المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في الإجارة] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَمَا يُمَثِّلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَضْغُوطِ وَمَا أَشْبَهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَبْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُعَاوَضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّوْلِيَةِ وَالتَّصْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْكِرَاءِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفِي الْجَائِحَةِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مِنْ الْكِرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ وَالسُّفُنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجُعْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِرَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاعْتِصَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُمْرَى وَمَا يَلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْحَوْزِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْأُمَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ]

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ فِي الرُّشْدِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَالْحَجْرِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّيْنِ وَالْفَلَسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ مَا يَجْرِي مَجْرَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمِدْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَلَسِ]

- ‌[بَابٌ فِي الضَّرَرِ وَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ضَرَرِ الْأَشْجَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُسْقِطِ الْقِيَامِ بِالضَّرَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِصَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجِرَاحَاتِ]

- ‌[بَابُ التَّوَارُثِ وَالْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْوَارِثِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَحْوَالِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْإِرْثُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَالَاتِ وُجُوبِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ وَأُصُولِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ إلَى فَرْضٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ لِلتَّعْصِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَانِعَ الْمِيرَاثِ]

الفصل: ‌[فصل في الإجارة]

فَلَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ حِينَئِذٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَوَاجِبٌ تَعْيِينُ وَقْتِ السَّفَرِ

فِي السُّفُنِ وَالْمَقَرِّ لِلَّذِي اُكْتُرِيَ

وَهُوَ عَلَى الْبَلَاغِ إنْ شَيْءٌ جَرَى

فِيهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْكِرَا

يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ فِي كِرَاءِ السُّفُنِ أَمْرَانِ (أَحَدُهُمَا) : تَعْيِينُ وَقْتِ السَّفَرِ لِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ السَّفَرِ وَعِظَمِ الْغَرَرِ فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيتِهِ حَتَّى يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي الْوَقْتَ الَّذِي يُسَافِرُ فِيهِ فَيَأْخُذَ لَهُ أُهْبَتَهُ فَقَدْ يَنْقُصُ الْكِرَاءُ فِي وَقْتٍ لِخَطَرِهِ وَيُزَادُ فِي وَقْتٍ لِغَلَبَةِ الْأَمْنِ فِيهِ فَلَوْ فُرِضَ عَدَمُ تَعْيِينِهِ لَكَانَ الْغَرَرُ يَلْقَى الْمُكْرِي فِي صُورَةٍ، وَالْمُكْتَرِي فِي أُخْرَى، أَوْ كِلَيْهِمَا، وَالْعُدُولُ عَنْ ارْتِكَابِ الْغَرَرِ مَتَى أَمْكَنَ وَاجِبٌ (الثَّانِي) تَعْيِينُ الْمَحَلِّ الَّذِي قُصِدَ السَّفَرُ إلَيْهِ، وَالِاسْتِقْرَارُ فِيهِ، وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَقَرِّ، وَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ بِالْقُرْبِ، وَالْبُعْدِ، وَالْأَمْنِ، وَالْخَوْفِ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ أَخْبَرَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي: أَنَّ كِرَاءَ السُّفُنِ عَلَى الْبَلَاغِ كَالْجُعْلِ الَّذِي لَا أُجْرَةَ فِيهِ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ فَإِنْ غَرِقَتْ أَوْ انْكَسَرَتْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَلَا كِرَاءَ لِصَاحِبِهَا، وَضَمِيرُ فِيهَا لِلسُّفُنِ، وَضَمِيرُ لَهُ لِلْمُكْرِي (ابْنُ عَرَفَةَ) فِي حُكْمِ كِرَاءِ السُّفُنِ اضْطِرَابٌ قَالَ ابْن رُشْدٍ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ أَنَّهُ عَلَى الْبَلَاغِ كَالْجُعْلِ الَّذِي لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَانَ عَلَى قَطْعِ الْمُوَسَّطَةِ أَوْ الرِّيفِ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اكْتَرَى سَفِينَةً فَغَرِقَتْ فِي ثُلُثَيْ الطَّرِيقِ وَغَرِقَ مَا فِيهَا مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ فَلَا كِرَاءَ لِرَبِّهَا وَأَرَى ذَلِكَ عَلَى الْبَلَاغِ زَادَ فِي الْمُنْتَخَبِ: وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ (فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) كِرَاءُ السُّفُنِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ جَائِزٌ إذَا عَيَّنُوا وَقْتَ الْخُرُوجِ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ جَرْيُهَا مَعَ الرِّيحِ، أَوْ مُلَجِّجَةً فِي الْبَحْرِ، وَلَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى اشْتِرَاطِ مُدَّةٍ لِأَنَّ الرِّيَاحَ تُسْرِعُ وَتُبْطِئُ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الشَّارِحُ مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ كِرَاءُ السُّفُنِ عَلَى الْبَلَاغِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ قَبْلَهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا تَكَسَّرَ قَبْلَ الْبَلَاغِ وَبَعْدَ قُرْبِهِ مِنْ مَحَلِّهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ رَبَّ الْمَتَاعِ قَدْ انْتَفَعَ وَلِذَلِكَ رَأَى أَصْبَغُ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ فِي مِثْلِ هَذِهِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ حَسْبَمَا حَكَاهُ عَنْهُ فِي النَّوَادِرِ قَوْلُهُ ظَاهِرٌ جِدًّا وَمِمَّا يَلْحَقُ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ الْبَلَاغِ مُجَاوَزَتُهُ إيَّاهُ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ النُّزُولِ فَفِي النَّوَادِرِ مِنْ مَسَائِلِ ابْنِ عَبْدُوسٍ فِي قَوْمٍ اكْتَرَوْا مَرْكَبًا مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّة إلَى طَرَابُلُسَ فَزَادَتْ بِهِمْ الرِّيحُ إلَى سُوسَةَ وَمِنْ الْمَتَاعِ رَبُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ طَرَابُلُسَ أَوْ غَيْرِهَا فَذَلِكَ سَوَاءٌ فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ مَتَاعَهُ بِسُوسَةَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ وَإِنْ شَاءَ الرُّجُوعَ إلَى طَرَابُلُسَ بِالْمَتَاعِ خَاصَّةً أَوْ بِنَفْسِهِ خَاصَّةً أَوْ بِالْأَمْرَيْنِ فَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ شَرَطَهُ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى غَلَاءِ الْمَتَاعِ، وَلَا إلَى رُخْصِهِ بَسُوسَةَ اُنْظُرْ تَمَامَ كَلَامِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ الْكَلَامَ عَلَى اخْتِلَافِ الْمُتَكَارِيَيْنِ فِي الْمَحَلِّ الْمُشْتَرَطِ فَقَالَ الْمُكْرِي: إلَى بَرْقَةَ بِمِائَةٍ وَقَالَ الْمُكْتَرِي: بَلْ لِإِفْرِيقِيَّةَ بِمِائَةٍ، وَعَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي قَبْضِ الْكِرَاءِ فَانْظُرْهُ إنْ شِئْت

[فَصْلٌ فِي الْإِجَارَةِ]

ِ تَقَدَّمَ أَوَّلَ بَابِ الْكِرَاءِ أَنَّ الِاصْطِلَاحَ تَسْمِيَةُ شِرَاءِ مَنْفَعَةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ كِرَاءً، وَمَنْفَعَةُ الْآدَمِيِّ إجَارَةً، وَقَدْ حَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْإِجَارَةَ بِقَوْلِهِ:" بَيْعُ مَنْفَعَةِ مَا أَمْكَنَ نَقْلُهُ غَيْرَ سَفِينَةٍ وَلَا حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْهَا بَعْضُهُ يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا " اهـ.

وَكَأَنَّهُ أَطْلَقَ الْبَيْعَ عَلَى الْعَقْدِ وَلَوْ قَالَ: عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْإِجَارَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْبَيْعِ الْأَعَمِّ وَالْأَخَصِّ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ: " مَا أَمْكَنَ نَقْلُهُ " كِرَاءَ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَقَوْلُهُ: " غَيْرَ سَفِينَةٍ " مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ أَخْرَجَ بِهِ كِرَاءَ السُّفُنِ وَقَوْلُهُ

ص: 101

وَلَا حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ " أَخْرَجَ بِهِ كِرَاءَ الرَّوَاحِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ بَابِ الْكِرَاءِ لَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا مَنْفَعَةُ الْحَيَوَانِ الْعَاقِلِ فَهِيَ الْإِجَارَةُ الْمُرَادَةُ هُنَا، وَذَكَرَ الْعِوَضَ لِأَنَّهُ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِجَارَةِ، ثُمَّ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ غَيْرَ نَاشِئٍ عَنْهَا لِيُخْرِجَ الْقِرَاضَ، وَالْمُسَاقَاةَ وَالْمُغَارَسَةَ، وَأَخْرَجَ الْجُعْلَ بِقَوْلِهِ: " يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا ".

وَقَوْلُهُ: " بَعْضُهُ يَتَبَعَّضُ " ضَمِيرُ " بَعْضُهُ " لِلْعِوَضِ، وَضَمِيرُ بِتَبْعِيضِهَا لِلْإِجَارَةِ وَكَأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِتَبْعِيضِ عَمَلِهَا، وَلَوْ قَالَ جُلُّهُ يَتَبَعَّضُ إلَخْ لَكَانَ أَنْسَبَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَالَهُ الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ) إنَّمَا ذَكَرْته خَوْفًا مِنْ نَقْضِ عَكْسِ الْحَدِّ لِأَجْلِ قَوْله تَعَالَى {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] لِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا إجَارَةٌ عِوَضُهَا الْبُضْعُ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ فَلَوْ أَسْقَطْت قَوْلِي بَعْضُهُ وَقُلْت يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا لَخَرَجَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ الْحَدِّ فَكَانَ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ مِنْ الرَّصَّاعِ

الْعَمَلُ الْمَعْلُومُ مِنْ تَعْيِينِهِ

يَجُوزُ فِيهِ الْأَجْرُ مَعَ تَبْيِينِهِ

وَلِلْأَجِيرِ أُجْرَةٌ مُكَمِّلَهْ

إنْ تَمَّ أَوْ بِقَدْرِ مَا قَدْ عَمِلَهْ

يَعْنِي أَنَّ الْعَمَلَ الْمَعْلُومَ أَيْ لِلْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ لَهُ الَّذِي عَمِلَهُ حَاصِلٌ مِنْ تَعْيِينِهِ أَيْ مِنْ تَعْيِينِ قَدْرِهِ وَجِنْسِهِ وَصِفَتِهِ وَالتَّعْيِينُ إمَّا بِالْعَادَةِ أَوْ بِالِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ عَلَيْهِ جَائِزَةٌ إذَا وَقَعَ مَعَ الْبَيَانِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْيِينِ الْبَيَانُ فَهُوَ أَيْ قَوْلُهُ مَعَ تَبْيِينِهِ كَالْمُسْتَغْنَى عَنْهُ مِمَّا قَبْلَهُ ثُمَّ إنْ أَكْمَلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ فَلِلْأَجِيرِ أُجْرَتُهُ كَامِلَةً، وَإِنْ لَمْ يُكْمِلْ فَلَهُ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ مِنْهُ وَهَذَا مَعْنَى الْبَيْتَيْنِ (قَالَ اللَّخْمِيُّ) :" الْإِجَارَةُ مُنْعَقِدَةٌ كَالْبِيَاعَاتِ ".

(وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ) وَالْإِجَارَةُ عَلَى جَمِيعِ الْأَعْمَالِ مِنْ خِيَاطَةٍ، وَصَبْغٍ، وَدَبْغٍ، وَصِيَاغَةٍ، وَقِصَارَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ جَائِزَةٌ إذَا سَمَّى الثَّمَنَ، وَوَصَفَ الْعَمَلَ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ، فَعَمِلَ بَعْضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَامِلُ فَقَالَ: " أَمَّا مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ مَا قَدْ عَمِلَ ثُمَّ يُرَدُّ مَا بَقِيَ، وَأَمَّا مَا كَانَ مَضْمُونًا فَهُوَ فِي مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْعَامِلُ وَفَاءً حَاصَّ الْمُسْتَعْمَلُ الْغُرَمَاءَ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَمَلِ يَوْمَ يُحَاصُّ بِهِ، وَلَيْسَ عَلَى قَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ إجَارَتِهِ اهـ.

وَإِلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: " وَلِلْأَجِيرِ أُجْرَةٌ مُكَمِّلَهْ "(الْبَيْتَ) وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي، وَهُوَ الْمَضْمُونُ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مِنْ تَبْيِينِ الْأَجْرِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: " أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ الْخَيَّاطِ الْمُخَالِطِ الَّذِي لَا يَكَادُ يُخَالِفُ مُسْتَعْمِلَهُ دُونَ تَسْمِيَةِ أَجْرٍ إذَا فَرَغَ أَرْضَاهُ بِشَيْءٍ يُعْطِيهِ، وَمِنْ هَذَا: اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَأَخَذَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ فَرَسًا عَلَى النِّصْفِ وَأَجَازَ ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ اهـ.

(الْمَوَّاقُ) وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله فِيمَا هُوَ جَارٍ عَلَى هَذَا لَا يُفْتِي بِفِعْلِهِ ابْتِدَاءً، وَلَا يُشَنِّعُ عَلَى مَنْ ارْتَكَبَهُ قُصَارَى أَمْرِ مُرْتَكِبِهِ أَنَّهُ تَارِكٌ لِلْوَرَعِ، وَمَا الْخِلَافُ فِيهِ شَهِيرٌ لَا حِسْبَةَ فِيهِ وَلَا سِيَّمَا إنْ دَعَتْ لِذَلِكَ حَاجَةٌ وَمِنْ أُصُولِ مَالِكٍ: أَنَّهُ يُرَاعِي الْحَاجَاتِ كَمَا يُرَاعِي الضَّرُورَاتِ.

(وَمِنْ نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ) وَسُئِلَ أَصْبَغُ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَعْمَلُ لَهُ فِي كَرْمٍ عَلَى جُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْكَرْمِ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قِيلَ لَهُ: وَكَذَلِكَ جَمِيعُ مَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ مِثْلُ مَنْ يَسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ يَحْرُسُ لَهُ الزَّرْعَ، وَلَهُ بَعْضُهُ قَالَ: يُنْظَرُ إلَى أَمْرِ النَّاسِ إذَا اُضْطُرُّوا إلَيْهِ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ وَلَا يَجِدُونَ الْعَمَلَ إلَّا بِهِ، فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ إذَا عَمَّ وَمِثْلُ ذَلِكَ كِرَاءُ السُّفُنِ فِي حَمْلِ الطَّعَامِ وَسُئِلَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ عَنْ إعْطَاءِ الْجِبَاحِ لِمَنْ يَخْدُمُهَا بِجُزْءٍ مِنْ غَلَّتِهَا فَقَالَ:" هِيَ إجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ "، وَكَذَلِكَ الْأَفْرَانُ، وَالْأَرْحَاءُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَسْتَبِيحُ الْقِيَاسَ عَلَى الْمُسَاقَاةِ، وَالْقِرَاضِ، وَحُكِيَ هَذَا عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، وَجَمَاعَةٍ، وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ الْيَوْمَ عَمَلُ النَّاسِ فِي أُجْرَةِ الدَّلَّالِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا لِقِلَّةِ الْأَمَانَةِ، وَكَثْرَةِ الْخِيَانَةِ كَمَا اعْتَذَرَ مَالِكٌ بِمِثْلِ هَذَا فِي إبَاحَةِ تَأْخِيرِ الْأُجْرَةِ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ لِأَنَّ الْأَكْرِيَاءَ رُبَّمَا لَا يُوفُونَ فَعَدَّ مَالِكٌ هَذَا ضَرُورَةَ إبَاحَةِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَالنَّاسُ مُضْطَرُّونَ لِهَذَا وَاَللَّهُ الْمُخَلِّصُ. انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ

ص: 102

وَنُقِلَ عَلَى قَوْلِهِ فِي فَصْلِ الْجُعْلِ: جُعْلًا عُلِمَ أَنَّ الْجَعَالَةَ عَلَى اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ بِجُزْءٍ مِمَّا يُقْتَضَى (أَشْهَبُ) لَا يُجِيزُهُ قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ جَائِزٌ، وَنَقَلَ الشَّارِحُ مَسْأَلَةَ إعْطَاءِ السَّفِينَةِ بِجُزْءٍ عَنْ ابْنِ سِرَاجٍ سُؤَالًا وَجَوَابًا، وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ جَوَابِهِ بِجَوَازِ ذَلِكَ إذَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ إذَا كَانَتْ كُلِّيَّةً حَاجِيَّةً، وَهَذَا مِنْهَا، وَأَيْضًا فَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةً مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ أَجَازُوا الْإِجَارَةَ بِالْجُزْءِ فِي جَمِيعِ الْإِجَارَاتِ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ، وَالْمُسَاقَاةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا اُسْتُثْنِيَ جَوَازُهُ فِي الشَّرْعِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ مِنْ مَذْهَبٍ إلَى آخَرَ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَالصَّحِيحُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ جَوَازُهُ ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ جَوَابِ ابْنِ سِرَاجٍ مَا نَصُّهُ " أَقُولُ إنْ عُمِلَ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْفُتْيَا فُتِحَتْ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ ظَاهِرُهَا الْمَنْعُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ، وَنَظَرُ الشَّيْخِ رحمه الله فِي هَذِهِ الْفُتْيَا سَدِيدٌ، وَاحْتِجَاجُهُ فِيهَا ظَاهِرٌ رحمه الله وَنَفَعَ بِهِ اهـ.

وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ حَيْثُ يُخْتَلَفْ

فِي شَأْنِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ إنْ حَلَفْ

وَإِنْ جَرَى النِّزَاعُ قَبْلَ الْعَمَلِ

تَحَالَفَا، وَالْفَسْخُ بَيِّنٌ جَلِيِّ

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْعَامِلُ، وَالْمَعْمُولُ لَهُ فِي شَأْنِ الْأُجْرَةِ فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ فَرَاغِ الْعَامِلِ مِنْ عَمَلِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ يَعْنِي إذَا ادَّعَى مَا يُشْبِهُ، وَهَذَا الْقَيْدُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ النَّاظِمُ فَقَدْ اُعْتُمِدَ عَلَى مَا هُوَ عَامٌّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ تَقْيِيدِ مَنْ يَجْعَلُ الْقَوْلَ قَوْلَهُ بِذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ رُدَّ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ عَلَى حُكْمِ الْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا، وَعَبَّرَ النَّاظِمُ بِالشَّأْنِ لِيَشْمَلَ الِاخْتِلَافَ فِي وُقُوعِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَعَدَمِ وُقُوعِهِ كَمَا لَوْ قَالَ رَبُّ الشَّيْءِ: لَمْ أَسْتَعْمِلْك فِيهِ وَإِنَّمَا جَعَلْته عِنْدَك وَدِيعَةً، وَيَشْمَلَ أَيْضًا الِاخْتِلَافَ فِي كَوْنِ الْعَمَلِ بِأُجْرَةٍ أَوْ بَاطِلًا بِلَا أَجْرٍ، وَيَشْمَلَ أَيْضًا الِاخْتِلَافَ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ، وَفِي صِفَةِ الْمَصْنُوعِ، وَنَوْعِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي وَكَأَنَّ هَذَا تَرْجَمَةٌ لِمَا بَعْدَهُ.

(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت لَهُ: فَلَوْ أَنَّ صَانِعًا عَمِلَ لِي عَمَلًا فَقُلْت لَهُ إنَّمَا عَمِلْته بَاطِلًا وَقَالَ: إنَّمَا عَمِلْته بِأَجْرٍ كَذَا قَالَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَجْرَ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَإِلَّا رُدَّ إلَى إجَارَةِ مِثْلِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ لِأَنَّ رَبَّ الثَّوْبِ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالْعَمَلِ، وَادَّعَى: أَنَّهُ وَهَبَهُ إيَّاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا حَلَفَ الصَّانِعُ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ.

(قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْعَمَلِ لَمْ أَسْتَعْمِلْك فِيهِ وَإِنَّمَا جَعَلْتُهُ عِنْدَك وَدِيعَةً فَالْقَوْلُ أَيْضًا قَوْلُ الْعَامِلِ لِأَنَّ الصُّنَّاعَ الْأَمْرُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ وَلَوْ جَازَ قَوْلُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ لَذَهَبُوا بِأَعْمَالِهِمْ بَاطِلًا.

(وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ) فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَمَلِ فَقَالَ رَبُّ الْمُبْتَاعِ: آجَرْتُك بِكَذَا، وَقَالَ الصَّانِعُ: بَلْ بِكَذَا وَكِلَاهُمَا يُشْبِهُ فَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ، وَلَهُ الْمُسَمَّى مِنْ الْأُجْرَةِ يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الصَّانِعِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَإِنْ تَخَالَفَا فِي الثَّمَنِ قَبْلَ الْعَمَلِ غَالِبًا.

وَإِنْ يَكُنْ فِي صِفَةِ الْمَصْنُوعِ

أَوْ نَوْعِهِ النِّزَاعُ ذَا وُقُوعِ

فَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ مِنْ بَعْدِ الْحَلِفْ

وَذَاكَ فِي مِقْدَارِ أُجْرَةٍ عُرِفْ

فَإِنْ يَكُنْ مِنْهُ نُكُولٌ حَلَفَا

رَبُّ الْمَتَاعِ وَلَهُ مَا وَصَفَا

يَعْنِي إذَا تَنَازَعَ الصَّانِعُ وَالْمَصْنُوعُ لَهُ إمَّا فِي صِفَةِ الْمَصْنُوعِ، أَوْ فِي نَوْعِهِ، أَوْ فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَوْلُ الصَّانِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَإِنْ نَكَلَ الصَّانِعُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ رَبُّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَيَكُونُ لَهُ مَا قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ (قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ) فَإِنْ قَالَ الْحَائِكُ: أَمَرْتَنِي أَنْ أَنْسِجَ ثَوْبَك ثَلَاثًا فِي سِتَّةٍ، وَقَالَ رَبُّهُ: بَلْ سَبْعًا

ص: 103

فِي أَرْبَعٍ فَالْحَائِكُ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى قَالَ مُحَمَّدٌ: " وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَائِكُ، وَصَاحِبُ الثَّوْبِ قَبْلَ الْعَمَلِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا "، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الصُّنَّاعِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مُحَمَّدٌ: فَإِنْ اخْتَلَفَ الصَّانِعُ وَرَبُّ الثَّوْبِ فَقَالَ الصَّانِعُ عَمِلْته بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ بِدِرْهَمَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّانِعِ " كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي مُخْتَصَرِهِ، (وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ فِي الْقَلِيلِ مِنْهَا وَالْكَثِيرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّانِعِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا فَاتَ الثَّوْبُ وَأَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ وَأَشْبَهَ مَا قَالَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ حَلَفَ، وَغَرِمَ فِي أُجْرَةِ الصَّانِعِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ اهـ.

(وَفِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ) إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي خِيَاطَةٍ، فَقَالَ: أَحَدُهُمَا عَرَبِيَّةٌ، وَقَالَ الْآخِرُ: رُومِيَّةٌ، وَأَتَيَا جَمِيعًا بِمَا يُشْبِهُ فِي الْخِيَاطَةِ، أَوْ اخْتَلَفَا فِي صُنْعٍ فَقَالَ: أَحَدُهُمَا أَحْمَرُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَخْضَرُ، وَأَشْبَهَ مَا قَالَا لِكَوْنِ الصَّبَّاغِ يَصْبِغُ الصِّبْغَيْنِ وَالثَّوْبُ مِمَّا يَحْسُنُ أَنْ يُصْبَغَ بِهِمَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ: فَأَصْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّانِعِ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ، وَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى مِنْ الْإِجَارَةِ اهـ.

وَالنِّزَاعُ اسْمُ يَكُنْ، وَذَا وُقُوعِ خَبَرُهَا فِي صِفَةٍ يَتَعَلَّقُ بِوُقُوعِ، وَنَوْعُهُ عَطْفٌ عَلَى صِفَةٍ، وَقَوْلُهُ:" فَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ " مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرٌ، وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ وَهُوَ " وَإِنْ يَكُنْ " وَالْإِشَارَةُ بِذَاكَ لِلْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّانِعِ وَضَمِيرُ مِنْهُ لِلصَّانِعِ وَضَمِيرُ لَهُ لِرَبِّ الْمَتَاعِ

وَالْقَوْلُ قَوْلُ صَانِعِ الْمَتَاعِ فِي

تَنَازُعٍ فِي الرَّدِّ مَعَ حَلْفٍ قُفِيّ

يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ الصَّانِعُ، وَرَبُّ الْمَتَاعِ الْمَصْنُوعِ فِي الرَّدِّ فَقَالَ الصَّانِعُ: رَدَدْت إلَيْك شَيْئَك، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ مَازَالَ عِنْدَك، وَلَمْ تَرُدَّهُ إلَيَّ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَتَاعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَا عَمِلَهُ بِأَجْرٍ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ.

(قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ) : قَالَ سَحْنُونٌ قُلْت لَهُ: فَإِنْ قَالَ الصُّنَّاعُ لِأَرْبَابِ السِّلَعِ قَدْ رَدَدْنَاهَا عَلَيْكُمْ وَكَانُوا قَدْ اُسْتُعْمِلُوا بِأَجْرٍ، أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ، وَقَدْ دُفِعَتْ الْأَعْمَالُ إلَيْهِمْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: " عَلَيْهِمْ أَنْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ دَفَعُوا السِّلَعَ إلَى أَهْلِهَا وَإِلَّا غُرِّمُوا سَوَاءٌ دَفَعُوا إلَيْهِمْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، عَمِلُوا بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ، وَمِثْلُهُ فِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ الشَّارِحِ وَجُمْلَةُ قُفِيّ أَيْ تُبِعَ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ صِفَةُ الْحَلِفِ فَالْحَلِفُ مَتْبُوعٌ، وَالتَّابِعُ لَهُ الْحُكْمُ بِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ قُرِئَ قَفَى بِفَتْحِ الْقَافِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ الْحَلِفُ فَيَكُونُ الْحَلِفُ تَبَعًا لِلْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي هُوَ كَوْنُ الْقَوْلِ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَتَاعِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ إنْ كَانَ سَأَلْ

بِالْقُرْبِ مِنْ فَرَاغِهِ أَجْرَ الْعَمَلْ

بَعْدَ يَمِينِهِ لِمَنْ يُنَاكِرُ

وَبَعْدَ طُولٍ يَحْلِفُ الْمُسْتَأْجِرُ

يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ الصَّانِعُ، وَالْمَصْنُوعُ لَهُ فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ فَقَالَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ: دَفَعَتْ الْأُجْرَةَ وَقَالَ الصَّانِعُ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا فَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ قِيَامُ الصَّانِعِ بِالْقُرْبِ مِنْ فَرَاغِهِ مِنْ الْعَمَلِ، فَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ كَانَ قِيَامُهُ بَعْدَ طُولٍ، فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَتَاعِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ دَفَعَ الْأُجْرَةَ، وَالْقُرْبُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمَانِ، وَنَحْوُهُمَا، وَالطُّولُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ (قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ) : قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِيلَ لِمَالِكٍ: فَالصُّنَّاعُ إذَا دَفَعُوا مَا اُسْتُعْمِلُوا فِيهِ إلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُمْ، ثُمَّ أَتَوْا يَطْلُبُونَ حُقُوقَهُمْ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُمْ إذَا قَامُوا بِحِدْثَانِ مَا دَفَعُوا الْمَتَاعَ، وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَتَاعِ اهـ.

وَمَحَلُّ هَذَا التَّفْصِيلِ بَعْدَ دَفْعِ الْمَتَاعِ لِرَبِّهِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّانِعِ وَلَوْ بَعْدَ طُولٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

وَالْوَصْفُ مِنْ مُسْتَهْلِكٍ لِمَا تَلَفْ

فِي يَدِهِ يُقْضَى بِهِ بَعْدَ الْحَلِفْ

وَشَرْطُهُ إتْيَانُهُ بِمُشْبِهِ

وَإِنْ لِجَهْلٍ أَوْ نُكُولٍ يَنْتَهِي

فَالْقَوْلُ قَوْلُ خَصْمِهِ فِي وَصْفِهِ

مُسْتَهْلَكًا بِمُشْبِهٍ مَعَ حَلْفِهِ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ الصُّنَّاعِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَلَزِمَهُ غُرْمُهُ، فَإِنَّهُ يُغَرَّمُ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَهَذَا يَأْتِي فِي الْبَيْتَيْنِ بَعْدَ هَذِهِ ثُمَّ اتَّفَقَ الْمَالِكُ

ص: 104