المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في الغصب والتعدي] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَمَا يُمَثِّلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَضْغُوطِ وَمَا أَشْبَهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَبْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُعَاوَضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّوْلِيَةِ وَالتَّصْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْكِرَاءِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفِي الْجَائِحَةِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مِنْ الْكِرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ وَالسُّفُنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجُعْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِرَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاعْتِصَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُمْرَى وَمَا يَلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْحَوْزِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْأُمَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ]

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ فِي الرُّشْدِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَالْحَجْرِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّيْنِ وَالْفَلَسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ مَا يَجْرِي مَجْرَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمِدْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَلَسِ]

- ‌[بَابٌ فِي الضَّرَرِ وَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ضَرَرِ الْأَشْجَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُسْقِطِ الْقِيَامِ بِالضَّرَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِصَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجِرَاحَاتِ]

- ‌[بَابُ التَّوَارُثِ وَالْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْوَارِثِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَحْوَالِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْإِرْثُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَالَاتِ وُجُوبِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ وَأُصُولِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ إلَى فَرْضٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ لِلتَّعْصِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَانِعَ الْمِيرَاثِ]

الفصل: ‌[فصل في الغصب والتعدي]

بِنَائِهِ وَمُنِعَ مِنْ الضَّرَرِ بِهِ، وَإِنْ رَفَعَ بُنْيَانَهُ. فَسَدَّ عَلَى جَارِهِ كُوَاهُ وَأَظْلَمَتْ أَبْوَابُ غُرَفِهِ وَكُوَاهَا وَمَنَعَهُ الشَّمْسَ أَنْ تُرْفَعَ فِي حُجْرَتِهِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ هَذَا الْبُنْيَانِ.

قَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُمْنَعُ مِنْ ضَرَرِهِ مَنْعِ الضَّوْءِ وَالشَّمْسِ وَالرِّيحِ. اهـ (فَرْعٌ) إذَا كَانَ الْبُنْيَانُ يَحْبِسُ الرِّيحَ عَنْ الْأَنْدَرِ فَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْبُنْيَانِ وُجِدَ عِنْدَهُ مَنْدُوحَةٌ أَمْ لَا. وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي مَوْضِعٍ يُبْطِلُ بِهِ أَنْدَرَ رَجُلٍ قَدْ تَطَاوَلَ انْتِفَاعُهُ بِهِ وَدِرَاسَتُهُ فِيهِ. قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَسَوَاءٌ احْتَاجَ صَاحِبُ الْبُنْيَانِ إلَى الْبُنْيَانِ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ عَلَى جَارِهِ بُنْيَانًا يَضُرُّهُ فِي أَنْدَرِهِ. اهـ وَعَلَى هَذَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: لَا مَانِعَ ضَوْءِ شَمْسٍ وَرِيحٍ إلَّا الْأَنْدَرَ قَالَ الشَّارِحُ: إذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورَ وَهُوَ مَنْعُ مَانِعِ الرِّيحِ عَنْ الْأَنْدَرِ فَمِثْلُهُ يَكُونُ الْحُكْمُ فِي مَانِعِ الشَّمْسِ الَّتِي هِيَ نَظِيرُ الرِّيحِ عَنْ مَرْجٍ، فَصَارَ الَّذِي هُوَ نَظِيرُ الْأَنْدَرِ وَمِثْلُهُ نَشِيرُ الْعَصِيرِ وَمَرْبِدُ التَّمْرِ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ: فَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا بَعِيدَةً مِنْ بِئْرِ جَارِهِ فَانْقَطَعَ مَاءُ الْبِئْرِ الْأُولَى، وَعُلِمَ أَنَّ انْقِطَاعَهُ مِنْ أَجْلِ الْبِئْرِ الْمُحْدَثَةِ، فَقَالَ: إذَا عُلِمَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ الْمُحْدَثَةِ، وَيَقْضِيَ عَلَيْهِ بِرَدْمِهَا، وَسَوَاءٌ حَفَرَهَا فِي الْوَسَطِ أَوْ فِي غَيْرِ الْوَسَطِ.

[فَصْلٌ فِي الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي]

وَغَاصِبٌ يَغْرَمُ مَا اسْتَغَلَّهُ

مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَيَرُدُّ أَصْلَهُ

حَيْثُ يُرَى بِحَالِهِ فَإِنْ تَلِفْ

قُوِّمَ وَالْمِثْلُ بِذِي مِثْلٍ أُلِفْ

(ابْنُ عَرَفَةَ)

الْغَصْبُ أَخْذُ مَالٍ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ ظُلْمًا قَهْرًا لَا لِخَوْفِ قِتَالٍ (الرَّصَّاعُ) قَوْلُهُ: أَخْذُ مَالٍ أَخْرَجَ غَيْرَ الْمَالِ كَأَخْذِ امْرَأَةٍ وَإِنْ أَطْلَقُوا عَلَيْهِ غَصْبًا فَلَيْسَ مَقْصُودًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ اصْطِلَاحًا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لُغَةً. (قُلْتُ) : اصْطِلَاحُهُمْ أَنْ يُعَبِّرُوا عَنْ ذَلِكَ بِالِاغْتِصَابِ كَمَا يَأْتِي لِلنَّاظِمِ بَعْدَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ. وَقَوْلُهُ: غَيْرِ مَنْفَعَةٍ أَخْرَجَ بِهِ التَّعَدِّيَ وَهُوَ أَخْذُ الْمَنَافِعِ كَسُكْنَى رَبْعٍ وَحَرْثِهِ؛ فَإِنَّهُ تَعَدٍّ وَلَيْسَ بِغَصْبٍ. وَقَوْلُهُ: ظُلْمًا أَخْرَجَ بِهِ أَخْذَهُ بِغَيْرِ بَاطِلٍ وَمَا ظَفِرَ بِهِ الْمَغْصُوبُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَأَخَذَهُ، وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْحَرْبِيِّ وَمَا يُنْتَزَعُ مِنْ الْعَبْدِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مُكَاتَبٍ عَجَزَ. وَقَوْلُهُ: قَهْرًا أَخْرَجَ بِهِ السَّرِقَةَ وَالنُّهْبَةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْخِيَانَةِ، أَيْ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ ظُلْمًا لَكِنْ لَا قَهْرَ فِيهَا. وَقَوْلُهُ: لَا لِخَوْفِ قِتَالٍ أَخْرَجَ بِهِ الْحِرَابَةَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْغِيلَةَ بِقَوْلِهِ قَهْرًا إذْ لَا قَهْرَ فِي الْغِيلَةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ

ص: 254

وَأَمَّا التَّعَدِّي فَقَالَ الرَّصَّاعُ قَالَ الْمَازِرِيُّ مِنْ غَيْرِ الْغَصْبِ وَأَحْسَنُ مَا مُيِّزَ بِهِ عَنْهُ أَنَّ التَّعَدِّيَ هُوَ الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ الْحَقِّ دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِ الرَّقَبَةِ أَوْ إتْلَافُهُ أَوْ بَعْضِهِ دُونَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ. فَقَوْلُهُ: بِغَيْرِ حَقٍّ أَخْرَجَ بِهِ الْإِجَارَةَ وَالْعَارِيَّةَ وَغَيْرَهُمَا، وَقَوْلُهُ: دُونَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ أَخْرَجَ بِهِ الْغَصْبَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ (إتْلَافُهُ) هَذَا قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ التَّعَدِّي وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْمِلْكِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الِانْتِفَاعِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهِ. زَادَهُ لِيُدْخِلَ فِيهِ هَلَاكَ بَعْضِ الشَّيْءِ، وَقَوْلُهُ: دُونَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ أَخْرَجَ بِهِ الْغَصْبَ أَيْضًا. (قَالَ الرَّصَّاعُ) : وَبَعْدَ أَنْ قَيَّدْتُ هَذَا مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ رَأَيْتُ تَرْجَمَةَ التَّعَدِّي فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ فِيهِ: التَّصَرُّفُ فِي شَيْءٍ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ.

قَوْلُهُ:

وَغَاصِبٌ يَغْرَمُ مَا اسْتَغَلَّهُ

الْبَيْتَيْنِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ شَيْئًا وَاسْتَغَلَّهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الْغَلَّةِ الَّتِي اسْتَغَلَّ مِنْهُ، وَيَرُدُّ أَيْضًا نَفْسَ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ وَقْتَ الْغَصْبِ، فَإِنْ تَلِفَ بِيَدِ الْغَاصِبِ غَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا. (قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ:) وَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي بِحَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِ مَالَهُ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، أَوْ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ إنْ كَانَ فَائِتًا، إلَّا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ الَّذِي لَا تَخْتَلِفُ آحَادُهُ كَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَهُ. اهـ وَهَذَا إذَا تَلِفَ رَأْسًا وَأَمَّا إنْ تَعَيَّبَ، وَلَمْ يَتْلَفْ فَفِي الرِّسَالَةِ مَا حَاصِلُهُ، أَنَّهُ إنْ تَغَيَّرَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَرَبُّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِهِ بِنَقْصِهِ، أَوْ تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ بِتَعَدِّيهِ خُيِّرَ رَبُّهُ أَيْضًا بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ أَخْذِ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ.

أَمَا وُجُوبُ رَدِّ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا رَدُّ الْغَلَّةِ فَقَالَ الْإِمَامُ الْقَلْشَانِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ فِي بَابِ الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَةِ: وَيَرُدُّ الْغَاصِبُ الْغَلَّةَ وَلَا يَرُدُّهَا غَيْرُ الْغَاصِبِ مَا نَصُّهُ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ: وَتَحْصِيلُ الِاخْتِلَافِ أَنَّ الْغَلَّاتِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا: غَلَّةٌ مُتَوَلِّدَةٌ عَنْ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ عَلَى هَيْئَتِهِ وَخِلْقَتِهِ كَالْوَلَدِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ مَعَ الْأُمِّ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْوَلَدِ وَقِيمَةِ الْأُمِّ. الثَّانِي غَلَّةٌ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْهُ عَلَى غَيْرِ خِلْقَتِهِ وَهَيْئَتِهِ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَالثَّمَرَةِ وَفِيهَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ لِلْغَاصِبِ لِضَمَانِهِ وَلِحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ.» الثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُ رَدُّهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ قِيمَتَهَا إنْ ادَّعَى تَلَفَهَا وَلَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ: مَعَ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ. وَإِنْ تَلِفَ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْغَلَّةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْغَلَّةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ.

الثَّالِثُ: الْغَلَّةُ الَّتِي هِيَ مُتَوَلِّدَةٌ عَنْ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ وَهِيَ الْأَكْرِيَةُ وَالْخَرَاجَاتُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَاخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّهَا جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. الثَّانِي: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهَا جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ يُكْرِيَ أَوْ يَنْتَفِعَ أَوْ يُعَطِّلَ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الرَّدُّ إنْ أَكْرَى وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ انْتَفَعَ أَوْ عَطَّلَ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إنْ أَكْرَى أَوْ انْتَفَعَ وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ عَطَّلَ. الْخَامِسُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالْأُصُولِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا اغْتَلَّ مِنْ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ مَعَ بَقَائِهَا وَقِيَامِهَا، وَأَمَّا مَا اغْتَلَّ مِنْهَا بِتَصَرُّفٍ، وَتَفْوِيتُهَا وَتَحْوِيلُ عَيْنِهَا كَالدَّنَانِيرِ يَغْصِبُهَا فَيَغْتَلُّهَا بِالتِّجَارَةِ فِيهَا، وَالطَّعَامِ يَزْرَعُهُ فِي أَرْضِهِ، فَالْغَلَّةُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ إلَى غَصْبِ الرَّقَبَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْغَلَّةِ الَّتِي قَصَدَ إلَى غَصْبِهَا؛ سَوَاءٌ أَكْرَى أَوْ انْتَفَعَ أَوْ عَطَّلَ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُزَالُ بِهِ أَوْ مِمَّا لَا يُزَالُ بِهِ.

اهـ وَقَالَ الْقَلْشَانِيُّ أَيْضًا فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ آخِرَ بَابِ الشُّفْعَةِ وَالْهِبَةِ: وَلَا غَلَّةَ لِلْغَاصِبِ وَيَرُدُّ مَا أَكَلَ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ انْتَفَعَ. مَا نَصُّهُ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ وُجُوبُ رَدِّ الْغَاصِبِ الْغَلَّةَ بِالْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْصُوبُ رَبْعًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ اسْتَغَلَّهَا أَوْ اسْتَعْمَلَهَا وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ رَدِّ الْغَلَّةِ مُطْلَقًا رَوَاهُ أَشْهَبُ وَابْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ التَّحْقِيقُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، قَالُوا: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الذَّوَاتِ إنَّمَا هُوَ حُصُولُ مَنَافِعِهَا فَلَوْ لَمْ يَرُدَّ الْغَاصِبُ الْغَلَّةَ لَمَا كَانَ فِي الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ سِوَى فَائِدَةِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَغْصُوبِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ تَتْمِيمٌ لِغَرَضِ الْغَاصِبِ.

الْقَوْلُ الثَّانِي: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ اخْتِصَاصُ الضَّمَانِ بِغَلَّةِ الرِّبَاعِ وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ دُونَ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ سَلَكَ مَسْلَكَ الْمُقَابَلَةِ فَجَعَلَ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ فِي

ص: 255

الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَلَهُ الْغَلَّةُ وَأَسْقَطَ عَنْهُ النَّفَقَةَ فِي الرَّبْعِ وَجَعَلَ عَلَيْهِ رَدَّ الْغَلَّةِ. قِيلَ: الْفَرْقُ أَنَّ الرَّبْعَ مَأْمُونٌ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا وَالرَّقِيقُ وَالدَّوَابُّ الْخَوْفُ فِيهِمَا قَائِمٌ فَكَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ بِالضَّمَانِ. وَقِيلَ: الْفَرْقُ أَنَّ غَاصِبَ الْحَيَوَانِ لَمَّا كَانَتْ قَدْ تَبْقَى بِيَدِهِ حَتَّى تَتْلَفَ صَارَ الْغَاصِبُ فِيهِمَا غَاصِبًا لِلرِّقَابِ حَقِيقَةً، وَالرَّبْعُ شَأْنُهُ الْبَقَاءُ حَتَّى لَيُدْرَى بِهِ فَهُوَ غَاصِبٌ لِلْمَنْفَعَةِ، وَغَاصِبُ الْمَنْفَعَةِ لَا خِلَافَ فِي رَدِّهِ الْغَلَّةَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي غَاصِبِ الرَّقَبَةِ. اهـ

وَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ فِي دَعْوَى التَّلَفْ

وَقَدْرِ مَغْصُوبٍ وَمَا بِهِ اتَّصَفْ

هَكَذَا كَقَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ وَحَلِفٌ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ فِي تَلَفِهِ وَصِفَتِهِ وَمَبْلَغِهِ. (التَّوْضِيح) يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ: هَلْ تَلِفَ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ أَمْ لَا؟ وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ أَوْ مَبْلَغِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَإِنْ غَصَبَ جَارِيَةً وَادَّعَى هَلَاكَهَا وَاخْتُلِفَ فِي صِفَتِهَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِي الصِّفَةِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ.

وَكَذَلِكَ نَصَّ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ. وَلَمْ أَرَ فِي الْأُمَّهَاتِ وُجُوبَ الْيَمِينِ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ لَكِنْ نَصَّ فِيهَا عَلَى الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ إذَا كَانَ مِمَّا يُعَابُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي تَلَفَهُ، وَكَذَلِكَ فِي رَهْنِ مَا يُعَابُ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْهُمَا وَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى وُجُوبِ الْيَمِينِ هُنَا فِي التَّلَفِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: هِيَ صَمَّاءُ بَكْمَاءُ. انْتَهَى مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُ وَلَمْ يَنُصَّ النَّاظِمُ عَلَى وُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ اتِّكَالًا مِنْهُ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمْ إذَا قَالُوا: الْقَوْلُ قَوْلُهُ. يَعْنُونَ بِيَمِينٍ، وَإِذَا قَالُوا: مُصَدَّقٌ فَيَعْنُونَ بِغَيْرِ يَمِينٍ. وَلَكِنَّ هَذَا غَالِبٌ لَا مُطَّرِدٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْغُرْمُ وَالضَّمَانُ مَعْ عِلْمٍ يَجِبْ

عَلَى الَّذِي انْجَزَّ إلَيْهِ مَا غَصَبْ

بِإِرْثٍ أَوْ مِنْ وَاهِبٍ أَوْ بَائِعِ

كَالْمُتَعَدِّي غَاصِبِ الْمَنَافِعِ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ انْجَزَّ إلَيْهِ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ إمَّا بِإِرْثٍ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ بِهِبَةٍ مِنْهُ أَوْ بِشِرَاءٍ مِنْهُ أَيْضًا مَعَ كَوْنِ مَنْ انْجَرَّ إلَيْهِ ذَلِكَ عَالِمًا بِكَوْنِ مَوْرُوثِهِ أَوْ الْوَاهِبِ لَهُ أَوْ الْبَائِعِ لَهُ غَصَبَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَنَزَّلُ

ص: 256

مَنْزِلَةَ الْغَصْبِ فِي ضَمَانِ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ إنْ تَلِفَ، فَالْغُرْمُ نَتِيجَةُ الضَّمَانِ. فَلَوْ قَالَ: وَالْغُرْمُ بِالضَّمَانِ بِالْبَاءِ السَّبَبِيَّةِ، لَكَانَ أَوْضَحَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَلَمَّا تَرْجَمَ لِلْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي، وَذَكَرَ بَعْضَ أَحْكَامِ الْغَصْبِ أَفَادَ هُنَا بِالشَّطْرِ الثَّانِي مِنْ الْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ هُوَ غَاصِبُ الْمَنَافِعِ بِخِلَافِ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ غَاصِبٌ لِلرِّقَابِ، وَشَبَّهَهُ بِالْغَاصِبِ فِي كَوْنِهِ يَضْمَنُ وَيَلْزَمُهُ الْغُرْمُ لِلشَّيْءِ الْمُتَعَدَّى فِيهِ، أَمَّا مَنْ أَنْجَرَّ إلَيْهِ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا: مَنْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ غَاصِبٍ إنْ قَبِلَهُ مِنْهُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ غَاصِبٌ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ فِي الْغَلَّةِ وَالضَّمَانِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَوْ بِيعَ الْمَغْصُوبُ أَوْ وُرِّثَ فَإِنْ عَلِمَ فَكَالْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي السَّمَاوِيِّ. (التَّوْضِيحُ) فَاعِلُ عَلِمَ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ. وَقَوْلُهُ: فَكَالْغَاصِبِ أَيْ فِي لُزُومِ رَدِّ الْغَلَّاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ بِالْغَصْبِ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَلَا عُذْرَ لَهُ بَلْ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى مَعْرِفَةِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ. أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدُهُمَا أَيْ الْمُشْتَرِي وَالْوَارِثُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِمَّا هَلَكَ أَوْ نَقَصَ مِمَّا لَا صُنْعَ فِيهِ لِأَحَدٍ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالسَّمَاوِيِّ. انْتَهَى الْمُحْتَاجُ لَهُ الْآنَ مِنْهُ وَأَمَّا الْمُتَعَدِّي فَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ التَّعَدِّيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: يَسِيرٌ لَمْ يُبْطِلْ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ بِذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا رَفَأَهُ أَوْ قَصْعَةً أَصْلَحَهَا وَغَرِمَ مَا نَقَصَهَا بَعْدَ الْإِصْلَاحِ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ إصْلَاحُهُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ إلَّا بَعْدَ إصْلَاحِهِ وَقَدْ كَانَ فِي مَنْدُوحَةٍ عَنْ ذَلِكَ.

ص: 257

وَيَسِيرٌ أَبْطَلَ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ. فِيهِ خِلَافٌ؛ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ فَإِنْ قَطَعَ ذَنَبَ دَابَّةِ الْقَاضِي أَوْ أُذُنَهَا ضَمِنَهَا وَكَذَلِكَ مَرْكُوبُ كُلِّ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَرْكَبُ مِثْلَ ذَلِكَ؛ فَلِذَلِكَ سَوَاءٌ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَرْكُوبِ وَالْمَلْبُوسِ كَقَلَنْسُوَةِ الْقَاضِي وَطَيْلَسَانِهِ وَعِمَامَتِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَلْبَسُ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا قُصِدَ إلَيْهِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَإِنْ كَانَ التَّعَدِّي كَثِيرًا وَلَمْ يُبْطِلْ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ، فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْيَسِيرِ.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَوْ تَعَدَّى عَلَى شَاةٍ بِأَمْرٍ قَلَّ لَبَنُهَا بِهِ؛ فَإِنْ كَانَ عُظْمُ مَا تُرَادُ لَهُ اللَّبَنَ ضَمِنَ قِيمَتَهَا إنْ شَاءَ رَبُّهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَزِيرَةَ اللَّبَنِ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَهَا، وَأَمَّا النَّاقَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ فَإِنَّمَا فِيهَا مَا نَقَصَهَا وَإِنْ كَانَتْ غَزِيرَةَ اللَّبَنِ فَفِيهَا مَنَافِعُ غَيْرُ ذَلِكَ بَاقِيَةٌ. انْتَهَى. وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّاقَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْيَسِيرِ أَيْ الْيَسِيرِ الَّذِي لَمْ يُبْطِلْ الْغَرَضَ، وَإِنْ كَانَ التَّعَدِّي كَثِيرًا أَبْطَلَ الْمَقْصُودَ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ. (قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ:) مَنْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدِ رَجُلٍ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ جَمِيعًا فَقَدْ أَبْطَلَهُ وَيَضْمَنُ الْجَارِحُ قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ مِثْلُ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنًا وَاحِدَةً أَوْ جَدَعَ أَنْفَهُ وَشِبْهَهُ، فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ. (ابْنُ رُشْدٍ) : إنْ قَطَعَ الْوَاحِدَةَ مِنْ صَانِعٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ اتِّفَاقًا. اهـ

وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا أَفَاتَ الْمَقْصُودَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ كَثِيرًا كَانَ أَوْ يَسِيرًا، وَمَا لَمْ يُفِتْهُ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ كَثِيرًا كَانَ أَوْ يَسِيرًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِلَى هَذَا التَّقْسِيمِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَالْمُتَعَدِّي جَانٍ عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةِ ذِي هَيْئَةٍ أَوْ أُذُنِهَا أَوْ طَيْلَسَانِهِ أَوْ لَبَنِ شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ أَوْ قَلَعَ عَيْنَيْ عَبْدٍ أَوْ يَدَيْهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَنَقْصُهُ أَوْ قِيمَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ فَنَقْصُهُ؛ كَلَبَنِ بَقَرَةٍ وَيَدِ عَبْدٍ أَوْ عَيْنِهِ. اهـ

وَشُبْهَةٌ كَالْمِلْكِ فِي ذَا الشَّانِ

لِقَوْلِهِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ»

وَلَا يَكُونُ الرَّدُّ فِي اسْتِحْقَاقِ

وَفَاسِدِ الْبَيْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ

وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَا فِي السِّلْعَةِ

مَوْجُودَةً فِي فَلَسٍ وَالشُّفْعَةِ

يَعْنِي أَنَّ شُبْهَةَ الْمِلْكِ كَالْمِلْكِ فِي كَوْنِهَا تُوجِبُ لِمَنْ حَصَلَتْ لَهُ اسْتِحْقَاقَ الْغَلَّةِ. وَعَنْهُ عَبَّرَ بِهَذَا الشَّأْنِ أَيْ الْأَمْرِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَهُوَ لِمَنْ تَكُونُ الْغَلَّةُ؟ وَدَلِيلُ كَوْنِ شُبْهَةِ الْمِلْكِ كَالْمِلْكِ.

قَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ.» وَالْخَرَاجُ الْغَلَّةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ ضَمَانُ الشَّيْءِ مِنْهُ إذَا هَلَكَ فَإِنَّ لَهُ غَلَّةَ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: مَنْ عَلَيْهِ التَّوَى فَلَهُ النَّمَا وَالْتَوَى بِالْمُثَنَّاةِ وَالْقَصْرِ أَيْ ضَمَانُ الشَّيْءِ إذَا هَلَكَ وَالنَّمَا الزِّيَادَةُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْغَلَّةُ وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ كَانَ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ وَرِثَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ اسْتَغَلَّهُ كَدَارٍ فَسَكَنَهَا أَوْ أَرْضٍ فَحَرَثَهَا أَوْ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ وَاسْتَخْدَمَهُ أَوْ أَكْرَاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَهُ مُسْتَحِقُّهُ، فَلَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ، أَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَحَلِّهَا، وَقَدْ كَانَ اسْتَغَلَّهُ وَنُقِضَ الْبَيْعُ لِفَسَادِهِ، فَلَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ أَيْضًا؛ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ مَا زَالَ قَائِمًا بِيَدِ مُشْتَرِيهِ فَرَدَّهُ لِبَائِعِهِ أَوْ قَدْ فَاتَ وَغَرِمَ ثَمَنَهُ أَوْ قِيمَتَهُ.

وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ، أَوْ وَجَدَ عَيْبًا فِيمَا اشْتَرَى فَرَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَكَانَ قَدْ اسْتَغَلَّهُ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَاسْتَغَلَّهُ وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ حَتَّى فَلِسَ فَجَاءَ الْبَائِعُ فَوَجَدَ سِلْعَتَهُ فِي جُمْلَةِ مَالِ مُشْتَرِيهَا الَّذِي فَلِسَ فَأَخَذَهَا فِي الثَّمَنِ فَلَا يَرْجِعُ بِالْغَلَّةِ عَلَى الْمُفْلِسِ، أَوْ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ مَثَلًا وَسَكَنَهُ ثُمَّ جَاءَ شَرِيكٌ فَأَخَذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ مَنْ خَرَجَ الْمِلْكُ

ص: 258

مِنْ يَدِهِ لَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ الْخَمْسَةِ؛ لِكَوْنِ ضَمَانِ ذَلِكَ الْمِلْكِ كَانَ مِنْهُ، فَالْغَلَّةُ لَهُ إلَّا أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ يُتَصَوَّرُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبِ لَهُ، وَمَا عَدَاهُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَطْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَالَ فِي إيضَاحِ الْمَسَالِكِ مَا نَصُّهُ) : تَنْبِيهٌ: لِلْمُشْتَرِي الْغَلَّةُ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ: الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ، وَالِاسْتِحْقَاقُ، وَالشُّفْعَةُ، وَالتَّفْلِيسُ. وَقَدْ نَظَمْتُهَا فَقُلْتُ:

وَلَا يَرُدُّ مُشْتَرٍ غَلَّةَ مَا

قَدْ اشْتَرَاهُ فَاحْفَظَنْهُ وَاعْلَمَا

فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ

وَفَاسِدِ الْبَيْعِ بِلَا شِقَاقِ

وَفَلَسٍ وَشُفْعَةٍ يَا طَالِبُ

مُكَمِّلَيْنِ عِدَّةَ الْمَطَالِبِ

فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ ذَا الْمَذْكُورُ

وَفِي خَلِيلٍ مِثْلُهُ مَشْهُورُ

وَاخْتَلَفَ الْمَشْهُورُ بِمَاذَا تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ إنْ لَمْ تُفَارِقْ الْأُصُولَ فَاحْفَظْهَا بِمَا ضَبَطَهَا بَعْضُهُمْ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ تَجِد عفزا شسيا فَالتَّاءُ (مِنْ تَجِدَّ) لِلتَّفْلِيسِ وَالْجِيمُ وَالدَّالُ لِلْجِدَادِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فِي التَّفْلِيسِ إلَّا بِالْجِدَادِ، وَالْعَيْنُ وَالْفَاءُ (مِنْ عفزا) لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالزَّايُ الزَّهْوُ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ مَعَ أُصُولِهَا إذَا أَزْهَتْ وَلَمْ تُجَدَّ، وَلَا يَبِسَتْ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَالشِّينُ وَالسِّينُ مِنْ (شسيا) لِلشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْيَاءُ لِلْيُبْسِ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُرَدُّ مَعَ أُصُولِهَا، وَإِنْ أَزْهَتْ مَا لَمْ تَيْبَسْ فِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ. اهـ

(وَفِي التَّوْضِيحِ) عَنْ الْمَازِرِيِّ قَالَ: كَانَ بَعْضُ أَشْيَاخِي يَرَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْأُخْرَى. اهـ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ غَازِيٍّ بَعْدَ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ السَّابِقِ وَقَبْلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ غَيْرَهُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَدْ كُنْتُ نَظَمْتُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ فِي رَجَزٍ مَعَ زِيَادَةِ بَعْضِ الْفَوَائِدِ، فَقُلْتُ:

الْخَرْجُ بِالضَّمَانِ فِي التَّفْلِيسِ

وَالْعَيْبُ عَنْ جَهْلٍ وَعَنْ تَدْلِيسِ

وَفَاسِدٍ وَشُفْعَةٍ وَمُسْتَحَقْ

ذِي عِوَضٍ وَلَوْ كَوَقْفٍ فِي الْأَحَقْ

وَالْجَدُّ فِي الثِّمَارِ فِيمَا اُنْتُقِيَا

يَضْبِطُهُ تَجِدَّ عفزا شسيا

الْخَرْجُ وَالْخَرَاجُ لُغَتَانِ اجْتَمَعَتَا فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ، وَمَنْ وَافَقَهُ {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون: 72] وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ مِنْ قَوْلِنَا: كَوَقْفِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْحُرِّيَّةِ، وَمَعْنَى فِي الْأَحَقِّ: فِي الْقَوْلِ الْأَحَقِّ تَلْوِيحًا بِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَمَعْنَى اُنْتُقِيَ اُخْتِيرَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، قَالَ: وَاخْتَصَرْتُهَا فِي بَيْتٍ مِنْ الْمُجْتَثِّ، فَقُلْتُ:

ضَمِّنْ بِخَرْجٍ وَفِيَّا

تَجِدَّ عفزا شسيا

عَلَى أَنَّا مَسْبُوقُونَ بِهَذَا التَّرْكِيبِ الَّذِي هُوَ تَجِدَّ عفزا شسيا، سَبَقَ إلَيْهِ الْوَانُّوغِيُّ اهـ.

(تَنْبِيهٌ) عَدَمُ رَدِّ الْغَلَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ إنَّمَا هُوَ مُطْلَقٌ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَا غَلَّةَ فِيهِ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَلَا يَوْمَ الرَّدِّ، وَاغْتَلَّ الْمُشْتَرِي فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَأَخَذَ الْغَلَّةَ، وَبَانَ بِهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ يَوْمَ الرَّدِّ فَلِكُلِّ مَسْأَلَةٍ حُكْمٌ فَإِنْ أَرَدْتَ تَفْصِيلَ ذَلِكَ فَرَاجِعْ الْحَطَّابَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْفَسْخِ وَلَمْ تُرَدَّ بِخِلَافِ وَلَدٍ وَثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ وَصُوفٍ تَمَّ إلَخْ، وَقَدْ نَقَلَ الشَّارِحُ هُنَا نُصُوصَ الْفِقْهِ عَلَى عَدَمِ رَدِّ الْغَلَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، فَرَأَيْتُ جَلْبَهُ مِمَّا يَطُولُ، وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ.

وَمُتْلِفُ مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَهْ

مِمَّا لَهُ كَيْفِيَّةٌ مَعْهُودَهْ

صَاحِبُهُ خُيِّرَ فِي الْأَخْذِ لَهُ

مَعْ أَخْذِهِ لِأَرْشِ عَيْبِ جُلِّهِ

أَوْ أَخْذِهِ لِقِيمَةِ الْمَعِيبِ

يَوْمَ حُدُوثِ حَالَةِ التَّعْيِيبِ

وَلَيْسَ إلَّا الْأَرْشُ حَيْثُ الْمَنْفَعَةُ

يَسِيرَةٌ وَالشَّيْءُ مَعَهَا فِي سَعَهْ

مِنْ بَعْدِ رَفْوِ الثَّوْبِ أَوْ إصْلَاحِ

مَا كَانَ مِنْهُ قَابِلَ الصَّلَاحِ

يَعْنِي أَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي يُنْتَفَعُ بِهَا كَالثَّوْبِ وَالسَّيْفِ وَالصَّحْفَةِ وَنَحْوِهَا إذَا تَعَدَّى عَلَيْهَا مُتَعَدٍّ وَأَتْلَفَهَا أَوْ عَيَّبَهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ، فَإِنْ كَانَ مَا فَعَلَ هَذَا الْمُتَعَدِّي أَتْلَفَ بِسَبَبِهِ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَإِنَّ صَاحِبَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ شَيْأَهُ عَلَى مَا حَدَثَ فِيهِ مِنْ الْفَسَادِ وَيَأْخُذَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَعَدِّي مَا بَيْنَ قِيمَةِ شَيْئِهِ سَالِمًا وَمَعِيبًا، وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ لِلَّذِي جَنَى

ص: 259