الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَكْسُ كَالصُّوفِ قَالَ جَمَاعَةٌ: وَيَجِبُ أَنْ يُقَدَّرَ فِي السَّلَمِ بِعُرْفِ بَلَدِهِ، فَإِنَّ غَيْرَهُ مَجْهُولٌ فِيهِ اهـ. .
ثُمَّ أَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الْخَامِسِ بِقَوْلِهِ:
مِمَّا يُصَابُ غَالِبًا عِنْدَ الْأَمَدْ
أَيْ يُوجَدُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ غَالِبًا قَالَ الْبَاجِيُّ: مِنْ شَرْطِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ يُوجَدُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (الْمُتَيْطِيُّ) وَسَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ لَمْ يَكُنْ (الْمُدَوَّنَةُ) مَا يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فِي بَعْضِ السَّنَةِ مِنْ الثِّمَارِ الرَّطْبَةِ، وَغَيْرِهَا لَا يُشْتَرَطُ أَخْذُ سَلَمِهِ إلَّا فِي إبَّانِهِ وَإِنْ شُرِطَ أَخْذُهُ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ شَرْطُ مَا لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ.
(فَرْعٌ) قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ لَوْ مَاتَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْإِبَّانِ وُقِفَ قَسْمُ التَّرِكَةِ إلَيْهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إلَّا إنْ قَلَّ السَّلَمُ، وَكَثُرَتْ التَّرِكَةُ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ أُخَرُ فَقَالَ: هَهُنَا يُتَحَاصَصُ فِي تَرِكَتِهِ وَيُضْرَبُ لِصَاحِبِ السَّلَمِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ الْآنَ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ فِي وَقْتِهِ اُنْظُرْ تَمَامَ كَلَامِهِ فِي الْمَوَّاقِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الشَّرْطِ السَّادِسِ بِقَوْلِهِ:
وَشَرْطُ رَأْسِ الْمَالِ أَنْ لَا يُحْظَلَا
فِي ذَاكَ دَفْعُهُ " وَهَذَا الشَّرْطُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ مِنْ شُرُوطِ رَأْسِ الْمَالِ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ أَنْ لَا يَمْتَنِعَ دَفْعُهُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالْحَظْلُ الْمَنْعُ، وَعِبَارَةُ الْمُتَيْطِيِّ: أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ أَنْ يُسْلِمَ حَيَوَانًا فِي لَحْمٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَبِالْعَكْسِ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَسَلَمٍ مَجْهُولٍ فِي مَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِهِ وَبِالْعَكْسِ. .
(تَنْبِيهٌ) : بَيْنَ تَعْبِيرِ النَّاظِمِ فِي هَذَا الشَّرْطِ بِالدَّفْعِ وَتَعْبِيرِ الْمُتَيْطِيِّ بِجَوَازِ السَّلَمِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ فَرْقٌ وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ أَنْ يُسْلَمَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ جَازَ دَفْعُهُ فِيهِ يَدًا بِيَدٍ وَلَيْسَ كُلُّ مَا جَازَ دَفْعُهُ فِي الْآخَرِ يَدًا بِيَدٍ جَازَ سَلَمُهُ فِيهِ كَرِطْلِ فِضَّةٍ، أَوْ ذَهَبٍ فِي مِثْلِهِ فَيَجُوزُ يَدًا بِيَدٍ وَلَا يُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ لِلنَّسَا فَعِبَارَةُ الْمُتَيْطِيِّ أَخَصُّ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا لَا يَجُوزُ دَفْعُهُ فِي الشَّيْءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْعُ يَدًا بِيَدٍ وَإِلَى أَجَلٍ كَالْحَيَوَانِ فِي اللَّحْمِ مِنْ جِنْسِهِ، أَوْ إلَى أَجَلٍ فَقَطْ كَذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِمِثْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى الشَّرْطِ السَّابِعِ بِقَوْلِهِ:" وَأَنْ يُعَجَّلَا " وَجَازَ أَنْ يُؤَخَّرَ كَالْيَوْمَيْنِ أَيْ وَيُشْتَرَطُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ دَفْعُهُ مُعَجَّلًا أَوْ تَأْخِيرُهُ إلَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْمُعَجَّلِ كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ.
(قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ) : السَّلَمُ لَهُ شُرُوطٌ؛ الْأَوَّلُ تَسْلِيمُ جَمِيعِ الثَّمَنِ خَوْفَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَجُوِّزَ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ بِالشَّرْطِ وَفِيهَا وَثَلَاثَةٌ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ فَإِنْ أَخَّرَ أَكْثَرَ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَقَوْلَانِ اهـ.
وَهَذَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَأَمَّا غَيْرُ النَّقْدَيْنِ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِتَعْيِينِهِ، فَلَيْسَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَلَكِنَّهُ كُرِهَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالطَّعَامِ، وَالثَّوْبِ (التَّوْضِيحُ) يُرِيدُ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِشَرْطٍ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَى جَوَازِ التَّأْخِيرِ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:
وَالْعَرَضُ فِيهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ
(تَنْبِيهٌ) زَادَ الْمُتَيْطِيُّ فِي الشُّرُوطِ أَنْ يُذْكَرَ مَوْضِعُ الْقَضَاءِ اهـ.
فَإِنْ كَانَ مُتَّسِعًا جِدًّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَحَلِّ.
(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) : قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهُ بِالْفُسْطَاطِ جَازَ فَإِنْ تَشَاحَّا فِي مَوْضِعٍ يَقْضِيهِ الطَّعَامَ فِيهِ مِنْ الْفُسْطَاطِ قَالَ مَالِكٌ: يَقْضِيهِ ذَلِكَ فِي سُوقِ الطَّعَامِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ جَمِيعُ السِّلَعِ إذَا كَانَ لَهَا سُوقٌ مَعْرُوفٌ فَاخْتَلَفَا فَلْيُوفِهِ ذَلِكَ فِي سُوقِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُوقٌ فَحَيْثُ مَا أَعْطَاهُ بِالْفُسْطَاطِ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: يُوفِيهِ ذَلِكَ بِدَارِهِ كَانَ لَهَا سُوقٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
(قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ) : وَهَذَا هُوَ الْمَحْكُومُ بِهِ الْيَوْمَ لِأَنَّ النَّاسَ اعْتَادُوا ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَا يَفْسُدُ السَّلَمُ إذَا لَمْ يَذْكُرَا مَوْضِعَ الْقَضَاءِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَهُ بِمَوْضِعِ التَّبَايُعِ فِي سُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ اهـ.
مِنْ الْمَوَّاقِ وَأَنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَلَا يَفْسُدُ السَّلَمُ إذَا لَمْ يُذْكَرْ إلَخْ مَعَ قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ: إنَّ مِنْ الشُّرُوطِ ذِكْرُ مَوْضِعِ الْقَضَاءِ.
[بَابُ الْكِرَاءِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]
(بَابُ الْكِرَاءِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ) قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله عَقَدَ الشَّيْخُ رحمه الله هَذَا الْبَابَ شَامِلًا بِفُصُولِهِ لِكُلِّ مَا كَانَتْ فِيهِ الْمُعَاوَضَةُ عَنْ الْمَنَافِعِ كَكِرَاءِ الدُّورِ، وَالْأَرَاضِي، وَالرَّوَاحِلِ، وَالسُّفُنِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالْجُعْلِ وَهُمَا فِي الِاصْطِلَاحِ: الْمُعَاوَضَةُ عَنْ مَنَافِعِ خِدْمَةِ الْآدَمِيِّ ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِأَحْكَامِ الْأَبْوَابِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ الْأُصُولِ الْمَمْنُوعَةِ
كَالْمُسَاقَاةِ، وَالْمُغَارَسَةِ، وَالْمُزَارَعَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَأَدْمَجَ الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا وَغَرَرُ هَذِهِ الْأَبْوَابِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ نَظِيرَ الثَّمَنِ فِيهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الِانْضِبَاطِ وَلِتَأَكُّدِ حَاجَةِ النَّاسِ فِي تِلْكَ الْأَبْوَابِ أُجِيزَتْ وَاغْتُفِرَ مَا فِيهَا مِنْ الْغَرَرِ وَهِيَ فِي نَظَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الْحَاجِيَاتِ، وَلَيْسَتْ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ. انْتَهَى بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ، وَقَالَ الْغَرْنَاطِيُّ: الْإِجَارَةُ تُطْلَقُ عَلَى مَنَافِعِ مَنْ يَعْقِلُ، وَالْأَكْرِيَةِ عَلَى مَنَافِعِ مَنْ لَا يَعْقِلُ الْبُرْزُلِيُّ يُرِيدُ اصْطِلَاحًا وَقَدْ يُطْلَقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْكِرَاءَ بِقَوْلِهِ: عَقْدٌ عَلَى مَنَافِعِ غَيْرِ آدَمِيٍّ أَوْ مَا يُبَانُ بِهِ وَيُنْقَلُ غَيْرِ سَفِينَةٍ. اهـ فَأَخْرَجَ بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ مَنْفَعَةَ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهَا فِي الِاصْطِلَاحِ إجَارَةٌ وَقَوْلُهُ: " أَوْ مَا يُبَانُ " عَطْفٌ عَلَى لَفْظَةِ غَيْرِ ذَلِكَ كَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَالْفَأْسِ وَالْآلَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ " غَيْرِ سَفِينَةٍ " السَّفِينَةَ لِأَنَّ شِرَاءَ مَنْفَعَتِهَا مِنْ بَابِ الْجُعْلِ لَا مِنْ بَابِ الْكِرَاءِ وَلَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
يَجُوزُ فِي الدُّورِ وَشِبْهِهَا الْكِرَا
…
لِمُدَّةٍ حُدَّتْ وَشَيْءٍ قُدِّرَا
وَلَا خُرُوجَ عَنْهُ إلَّا بِالرِّضَا
…
حَتَّى يُرَى أَمَدُهُ قَدْ انْقَضَى
وَجَائِزٌ أَنْ يُكْتَرَى بِقَدْرِ
…
مُعَيَّنٍ فِي الْعَامِ أَوْ فِي الشَّهْرِ
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحُلَّ مَا انْعَقَدْ
…
كَانَ لَهُ مَا لَمْ يَحُدَّا بِعَدَدْ
وَحَيْثُمَا حَلَّ الْكِرَا يَدْفَعُ مَنْ
…
قَدْ اكْتَرَى مِنْهُ بِقَدْرِ مَا سَكَنْ
كَذَاكَ إنْ بَعْضُ الْكِرَاءِ قُدِّمَا
…
فَقَدْرُهُ مِنْ الزَّمَانِ لَزِمَا
تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبُيُوعِ أَنَّ الْبَيْعَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ، وَالْكِرَاءَ، وَالْإِجَارَةَ مِلْكُ الْمَنَافِعِ، وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الرَّقَبَةَ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْآدَمِيُّ الْمَنَافِعَ فَقَطْ فَإِنْ مَلَكَهَا عَلَى الدَّوَامِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدِ مُدَّةٍ فَهُوَ الْبَيْعُ، وَإِنْ مَلَكَهَا الْمُدَّةَ فَقَطْ فَالْإِجَارَةُ أَوْ الْكِرَاءُ وَحَاصِلُ الْأَبْيَاتِ أَنَّ كِرَاءَ الدُّورِ، وَنَحْوِهَا كَالْحَوَانِيتِ، وَالْفَنَادِقِ، وَغَيْرِهَا جَائِزٌ وَأَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونُ ذَلِكَ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ كَشَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ عَيَّنَا ذَلِكَ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ، فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنَا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ.
وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَعَدَمُ بَيَانِ الِابْتِدَاءِ فَمِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَأَجْرٍ مَعْلُومٍ كَدِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِذَا وَقَعَ الْكِرَاءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَازِمٌ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْخُرُوجُ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَهُ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَعْرِضْ فِي ذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ الْإِقَالَةِ كَمَا إذَا قَدَّمَ الْكِرَاءَ، وَسَكَنَ بَعْضَ الْمُدَّةِ لِمَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ سَلَفٍ وَهُوَ الْمَرْدُودُ مِنْ الْكِرَاءِ وَكِرَاءٍ وَهُوَ الْمُقَابِلُ لِمَا سَكَنَ وَالسَّلَفُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ عَقْدٍ مِنْ الْعُقُودِ وَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَيَمْتَنِعُ لِلتُّهْمَةِ وَتَقَدَّمَ هَذَا لِلنَّاظِمِ فِي الْإِقَالَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ قَالَ:
وَسُوِّغَتْ إقَالَةٌ فِيمَا اُكْتُرِيَ
(الْبَيْتَ) إلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: أُكْرِيَ مِنْك هَذِهِ الدَّارَ وَهَذَا الْحَانُوتَ بِكَذَا شَهْرَ كَذَا أَوْ سَنَةَ كَذَا أَوْ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُسَمِّيَا الْكِرَاءَ لِكُلِّ شَهْرٍ أَوْ لِكُلِّ سَنَةٍ مَعَ إبْهَامِ الْمُدَّةِ كَقَوْلِهِ: أُكْرِيَ مِنْك كُلَّ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ بِكَذَا أَوْ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ بِكَذَا فَإِذَا وَقَعَ هَذَا الْوَجْهُ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ ذَلِكَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَا فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَلَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَلَا فِي غَيْرِهَا وَسَوَاءٌ سَكَنَ بَعْضَ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ لَمْ يَسْكُنْ وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يَخْرُجَ مَتَى شَاءَ وَيُؤَدِّيَ مِنْ الْكِرَاءِ بِحَسَبِ مَا سَكَنَ.
وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَغَيْرِهَا وَهَذَا فِي غَيْرِ الْأَرْضِ وَأَمَّا هِيَ فَتَلْزَمُهَا السَّنَةُ بِحِرَاثَتِهَا انْتَهَى مِنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدْفَعْ الْمُشْتَرِي
شَيْئًا مِنْ الْكِرَاءِ فَإِنْ دَفَعَ شَيْئًا لَزِمَهُمَا مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُدَّةِ، وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْأَرْضِ وَإِلَى جَوَازِ هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
وَجَائِزٌ أَنْ يُكْتَرَى بِقَدْرِ
…
مُعَيَّنٍ فِي الْعَامِ أَوْ فِي الشَّهْرِ
وَإِلَى عَدَمِ اللُّزُومِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحُلَّ مَا انْعَقَدْ كَانَ لَهُ " وَأَمَّا قَوْلُهُ: " مَا لَمْ يَحُدَّا بِعَدَدْ " فَمُسْتَغْنًى عَنْهُ لِأَنَّهُمَا إذَا حَدَّا الْمُدَّةَ بِعَدَدٍ شُهُورٍ أَوْ سِنِينَ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَإِلَى لُزُومِ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا سَكَنَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
وَحَيْثُمَا حَلَّ الْكِرَا يَدْفَعُ مَنْ
…
قَدْ اكْتَرَى مِنْهُ بِقَدْرِ مَا سَكَنْ
وَإِلَى لُزُومِ مُدَّةِ قَدْرِ مَا نَقَدَ مِنْ الْكِرَاءِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
كَذَاكَ إنْ بَعْضُ الْكِرَاءِ قُدِّمَا
…
فَقَدْرُهُ مِنْ الزَّمَانِ لَزِمَا
(الْقَوْلُ الثَّانِي) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ مَا سَمَّيَا فَإِنْ قَالَا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا لَزِمَ فِي شَهْرٍ وَإِنْ قَالَا لِكُلِّ سَنَةٍ كَذَا لَزِمَ فِي سَنَةٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ: لِأَنَّهُمَا أَوْجَبَا بَيْنَهُمَا عَقْدًا وَلَمْ يَجْعَلَا فِيهِ خِيَارًا فَوَاجِبٌ أَنْ يَحْمِلَا عَلَى أَقَلِّ مَا تَقْتَضِيهِ تِلْكَ التَّسْمِيَةُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَشْرَعَ فِي السُّكْنَى فَيَلْزَمَهُ أَقَلُّ مَا سَمَّى كَالْقَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ انْتَهَى لَفْظُ التَّوْضِيحِ قَالَ مُقَيِّدُ هَذَا الشَّرْحِ - سَمَحَ اللَّهُ لَهُ بِمَنِّهِ -: وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الثَّالِثِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا وَإِنَّ مَنْ اكْتَرَى مُشَاهَرَةً كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا إذَا سَكَنَ بَعْضَ الشَّهْرِ كَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَنَحْوِهَا لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا خُرُوجٌ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ وَمَنْ قَامَ مِنْهُمَا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ.
(قَالَ فِي الْمُفِيدِ مِنْ الْكَافِي) : وَكُلُّ مَا جَازَ فِيهِ جَازَ فِيهِ الْكِرَاءُ مِنْ الدُّورِ، وَالْحَوَانِيتِ، وَسَائِرِ الرِّبَاعِ، وَالْأَرَضِينَ، وَالرَّقِيقِ، وَالدَّوَابِّ، وَسَائِرِ الْعُرُوضِ كُلِّهَا لَا يَجُوزُ اكْتِرَاءُ الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ فَإِنْ نَزَلَتْ فِيهَا الْإِجَارَةُ إلَى مُدَّةٍ كَانَتْ قَرْضًا إلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ وَسَقَطَتْ فِيهَا عَنْ مُسْتَأْجِرِهَا الْأُجْرَةُ وَمَعْنَى الْكِرَاءِ: بَيْعُ الْمَنَافِعِ الطَّارِئَةِ عَنْ الرِّقَابِ مَعَ السَّاعَاتِ، وَالْأَيَّامِ، وَالشُّهُورِ، وَالْأَعْوَامِ دُونَ الرِّقَابِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ مَأْمُونًا فِي الْأَغْلَبِ، وَالْكِرَاءُ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ الْعُقُودِ الثَّابِتَةِ لَا يَنْقُضُهَا مَوْتُ أَحَدِ الْمُتَكَارِيَيْنِ وَوَرَثَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَقُومُ مَقَامَهُ، وَكَذَلِكَ لَا يَنْقُضُ عَقْدُ الْبَيْعِ الْكِرَاءَ اهـ.
(وَفِي الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ) عَقْدُ الْكِرَاءِ فِي الدُّورِ، وَالْحَوَانِيتِ وَالرِّبَاعِ يَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا تَعْيِينُ الْمُدَّةِ، وَتَسْمِيَةُ الْكِرَاءِ، وَالثَّانِي تَسْمِيَةُ الْكِرَاءِ لِكُلِّ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ، وَإِبْهَامُ الْمُدَّةِ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ.
(تَنْبِيهٌ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْكِرَاءَ عَلَى وَجْهَيْنِ: فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ يُسَمَّى كِرَاءَ الْوَجِيبَةِ، وَالْوَجِيبَةُ الْمُدَّةُ الْمُعَيَّنَةُ هَذَا اصْطِلَاحُ الْقُدَمَاءِ وَأَهْلُ زَمَانِنَا الْيَوْمَ يُطْلِقُونَ الْوَجِيبَةَ عَلَى الْأُجْرَةِ الْمَدْفُوعَةِ فِي الْمَنَافِعِ فَيَقُولُ الْمُوَثِّقُ اكْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ مَثَلًا بِوَجِيبَةٍ قَدْرُهَا لِكُلِّ شَهْرٍ مِنْ شُهُورِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَذَا دَرَاهِمَ تَارِيخَهُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُسَمَّى كِرَاءَ الْمُشَاهَرَةِ، وَالْمُسَانَهَةِ.
وَشَرْطُ مَا فِي الدَّارِ مِنْ نَوْعِ الثَّمَرْ
…
إذَا بَدَا الصَّلَاحُ فِيهِ مُعْتَبَرْ
وَغَيْرُ بَادِي الطِّيبِ إنْ قَلَّ اشْتُرِطْ
…
حَيْثُ يَطِيبُ قَبْلَ مَا لَهُ ارْتُبِطْ
وَمَا كَنَحْلٍ أَوْ حَمَامٍ مُطْلَقًا
…
دُخُولُهُ فِي الِاكْتِرَاءِ مُتَّقَى
تَكَلَّمَ فِي الْأَبْيَاتِ عَلَى مَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ أَرْضًا وَفِيهَا أَشْجَارٌ أَوْ فِي كَوَى الدَّارِ نَحْلٌ أَوْ حَمَامٌ هَلْ يَجُوزُ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يَشْتَرِطَ ثِمَارَ الْأَشْجَارِ، أَوْ النَّحْلِ، أَوْ الْحَمَامِ لِنَفْسِهِ أَمْ لَا فَأَخْبَرَ أَنَّ فِي اشْتِرَاطِ الثِّمَارِ تَفْصِيلًا وَهُوَ: أَنَّهَا إنْ كَانَتْ فِي وَقْتِ عَقْدِ الْكِرَاءِ قَدْ بَدَا صَلَاحُهَا، وَجَازَ بَيْعُهَا، فَيَجُوزُ لِلْمُكْتَرِي اشْتِرَاطُهَا كَثِيرَةً كَانَتْ أَوْ قَلِيلَةً لِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ أَنَّهُ بَيْعٌ لِلثِّمَارِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَهُوَ جَائِزٌ وَاجْتَمَعَ فِي الْعَقْدِ الْوَاحِدِ بَيْعٌ وَكِرَاءٌ وَاجْتِمَاعُهُمَا جَائِزٌ وَإِلَى هَذَا الطَّرَفِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ فِيهَا ثِمَارٌ لَمْ تَطِبْ أَوْ لَيْسَ فِيهَا ثِمَارٌ أَصْلًا فَيَجُوزُ لِلْمُكْتَرِي اشْتِرَاطُهَا لِنَفْسِهِ لَكِنْ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ ذَكَر
النَّاظِمُ مِنْهَا شَرْطَيْنِ.
(أَحَدُهُمَا) أَنْ تَكُونَ قَلِيلَةً بِحَيْثُ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ الثُّلُثَ، فَأَقَلَّ مِنْ مَجْمُوعِ الْكِرَاءِ مَعَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ مَا قَدْرُ قِيمَةِ ثَمَرَةِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْهَا فِي كُلِّ عَامٍ بَعْدَ عَمَلِهَا وَمُؤْنَتِهَا إنْ كَانَ فِيهَا عَمَلٌ وَمَا كِرَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِهَذِهِ الْمُدَّةِ بِغَيْرِ اشْتِرَاطِ ثَمَرَةِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَإِنْ قِيلَ: قِيمَةُ الثَّمَرَةِ ثَلَاثُونَ فَأَقَلُّ، وَكِرَاءُ الْمُدَّةِ سِتُّونَ فَأَكْثَرُ جَازَ اشْتِرَاطُهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ امْتَنَعَ الِاشْتِرَاطُ الْمَذْكُورُ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ اشْتَرَطَهَا وَكَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وُزِّعَ فَالثَّمَرَةُ لِصَاحِبِهَا، وَيُقَوَّمُ عَلَى الْمُتَكَارِي كِرَاءُ الْأَرْضِ بِغَيْرِ ثَمَرَةٍ، وَيُعْطَى أَجْرَ مَا سَقَى بِهِ الثَّمَرَةَ إنْ كَانَ سَقَاهَا أَوْ كَانَ لَهُ فِيهَا عَمَلٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَرَّبِ فِيمَا يَأْتِي (الشَّرْطُ الثَّانِي) أَنْ تَطِيبَ الثَّمَرَةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَإِلَى هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ:
وَغَيْرُ بَادِي الطِّيبِ إنْ قَلَّ اشْتُرِطْ
الْبَيْتَ (الشَّرْطُ الثَّالِثُ) وَلَمْ يَذْكُرْهُ النَّاظِمُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُكْتَرِي جَمِيعَهَا فَلَوْ اشْتَرَطَ بَعْضَهَا وَأَبْقَى الْبَعْضَ الْآخَرَ لِرَبِّهَا لَمْ يَجُزْ وَفِيهِ خِلَافٌ، وَلَعَلَّ النَّاظِمَ لِذَلِكَ تَرَكَهُ.
(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) : قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ أَرْضًا وَفِيهَا سِدْرَةٌ أَوْ دَالِيَةٌ أَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ ثَبْتٌ مِنْ نَخْلٍ أَوْ شَجَرٍ وَلَا ثَمَرَةَ فِيهَا حِينَئِذٍ، أَوْ فِيهَا ثَمَرَةٌ لَمْ تُزْهِ فَالثَّمَرَةُ لِلْمُكْتَرِي إلَّا أَنَّهُ إنْ اشْتَرَطَ الْمُكْتَرِي ثَمَرَةَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ تَبَعًا مِثْلَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَوَّمَ كِرَاءُ الْأَرْضِ، أَوْ الدَّارِ بِغَيْرِ شَرْطِ الثَّمَرَةِ فَإِنْ قِيلَ: عَشَرَةٌ قِيلَ: مَا قِيمَةُ الثَّمَرَةِ فِيمَا عُرِفَ مِمَّا تُطْعِمُ كُلَّ عَامٍ بَعْدَ طَرْحِ قِيمَةِ الْمُؤْنَةِ، وَالْعَمَلِ، فَيُعْمَلُ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ: خَمْسَةٌ فَأَقَلُّ جَازَ قَالَ أَصْبَغُ وَهَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الثَّمَرَةَ تَطِيبُ قَبْلَ مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْقِدَاهُ. (ابْنُ يُونُسَ) إنَّمَا أُجِيزَ لِلضَّرَرِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي دُخُولِ رَبِّ الدَّارِ لِإِصْلَاحِ الثَّمَرَةِ، وَجِذَاذِهَا كَمَا أُجِيزَ شِرَاؤُهُ الْعَارِيَّةَ بِخَرْصِهَا ثَمَرًا. اهـ (الْمَوَّاقُ) اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ يُونُسَ لِلضَّرَرِ بِالدُّخُولِ عَلَى الْمُكْتَرِي هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى بَعْضُ الشَّجَرِ أَجَازَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ أَجَازَ ذَلِكَ أَشْهَبُ، وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ اهـ.
(قَالَ مُقَيِّدٌ: هَذَا الشَّرْحُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ) : وَقَدْ كُنْت قُلْت فِي مَسْأَلَةِ اشْتِرَاطِ غَلَّةِ الشَّجَرَةِ فِي الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ وَيَجْرِي مَجْرَاهَا الْمُرْتَهَنَةُ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّفْصِيلِ أَبْيَاتًا وَهِيَ هَذِهِ:
وَمَا بِدَارٍ أَوْ بِأَرْضٍ مِنْ شَجَرْ
…
فَاكْتُرِيَتْ وَلَيْسَ فِيهَا مِنْ ثَمَرْ
أَوْ ثَمَّ مَا لَمْ يُزْهِ فَالْجَمِيعُ
…
لِلْمَالِكِ احْفَظْنَهُ يَا رَفِيعُ
وَشَرْطُهَا لِمُكْتَرٍ يَجُوزُ إنْ
…
شَرَطَ كُلَّهَا وَهِيَ ثُلْثٌ قَمِنْ
وَالطِّيبُ قَبْلَ الِانْقِضَاءِ تَحَقَّقَا
…
وَشَرْطُ مَا أَزْهَى يَجُوزُ مُطْلَقَا
وَإِنَّمَا جَازَ اشْتِرَاطُ الثَّمَرَةِ مَعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَقَدْ تَكُونُ لَمْ تُخْلَقْ رَأْسًا لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ فَهُوَ جَارٍ مَجْرَى الرُّخْصَةِ فَاسْتَخَفَّهُ الْفُقَهَاءُ إذَا كَانَ تَافِهًا لِمَا يَلْحَقُ الْمُكْتَرِيَ فِي ذَلِكَ كَمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) لَا يَجُوزُ لِبَائِعِ السَّيْفِ الْمُحَلَّى اشْتِرَاطُ نِصْفِ مَا فِيهِ مِنْ الْحِلْيَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَشْهَبُ يُجِيزُهُ أَيْ اشْتِرَاطَ النِّصْفِ فِي الثَّمَرَةِ وَالسَّيْفِ، وَمَسْأَلَةُ السَّيْفِ مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ بِجَمِيعِ وُجُوهِهَا مِنْ الشَّارِحِ وَمَا اشْتَرَطَ الْمُكْتَرِي الْحَمَامَ الَّذِي فِي الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ، أَوْ النَّحْلَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَلَا يَجُوزُ لِعِظَمِ الْغَرَرِ فِيهِ وَعَدَمِ الضَّرُورَةِ لَهُ.
(قَالَ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) : إنْ كَانَ فِي الدَّارِ بُرْجُ حَمَامٍ أَوْ نَحْلٌ فَأَرَادَ الْمُكْتَرِي أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ كَالشَّجَرَةِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسِ الدَّارِ كَالشَّجَرِ وَهُمَا غَيْرُ الدَّارِ، فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُمَا، وَالْحَاصِلُ مِنْهُمَا غَيْرُ مَعْلُومٍ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ يُرِيدُ: وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِابْتِيَاعِ الدَّارِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى هُنَاكَ رِقَابَ الْحَمَامِ وَالنَّحْلِ، وَهُنَا غَلَّتَهُمَا فَانْظُرْ ذَلِكَ اهـ. .