المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في بيع الفضولي وما يمثله] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَمَا يُمَثِّلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَضْغُوطِ وَمَا أَشْبَهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَبْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُعَاوَضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّوْلِيَةِ وَالتَّصْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْكِرَاءِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفِي الْجَائِحَةِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مِنْ الْكِرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ وَالسُّفُنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجُعْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِرَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاعْتِصَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُمْرَى وَمَا يَلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْحَوْزِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْأُمَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ]

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ فِي الرُّشْدِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَالْحَجْرِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّيْنِ وَالْفَلَسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ مَا يَجْرِي مَجْرَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمِدْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَلَسِ]

- ‌[بَابٌ فِي الضَّرَرِ وَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ضَرَرِ الْأَشْجَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُسْقِطِ الْقِيَامِ بِالضَّرَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِصَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجِرَاحَاتِ]

- ‌[بَابُ التَّوَارُثِ وَالْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْوَارِثِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَحْوَالِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْإِرْثُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَالَاتِ وُجُوبِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ وَأُصُولِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ إلَى فَرْضٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ لِلتَّعْصِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَانِعَ الْمِيرَاثِ]

الفصل: ‌[فصل في بيع الفضولي وما يمثله]

[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَمَا يُمَثِّلُهُ]

ُ تُكُلِّمَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَلَى بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَهُوَ الَّذِي يَبِيعُ مَالَ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ وَكِيلًا لَهُ، وَعَلَى مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مِنْ التَّبَرُّعِ بِمَالِ الْغَيْرِ بِهِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَمِنْ اسْتِفَادَةِ الزَّوْجِ مَالَ زَوْجَتِهِ وَهِيَ سَاكِنَةٌ، وَمِنْ حُضُورِ رَبِّ الدَّيْنِ لِقَسْمِ تَرِكَةِ مَدِينِهِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَهِيَ مِنْ التَّرَاجِمِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا الشَّيْخُ خَلِيلٍ وَإِنْ قَالَ فِي الْبُيُوعِ: وَمَلَكَ غَيْرُهُ عَلَى رِضَاهُ، فَفِيهِ مِنْ الْإِجْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذَكَرَ النَّاظِمُ مَا لَا يَخْفَى.

وَحَاضِرٌ بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهْ

بِمَجْلِسٍ فِيهِ السُّكُوتُ حَالُهْ

يَلْزَمُ ذَا الْبَيْعُ وَإِنْ أَقَرَّ مَنْ

بَاعَ لَهُ بِالْمِلْكِ أُعْطِيَ الثَّمَنْ

وَإِنْ يَكُنْ وَقْتُ الْمَبِيعِ بَائِعُهْ

لِنَفْسِهِ ادَّعَاهُ وَهُوَ سَامِعُهْ

فَمَا لَهُ إنْ قَامَ أَيَّ حِينِ

فِي ثَمَنٍ حَقٌّ وَلَا مَثْمُونِ

مَنْ بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ حَاضِرَ الْمَجْلِسِ عَقْدَ الْبَيْعِ. وَعَلَيْهِ تُكُلِّمَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ، أَوْ غَائِبًا عَنْهُ ثُمَّ بَلَغَهُ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَبْيَاتِ بَعْدَ هَذِهِ. وَفِي كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِالْمِلْكِيَّةِ لِرَبِّ ذَلِكَ الشَّيْءِ، أَوْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ. فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا، فَلَا قِيَامَ لَهُ قَامَ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ مُدَّةً. وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ كَمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ وَأَشَارَ بِالْأَبْيَاتِ لِقَوْلِ ابْنِ هِشَامٍ فِي الْمُفِيدِ عَنْ الْمُسْتَخْرَجَةِ فِي الرَّجُلِ يُبَاعُ عَلَيْهِ مَالُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ فَلَا يُغَيِّرُ، وَلَا يُنْكِرُ، ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعَ فِيهِ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ وَلَهُ أَخْذ الثَّمَنِ. قَالَ: وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: إذَا بَاعَهُ وَهُوَ يَنْسِبهُ إلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ وَهُوَ يَنْسِبُهُ إلَى نَفْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ: إنَّمَا أَبِيعُ مَالِي، وَشَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ سَاكِتٌ لَا يُغَيِّرُ وَلَا يُنْكِرُ، ثُمَّ قَالَ يَطْلُبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ وَسُكُوتُهُ رِضًا مِنْهُ بِدَعْوَى الْبَائِعِ فِيهِ، وَإِقْرَارٌ مِنْهُ لَهُ بِالْمِلْكِ، أَوْ يَكُونُ أَرَادَ بِهِ الْمَكْرَ، وَالْخَدِيعَةَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ رحمه الله.

فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مَعَ الرَّعِيَّةِ لَا سُلْطَانَ لَهُ وَلَا مَقْدِرَةَ لَهُ عَلَى الْغَصْبِ اهـ وَهُوَ عَيْنُ مَا نَظَمَهُ الشَّيْخُ رحمه الله، مَعَ زِيَادَةِ تَقْيِيدِ سُكُوتِ هَذَا الَّذِي بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ بِعَدَمِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَإِلَّا فَلَا حُكْمَ لِسُكُوتِهِ وَلَهُ الْقِيَامُ فِي مَالِهِ. وَلَمَّا رَآهُ النَّاظِمُ ظَاهِرًا لَمْ يَحْتَجَّ لَهُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ هُنَا وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ بَعْدُ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْضُرْ حَيْثُ قَالَ: وَسَاكِنًا لِغَيْرِ عُذْرٍ مَانِعٍ وَالْمَسْأَلَتَانِ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ. وَانْظُرْ قَوْلَهُ: وَشَرِيكُهُ، الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَصَاحِبُ الْمَالِ سَاكِتٌ إلَخْ وَكَانَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَهُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ الْبَائِعِ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ وَهَذَا هُوَ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ

ص: 8

الْمَعْرُوفُ أَوْ لَهُ فِيهِ حَظٌّ. ثُمَّ بَاعَ نَصِيبَهُ وَنَصِيبَ شَرِيكِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ إذَا هَجَمَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ وَبَاعَ نَصِيبَهُ، وَنَصِيبَ غَيْرِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقَعَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ تَشَاحٌّ وَلَا مُخَاصَمَةٌ وَلَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُ جَبْرِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ.

وَأَمَّا بَعْدَ التَّشَاحِّ فِي الِانْتِقَالِ بِالْمُشْتَرَكِ عَلَى الْإِشَاعَةِ، وَوُجُودِ أَسْبَابِ الْبَيْعِ عَلَى الشَّرِيكِ، فَإِنَّ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُ الْمُتَأَخِّرِينَ، بَيْعَ الْجَمِيعِ ثُمَّ يُخَيَّرُ بَقِيَّةُ الشُّرَكَاءِ فِي ضَمِّ صَفْقَةِ الْبَيْعِ فَيُعْطُونَ لِلْبَائِعِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَبِيعُوا وَيَقْبِضُوا الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى فِي عُرْفِنَا بِبَيْعِ الصَّفْقَةِ، الْمَنْصُوصُ لِلْقُدَمَاءِ أَنَّهُمَا إذَا تَشَاحَّا وَدَعَا أَحَدَهُمَا لِلْبَيْعِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ مَنْ أَبَاهُ فَيَبِيعَانِ مَعًا، لَا أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الْإِقْدَامَ عَلَى بَيْعِ الْجَمِيعِ. وَلِبَيْعِ الصَّفْقَةِ شُرُوطٌ، وَتُعْرَضُ فِيهِ فُرُوعٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ آخِرَ شَرْحِ لَامِيَةِ الْفَقِيهِ سَيِّدِي عَلِيٍّ الزَّقَّاقِ الْمُسَمَّى " بِفَتْحِ الْعَلِيمِ الْخَلَّاقِ فِي شَرْحِ لَامِيَةِ الْفَقِيهِ الزَّقَّاقِ " وَآخِرَ تَرْجَمَةِ الْبُيُوعِ مِنْ تَذْيِيلِ الْمَنْهَجِ الْمُنْتَخَبِ فِي قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ لِلْفَقِيهِ الْمَذْكُورِ

وَغَائِبٍ يَبْلُغُهُ مَا عَمِلَهْ

وَقَامَ بَعْدَ مُدَّةٍ لَا شَيْءَ لَهْ

وَغَيْرُ مَنْ فِي عُقْدَةِ الْبَيْعِ حَضَرْ

وَبِالْمَبِيعِ بَائِعٌ لَهُ أَقَرْ

وَقَامَ بِالْفَوْرِ فَذَا التَّخْيِيرُ فِي

إمْضَائِهِ الْبَيْعَ أَوْ الْفَسْخَ اُقْتُفِيَ

وَإِنْ يَقُمْ مِنْ بَعْدِ أَنْ مَضَى زَمَنْ

فَالْبَيْعُ مَاضٍ وَلَهُ أَخْذُ الثَّمَنْ

إنْ كَانَ عَالِمًا بِفِعْلِ الْبَائِعِ

وَسَاكِتًا لِغَيْرِ عُذْرٍ مَانِعِ

لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ مَنْ بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ وَهُوَ حَاضِر، ذَكَرَ هُنَا حُكْمَ مَنْ بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ وَهُوَ لَمْ يَحْضُرْ مَجْلِسَ الْبَيْعِ، ثُمَّ بَلَغَهُ ذَلِكَ، فَذَكَرَ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى الْبَائِعُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ رَبَّ الْمَالِ، وَلَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي ثَمَنٍ، وَلَا مَثْمُونٍ فَضْلًا عَنْ رَدِّ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَبِيعُ مَالَ غَيْرِهِ فَإِنْ قَامَ رَبُّهُ بِالْفَوْرِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ أَنْ مَضَى زَمَانٌ فَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِ شَيْئِهِ، وَالْبَيْعُ مَاضٍ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى فَسْخِهِ. فَقَوْلُهُ: مَا عَمِلَهُ أَيْ الْبَائِعُ مِنْ الْبَيْع يَعْنِي وَادَّعَى ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي:

وَبِالْمَبِيعِ بَائِعٌ لَهُ أَقَرَّ

وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ:

وَقَامَ بَعْدَ مُدَّةٍ لَا شَيْءَ لَهْ

أَنَّهُ إنْ قَامَ بِالْفَوْرِ فَلَا يَكُونُ لَا شَيْءَ لَهُ بَلْ لَهُ فِي النَّظَرِ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ، وَأَخْذِ الثَّمَنِ، وَفِي رَدِّهِ وَفَسْخِهِ. وَقَوْلُهُ:

وَغَيْرُ مَنْ فِي عَقْدِهِ الْبَيْعِ حَضَرْ

مُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ:

وَغَائِبٌ يَبْلُغهُ مَا عَمَلَهْ

إذْ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ كُلِّهَا فِيمَنْ لَمْ يَحْضُرْ.

وَقَوْلُهُ:

وَإِنْ يَقُمْ مِنْ بَعْدِ أَنْ مَضَى زَمَنْ

هُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ: وَقَامَ بِالْفَوْرِ. وَقَوْلُهُ:

إنْ كَانَ عَالِمًا بِفِعْلِ الْبَائِعِ

هُوَ شَرْطٌ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَانٍ، فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ الْقِيَامُ، وَإِنْ مَضَى زَمَانٌ. وَقَوْلُهُ:

وَسَاكِتًا لِغَيْرِ عُذْرٍ مَانِعٍ

لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ، وَهُوَ كَوْنُ سُكُوتِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنْ خَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ. فَإِنْ كَانَ لِخَوْفٍ فَلَا حُكْمَ لِسُكُوتِهِ، وَلَهُ الْقِيَامُ طَالَ الزَّمَانُ أَوْ قَرُبَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْحَاضِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَشَارَ بِالْأَبْيَاتِ إلَى قَوْلِهِ فِي الْمُفِيدِ وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهُ وَهُوَ غَائِبٌ وَهُوَ يَدَّعِيهِ أَيْضًا لِنَفْسِهِ، فَبَلَغَ صَاحِبَ الْمَالِ ذَلِكَ، فَلَا يُغَيِّرُ وَلَا يُنْكِرُ وَلَا يُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ عُدُولًا ثُمَّ قَامَ يَطْلُبهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَا إلَى ثَمَنِهِ اهـ.

وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ. وَأَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْمُفِيدِ أَيْضًا: وَإِنْ قَالَ: أَبِيعُكَ دَارَ فُلَانٍ وَفُلَانٌ غَائِبٌ فَتَمَّ الْبَيْعُ فِيهَا. ثُمَّ عَلِمَ الْغَائِبُ بِذَلِكَ فِي غَيْبَتِهِ، أَوْ قَدِمَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ مَالَهُ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَحْضُرْ الْبَيْعَ: إذَا عَلِمَ وَسَكَتَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ مَا قَارَبَ فَإِنَّ لَهُ الْقِيَامَ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ مَا لَمْ تَكْثُرْ الْأَيَّامُ فَيَلْزَمُهُ، اهـ وَعَلَى مَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ اعْتَمَدَ النَّاظِمُ وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى مَا نُقِلَ فِي الْمُفِيدِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ زَرْبٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ بَيْعِ عَلَيْهِ مَالُهُ، وَهُوَ غَائِبٌ ثُمَّ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَسَكَتَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فِيهِ، فَقَالَ: الْقِيَامُ لَهُ وَاجِبٌ، وَلَيْسَ هُوَ كَمَنْ بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ لِلْبَيْعِ فَسَكَتَ وَلَمْ يُغَيِّرْ فَهَذَا لَيْسَ لَهُ غَيْرُ الثَّمَنِ

ص: 9

وَالْبَيْعُ لَازِمٌ انْتَهَى.

وَنَقَلَ أَيْضًا قَالَ: قَالَ ابْنُ زَرْبٍ: إذَا بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ وَلَمْ يَحْضُرْ الْبَيْعَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ أَخْذِ الثَّمَنِ، وَلَا يَضُرُّهُ سُكُوتُهُ، لِأَنَّهُ يَقُولُ أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَخِيرَ اللَّهَ فِيهِ، وَأُشَاوِرَ نَفْسِي وَغَيْرِي. وَإِذَا بِيعَ عَلَيْهِ بِحَضْرَتِهِ، وَسَكَتَ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لِلَّذِي لَمْ يَحْضُرْ الْبَيْعَ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الثَّمَنِ، لِأَنَّ سُكُوتَهُ رِضًا مِنْهُ بِالثَّمَنِ اهـ

(قَالَ الشَّارِحُ) : وَفِي جَعْلِ ابْنِ زَرْبٍ الْخِيَارَ لِلْغَائِبِ بَعْدَ عِلْمِهِ إلَى السَّنَةِ وَالسَّنَتَيْنِ إشْكَالٌ، فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى وَإِشْكَالُهُ ظَاهِرٌ وَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ إلَّا إنْ سَكَتَ لِعُذْرٍ

وَحَاضِرٌ لِوَاهِبٍ مِنْ مَالِهِ

وَلَمْ يُغَيِّرْ مَا رَأَى مِنْ حَالِهِ

الْحُكْمُ مَنْعُهُ الْقِيَامَ بِانْقِضَاءِ

مَجْلِسِهِ إذْ صَمْتُهُ عَيْنُ الرِّضَا

وَالْعِتْقُ مُطْلَقًا عَلَى السَّوَاءِ

مَعَ هِبَةٍ وَالْوَطْءُ لِلْإِمَاءِ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ وُهِبَ مَالُهُ أَوْ تُصَدِّقَ بِهِ وَسَكَتَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ فَلَا قِيَامَ لَهُ وَلَزِمَهُ ذَلِكَ. وَيُعَدُّ سُكُوتُهُ رِضًا مِنْهُ بِذَلِكَ، وَقِيَامُهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَدَامَةٌ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ أُعْتِقَ رَقِيقُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ. كَيْفَ كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا أَوْ لِأَجَلٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَكَتَ فَذَلِكَ وَالْهِبَةُ سَوَاءٌ أَيْ فِي اللُّزُومِ وَعَدَمِ سَمَاعِ قِيَامِهِ وَكَذَلِكَ وَطْءُ إمَائِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ

(قَالَ فِي الْمُفِيدِ) قَالَ مُطَرِّفٌ مِنْ أُحْدِثَ فِي مَالِهِ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْأَحْدَاثِ، فَإِنْ تَرَكَ حَتَّى طَالَ ذَلِكَ فَلَا حَقَّ لَهُ وَلَا حُجَّةَ لَا فِيمَا بِيعَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا فِي ثَمَنِهِ وَلَا فِيمَا وُهِبَ، وَلَا فِيمَا أَصْدَقَهُ النِّسَاءَ. انْتَهَى

(قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله) : مَا اسْتَظْهَرْتُ بِهِ مِنْ قَوْلِ مُطَرِّفٍ أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ رحمه الله بِالْعِتْقِ وَمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ فِي مَعْنَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ الْإِرْفَاقِ إلَّا أَنَّ فِي وَطْءِ الْإِمَاءِ إشْكَالًا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَإِشْكَالُهُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ وَهِبَتِهِ، لَيْسَ كَالْإِقْدَامِ عَلَى وَطْءِ مِلْكِ الْغَيْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَعَلَّ ذَلِكَ مَعَ ادِّعَاءِ الْوَاطِئِ أَنَّ سَيِّدَهَا وَهَبَهَا لَهُ، أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ فَإِذَا وَطِئَهَا وَسَيِّدُهَا حَاضِرٌ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ الْكَلَامِ، فَذَلِكَ حَوْزٌ يَمْنَعُ قِيَامَ سَيِّدِهَا كَمَنْ حَازَ دَارًا عَلَى حَاضِرٍ عَشْرَ سِنِينَ إلَخْ فَإِنَّ الْحَوْزَ لَا يَنْفَعُ إلَّا مَعَ ادِّعَاءِ الْمِلْكِيَّةِ، وَفِي تَقْسِيمِ الْحَوْزِ ذَكَرُوا وَطْءَ الْإِمَاءِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَقْوَى أَوْجُهِ الْحَوْزِ كَمَا يَأْتِي لِلنَّاظِمِ فِي تَرْجَمَةِ الْحَوْزِ، وَلَعَلَّ النَّاظِمَ سَرَقَهُ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ هُنَا.

وَالزَّوْجَةُ اسْتَفَادَ زَوْجٌ مَالَهَا

وَسَكَتَتْ عَنْ طَلَبٍ لِمَالِهَا

لَهَا الْقِيَامُ بَعْدُ فِي الْمَنْصُوصِ

وَالْخُلْفُ فِي السُّكْنَى عَلَى الْخُصُوصِ

كَذَاكَ مَا اسْتَغَلَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ

مُتِّعَ إنْ مَاتَ كَمِثْلِ مَا سَكَنْ

فِيهِ خِلَافٌ وَاَلَّذِي بِهِ الْعَمَلْ

فِي الْمَوْتِ أَخْذُهَا كِرَاءَ مَا اسْتَغَلَّ

يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اسْتَفَادَ مَالَ زَوْجَتِهِ فَاسْتَغَلَّ حَائِطَهَا، أَوْ حَرَثَ أَرْضَهَا، أَوْ سَكَنَ دَارَهَا، أَوْ أَكْرَاهَا لِغَيْرِهِ وَقَبَضَ الْكِرَاءَ وَلَمْ يَكُنْ مُمَتَّعًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ قَبَضَ لَهَا دَيْنًا أَوْ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ مِنْ أَمْتِعَتِهَا نَائِبًا عَنْهَا، وَسَكَتَتْ عَنْ طَلَبِ مَا يَجِبُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تَطْلُبُ مَا يَجِبُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ، فَالْمَنْصُوصُ فِي الْمَذْهَبِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ لَهَا الْقِيَامَ فِي حَقِّهَا عَلَى الزَّوْجِ فِي حَيَاتِهِ، هَذَا فِي مُطْلَقِ الِاسْتِفَادَةِ. وَاخْتُلِفَ فِي السُّكْنَى بِالْخُصُوصِ، هَلْ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِكِرَاءِ مَا سَكَنَ، أَوْ لَا تَرْجِعُ. وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِيمَا اسْتَغَلَّهُ مِنْ جِنَانِهَا، وَمَاتَ الزَّوْجُ، فَفِيهِ الْخِلَافُ كَالْخِلَافِ فِي السُّكْنَى، وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ، أَنَّهُ إنْ

ص: 10

مَاتَ الزَّوْجُ أَخَذَتْ كِرَاءَ مَا اسْتَغَلَّ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَا تَأْخُذُ كِرَاءَ مَا سَكَنَ، وَمَفْهُومٌ فِي الْمَوْتِ أَنَّهَا تَرْجِعُ فِي حَيَاتِهِ فِي السُّكْنَى وَالْغَلَّةِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ

لَهَا الْقِيَامُ بَعْدُ فِي الْمَنْصُوصِ

هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ النَّاظِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: مِنْ غَيْرِ أَنْ مُتِّعَ؛ أَنَّ مَا أَمْتَعَتْهُ بِهِ بَعْدَ عَقْدِ نِكَاحِهَا فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ

(قَالَ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) قَالَ الْقَاضِي: فَإِنْ زَرَعَ مَالَهَا وَهِيَ رَشِيدَةٌ، وَانْتَفَعَ بِهِ، وَهِيَ تَحْتَهُ فَتُطَالِبُهُ بِالْكِرَاءِ، كَانَ ذَلِكَ لَهَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَكْرَى مَالَهَا وَهِيَ سَاكِنَةٌ تَنْظُرُ فِيهِ ثُمَّ طَلَبَتْهُ بِالْكِرَاءِ، كَانَ ذَلِكَ لَهَا، وَرَجَعَتْ بِهِ عَلَيْهِ إنْ أَحَبَّتْ، لِأَنَّ مَالَ أَحَدٍ لَا يَطِيبُ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَالْمَرْأَةُ وَغَيْرُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ

(وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) قَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ أَحْمَدَ: إذَا سَكَنَ الزَّوْجُ دَارَ زَوْجَتِهِ وَهِيَ مَعَهُ، وَطَلَبَتْهُ بِالْكِرَاءِ، وَكَانَتْ مَالِكَةً لِنَفْسِهَا قِيلَ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ، وَقِيلَ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى، وَلَهَا الْكِرَاءُ مِنْ يَوْمِ تَطْلُبُهُ، وَلِلزَّوْجِ إخْرَاجُهَا مِنْهَا إلَى دَارِ غَيْرِهَا إنْ أَحَبَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا شَرْطُ السُّكْنَى فِي دَارٍ بِعَقْدِ يَمِينٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهَا وَلَهَا أَخْذُ الْكِرَاءِ لَا يُسْقِطُهُ عَنْهُ شَرْطُ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَتْ فِي وِلَايَةٍ فَلَهَا الْكِرَاءُ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ سَكَنَ اهـ فَقَوْلُهُ بِعَقْدِ يَمِينٍ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِطَلَاقٍ أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ: وَالصَّوَابُ وُجُوبُ الْكِرَاءِ إذْ هُوَ لَهَا لَمْ يَسْقُطْ بِكِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إجْمَاعٍ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مَعَ هَذَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ أَحَدٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا أَكَلَ مَالَهَا وَهِيَ تَنْظُرُ لَا تُغَيِّرُ، أَوْ أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ، أَنَّ لَهَا أَخْذَهُ بِذَلِكَ بَعْدَ يَمِينِهَا أَنَّهَا لَمْ تُنْفِقْ عَلَيْهِ، وَلَا تَرَكَتْهُ يَأْكُلُ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ إلَّا لِتَرْجِعَ عَلَيْهِ بِحَقِّهَا، فَمَنْ أَسْقَطَ الْكِرَاءَ فَعَلَيْهِ دَلِيلُ الْفَرْقِ بَيْنَ ذَلِكَ.

(وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَسْوَدَ فَجَاءَ رَجُلٌ يُخَاصِمُ خَتَنَهُ، وَكَانَتْ الِابْنَةُ فِي وِلَايَةِ الْأَبِ، وَكَانَ الزَّوْجُ سَاكِنًا مَعَهَا دَارَهَا، فَطَلَبَ الْأَبُ مِنْ الزَّوْجِ أَنْ يُرَحِّلَ الِابْنَةَ مِنْ دَارِهَا، وَأَنْ يُكْرِيَهَا لَهَا، فَتَنْتَفِعَ بِكِرَائِهَا. فَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَسْوَدَ لِلزَّوْجِ: أَلَكَ دَارٌ؟ فَقَالَ: لَا وَصَدَّقَهُ أَبُو الْجَارِيَةِ فَقَالَ الْقَاضِي لِأَبِ الْجَارِيَةِ: وَلَا كَرَامَةَ لَك أَنْ تُخْرِجَ ابْنَتَكَ مِنْ دَارِهَا إلَى دَارٍ أُخْرَى مَعَ زَوْجِهَا، فَتَمْشِيَ بِفِرَاشِهَا عَلَى عُنُقِهَا مِنْ دَارِهَا فَتَهْتِكَ سِتْرَهَا لَيْسَ هَذَا مِنْ حُسْنِ النَّظَرِ لَهَا. فَكَانَ ابْنُ لُبَابَةَ يُعْجِبُهُ ذَلِكَ مِنْ قَضَاءِ سُلَيْمَانَ. وَخِلَافُ ابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْفَخَّارِ فِيهَا شَهِيرٌ اهـ وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَإِنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ بَيْتٍ وَإِنْ بِكِرَاءٍ فَلَا كِرَاءَ إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ.

وَحَاضِرٌ لِقَسْمِ مَتْرُوكٍ لَهُ

عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَكُنْ أَهْمَلَهُ

لَا يُمْنَعُ الْقِيَامَ بَعْدُ إنْ بَقِيَ

لِلْقَسْمِ قَدْرُ دَيْنِهِ الْمُحَقَّقِ

وَيَقْتَضِي مِنْ ذَاكَ حَقًّا مَلَكَهْ

بَعْدَ الْيَمِينِ أَنَّهُ مَا تَرَكَهْ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ، فَمَاتَ الْمَدِينُ، وَحَضَرَ رَبُّ الدَّيْنِ لِقَسْمِ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ

ص: 11