد الحر، وكان الصاحب يتبرد بمروحة من الخيش، فقال الصاحب للشيخ أبي العباس:"ما يقول الشيخ في قلبه". في العبارة تورية في قوله: "في قلبه"، إذ معناه القريب قلبه الذي في صدره، ومعناه البعيد قلب حروف شيخ؛ لأنها عند القلب تصبح خيشًا، فيكون السؤال عن رأي الشيخ في مروحة الخيش.

وضابط قلب البعض: أن يكون التقديم والتأخير في بعض الحروف دون البعض الآخر، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:((اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا)) فبعض الحروف وهي العين والراء هي التي قُدمت في طرف، وأخرت في الآخر، وبقية حروف الطرفين ظل محتفظًا بالترتيب فيهما، ومنه قولهم: رحم الله امرأً أمسك ما بين

ص: 504

فَكيه وأطلق ما بين كفيه، فالتقديم والتأخير اعترَى الفاء والكاف وحدهما، ومنه في الشعر قول عبد الله بن رَواحة يمدح الرسولَ صلى الله عليه وسلم:

تحمله الناقة الأدماء معتجرًا

بالبَرد كالبدر جلا نوره الظلم

والجناس بين "البرد" و"البدر" فالباء في الطرفين أول، والتغيير إنما وقع بين ترتيب الدال والراء. ومنه قول المتنبي:

منعمة ممنعة رَداح

يكلف لفظها الطير الوقوع

والجناس بين "منعمة" و"ممنعة". وقد نص البديعيون على نوع ثالث من جناس القلب سموه بالمقلوب المستوي، وضابطه: أن يكون ترتيب الحروف في طرف عكس ما هو في الطرف الآخر، بحيث يمكن قراءة الكلمتين من الشمال إلى اليمين، كما تُقرأ من اليمين إلى الشمال، مثل قولهم: كَبَّر رجاءَ أجر ربك، فإنك لو أردتَ قراءة هذه الجملة من الشمال إلى اليمين، لأمكن لك ذلك، وذكروا له أمثلة أخرى، مثل: سور حَماه بربها محروس، وقولهم: سِرْ فلا كَبَا بك الفرس. ومن الشعر قول القاضي الأرجاني:

مودته تدوم لكل هول

وهل كل مودته تدوم

فإنك تستطيع أن تقرأ هذا البيت مبتدئا بآخر حرف فيه، بحيث يصير أول كلمة "مودته" المصدَّر بها البيت، وهكذا حتى تحصل على البيت مرة أخرى بلفظه ومعناه دونما أدنى تغيير. ومثله قول الآخر:

نال سِر العلا بما قد حواه

أو حد قام بالعلا رسلان

قد عارض شُراح (التلخيص) في عد هذا النوع من تجنيس القلب، وبنوا رفضهم على اعتبار أن تجنيس القلب يجب أن يذكر فيه المجانس له على هيئة من القلب، وأنه لا يُشترط فيه القلب على هذه الصورة، يعني: بحيث يمكن قراءته من

ص: 505

الوجهين دونما اختلاف. والحق مع شراح (التلخيص) بأن الجناس لا بد فيه من ذكر طرفيه على نحو ما تقدم. أما جناس المضارعة: فهو -كما ذكرنا آنفًا- منظور فيه إلى اختلاف نوع الحروف في الطرفين، مع بقاء بقية مقومات الجناس الأخرى التي هي الاتفاق في عدد الحروف، وضبطها، وترتيبها، فجناس المضارعة إذًا: هو أن تجمع بين طرفي جناس لا اختلافَ بينهما إلا في حرف واحد متحد في المخرج، أو متقارب مع نظيره في الطرف الآخر. ومن أمثلته قول الشريف الرضي:

لا يذكر الرمل إلا حق مغترب

له لدى الرمل أوطان وأوطار

جانس بين "أوطان" و"أوطار" والراء والنون من مخرج واحد عند بعض اللغويين مع اختلاف يسير في الصفة. ومن أمثلة وقوعه في الوسط: قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} (الأنعام: 26) فالاختلاف بين الهاء والهمزة، وهما من مخرج متحد وهو الحلق. ومثال وقوعه في الآخر: الخيل معقود بنواصيها الخير. الجناس بين "الخيل" و"الخير" واللام والراء متحدَا المخرج مع اختلاف يسير في الصفة كذلك، وكقولك: قرأ فقرَع الأسماع، قد جانستَ بذلك بين "قرأ" و"قرع" والهمزة والعين حلقيتان. هذا واتحاد المخرج أو تقاربه ضروري في تسمية الجناس مضارعًا، فإن تباعد المخرجان قد أخرج هذا اللونَ إلى مسمى آخر أطلقوا عليه اللاحق، وقد مثَّلوا له بقوله تعالى:{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (الهمزة: 1) لِبُعد مخرجي اللام والهاء، وقد وقع الاختلاف هنا في الأول. ومثلوا الوقوع في الوسيط بقوله تعالى:{وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (العاديات: 7، 8) إذ الاختلاف بين الدال والهاء، وهما وسط الحرفين، ومخرجاهما متباعدان.

ص: 506