المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في الشفعة] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَمَا يُمَثِّلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَضْغُوطِ وَمَا أَشْبَهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَبْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُعَاوَضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّوْلِيَةِ وَالتَّصْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْكِرَاءِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفِي الْجَائِحَةِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مِنْ الْكِرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ وَالسُّفُنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجُعْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِرَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاعْتِصَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُمْرَى وَمَا يَلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْحَوْزِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْأُمَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ]

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ فِي الرُّشْدِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَالْحَجْرِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّيْنِ وَالْفَلَسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ مَا يَجْرِي مَجْرَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمِدْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَلَسِ]

- ‌[بَابٌ فِي الضَّرَرِ وَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ضَرَرِ الْأَشْجَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُسْقِطِ الْقِيَامِ بِالضَّرَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِصَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجِرَاحَاتِ]

- ‌[بَابُ التَّوَارُثِ وَالْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْوَارِثِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَحْوَالِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْإِرْثُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَالَاتِ وُجُوبِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ وَأُصُولِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ إلَى فَرْضٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ لِلتَّعْصِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَانِعَ الْمِيرَاثِ]

الفصل: ‌[فصل في الشفعة]

ابْنُ عَرَفَةَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ، وَمِثْلُهَا فِي التَّوْضِيحِ وَإِلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ أَشَارَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ.

فَإِذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ وَإِلَى فَسْخِهِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ

وَعِنْدَ ذَا يُفْسَخُ بِالْأَحْكَامِ

لَكِنَّ فَسْخَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَفُتْ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ فَاتَ مَضَى وَالْقَوْلُ بِالْفَسْخِ إذَا لَمْ يَفُتْ قَالَ الْمِكْنَاسِيُّ فِي مَجَالِسِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْحُكْمُ بِغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ لِمَصَالِحَ وَقْتِيَّةٍ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ وَقِيلَ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يُوفِيَ تَمَامَ الْقِيمَةِ وَلَا يَرُدَّ الْبَيْعَ وَلَا الشِّرَاءَ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ وَقِيلَ يَمْضِي لَهُ بِقَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ اُنْظُرْ آخِرَ جَامِعِ مَجَالِسِ الْقَاضِي الْمِكْنَاسِيِّ وَقَوْلُهُ

وَلَيْسَ لِلْعَارِفِ مِنْ قِيَامٍ

تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ

وَأَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِمَا صَنَعْ

(تَنْبِيهٌ) مَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ إنَّمَا هُوَ فِي الرَّشِيدِ يَبِيعُ مَالَ نَفْسِهِ وَأَمَّا السَّفِيهُ يَبِيعُ عَنْهُ وَصِيُّهُ فَلَهُ الْقِيَامُ وَلَوْ بَعْدَ السَّنَةِ إذَا بَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ وَكَذَا الْمُوَكِّلُ إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ كَمَا ذَكَرَ.

(قَالَ ابْنُ عِمْرَانَ) اتَّفَقُوا أَنَّ النَّائِبَ عَنْ غَيْرِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ اهـ عَلَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ ثُمَّ قَالَ وَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيِّ إنَّمَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلَ لِيَنْتَفِعَ بِهِ. قَالَ الْقَرَافِيُّ وَلَا يَتَصَرَّفُ مَنْ وَلِيَ وِلَايَةَ الْخِلَافَةِ فَمَا دُونَهَا إلَى الْوَصِيَّةِ إلَّا لِجَلْبِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَرْءِ مَفْسَدَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] فَكُلُّ مَنْ وَلِيَ وِلَايَةً فَهُوَ مَعْزُولٌ عَنْ الْمَفْسَدَةِ الرَّاجِحَةِ، وَالْمَصْلَحَةِ الْمَرْجُوحَةِ اهـ. وَرَاجِعْ الْحَطَّابَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يُغْبَنُ وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْحَطَّابُ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ، وَالْمَرْدُودُ بِالْغَبْنِ إنَّمَا يَرْجِعُ لِمَالِكِهِ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ لَا عَلَى الْمِلْكِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ الْمَرْدُودُ حِصَّةً فَلَا شُفْعَةَ لِمَنْ رَجَعَتْ لَهُ حِصَّتُهُ فِيمَا بَاعَ شَرِيكُهُ بَعْدَ بَيْعِ الْغَبْنِ وَقَبْلَ نَقْضِهِ وَلَا لِشَرِيكِهِ شُفْعَةٌ أَيْضًا فِيمَا رَجَعَ لِمَالِكِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ، إذْ لَيْسَ بِبَيْعٍ مَحْضٍ إذْ هُوَ مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْمُتَبَايِعَانِ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ الْحِصَّةُ هُنَا مَغْلُوبٌ عَلَى إخْرَاجِهَا مِنْ يَدِهِ اهـ. وَإِلَى الْمَسْأَلَةِ بِرُمَّتِهَا أَشَرْنَا فِي تَكْمِيلِ الْمَنْهَجِ الْمُنْتَخَبِ بِقَوْلِنَا: مَنْ بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ أَوْ اشْتَرَى. الْأَبْيَاتَ السَّبْعَ آخِرُهَا قَوْلُهُ:

وَالرَّدُّ بَعْدَ الْغَبْنِ مِلْكٌ مُؤْتَنَفْ

لَا شُفْعَةٌ فِي الْجَانِبَيْنِ تُؤْتَنَفْ.

[فَصْلٌ فِي الشُّفْعَةِ]

(فَصْلٌ فِي الشُّفْعَةِ)

وَفِي الْأُصُولِ شُفْعَةٌ مِمَّا شُرِعْ

فِي ذِي الشِّيَاعِ وَبِحَدٍّ تَمْتَنِعْ

وَمِثْلُ بِئْرٍ وَكَفَحْلِ النَّخْلِ

يَدْخُلُ فِيهَا تَبَعًا لِلْأَصْلِ

وَالْمَاءُ تَابِعٌ لَهَا فِيهِ اُحْكُمْ

وَوَحْدَهُ إنْ أَرْضُهُ لَمْ تُقْسَمْ

(التَّوْضِيحُ) قَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ وَهِيَ بِسُكُونِ الْفَاءِ مِنْ الشَّفْعِ وَهُوَ ضِدُّ الْوِتْرِ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَضُمُّ الْحِصَّةَ الَّتِي يَأْخُذُهَا إلَى حِصَّتِهِ فَتَصِيرُ حِصَّتُهُ حِصَّتَيْنِ (ابْنُ عَرَفَةَ) الشُّفْعَةُ اسْتِحْقَاقُ شَرِيكٍ أَخْذَ مَبِيعِ شَرِيكِهِ بِثَمَنِهِ.

(قَالَ الرَّصَّاعُ) فَإِذَا بَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنْ دَارٍ فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ وَهَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ لِلشَّرِيكِ طَلَبَ أَخْذِ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ الْبَيْعِ أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّرِيكَ لَهُ حَالَةٌ اسْتَحَقَّ بِهَا الطَّلَبَ، وَالْأَخْذَ بِسَبَبِ الْبَيْعِ ذَلِكَ مِمَّا يُقَرِّرُ مَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ هُنَا، وَالظَّاهِرُ وَهُوَ الصَّوَابُ، الثَّانِي وَطَلَبُ الشُّفْعَةِ يَبْعُدُ هُنَا. قَوْلُهُ: وَفِي الْأُصُولِ شُفْعَةٌ يَعْنِي أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا هِيَ مَشْرُوعَةٌ فِي الْأُصُولِ وَهِيَ الْأَرْضُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ وَذَلِكَ مُدَّةَ بَقَائِهَا مُشْتَرَكَةً عَلَى الْإِشَاعَةِ فَإِذَا وُضِعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمْ مَا خَرَجَ لَهُ فِي الْقِسْمَةِ فَلَا شُفْعَةَ لِغَيْرِهِ لِكَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ صَارَ

ص: 40

جَارًا لِلْآخَرِ وَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ.

هَذَا حُكْمُ الْعَقَارِ الْمُنْقَسِمِ الَّذِي لَيْسَ تَابِعًا فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ لِغَيْرِهِ كَالدُّورِ، وَالْأَرَضِينَ، وَالنَّخْلِ، وَالشَّجَرِ، فَقَوْلُهُ " شُفْعَةٌ " مُبْتَدَأٌ عَامِلٌ فِي الْأُصُولِ وَهُوَ الْمُسَوِّغُ لِلِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ وَمِمَّا شُرِعَ خَبَرُهُ وَفِي ذِي الشِّيَاعِ يَتَعَلَّقُ بِشُرِعْ وَبَاءُ بِحَدٍّ سَبَبِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِتَمْتَنِعْ وَأَمَّا مَا كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ وَمُتَعَلِّقًا بِهِ مِمَّا هُوَ ثَابِتٌ بِهِ وَلَا يُنْقَلُ وَلَا يُحَوَّلُ، وَذَلِكَ كَالْجُدْرَانِ، وَالْبِئْرِ، وَفَحْلِ النَّخْلِ، وَالْمَاءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ مَا دَامَ أَصْلُهُ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ التَّابِعُ وَحْدَهُ وَالْمَتْبُوعُ لِحَالِهِ لَمْ يَنْقَسِمْ، وَأَمَّا إنْ قُسِمَ الْمَتْبُوعُ وَهُوَ الْأَرْضُ، بَقِيَ التَّابِعُ لَهَا عَلَى الْإِشَاعَةِ فَبَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَلَا شُفْعَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ.

إلَى هَذَا التَّقْسِيمِ أَشَارَ ابْنُ سَلْمُونٍ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا الْمَاءُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ فِي إيجَابِ الشُّفْعَةِ فِيهِ إذَا بِيعَ مَعَ الْأَرْضِ أَوْ دُونَهَا وَلَمْ تُقْسَمْ الْأَرْضُ وَاخْتُلِفَ فِي إيجَابِ الشُّفْعَةِ فِيهِ إذَا قُسِمَتْ الْأَرْضُ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى إنَّ فِيهِ الشُّفْعَةَ اهـ مِنْ الشَّارِحِ.

(وَنَقَلَ أَيْضًا عَنْ الْمُقَرَّبِ مَا نَصُّهُ) قَالَ مُحَمَّدٌ وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ قُلْت لِعِيسَى مَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ لَا شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ وَلَا فِي فَحْلِ نَخْلٍ قَالَ هِيَ آبَارُ الْحَوَائِطِ إذَا قُسِمَتْ الْحَوَائِطُ وَبَقِيَتْ الْبِئْرُ أَوْ الْفَحْلُ لَمْ يُقْسَمْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا لَا يُسْتَطَاعُ قَسْمُهُمَا وَلَوْ كَانَتْ آبَارًا كَثِيرَةً أَوْ فُحُولًا كَثِيرَةً لَمْ تُقْسَمْ فَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ سَهْمَهُ فِيهَا لَكَانَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِأَنَّ الْقَسْمَ يَصْلُحُ فِيهَا وَفِيهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أَنَّ بِئْرًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَبِهَا بَيَاضٌ وَنَخْلٌ فَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَاءِ وَتَرَكَ نَصِيبَهُ مِنْ النَّخْلِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ بَاعَ وَلَمْ يُقَاسِمْ شَرِيكَهُ لَكَانَ لِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ فِي الْمَاءِ وَإِنْ اقْتَسَمَا النَّخْلَ وَالْأَرْضَ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْمَاءِ لَمْ تَكُنْ فِيهِ شُفْعَةٌ اهـ.

وَقَدْ أَشَارَ النَّاظِمُ لِحُكْمِ التَّابِعِ بِقَوْلِهِ " وَمِثْلُ بِئْرٍ " الْبَيْتَيْنِ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقُ الْمُشْتَرَكَةُ وَسَاحَةُ الدَّارِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَشَارَ لِحُكْمِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَبَيْعِ التَّابِعُ وَالْمَتْبُوعُ مَعًا بِقَوْلِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِمَا تَبَعًا لِلْأَصْلِ وَبِقَوْلِهِ وَالْمَاءُ تَابِعٌ لَهَا فِيهِ الْحُكْمُ فَفَاعِلُ يَدْخُلُ يَعُودُ عَلَى " مِثْلُ " وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَضَمِيرُ فِيهَا لِلشُّفْعَةِ وَضَمِيرُ لَهَا فِي الْبَيْتِ الثَّانِي يَعُودُ عَلَى الْأُصُولِ ثُمَّ أَشَارَ لِحُكْمِ الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذْ بِيعَ التَّابِعُ وَحْدَهُ وَالْمَتْبُوعُ لَمْ يُقْسَمْ بِقَوْلِهِ " وَحْدَهُ إنْ أَرْضُهُ لَمْ تُقْسَمْ " وَفُهِمَ مِنْ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ عَدَمُ وُجُوبِهَا فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ إذَا بِيعَ التَّابِعُ وَحْدَهُ بَعْدَ قَسْمِ الْمَتْبُوعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَلَخَّصَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّقْسِيمَ الْمَذْكُورَ جَارٍ فِي الْفَحْلِ وَالْبِئْرِ وَالْمَاءِ وَسَاحَةِ الدَّارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إلَّا فِي تَعَدُّدِ الْفَحْلِ وَالْبِئْرِ فَالشُّفْعَةُ فِيهَا وَإِنْ قُسِمَ مَتْبُوعُهَا كَمَا تَقَدَّمَ.

قَالَ النَّاظِمُ

وَالْفُرْنُ وَالْحَمَّامُ وَالرَّحَى الْقَضَا

وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فِيهَا قَدْ مَضَى

ص: 41

يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْأُصُولِ الَّتِي لَا تُرَادُ إلَّا لِخَرَاجِهَا وَلَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَالْفُرْنِ وَالْحَمَّامِ وَالرَّحَى وَالْحَانُوتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ هَلْ تَجِبُ فِيهَا شُفْعَةٌ أَوْ لَا وَبِوُجُوبِهَا الْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَفِي غَيْرِ الْمُنْقَسِمِ كَالْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلِضَرَرِ الْقِسْمَةِ.

(التَّوْضِيحُ) يَعْنِي فِي الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ إلَّا بِضَرَرٍ قَوْلَانِ وَهُمَا لِمَالِكِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا اهـ وَبِعَدَمِ الشُّفْعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَبِالشُّفْعَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَعَدَمُ الشُّفْعَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُفِيدِ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَأَفْتَى بِهِ فُقَهَاءُ قُرْطُبَةَ لَمَّا جَمَعَهُمْ الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ إذْ كَانَ بِهِ الْقَضَاءُ عِنْدَهُمْ فَرَفَعَ الشَّفِيعُ أَمْرَهُ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَقَالَ حُكِمَ عَلَيَّ بِغَيْرِ قَوْلِ مَالِكٍ فَوَقَّعَ بِخَطِّ يَدِهِ إلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ فَجَمَعَ الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ الْفُقَهَاءَ وَشَاوَرَهُمْ فَقَالُوا مَالِكٌ يَرَى فِي الْحَمَّامِ الشُّفْعَةَ فَقَضَى مُنْذِرٌ بِذَلِكَ وَحَكَمَ لَهُ بِهَا.

(وَقَالَ ابْنُ الْحَارِثِ) : وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ أَنَّهُ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَ الشُّيُوخِ بِقُرْطُبَةَ بِإِيجَابِ الشُّفْعَةِ وَقَوْلُهُ كَالْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ أَيْ مِنْ الْأَبْرِحَةِ وَالْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَالشَّجَرَةِ الْوَاحِدَةِ وَشِبْهِ ذَلِكَ وَمَنْشَأُ الْقَوْلَيْنِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَهَلْ ذَلِكَ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَتَجِبَ الشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَا يَتَضَرَّرَ بِشَرِكَةِ الدَّاخِلِ أَوْ إنَّمَا ذَلِكَ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ لَهُ طَلَبُ الْبَاقِينَ بِالْقِسْمَةِ فَإِذَا اشْتَرَى أَجْنَبِيٌّ مِنْ أَحَدِهِمْ خَشِيَ الْبَاقُونَ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إلَى الْقِسْمَةِ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مُضِرًّا بِهِمْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِحْدَاثِ مَرَافِقَ فِي نَصِيبِهِ غَالِبًا فَشُرِعَتْ الشُّفْعَةُ لِدَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ فَعَلَى هَذَا لَا شُفْعَةَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لِعَدَمِ حُصُولِ هَذَا الضَّرَرِ فِيهِ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ اهـ.

وَإِلَى مَا حُكِمَ بِهِ بِقُرْطُبَةَ مِنْ الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ " وَالْقَضَا. بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فِيهِ قَدْ مَضَى " وَإِلَى الْقَوْلَيْنِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ إنْ انْقَسَمَ وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ وَعُمِلَ بِهِ وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَرَّبِ قَالَ سَحْنُونُ: قُلْت لَهُ أَرَأَيْتَ الْحَمَّامَ هَلْ فِيهِ شُفْعَةٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ أَيْضًا قُلْت لَهُ فَالْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا بَيْتُ الرَّحَى وَالْأَرْضُ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ إلَى الرَّحَى إذَا بِيعَ ذَلِكَ مَعَ الرَّحَى قَالَ يَكُونُ فِي الْأَرْضِ وَالْبَيْتِ الشُّفْعَةُ وَلَيْسَتْ الرَّحَى مِنْ الْبُنْيَانِ إنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ حَجَرٍ مُلْقًى فِي الدَّارِ وَكَذَلِكَ الرَّحَى الَّتِي يَجُرُّهَا الدَّوَابُّ هِيَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَفِي كِتَابِ الْجِدَارِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْأَرْضِ الَّتِي بُنِيَ فِيهَا بَيْتُ الرَّحَى أَنَّهُ قَالَ إذَا بِيعَتْ الرَّحَى مِنْ أَصْلِهَا فَفِيهَا وَفِي الْمَطَاحِينِ وَجَمْعِ مَا كَانَ فِيهَا مَبْنِيًّا الشُّفْعَةُ وَإِذَا بَاعَ الْحِجَارَةَ وَحْدَهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا قَالَ عِيسَى وَبِهَذَا آخُذُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ قَالَ وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي أَعْدَلُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ.

وَفِي الثِّمَارِ شُفْعَةٌ إنْ تَنْقَسِمْ

وَذَا أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي ذَاكَ الْتُزِمْ

وَمِثْلُهُ مُشْتَرَكٌ مِنْ الثَّمَرْ

لِلْيُبْسِ إنْ بَدْوُ الصَّلَاحِ قَدْ ظَهَرْ

تَكَلَّمَ فِي الْبَيْتَيْنِ عَلَى الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ عَلَى مَا اخْتَارَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رضي الله عنه مِنْ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيهَا قَالَ وَمَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلِي قَالَ إنَّ فِي الثَّمَرِ شُفْعَةً وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَسْتَحْسِنُهُ اهـ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْمُشْتَرَكِ مِنْ الثِّمَارِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ الِاشْتِرَاكُ فِي الثَّمَرَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا كَحَائِطٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَشَفَعَهُ شَرِيكُهُ وَكَانَ فِي الْأَصْلِ ثِمَارٌ فِي وَقْتِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَإِمَّا مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاكٍ فِي الْأَصْلِ فِي الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا كَالْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ وَالْمُسَاقَى بِأَيْدِيهِمْ فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ هُوَ مُرَادُ النَّاظِمِ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي هُوَ مُرَادُهُ بِالْبَيْتِ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ مِنْ بَابِ الْمَشْفُوعِ بِالتَّبَعِ لِغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمِثْلُ بِئْرٍ

ص: 42

وَكَفَحْلِ النَّخْلِ الْبَيْتَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ الْمَشْفُوعِ اسْتِقْلَالًا ثُمَّ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ حَيْثُ يَبِيعُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَصْلِ لَا يَخْلُو ذَلِكَ الْأَصْلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثِمَارٌ يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ فِيهِ ثِمَارٌ يَوْمَ الْبَيْعِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مَأْبُورَةً أَوْ مَزْهِيَّةً أَوْ غَيْرَ مَأْبُورَةٍ وَلَا مَزْهِيَّةً وَكَذَا يُفَصَّلُ فِي وَقْتِ قِيَامِ الشَّفِيعِ كَمَا يَأْتِي.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) اُخْتُلِفَ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ مُفْرَدَةً إلَى قَوْلِهِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ اهـ.

وَإِلَى مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ هَذِهِ أَشَارَ الشَّيْخُ ابْنُ غَازِيٍّ رحمه الله فِي نَظَائِرِ الرِّسَالَةِ بِقَوْلِهِ وَقَالَ مَالِكٌ بِاخْتِيَارِ الْبَيْتَيْنِ (وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا مَا نَصُّهُ هَذَا إنْ انْفَرَدَتْ بِالْبَيْعِ وَأَمَّا إنْ بِيعَتْ مَعَ الْأَصْلِ فَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْصِيلٍ فَإِنْ اشْتَرَى النَّخْلَ لَا ثَمَرَ فِيهَا فَقَامَ الشَّفِيعُ قَبْلَ الْإِبَارِ فَالثِّمَارُ لَهُ مَعَ الْأَصْلِ اتِّفَاقًا قُلْتُ لِقَوْلِهَا فِي الْقَسَمِ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْإِبَارِ كَجُزْءٍ مِنْ النَّخْلِ قَالَ وَأَمَّا إنْ قَامَ بَعْدَ الْإِبَارِ فَلَهُ أَخْذُهَا مَعَ الْأَصْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِمُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ إنْ اشْتَرَاهَا مَأْبُورَةً أَوْ غَيْرَ مَأْبُورَةٍ ثُمَّ أَبَّرَهَا الْمُبْتَاعُ فَلِلشَّفِيعِ الْأَصْلُ دُونَهَا لِأَنَّ الشُّفْعَةَ بَيْعٌ وَمَأْبُورُ الثِّمَارِ لِلْبَائِعِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَدَنِيِّينَ وَعَلَى أَنَّهَا تَبَعٌ لِلْأَصْلِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ مَا أَنْفَقَ الْمُشْتَرِي وَسَقَى وَعَالَجَ (الْبَاجِيُّ) .

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ فَاتَتْ الثَّمَرَةُ بِالْجِذَاذِ وَالْيُبْسِ أَخَذَ الشَّفِيعُ الْأَصْلَ بِكُلِّ الثَّمَنِ لَا يُوضَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِلثَّمَرَةِ وَلَا حِصَّةَ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ وَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ يَوْمَ الشِّرَاءِ مَأْبُورَةً فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا حُكْمُ الشُّفْعَةِ مَا لَمْ تَيْبَسْ فَإِنْ يَبِسَتْ فَلَا شُفْعَةَ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْأَصْلَ بِمَنَابِهِ وَإِنْ اشْتَرَاهَا مُزْهِيَةً فَقَالَ أَشْهَبُ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْأَصْلِ دُونَ الثَّمَرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: فِيهَا الشُّفْعَةُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الثَّمَرَةُ لِلشَّفِيعِ مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ فَإِنْ جُذَّتْ حُطَّ عَنْ الشَّفِيعِ حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ اهـ.

هَذَا حُكْمُ الشُّفْعَةِ فِي الثَّمَرَةِ إذَا بِيعَ الْأَصْلُ وَفِيهِ ثَمَرَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ ثُمَّ حَدَثَتْ وَقَامَ الشَّفِيعُ قَبْلَ الْيُبْسِ أَوْ الْجَذِّ وَأَمَّا إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ وَحْدَهَا سَوَاءٌ بَاعَهَا الشَّرِيكُ فِي الْأَصْلِ أَوْ فِي الثَّمَرَةِ فَقَطْ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي بَيْعِ الثَّمَرِ مُجَرَّدًا ثَالِثُهَا إنْ كَانَ الْأَصْلُ بَيْنَهُمَا لِلْمَشْهُورِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمُحَمَّدٌ عِيَاضٌ: إذَا اشْتَرَاهَا مَعَ الْأَصْلِ يَأْخُذُهَا مَا لَمْ تُجَذَّ وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ أَصْلٍ فَالشُّفْعَةُ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ فِي الْوَجْهَيْنِ وَظَاهِرُ اخْتِصَارِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَأَنَّ الشُّفْعَةَ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ ثُمَّ قَالَ الْبَاجِيُّ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَمُعْظَمُ أَصْحَابِهِ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ فِي الثَّمَرَةِ أَشْهَبُ لِأَنَّهَا تَنْقَسِمُ بَعْدَ الْجِذَاذِ كَالْأَرْضِ يُرِيدُ إذَا قُسِمَتْ فِي النَّخْلِ قَبْلَ الْجَذِّ وَلِمُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَرَوَاهُ الْقَاضِي.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَوْلُهُ أَنْ تَنْقَسِمْ إنْ قُرِئَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِنْ شَرْطِيَّةٌ كَمَا هُوَ الْجَارِي عَلَى الْأَلْسِنَةِ فَانْظُرْ مَا مَعْنَاهُ لِأَنَّ الثِّمَارَ بَعْدَ الْجِذَاذِ كُلَّهَا تُقْسَمُ وَلَا إشْكَالَ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَغَيْرُ الثَّمَرِ وَالْعِنَبِ يُقْسَمُ عَلَى التَّحَرِّي بِشَرْطِ أَنْ يُجَذَّ مَكَانَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَسْمُهُ وَأَمَّا التَّمْرُ وَالْعِنَبُ فَيُقْسَمَانِ بِالتَّحَرِّي أَيْضًا بِشُرُوطٍ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ وَتَمْرٍ أَوْ زَرْعٍ إنْ لَمْ يَجُذَّاهُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا كَبَعْلٍ وَذَاتِ بِئْرٍ أَوْ غَرَبٍ ثُمَّ قَالَ إلَّا التَّمْرَ وَالْعِنَبَ إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ إلَخْ وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ مِثْلُ هَذَا وَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّهَا كُلَّهَا تَنْقَسِمُ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ عَلَى التَّحَرِّي بَعْضَهَا بِشَرْطٍ وَاحِدٍ وَبَعْضَهَا بِشُروُطٍ فَمَا مَعْنَى اشْتِرَاطِ الْقَسْمِ الَّذِي فِي كَلَامِ النَّاظِمِ.

وَأَقْرَبُ مَا ظَهَرَ لِي فِي الْوَقْتِ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ لَا شَرْطٌ فِيهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنَّمَا وَجَبَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِكَوْنِهَا تَنْقَسِمُ وَقَبُولُ الْقِسْمَةِ شَرْطٌ فِي كُلِّ مَا يُشْفَعُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَى هَذَا فَيُقْرَأُ " أَنْ تَنْقَسِمْ " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَنْقَسِمَ وَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ تَعْلِيلًا لَا شَرْطًا قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَصَاحِبِ التَّوْضِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ

ص: 43

قَرِيبًا عَنْ أَشْهَبَ فِي تَعْلِيلِ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ لِأَنَّهَا تَنْقَسِمُ بِالْجُذُوذِ كَالْأَرْضِ وَيَسْتَرْوِحُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ النَّاظِمِ

وَذَا أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي ذَاكَ اُلْتُزِمَ

فَإِنَّهُ رَاجِعٌ لِلتَّعْلِيلِ بِالِانْقِسَامِ أَيْ إنَّ تَعْلِيلَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ بِهِ لِانْقِسَامٍ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْقَسْمِ فِي الْمَشْفُوعِ وَالثِّمَارُ تَنْقَسِمُ فَفِيهَا الشُّفْعَةُ يَعْنِي وَأَحْرَى فِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ الَّذِي لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فَمَفْهُومُ الْمَشْهُورِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ لِأَنَّ مَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ يُشْفَعُ اتِّفَاقًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ قَوْلُهُ وَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ وَفِي الثِّمَارِ شُفْعَةٌ وَيَكُونُ مُقَابِلُهُ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَهُوَ لِمُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ كَمَا تَقَدَّمَ آخِرَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ.

(الثَّانِي) قَوْلُهُ لِلْيُبْسِ هُوَ رَاجِعٌ لِمَا إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ مَعَ الْأَصْلِ وَلِمَا إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ وَحْدَهَا فَإِذَا يَبِسَتْ الثَّمَرَةُ وَهِيَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَقِيلَ إنَّمَا تَسْقُطُ بِالْجَذِّ وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ.

(الثَّالِثُ) اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْيُبْسِ هَلْ هُوَ حُضُورُ وَقْتِ جِذَاذِهَا أَوْ ارْتِفَاعِ مَنْفَعَتِهَا بِبَقَائِهَا فِي أَصْلِهَا.

(قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) وَمَعْنَى يُبْسِهَا هُوَ حُضُورُ وَقْتِ جِذَاذِهَا لِلتَّيْبِيسِ إنْ كَانَتْ تَيْبَسُ أَوْ لِلْأَكْلِ إنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ وَكَذَا هُوَ النَّصُّ لِابْنِ كِنَانَةَ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قُلْت ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنْ يُبْسَهَا ارْتِفَاعُ مَنْفَعَتِهَا بِبَقَائِهَا فِي أَصْلِهَا لَا حُضُورُ وَقْتِ قِطَافِهَا فَقَدْ يَحْضُرُ وَيَكُونُ لِبَقَائِهَا زِيَادَةُ مَنْفَعَةٍ كَالْعِنَبِ وَالرُّمَّانِ عِنْدَنَا.

(الرَّابِعُ) قَوْلُهُ إنْ بَدْوُ الصَّلَاحِ قَدْ ظَهَرَ شَرْطٌ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا فَإِذَا بِيعَتْ بَعْدَ ظُهُورِ صَلَاحِهَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَفِيهِ الشُّفْعَةُ وَإِذَا بِيعَتْ قَبْلَهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لَا شُفْعَةَ فِيهِ إلَّا أَنْ تَفُوتَ أَمَّا إنْ بِيعَتْ الثَّمَرَةُ مَعَ الْأَصْلِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَدْوُ الصَّلَاحِ.

(الْخَامِسُ) قَالَ الْقَاضِي الْمِكْنَاسِيُّ فِي مَجَالِسِهِ وَقَدْ فَرَّقُوا فِي الثَّمَرَةِ بَيْنَ الْمُدَّخَرِ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ وُجُوبُهَا فِي الْمُدَّخَرِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ أَفْتَى الْعَبْدُوسِيُّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ بِهَذَا مَضَى الْعَمَلُ انْتَهَى مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُ، فَقَوْلُهُ فَرَّقُوا فِي الثَّمَرَةِ بَيْنَ الْمُدَّخَرِ أَيْ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يُدَّخَرُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ هَذَا مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنَّ الشُّفْعَةَ فِي الثِّمَارِ الْخَرِيفِيَّةِ دُونَ الصَّيْفِيَّةِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِكَوْنِهِ يَبِيعُهَا أَوْ يَأْكُلُهَا وَسَمِعْت مَنْ عَلَّلَ ذَلِكَ بِضَرَرِ دُخُولِ الْمُشْتَرِي فِي الثِّمَارِ الْخَرِيفِيَّةِ لِطُولِ زَمَنِ جِذَاذِهَا بِخِلَافِ الصَّيْفِيَّةِ لِقِصَرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا نَقَلَهُ الْمِكْنَاسِيُّ عَنْ الْعَبْدُوسِيُّ نَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ بِأَبْيَنَ مِنْ هَذَا وَلَفْظُهُ أَوَائِلَ نَوَازِلِ الشُّفْعَةِ.

وَسُئِلَ سَيِّدِي عَبْدُ اللَّهِ الْعَبْدُوسِيُّ عَنْ الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ الصَّيْفِيَّةِ وَالْخَرِيفِيَّةِ هَلْ فِيهَا شُفْعَةٌ أَمْ لَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تُشْرَى لِلْبَيْعِ وَالشَّفِيعُ إذَا شَفَعَ لِلْبَيْعِ لَا شُفْعَةَ لَهُ وَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَشْفَعُ لِلْبَيْعِ فَهَلْ ذَلِكَ إنْ بَاعَهَا فِي رُءُوسِ الْأَشْجَارِ قَبْلَ قَطْعِهَا كَمَا اشْتَرَاهَا أَوْ مُطْلَقُ الْبَيْعِ وَلَوْ بَعْدَ قَطْعِهَا مُجَزَّأً يَوْمًا فَيَوْمًا وَهَلْ فِي حَبِّ الزَّيْتُونِ شُفْعَةٌ أَمْ لَا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَخْذُهُ لِيُبَاعَ زَيْتُهُ بَعْدَ عَصْرِهِ فَأَجَابَ مَتَى عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَكْلِ الثِّمَارِ وَلَا عَلَى ادِّخَارِهَا بَلْ يَأْكُلُ الْبَعْضَ وَيَبِيعُ الْبَعْضَ كَالْفَاكِهَةِ الصَّيْفِيَّةِ مَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تُدَّخَرُ وَكَذَا الْخَرِيفِيَّةُ إذَا كَانَ يَبِيعُهَا وَلَا يَدَّخِرُهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا بِهَذَا جَرَى الْعَمَلُ مِنْ زَمَنِ سَيِّدِي عِيسَى بْنِ عَلَّالٍ إلَى الْآنَ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ إذَا كَانَ بِبَيْعٍ لَا وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى ذَلِكَ مَا دَامَتْ فِي أَشْجَارِهَا وَبَاعَهَا كَذَلِكَ وَنُصُوصُهُمْ تَدُلُّ عَلَى هَذَا وَكَذَا حُكْمُ حَبِّ الزَّيْتُونِ وَالشُّفْعَةُ فِيهِ وَاجِبَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ فِي الْوَقْتِ قِيلَ وَأَصْحَابُنَا الْفَاسِيُّونَ مُخَالِفُونَ لَهُ عَمَلًا بِفَتْوَى شَيْخِهِمْ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ فِيهَا كَانَ الْمَشْفُوعُ مِنْهَا يُرَادُ لِلْبَيْعِ اهـ.

وَلَمْ تُبَحْ لِلْجَارِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ

وَفِي طَرِيقٍ مُنِعَتْ وَأَنْدَرِ

وَالْحَيَوَانِ كُلِّهِ وَالْبِئْرِ

وَجُمْلَةِ الْعُرُوضِ فِي الْمَشْهُورِ

وَفِي الزُّرُوعِ وَالْبُقُولِ وَالْخُضَرْ

وَفِي مُغَيَّبٍ فِي الْأَرْضِ كَالْجَزَرْ

وَنَخْلَةٍ حَيْثُ تَكُونُ وَاحِدَهْ

وَشِبْهُهَا وَفِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَهْ

مَا لَمْ تُصَحَّحْ فَبِقِيمَةٍ تَجِبْ

كَذَاك ذُو التَّعْوِيضِ ذَا فِيهِ يَجِبْ

وَالْخُلْفُ فِي صِنْفِ الْمَقَاثِي وَاشْتَهَرْ

وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فِيهِ الْمُعْتَبَرْ

ص: 44

ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ عَشْرُ مَسَائِلَ لَا شُفْعَةَ فِيهَا بَعْضُهَا اتِّفَاقًا وَبَعْضُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ.

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ وَالْقَوْلُ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لَهُ شَاذٌّ بَلْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ الْخَطَأِ الَّذِي يَنْتَقِضُ بِهِ حُكْمُ الْعَدْلِ الْعَالِمِ الْحُكْمُ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ اهـ وَعَلَى هَذَا فَكَانَ النَّاظِمُ فِي غِنًى عَنْ الْإِشَارَةِ إلَى هَذَا الْخِلَافِ لِشُذُوذِهِ.

(الثَّانِيَةُ) الطَّرِيقُ فَإِذَا كَانَتْ طَرِيقٌ لِدُورٍ مَثَلًا فَبَاعَ أَحَدُ أَرْبَابِ الدُّورِ دَارِهِ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا إذْ لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا فِيهَا وَأَمَّا الطَّرِيقُ فَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّورِ كُلِّهِمْ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ فِيهَا الشُّفْعَةَ لِأَجْلِ الِاشْتِرَاكِ فِيهَا الْحُكْمُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهَا لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِمَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَهُوَ الدَّارُ فَكَمَا لَا شُفْعَةَ فِي الْمَتْبُوعِ وَهُوَ الدَّارُ فَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ فِي التَّابِعِ وَهُوَ الطَّرِيقُ وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَجْرِي فِي الْأَنْدَرِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مَوْضِعُ تَيْبِيسِ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ فَإِذَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَرْبَابِ دُورٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ دَارِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِي الْأَنْدَرِ كَالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ.

(تَنْبِيهٌ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا فِي نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ وَنَقَلَهَا الْمَوَّاقُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَخِيَارٌ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ وَنَصُّ النَّوَازِلِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ فِي الْحَائِطِ يَكُونُ بَيْنَ دَارَيْنِ لِرَجُلَيْنِ وَالْحَائِطُ خَاصَّةً مُشْتَرَكٌ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا دَارِهِ بِحُقُوقِهَا فَدَخَلَ الْحَائِطُ فِي الشِّرَاءِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُقَوِّمَ بِالشُّفْعَةِ وَتُقَوَّمُ الدَّارُ بِغَيْرِ اشْتِرَاطِ الْحَائِطِ وَتُقَوَّمُ بِالْحَائِطِ فَمَا نَابَ الْحَائِطَ مِنْ الثَّمَنِ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِذَلِكَ كَشَيْءٍ بِيعَ لَا شُفْعَةَ فِيهِ مَعَ شَيْءٍ فِيهِ شُفْعَةٌ أَنَّ الثَّمَنَ يَفِيضُ عَلَى ذَلِكَ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِمَا يَنُوبُ مَالَهُ الشُّفْعَةَ فِيهَا وَيَسْقُطُ مَنَابُ الشَّيْءِ الْآخَرِ اهـ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) الْحَيَوَانُ كُلُّهُ أَيْ عَاقِلًا كَانَ الرَّقِيقُ أَوْ غَيْرُ عَاقِلٍ كَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا نَصِيبَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِلْآخَرِ وَحَكَى فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَازِرِيِّ قَوْلًا بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي الْحَيَوَانِ نَعَمْ لِلشَّرِيكِ بَيْعُ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَيُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى ضَمِّ الصَّفْقَةِ أَوْ تَكْمِيلِهَا لِلْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مَدْخَلُهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً إمَّا بِشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ مَذْكُورَةً فِي مَحَلِّهِ وَقَدْ ذَكَرْت مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ فُرُوعِ بَيْعِ الصَّفْقَةِ آخِرَ شَرْحِنَا الْمُسَمَّى بِفَتْحِ الْعَلِيمِ الْخَلَّاقِ فِي شَرْحِ لَامِيَّةِ الْفَقِيهِ الزَّقَّاقِ وَكَذَا آخِرَ بَابِ الْبُيُوعِ مِنْ نَظْمِنَا الْمُسَمَّى بِبُسْتَانِ فِكَرِ الْمُهَجِ فِي تَكْمِيلِ الْمَنْهَجِ.

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) الْبِئْرُ الْوَاحِدَةُ إذَا قُسِمَتْ الْأَرْضُ وَبَقِيَتْ الْبِئْرُ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّرِيكِ لِأَنَّ الْبِئْرَ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ وَهِيَ لَا شُفْعَةَ فِيهَا لِقِسْمَتِهَا.

(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) الْعُرُوض كَالثِّيَابِ وَالسِّلَعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا إلَّا إذَا بَاعَ الشَّرِيكُ جَمِيعَ ذَلِكَ فَلِلشَّرِيكِ تَكْمِيلُ الصَّفْقَةِ أَوْ ضَمُّهَا كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَفِي التَّوْضِيحِ) لَا شُفْعَةَ عِنْدَنَا فِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَحَكَى الْإسْفَرايِينِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ الشُّفْعَةَ فِي ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ وَهَذَا لَا يَعْرِفُهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ ثُمَّ بَحَثَ فِيهِ اُنْظُرْهُ إنْ شِئْت فَإِنْ كَانَ النَّاظِمُ أَشَارَ بِمُقَابِلِ الْمَشْهُورِ لِهَذَا الْقَوْلِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا تَتَأَكَّدُ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.

(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) الزَّرْعُ وَالْبُقُولُ وَالْخُضَرُ وَمَا كَانَ مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ كَالْجَزَرِ وَاللِّفْتِ وَنَحْوِهَا لَا شُفْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

(الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) النَّخْلَةُ الْوَاحِدَةُ أَوْ الزَّيْتُونَةُ الْوَاحِدَةُ وَقَدْ قُسِمَتْ أَرْضُهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا أَيْضًا كَالْبِئْرِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ) الْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَيُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَيَصِحَّ بِالْقِيمَةِ وَبِهَا تَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَفِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مَا لَمْ تَصِحَّ إلَخْ.

(الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ) الشِّقْصُ الْمَبِيعُ بِعُرُوضٍ أَوْ غَيْرِهَا وَكَذَا الَّذِي يُوهَبُ عَلَى عِوَضٍ أَوْ أَوْصَى بِهِ عَلَى عِوَضٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ بِهَذَا شَرَحَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ " كَذَلِكَ ذُو التَّعْوِيضِ ذَا فِيهِ يَجِبْ " وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ كُلَّ مَا دُفِعَ فِيهِ عِوَضٌ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ سَوَاءٌ سَمَّيَاهُ بَيْعًا وَلَا إشْكَالَ أَوْ سَمَّيَاهُ هِبَةً أَوْ وَصِيَّةً فَإِنَّ كَوْنَهُ بِعِوَضٍ يُلْحِقُهُ بِالْبَيْعِ، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا دُفِعَ تَبَرُّعًا فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ

وَالْمَنْعُ فِي التَّبَرُّعَاتِ مُفْتَرَضْ

وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ الشِّقْصَ إذَا عُوِّضَ بِشِقْصٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ

ص: 45

وَيَشْفَعُ بِقِيمَةِ الْمَدْفُوعِ فِي الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ كَمَنْ بَاعَ رُبُعَ دَارٍ بِثُلُثِ حَائِطٍ أَوْ بِحَائِطٍ مَثَلًا فَإِنَّ الشَّرِيكَ فِي الدَّارِ يَشْفَعُ ذَلِكَ الرُّبُعَ بِقِيمَةِ ثُلُثِ الْحَائِطِ وَهِيَ الْمُنَاقَلَةُ وَفِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِيهَا خِلَافٌ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ.

(الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ) أَصْنَافُ الْمَقَاثِي فَفِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيهَا خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُهَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا شُفْعَةَ فِي الْجِوَارِ وَالْمُلَاصَقَةِ فِي سِكَّةٍ لَا تُنْفِذُ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا شُفْعَةَ بِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ وَمَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارِ رَجُلٍ فَبِيعَتْ الدَّارُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا.

(وَفِي مُفِيدِ ابْنِ هِشَامٍ) قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا شُفْعَةَ فِي الْأَنْدَرِ وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ التَّفْرِيغِ وَلَا شُفْعَةَ فِي عَرَضٍ وَلَا حَيَوَانٍ وَلَا طَرِيقٍ وَلَا بِئْرٍ وَلَا فَحْلِ نَخْلٍ.

(وَفِي التَّهْذِيبِ أَيْضًا) وَأَمَّا الزَّرْعُ يَبِيعُ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنْهُ قَبْلَ يُبْسِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَهُوَ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَيْبَسَ وَكُلُّ مَا بِيعَ مِنْ سَائِرِ الثِّمَارِ مِمَّا فِيهِ الشُّفْعَةُ مِثْلُ الثَّمَرِ وَالْعِنَبِ وَمَا يَيْبَسُ فِي شَجَرِهِ فَبِيعَ بَعْدَ الْيُبْسِ فِي شَجَرَةٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ كَالزَّرْعِ وَلَا جَائِحَةَ فِيهِ حِينَئِذٍ وَفِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا شُفْعَةَ فِي الْبُقُولِ فَأَمَّا الْمَقَاثِي فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأُصُولِ وَفِيهَا الشُّفْعَةُ لِأَنَّهَا ثَمَرَةٌ.

(ابْنُ عَرَفَةَ) رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الشُّفْعَةُ فِي الْعِنَبِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَا الْمَقَاثِي وَلَا شُفْعَةَ فِي الْبُقُولِ يُرِيدُ كُلَّ مَا لَهُ أَصْلٌ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَائِهِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ وَفِيهِ أَيْضًا وَمَنْ بَاعَ نَخْلَةً لَهُ فِي جِنَانِ رَجُلٍ فَلَا شُفْعَةَ لِرَبِّ الْجِنَانِ فِيهَا وَفِيهِ أَيْضًا وَالنَّخْلَةُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْهَا فَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِهِ فِيهَا.

(وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) وَلَا شُفْعَةَ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْأَنْصِبَاءِ الْمُشَاعَةِ وَتُفْسَخُ الْبُيُوعُ بِالْفَسَادِ الْوَاقِعِ فِيهَا وَتُفْسَخُ الشُّفْعَةُ إلَّا أَنْ يُغْفَلَ عَنْ فَسْخِهَا حَتَّى تَفُوتَ فَوْتًا يَمْضِي بِهِ الْبَيْعُ وَتُصَحَّحُ بِالْقِيمَةِ فَيَشْفَعُ الشَّفِيعُ حِينَئِذٍ بِالْقِيمَةِ الَّتِي صَحَّحَ بِهَا الْبَيْعَ لَا الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: وَفِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مَا لَمْ تُصَحَّحْ فَبِقِيمَتِهِ تَجِبُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ بِنَاءً لَمْ يَأْخُذْهَا الشَّفِيعُ حَتَّى يَدْفَعَ إلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ مَعَ الْقِيمَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ قَدْ انْهَدَمَتْ لَمْ يُوضَعْ لِلشَّفِيعِ لِلْهَدْمِ شَيْءٌ وَيُقَالُ لَهُ: خُذْهَا بِالْقِيمَةِ الَّتِي لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ يَوْمَ قَبْضِهَا أَوْ دَعْ اهـ.

(تَنْبِيهٌ) : يَقْدَمُ آخِرَ فَصْلِ التَّصْيِيرِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ عَلَى أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيمَا يَدْفَعُهُ الْوَصِيُّ لِمَحْجُورِهِ تَوَخِّيًا لِمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ مِنْ مَالِهِ وَاخْتَلَفَا فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِجَهْلِ الثَّمَنِ وَهُوَ بَيْعٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ لِكَوْنِهِ صَدَقَةً.

وَالتَّرْكُ لِلْقِيَامِ فَوْقَ الْعَامِ

يُسْقِطُ حَقَّهُ مَعَ الْمُقَامِ

وَغَائِبٌ بَاقٍ عَلَيْهَا وَكَذَا

ذُو الْعُذْرِ لَمْ يَجِدْ إلَيْهَا مَنْفَذًا

يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ فَسَكَتَ وَلَمْ يَقُمْ لَهَا حَتَّى مَضَى عَامٌ يَعْنِي مِنْ يَوْمِ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ هُوَ حَاضِرٌ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ يَعْنِي وَقَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ بِشُفْعَتِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ خَوْفٌ وَلَا غَيْرُهُ فَإِنَّ شُفْعَتَهُ تَسْقُطُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) الْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَسْقُطُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَاخْتُلِفَ فِيهَا فَرَأَى أَشْهَبُ السَّنَةَ وَلَا شُفْعَةَ بَعْدَهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ، الْمُتَيْطِيُّ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبَالَغَ أَشْهَبُ فِي هَذَا فَقَالَ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ السَّنَةِ فَلَا شُفْعَةَ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَا قَارَبَ السَّنَةَ لَهُ حُكْمُهَا.

(قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) وَالشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ اهـ ثُمَّ صَرَّحَ النَّاظِمُ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ مَعَ الْمُقَامِ وَبِمَفْهُومِ الْقَيْدِ الَّذِي قُلْنَا إنَّهُ يُعَيِّنُهُ وَهُوَ كَوْنُهُ قَادِرًا عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَقَالَ وَغَائِبٌ بَاقٍ عَلَيْهَا الْبَيْتَ وَمُرَادُهُ كَمَا قَالَ فِي الرِّسَالَةِ أَنَّ الْغَائِبَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَالْغَائِبُ عَلَى شُفْعَتِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ فَإِذَا قَدِمَ فَكَالْحَاضِرِ مِنْ حِينِ قُدُومِهِ.

(التَّوْضِيحُ) يَعْنِي أَنَّ الْغَائِبَ عَلَى شُفْعَتِهِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِإِسْقَاطِهَا أَوْ مَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَمَرَ بِالْمُقَاسَمَةِ مَعَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَيَّدَ أَشْهَبُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْضُوعُهُ قَرِيبًا قَالَ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَرِيبًا لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ فِي الشُّخُوصِ فَطَالَ زَمَانُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فَهُوَ كَالْحَاضِرِ قَالَ غَيْرُهُ فِي

ص: 46

الْمَجْمُوعَةِ وَلَيْسَتْ الْمَرْأَةُ الضَّعِيفَةُ وَمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ النُّهُوضَ فِي ذَلِكَ مِثْلَ غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا فِيهِ اجْتِهَادُ السُّلْطَانِ (مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ) وَالْمَرِيضُ الْحَاضِرُ وَالصَّغِيرُ وَالْبِكْرُ كَالْغَائِبِ وَلَهُمْ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ مَا لِلْحَاضِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرِيضُ وَالْغَائِبُ عَالِمًا بِشُفْعَتِهِ أَوْ جَاهِلًا اهـ وَعَلَى نَحْوِ الْمَرْأَةِ الضَّعِيفَةِ وَمَنْ ذُكِرَ بَعْدَهَا نَبَّهَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ " وَكَذَا ذُو الْعُذْرِ لَمْ يَجِدْ إلَيْهَا مَنْفَذًا " وَكَذَا فَسَّرَ الشَّارِحُ ذَا الْعُذْرِ بِالرَّجُلِ الضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ الضَّعِيفَةِ وَالْغَائِبَةِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْبَرِيدِ وَالْبَرِيدَيْنِ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ. قُلْت وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي يَخَافُ مِنْهُ إنْ شَفَعَ مِنْ يَدِهِ.

(فَرْعٌ) إذَا أَشْهَدَ الشَّفِيعُ أَنَّهُ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ وَكَتَبَ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُبْتَاعُ حَتَّى مَضَى أَجَلُ الشُّفْعَةِ هَلْ تَصِحُّ شُفْعَتُهُ أَمْ لَا حَمَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتُمْلَكُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوْ بِالْإِشْهَادِ أَوْ بِالْقَضَاءِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُبْتَاعِ بِالْإِشْهَادِ وَحَمَلَهُ خَلِيلٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَأَفْتَى الشَّيْخُ ابْنُ عَرَفَةَ بِصِحَّةِ الشُّفْعَةِ بِمُجَرَّدِ الْإِشْهَادِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ عِلْمَ الْمُبْتَاعِ بِذَلِكَ اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الْإِمَامِ أَبِي الْعَبَّاسِ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْمُقْرِي رحمه الله وَفِي شِفَاءِ الْغَلِيلِ لِلشَّيْخِ ابْنِ غَازِيٍّ عَنْ تَقْيِيدِ أَبِي عِمْرَانَ الْعَبْدُوسِيِّ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ هَذَا الْإِشْهَادُ.

وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ مَهْمَا غَفَلَا

عَنْ حَدِّهَا فَحُكْمُهَا قَدْ بَطَلَا

يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ فَلَمْ يَقُمْ بِهَا أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ وَسَكَتَا عَنْهَا حَتَّى انْقَضَتْ السَّنَةُ وَهِيَ الْمُرَادُ بِحَدِّهَا فَإِنَّ حُكْمَهَا يَبْطُلُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ.

(وَقَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت لَهُ فَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ مَنْ يَأْخُذُ لَهُ بِهَا؟ قَالَ: الْوَالِدُ وَالْوَصِيُّ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا لَهُ فَالسُّلْطَانُ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا سُلْطَانَ فِيهِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا بَلَغَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قُلْت لَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَالِدٌ فَلَمْ يَقُمْ بِشُفْعَتِهِ وَلَا عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَهَا حَتَّى بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ أَيَكُونُ عَلَى شُفْعَتِهِ فَقَالَ لَا لِأَنَّ تَرْكَ وَالِدِهِ الْقِيَامَ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَتَرَكَ أَنْ يَأْخُذَ حَتَّى مَضَتْ لِذَلِكَ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ لَكَانَ ذَلِكَ قَطْعًا لِشُفْعَتِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَإِنْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ فَلَمْ يَقُمْ بِشُفْعَتِهِ وَلَا عَلِمَ أَنَّهُ أَسْلَمَهَا حَتَّى كَبِرَ الصَّبِيُّ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ كَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُخْتَصِرِينَ وَقَدْ جَاءَ عَنْ أَشْهَبَ أَيْضًا خِلَافُ هَذَا وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَشْبَهُ بِأُصُولِهِمْ.

(قَالَ الشَّارِحُ) اعْتَمَدَ الشَّيْخُ رحمه الله فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عَنْ أَشْهَبَ ثَانِيًا مِمَّا ارْتَهَنَ فِيهِ أَنَّهُ أَشْبَهُ بِأُصُولِهِمْ اهـ.

ص: 47

وَإِنْ يُنَازِعْ مُشْتَرٍ فِي الِانْقِضَا

فَلِلشَّفِيعِ مَعَ يَمِينِهِ الْقَضَا

يَعْنِي إذَا تَنَازَعَ الْمُشْتَرِي لِلشِّقْصِ وَالشَّفِيعُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: انْقَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ تَشْفَعْ فَلَا شُفْعَةَ لَك وَقَالَ الشَّفِيعُ إنَّهَا لَمْ تَنْقَضِ وَأَنَا مَا زِلْت عَلَى شُفْعَتِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ بِعَدَمِ انْقِضَائِهَا مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْمُدَّعِي انْقِضَاءَهَا إثْبَاتُ ذَلِكَ قَالَ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ اُنْظُرْ إذَا اخْتَلَفَا فِي مُدَّةِ الِابْتِيَاعِ فَقَالَ الشَّفِيعُ وَقَعَ مُنْذُ شَهْرَيْنِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي مُنْذُ عَامَيْنِ وَلَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَلِابْنِ فَتْحُونٍ فِي وَثَائِقِهِ أَنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الشَّفِيعِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ بِالْبَيْعِ وَالْمُبْتَاعُ مُدَّعٍ تَارِيخًا يُسْقِطُ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.

وَلَيْسَ الْإِسْقَاطُ بِلَازِمٍ لِمَنْ

أَسْقَطَ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا عِلْمِ الثَّمَنْ

كَذَاكَ لَيْسَ لَازِمًا مَنْ أُخْبِرَا

بِثَمَنٍ أَعْلَى وَبِالنَّقْصِ اشْتَرَى

يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا أَسْقَطَ الشُّفْعَةَ قَبْلَ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي بِأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ وَلَا شُفْعَةَ لِي عَلَيْك أَوْ أَسْقَطْت شُفْعَتِي عَنْك فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْإِسْقَاطُ وَكَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ الشِّرَاءِ (ابْنُ يُونُسَ) لِأَنَّ مَنْ وَهَبَ مَا لَا يَمْلِكُ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ اهـ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَابِ إسْقَاطِ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلَهَا نَظَائِرُ اُنْظُرْهَا نَظْمًا وَنَثْرًا فِي شَرْحِنَا الْمُسَمَّى بِالرَّوْضِ الْمُبْهِجِ فِي شَرْحِ تَكْمِيلِ الْمَنْهَجِ.

(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت لَهُ: فَإِنْ أَتَى رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ الْحِصَّةَ الَّتِي أَنْتَ شَفِيعُهَا فَأَسْلِمْ لِي الشُّفْعَةَ فَقَالَ قَدْ فَعَلْت فَلَمَّا اشْتَرَى قَامَ يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَهُ اهـ وَقَوْلُهُ " لَا عِلْمِ الثَّمَنْ " هُوَ بِالْخَفْضِ عَطْفٌ عَلَى الْبَيْعِ مَدْخُولٌ لِقَبْلَ يَعْنِي أَنَّ الشَّرِيكَ إذَا أَسْقَطَ الشُّفْعَةَ

ص: 48

بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَسْقُطُ وَالْإِسْقَاطُ لَازِمٌ لَهُ (الْمَوَّاقُ) وَانْظُرْ قَدْ نَصُّوا أَنَّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ الشُّفْعَةَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ بِمَا لَا يَعْلَمُ مِنْ الثَّمَنِ اُنْظُرْ نَوَازِلَ الشَّعْبِيِّ اهـ نَقَلَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ خِيَارٌ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ فَإِنْ أَخَذَ الشُّفْعَةَ بِمَا لَا يَعْلَمُ مِنْ الثَّمَنِ فَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَازِرِيِّ إنْ أَخَذَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ عَلِمَ فَقَالَ ظَنَنْت أَقَلَّ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ فَلَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اهـ، وَقَوْلُهُ كَذَاكَ لَيْسَ لَازِمًا الْبَيْتَ التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الَّتِي الْإِسْقَاطُ فِيهَا غَيْرُ لَازِمٍ فَكَمَا لَا يَلْزَمُ الْإِسْقَاطُ قَبْلَ الْبَيْعِ كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ إذَا أُخْبِرَ الشَّفِيعُ أَنَّ الشِّقْصَ بِيعَ بِمِائَةٍ مَثَلًا فَأَسْقَطَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّهُ إنَّمَا بِيعَ بِخَمْسِينَ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْإِسْقَاطَ لَا يَلْزَمُ وَلَهُ الشُّفْعَةُ.

(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت فَإِنْ أُخْبِرَ الشَّفِيعُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَى بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ اشْتَرَى بِأَقَلَّ فَقَامَ بِشُفْعَتِهِ فَقَالَ ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَيُحَلَّفُ بِاَللَّهِ مَا سَلَّمَ الشُّفْعَةَ إلَّا لِمَكَانِ الثَّمَنِ الْكَثِيرِ اهـ وَاسْمُ لَيْسَ يَعُودُ عَلَى الْإِسْقَاطِ (فَرْعٌ) إذَا أُخْبِرَ الشَّفِيعُ بِتَجْزِئَةِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ فَسَلَّمَ فَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يُجَزَّأْ أَفَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ قُلْت لَهُ فَإِنْ قِيلَ لَهُ يَعْنِي لِلشَّفِيعِ إنَّ فُلَانًا قَدْ اشْتَرَى نِصْفَ نَصِيبِ شَرِيكِك فَسَلِّمْ شُفْعَتَهُ ثُمَّ قِيلَ لَهُ مَا اشْتَرَى إلَّا الْجَمِيعَ فَقَامَ يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ؟ ، فَقَالَ: لَهُ ذَلِكَ.

(فَرْعٌ) إنْ اشْتَرَى رَجُلَانِ حِصَّةَ رَجُلٍ فَأُخْبِرَ الشَّرِيكُ أَنَّ حِصَّةَ شَرِيكِهِ قَدْ اشْتَرَاهَا فُلَانٌ لِأَحَدِهِمَا وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ أَنَّ الْآخَرَ اشْتَرَى مَعَهُ فَقَالَ قَدْ أَسْلَمْت لَهُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمَا اشْتَرَيَا جَمِيعًا فَقَامَ يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ؟ ، فَقَالَ: ذَلِكَ لَهُ وَيَأْخُذُ مَا اشْتَرَيَا جَمِيعًا قَالَهُ فِي الْمُقَرَّبِ إثْرَ مَا قَبْلَهُ يَلِيهِ. .

وَشُفْعَةٌ فِي الشِّقْصِ يُعْطِي عَنْ عِوَضْ

وَالْمَنْعُ فِي التَّبَرُّعَاتِ مُفْتَرَضْ

يَعْنِي أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الشِّقْصِ الْمَدْفُوعِ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ كَالْمَبِيعِ وَالْمَدْفُوعِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ وَالْمُصَالَحِ بِهِ وَالْمَوْهُوبِ لِلثَّوَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَمَّا الْمَدْفُوعُ تَبَرُّعًا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ رَأْسًا كَالْمَوْهُوبِ وَالْمُتَصَدَّقِ بِهِ وَالْمُوصَى بِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ ثُمَّ الْعِوَضُ الْمَدْفُوعُ إمَّا مِثْلِيٌّ أَوْ مُقَوَّمٌ (قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) مَا اُشْتُرِيَ بِعَيْنٍ أَوْ مِثْلِيٍّ فَالشُّفْعَةُ فِيهِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ وَمَا اُشْتُرِيَ بِمُقَوَّمٍ فَبِقِيمَتِهِ.

(تَتْمِيمٌ) قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَشْتَالِيُّ فِي وَثَائِقِهِ فَلَوْ وَقَعَ الْمَبِيعُ بِعَيْنٍ ثُمَّ دَفَعَ عَرَضًا أَوْ وَقَعَ بِغَرَضٍ ثُمَّ دَفَعَ عَيْنًا فَفِي ذَلِكَ

ص: 49

قَوْلَانِ قِيلَ يَأْخُذُ بِمَا نَقَدَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ لَا يَأْخُذَ إلَّا بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ اهـ هَذَا إنْ كَانَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا فَمِنْهُ مَا يَزُولُ جَهْلُهُ بِالتَّقْوِيمِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الشِّقْصَ الَّذِي فِيهِ الشُّفْعَةُ مَعَ مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ كَرُبُعِ دَارٍ وَعَبْدٍ اُشْتُرِيَا بِمِائَةٍ مَثَلًا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الرُّبُعِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ فَضِّ الْمِائَةِ عَلَى رُبُعِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ بَاقِي الصَّفْقَةِ وَهُوَ الْعَبْدُ هَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَقَالٌ بِسَبَبِ تَبْعِيضِ صَفْقَتِهِ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الشِّقْصُ الْمَدْفُوعُ فِي جُرْحِ الْخَطَأِ فَإِنَّ الشِّقْصَ يَشْفَعُ بِدِيَةِ ذَلِكَ الْجُرْحِ فَإِنْ كَانَ الَّذِينَ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ فَالذَّهَبُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا أَهْلَ وَرِقٍ وَتُنَجَّمُ عَلَى الشَّفِيعِ نُجُومًا كَمَا تُنَجَّمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ كَانَتْ كَامِلَةً فَفِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَالثُّلُثَانِ فِي سَنَتَيْنِ وَكَذَلِكَ النِّصْفُ وَالثُّلُثُ فِي سَنَةٍ وَمِنْهُ مَا لَا يَزُولُ جَهْلُهُ كَالشِّقْصِ الْمَدْفُوعِ فِي صُلْحِ الْإِنْكَارِ أَوْ صُلْحِ دَمِ الْعَمْدِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ فِي الصَّدَاقِ أَوْ لِلزَّوْجِ فِي الْخُلْعِ وَدَفَعَهُ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ فِي عِتْقِهِ أَوْ قَاطَعَهُ بِهِ عَنْ كِتَابَتِهِ أَوْ دَفَعَهُ الْمُعَمِّرُ بِالْكَسْرِ لِلْمُعَمَّرِ بِالْفَتْحِ عِوَضًا عَمَّا جَعَلَ لَهُ مِنْ الْعُمْرَى فَإِنَّ الشِّقْصَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ السَّبْعَةِ يُشْفَعُ بِقِيمَتِهِ لَا بِقِيمَةِ مَا دُفِعَ فِيهِ الشِّقْصُ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ.

وَكَذَلِكَ إذَا اُسْتُحِقَّ هَذَا الشِّقْصُ الْمَدْفُوعُ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ السَّبْعَةِ وَأَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ يَدِ قَابِضِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ سَالِمًا وَقَدْ نَظَمَ الشَّيْخُ ابْنُ غَازِيٍّ هَذِهِ النَّظَائِرَ السَّبْعَةَ فِي قَوْلِهِ

صُلْحَانِ بُضْعَانِ وَعِتْقَانِ مَعًا

عُمْرَى لِأَرْشِ عِوَضٍ بِهَا ارْجِعَا

اهـ. وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيْنَ يَكُونُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ هَذَا الشِّقْصِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا دُفِعَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ وَهِيَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالشُّفْعَةِ إنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِمَّا يُشْفَعُ؛ فَلِذَلِكَ زِدْتُ بَعْدَ الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ بَيْتًا آخَرَ فَقُلْتُ

فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ

وَشُفْعَةٍ فَاعْلَمْ بِلَا شِقَاقِ

وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ غَازِيٍّ إنَّ الْبَيْتَ مُشْتَمِلٌ عَلَى إحْدَى وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً مِنْ ضَرْبِ سَبْعَةٍ فِي ثَلَاثٍ وَإِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ السَّبْعِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ كَإِنْكَارٍ عَلَى الْأَرْجَحِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ أَيْ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِعِوَضِهِ أَيْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا ثُمَّ قَالَ وَفِي عَرَضٍ بِعَرَضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْهُ أَوْ قِيمَتِهِ إلَّا نِكَاحًا وَخُلْعًا وَصُلْحَ عَمْدٍ وَمُقَاطَعًا بِهِ عَنْ عَبْدٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ عُمْرَى فَقَوْلُهُ إلَّا نِكَاحًا إلَخْ أَيْ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ لِتَعَذُّرِهِ وَلَا بِقِيمَتِهِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ بَلْ بِقِيمَةِ هَذَا الْعِوَضِ قَوْلُهُ

وَالْمَنْعُ فِي التَّبَرُّعَاتِ مُفْتَرَضْ

يَعْنِي أَنَّ الشِّقْصَ الْمَدْفُوعَ تَبَرُّعًا كَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ (قَالَ فِي الْمَقْصَدِ الْمَحْمُودِ) : وَلَا شُفْعَةَ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ لِلَّهِ وَبِهِ

ص: 50

الْعَمَلُ اهـ.

(فَرْعٌ) : وَكَذَا لَا شُفْعَةَ فِي الشِّقْصِ الْمَدْفُوعِ تَمَخِّيًا (قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) فَإِنْ أَرَادَ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَنْ يَصِيرَ الْمَحْجُورُ بِهِمَا مِلْكًا فِي دَيْنٍ مَجْهُولٍ عَلَى جِهَةِ التَّمَخِّي مِمَّا اُسْتُهْلِكَ لَهُ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ وَأَرَادَ التَّحَلُّلَ مِنْ ذَلِكَ فَذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَاتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ عَلَى أَنْ لَا شُفْعَةَ فِي هَذَا التَّمَخِّي وَاخْتَلَفَا فِي التَّعْلِيلِ فَرَآهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْعًا جُهِلَ فِيهِ الثَّمَنُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى حِيَازَةٍ وَرَآهُ سَحْنُونٌ صَدَقَةً فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ يَفْتَقِرُ إلَى حِيَازَةٍ، قَالَ: وَقَوْلُ سَحْنُونٍ أَظْهَرُ عِنْدِي اهـ.

(فَرْعٌ) وَكَذَا لَا شُفْعَةَ فِي النَّخْلَةِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ رحمه الله وَهِيَ مَا يُعْطِيهِ وَالِدُ الزَّوْجِ لِوَلَدِهِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ وَالِدُ الزَّوْجَةِ لِابْنَتِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ انْعَقَدَ عَلَيْهَا وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ الشُّيُوخُ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِمَا قَالَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ فِي النِّكَاحِ.

(فَرْعٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي قَالَ إنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاعَهُ فِي السِّرِّ وَأَعْطَاهُ ثَوَابًا لِيَقْطَعَ شُفْعَتِي وَأُرِيدُ أَنْ أُحَلِّفَ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ رَجُلَ صِدْقٍ لَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا عَلَيْهِ حُلِّفَ.

وَالْخُلْفُ فِي أَكْرِيَةِ الرِّبَاعِ

وَالدُّورِ وَالْحُكْمُ بِالِامْتِنَاعِ

يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الشُّفْعَةِ فِي الْكِرَاءِ كَدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَكْرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَهَلْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَشْفَعَ ذَلِكَ الْكِرَاءَ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِ خِلَافٌ.

(قَالَ فِي الْمُفِيدِ) وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْكِرَاءِ هَلْ فِيهِ شُفْعَةٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ كِنَانَةَ فِيهِ الشُّفْعَةُ.

(قَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ) وَبِسُقُوطِ الشُّفْعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَبِهِ الْقَضَاءُ.

(وَفِي الْمُدَوَّنَةِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ اكْتَرَى رَجُلَانِ دَارًا بَيْنَهُمَا فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يَكْرِيَ حِصَّتَهُ مِنْهَا قَالَ مَالِكٌ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِشَرِيكِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ اهـ.

(تَنْبِيهٌ) : قَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِي الْكِرَاءِ بِمَا إذَا انْفَرَدَ عَنْ بَيْعِ الْأَصْلِ أَمَّا مَعَهُ فَلَا خِلَافَ فِي الشُّفْعَةِ كَمَنْ لَهُ شِقْصٌ فِي أَرْضٍ فَأَكْرَاهُ الْأَجْنَبِيَّ ثُمَّ بَاعَ الشِّقْصَ الْمُكْتَرَى فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةَ فِي بَيْعِ الشِّقْصِ وَفِي كِرَائِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ اُنْظُرْ مَجَالِسَ الْمِكْنَاسِيِّ.

وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ مِنْ تَأْخِيرِ

فِي الْأَخْذِ أَوْ فِي التَّرْكِ فِي الْمَشْهُورِ

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الشَّفِيعِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ أَوْ تَسْلِيمِهَا فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يُمْهِلَهُ لِلنَّظَرِ وَيَتَرَوَّى فَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُقَالُ لِلشَّفِيعِ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَتُحْضِرَ لِهَذَا الْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ وَإِمَّا أَنْ تُسَلِّمَ لَهُ مُشْتَرَاهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ.

(وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) وَلِلْمُبْتَاعِ إنْ أَرَادَ التَّخَلُّصَ

ص: 51

مِنْ أَمْرِ الشَّفِيعِ أَنْ يُلْزِمَهُ الْأَخْذَ أَوْ التَّرْكَ فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَ لِيَنْظُرَ وَيَسْتَشِيرَ كَانَ فِيهِ قَوْلَانِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَانْعَقَدَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ أَنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ سَاعَةً وَاحِدَةً وَيُجْبِرُهُ السُّلْطَانُ عَلَى الْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ شُفْعَةٍ وَلَا

هِبَتُهَا وَإِرْثُهَا لَنْ يَبْطُلَا

يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ لَا يَصِحُّ لَهُ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا وَأَمَّا إرْثُهَا عَمَّنْ وَجَبَتْ لَهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ «مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَرَثَتِهِ» .

(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت هَلْ تُورَثُ الشُّفْعَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ نَعَمْ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الشُّفْعَةِ أَوْ هِبَتِهَا هُوَ صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ لَكِنْ فِيهِ إجْمَالٌ لِأَنَّ بَيْعَ الشُّفْعَةِ أَوْ هِبَتَهَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَفِي كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَقَعَ الْبَيْعُ أَوْ الْهِبَةُ بَعْدَ بَيْعِ الشَّرِيكِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَوْ بِعَدَمِ الْبَيْعِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ فَأَمَّا بَيْعُهَا أَوْ هِبَتُهَا لِأَجْنَبِيٍّ بَعْدَ وُجُوبِهَا وَقَبْلَ الْأَخْذِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ شُفْعَتَهُ قَبْلَ الِاسْتِشْفَاعِ مِنْ غَيْرِ الْمُبْتَاعِ وَلَا أَنْ يَهَبَهَا لَهُ وَصُورَتُهَا أَنَّهُ إذَا بَاعَ شَرِيكُك وَجَبَتْ لَك الشُّفْعَةُ فَلَا يَجُوزُ لَك أَنْ تَبِيعَ مَا وَجَبَ لَك أَنْ تَهَبَهُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي مِنْ شَرِيكِك وَالْفَرْضُ أَنَّك لَمْ تَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ بَعْدُ وَأَمَّا بَيْعُهَا إنْ وَهَبْتهَا لِأَجْنَبِيٍّ بَعْدَ أَنْ تَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا.

(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت فَمَنْ أَتَى إلَى رَجُلٍ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ فَقَالَ لَهُ خُذْ بِشُفْعَتِك وَأَنَا أُرْبِحُكَ عِدَّةً سَمَّاهَا قَالَ لَا يَجُوزُ هَذَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ اهـ. وَصُورَتُهَا أَنْ يَبِيعَ شَرِيكُكَ شِقْصَهُ بِمِائَةٍ مَثَلًا وَوَجَبَتْ لَك شُفْعَتُهُ فَيَأْتِيك أَجْنَبِيٌّ يَقُولُ لَك خُذْ شُفْعَتَك بِالْمِائَةِ وَأَنَا أُعْطِيك فِي ذَلِكَ الشِّقْصِ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَوْ يَقُولُ خُذْ بِشُفْعَتِك وَهَبْ لِي مَا شَفَعْتُ فَتَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالْمِائَةِ ثُمَّ تَهَبُ ذَلِكَ الشِّقْصَ أَوْ تَبِيعُهُ لَهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ أَوْ هِبَتِهِ بِقُرْبِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَلِلْمُشْتَرِي الْمَشْفُوعِ مِنْ يَدِهِ قِيَامٌ عَلَى الشَّفِيعِ إذَا بَاعَ بِالْقُرْبِ لَا سِيَّمَا وَالْبَيْعُ هُنَا مَدْخُولٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَأَمَّا بَيْعُهَا أَوْ هِبَتُهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْ شَرِيكِكَ بَعْدَ بَيْعِ الشَّرِيكِ وَقَبْلَ أَنْ تَأْخُذَ بِشُفْعَتِك فَهِيَ الَّتِي نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ سُئِلَ عَنْهَا وَهِيَ الشَّفِيعُ يَهَبُ شُفْعَتَهُ لِلْمُبْتَاعِ بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ بِبَيْعِهِ إيَّاهَا مِنْهُ.

فَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْبَغَ لَا يَكُونُ لِلشُّرَكَاءِ فِي الشُّفْعَةِ مَعَ الشَّفِيعِ إنْ كَانَ لَهُ شُرَكَاءُ إلَّا مَا وَجَبَ لَهُمْ مِنْ الشُّفْعَةِ اهـ لَفْظُهُ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَمَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا لِلشَّفِيعِ فَإِنْ لَمْ يُشَارِكْ الشَّفِيعَ أَحَدٌ فِي رُتْبَتِهِ اسْتَبَدَّ الْمُشْتَرِي بِمَا اشْتَرَى وَإِنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي مَا يَنُوبُ الشَّفِيعَ مِنْ الْمَشْفُوعِ وَلِشُرَكَائِهِ مَا يَنُوبُهُمْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَظْهَرُ مَا فِي الْقَوْلَيْنِ وَاَلَّذِي أَقُولُ بِهِ يَرُدُّ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ عَلَى هِبَةِ الشُّفْعَةِ لَهُ إنْ كَانَ أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ وَيَكُونُ أَحَقَّ بِشُفْعَتِهِ عَلَى إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهَا فَإِنْ سَلَّمَهَا كَانَ لِإِشْرَاكِهِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ إشْرَاكٌ أَخَذَ الْجَمِيعَ بِالشُّفْعَةِ وَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ شُفْعَتَهُ قَبْلَ الِاسْتِشْفَاعِ مِنْ غَيْرِ الْمُبْتَاعِ وَلَا أَنْ يَهَبَهَا لَهُ اهـ.

وَحَاصِلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْبَيْعَ أَوْ الْهِبَةَ يُفْسَخُ وَيَرُدُّ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ تَرْجِعُ الشُّفْعَةُ لِصَاحِبِهَا كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِشُفْعَتِهِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهَا فَإِنْ سَلَّمَهَا كَانَ لِإِشْرَاكِهِ فِيهَا أَخْذُ الْجَمِيعِ بِالشُّفْعَةِ إنْ كَانَ لَهُ إشْرَاكٌ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ مَمْنُوعَانِ وَفِي الثَّالِثِ قَوْلٌ بِالْجَوَازِ فَإِطْلَاقُ النَّاظِمِ الْمَنْعَ صَحِيحٌ وَأَمَّا الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ وَهِيَ الْبَيْعُ أَوْ الْهِبَةُ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ بَيْعِ الشُّفْعَةِ وَلَا هِبَتِهَا وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ بَيْعِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ فِي تِلْكَ لِلْأَجْنَبِيِّ فَلِذَلِكَ قُلْنَا إنَّ لِلْمُشْتَرِي

ص: 52

فِي ذَلِكَ كَلَامًا وَأَمَّا فِي هَذِهِ فَالْبَيْعُ أَوْ الْهِبَةُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا كَلَامَ.

(قَالَ الشَّارِحُ) اعْتَمَدَ رحمه الله فُتْيَا ابْنِ رُشْدٍ فِي مَنْعِ بَيْعِ الشُّفْعَةِ وَهِبَتِهَا مُطْلَقًا وَذَلِكَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ لِلشَّفِيعِ شُرَكَاءُ يُسَاوُونَهُ فِي الشُّفْعَةِ أَوْ هُوَ أَشْفَعُ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَأَمَّا حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ شُرَكَاءُ وَوَهَبَ حَظَّهُ أَوْ بَاعَهُ فَلَمْ يَتَّضِحْ لِي وَجْهُ الْمَنْعِ كُلَّ الِاتِّضَاحِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ مَلَكَهُ مِنْ أَجْلِ الضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ عَلَى عِوَضٍ أَوْ دُونَهُ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُقَرَّبِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي وَلَفْظُهُ قُلْت فَمَنْ سَلَّمَ شُفْعَتَهُ بِمَالٍ أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ بَعْدَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ وُجُوبِهَا فَذَلِكَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ يَأْخُذُهَا إنْ شَاءَ اهـ.

(وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ) وَتُورَثُ الشُّفْعَةُ فَيَتَنَزَّلُ الْوَارِثُ مَنْزِلَةَ الْمَوْرُوثِ فِي الْحَقِّ الَّذِي كَانَ لَهُ مِنْ الْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ سَوَاءٌ مَاتَ الْمَوْرُوثُ وَالشِّقْصُ الَّذِي يَسْتَشْفِعُ بِهِ بِيَدِهِ فَوَرِثَ عَنْهُ أَوْ مَاتَ بَعْدَ بَيْعِ الشِّقْصِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ لَا تُبَاعُ وَتُوهَبُ اهـ.

وَحَيْثُمَا فِي ثَمَنِ الشِّقْصِ اخْتُلِفْ

فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْحَلِفْ

إنْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ لَيْسَ يَبْعُدْ

وَقِيلَ مُطْلَقًا وَلَا يُعْتَمَدْ

وَابْنُ حَبِيبٍ قَالَ بَلْ يُقَوَّمْ

وَبِاخْتِيَارٍ لِلشَّفِيعِ يُحْكَمْ

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ فَقَالَ الشَّفِيعُ بِثَمَانِينَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِمِائَةٍ مَثَلًا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.

(الْأَوَّلُ) أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لَكِنْ إذَا ادَّعَى مِنْ الثَّمَنِ مَا لَا يُبْعِدُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ

فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ الْحَلِفْ

إنْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ لَيْسَ يَبْعُدْ

(الْقَوْلُ الثَّانِي) أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا أَتَى بِمَا يَبْعُدُ أَوْ بِمَا يُشْبِهُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ لَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ عِنْدَ أَهْلِ الْأَحْكَامِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ

وَقِيلَ مُطْلَقًا وَلَا يُعْتَمَدْ

(الْقَوْلُ الثَّالِثُ) لِابْنِ حَبِيبٍ يُقَوَّمُ الشِّقْصُ قِيمَةَ عَدْلٍ وَيُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ أَنْ يَشْفَعَ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ أَوْ يَتْرُكَ إلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ

وَابْنُ حَبِيبٍ قَالَ بَلْ يُقَوَّمْ

الْبَيْتَ وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ابْنُ هِشَامٍ فِي مُفِيدِهِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ.

وَمَنْ لَهُ الشُّفْعَةُ مَهْمَا يَدَّعِي

بَيْعًا لِشِقْصٍ حِيزَ بِالتَّبَرُّعِ

فَمَا ادَّعَاهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَهْ

وَخَصْمُهُ يَمِينُهُ مُعَيِّنَهْ

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الشَّفِيعُ وَمَنْ صَارَ لَهُ الشِّقْصُ الْآنَ فَادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّ الشِّقْصَ إنَّمَا حِيزَ بِالْبَيْعِ لِتَكُونَ لَهُ شُفْعَتُهُ وَادَّعَى حَائِزُهُ أَنَّهُ إنَّمَا حَازَهُ بِالتَّبَرُّعِ بِأَنْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَلَا يُشْفَعُ مِنْ يَدِهِ فَعَلَى الشَّفِيعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ حِيزَ بِمُعَاوَضَةٍ فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ كَانَتْ لَهُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ فَعَلَى الْحَائِزِ الْيَمِينُ أَنَّهُ إنَّمَا صَارَ لَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَتَسْقُطُ شُفْعَةُ الشَّرِيكِ وَوَجْهُ ذَلِكَ هُوَ كَوْنُ الشَّفِيعِ مُدَّعِيًا فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَوْنُهُ يَدَّعِي مَا يُوجِبُ لَهُ حَقًّا قَبْلَ خَصْمِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَفِي الْمُقَرَّبِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِشِقْصٍ لَهُ فِي دَارٍ فَقَالَ الشَّفِيعُ لَهُ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاعَهُ فِي السِّرِّ وَأَعْطَاهُ ثَوَابًا وَأَشْهَدَ لَهُ بِالصَّدَقَةِ لِيَقْطَعَ شُفْعَتِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَلِّفَ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَقَالَ: إنْ كَانَ رَجُلَ صِدْقٍ لَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا حُلِّفَ وَنَحْوُهُ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ.

(وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) أَفْتَى فِيهَا أَبُو إبْرَاهِيمَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بِالْيَمَنِ دُونَ نَظَرٍ إلَى حَالِهِ وَقَالَ

ص: 53

إنَّهُ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ بِهَا قَالَ الشَّارِحُ وَهِيَ مِثْلُ مَسْأَلَةِ الثُّنْيَا عَلَى الطَّوْعِ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الرَّهْنَ فِي ذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَمُدَّعِي الرَّهْنِ مُدَّعٍ وَمُدَّعِي الثُّنْيَا مُدَّعًى عَلَيْهِ يُحَلَّفُ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِمُدَّعِي الرَّهْنِيَّةِ وَاعْتَمَدَ النَّاظِمُ فُتْيَا الشَّيْخِ أَبِي إبْرَاهِيمَ بِوُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُتَّهَمِ وَغَيْرِهِ لِإِطْلَاقِهِ فِيهَا وَذَلِكَ لِجَرَيَانِ الْعَمَلِ بِهَا دُونَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْمُتَّهَمِ وَغَيْرِهِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي أَوَائِلِ نَوَازِلِ الدَّعَاوَى وَالْأَيْمَانِ مِنْ الْمِعْيَارِ إثْرَ قَوْلِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا مَالِكٌ الْمَنْقُولَةِ قَرِيبًا عَنْ الْمُقَرَّبِ وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا حُلِّفَ مَا نَصُّهُ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِيهِ: حُجَّةُ مُرَاعَاةِ الشُّبْهَةِ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى مَا لَا يُشْبِهُ وَلَا تَلِيقُ بِهِ وَلَا جَرَتْ عَادَتُهُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ قَالَ وَرَأَيْت بِخَطِّ أَبِي رضي الله عنه أَنَّ يَحْيَى بْنَ تَمَّامٍ الْفَقِيهَ السَّبْتِيَّ اشْتَرَى حِصَّةً مِنْ حَمَّامٍ كَانَ لِرَجُلٍ يُعْرَفُ بِابْنِ اللَّوْنَكَةِ فِيهِ حِصَّةٌ فَخَافَ ابْنُ تَمَّامٍ أَنْ يَشْفَعَ عَلَيْهِ فَأَشْهَدَ لَهُ الْبَائِعَ بِالصَّدَقَةِ فَقَامَ ابْنُ اللَّوْنَكَةِ بِشُفْعَتِهِ فَدَافَعَهُ الْفَقِيهُ ابْنُ تَمَّامٍ بِالصَّدَقَةِ وَرَفَعَهُ إلَى قَاضِي سَبْتَةَ الْقُبَاعِيِّ فَأَفْتَى وَالْفُقَهَاءُ مَعَهُ بِأَنْ لَا شُفْعَةَ فِي الصَّدَقَةِ فَرَفَعَ ابْنُ اللَّوْنَكَةِ أَمْرَهُ إلَى الْحَضْرَةِ بِقُرْطُبَةَ وَكَتَبَ إلَى ابْنِ الْمُكْرِي بِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ فَكَتَبَ بِخَطِّهِ فِي أَسْفَلِهَا هَذِهِ مِنْ حِيَلِ الْفُجَّارِ وَرَأَى الشُّفْعَةَ وَاجِبَةً فَنَفَّذَ فُتْيَاهُ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ اهـ وَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الْمُكْرِي مِنْ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ لَا سِيَّمَا حَيْثُ تَحُفُّ بِذَلِكَ قَرَائِنُ الْعِوَضِ وَيَبْعُدُ فِيهِ التَّبَرُّعُ وَهُوَ غَالِبُ صُوَرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَالشِّقْصُ لِاثْنَيْنِ فَأَعْلَى مُشْتَرًى

يُمْنَعُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا يَرَى

إنْ كَانَ مَا اشْتَرَى صَفْقَةً وَمَا

فِي صَفَقَاتٍ مَا يَشَاءُ الْتَزَمَا

الشِّقْصُ الْجُزْءُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ شِقْصًا لِرَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَرَادَ مَنْ لَهُ الشُّفْعَةُ أَنْ يَشْفَعَ مَا بِيَدِ بَعْضِ الْمُشْتَرِينَ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِشَرِكَتِهِ دُونَ بَعْضٍ لِرِضَاهُ بِشَرِكَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُ جَمِيعِ الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ أَوْ تَرْكُهُ لِمَنْ اشْتَرَاهُ.

(قَالَ الشَّارِحُ) وَفِي أُصُولِ الْفُتْيَا قَالَ ابْنُ الْحَارِثِ وَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ رَجُلًا وَاحِدًا وَالْمُشْتَرِيَانِ رَجُلَانِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا وَيَدَعَ الْأُخْرَى اهـ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَّا إذَا تَرَاضَى عَلَى ذَلِكَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِيَانِ فَلَهُمْ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ مَا اشْتَرَاهُ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ فَأَوْلَى وَأَحْرَى أَنْ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ بَعْضِ مَا اشْتَرَاهُ الْوَاحِدُ كَأَنْ يَشْتَرِيَ رُبُعًا فَيُرِيدَ الشَّفِيعُ أَنْ يَشْفَعَ الثُّمُنَ فَقَطْ وَأَمَّا إنْ كَانَ شِرَاءُ الِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي صَفَقَاتٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ مَا شَاءَ وَتَرْكُ مَا شَاءَ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتَيْنِ فَالشِّقْصُ مُبْتَدَأٌ وَمُشْتَرًى صِفَةٌ لَهُ وَلِاثْنَيْنِ يَتَعَلَّقُ بِمُشْتَرًى وَأَعْلَى مَعْطُوفٌ عَلَى الِاثْنَيْنِ وَجُمْلَةُ يُمْنَعُ خَبَرُ " الشِّقْصُ " وَ " إنْ كَانَ " شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ يُمْنَعُ إلَخْ وَ " مَا اشْتَرَى " اسْمُ " كَانَ " عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَانَ شِرَاءُ مَا اشْتَرَى صَفْقَةً وَ " مَا فِي صَفَقَاتٍ " مُبْتَدَأٌ وَفِي صَفَقَاتٍ يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ وَاجِبِ الْإِضْمَارِ لِأَنَّهُ صِلَةُ مَا رَأَى وَمَا اشْتَرَى فِي صَفَقَاتٍ وَجُمْلَةُ الْتَزَمَ خَبَرُ مَا وَمَا يَشَاءُ مَفْعُولُ " الْتَزَمَ " وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْتَزَمَ مَا يَشَاءُ مِنْهَا.

وَيَدْخُلُ فِي مَنْطُوقِ كَلَامِ النَّاظِمِ صُورَتَانِ لِأَنَّ شِرَاءَ الِاثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ إمَّا مِنْ وَاحِدٍ وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي شَرَحْنَا بِهَا كَلَامَ النَّاظِمِ وَإِمَّا مِنْ مُتَعَدِّدٍ وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَرَّبِ وَلَفْظُهُ فَفِي الْمُقَرَّبِ قُلْت: فَإِنْ اشْتَرَى ثَلَاثَةُ رِجَالٍ مِنْ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ دَارًا أَوْ أَرْضًا وَنَخْلًا وَشَفِيعُ ذَلِكَ كُلِّهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَقَالَ أَنَا آخُذُ حَظَّ أَحَدِهِمَا وَأُسَلِّمُ حَظَّ الِاثْنَيْنِ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكَ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مِنْ بَابٍ أُخْرَى صُورَةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ مَثَلًا فِي صَفْقَةٍ ثَلَاثَةَ أَشْقَاصٍ عَكْسُ الصُّورَةِ الْأُولَى فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَيْضًا أَخْذُ بَعْضِ مَا اشْتَرَاهُ ذَلِكَ الْوَاحِدُ دُونَ بَعْضٍ (قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ أَيْضًا) قُلْت لَهُ فَمَنْ اشْتَرَى حُظُوظَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَقَالَ شَفِيعُهَا: أَنَا آخُذُ حَظَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَأُسَلِّمُ حَظَّ الِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ (تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ التَّبْعِيضِ فِيمَا اُشْتُرِيَ صَفْقَةً

ص: 54

وَاحِدَةً إنَّمَا هُوَ إذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ (قَالَ الْجَزِيرِيُّ: فِي الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ) وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ تَبْعِيضُ مُشَفَّعَةٍ إلَّا بِرِضَا الْمُبْتَاعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ فِي صَفَقَاتٍ فَيَأْخُذَ مِنْهَا مَا شَاءَ.

(الثَّانِي) تَقَدَّمَ أَنَّ مَا اُشْتُرِيَ فِي صَفَقَاتٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ مَا شَاءَ (قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) فِي مَسْأَلَةِ حُظُوظِ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ كَانَ إنَّمَا اشْتَرَى مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ حَظَّهُ عَلَى حِدَتِهِ فِي صَفْقَةٍ فَقَالَ الشَّفِيعُ: أَنَا آخُذُ حَظَّ وَاحِدٍ وَأَدَعُ غَيْرَهُ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ لَهُ فَإِنْ أَخَذَ حَظَّ الْأَوَّلِ فَلَا شُفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي مَعَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ صَفْقَتَيْهِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَقَعَتَا بَعْدَ الصَّفْقَةِ الْأُولَى وَإِنْ أَخَذَ الصَّفْقَةَ الثَّانِيَةَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَشْفَعَ مَعَهُ فِيهَا بِقَدْرِ الصَّفْقَةِ الْأُولَى وَإِنْ أَخَذَ الْأَخِيرَةَ كَانَ الْمُشْتَرِي شَفِيعًا مَعَهُ بِالصَّفْقَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ.

وَالشُّرَكَاءُ لِلشَّفِيعِ وَجَبَا

أَنْ يَشْفَعُوا مَعَهُ بِقَدْرِ الْأَنْصِبَا

يَعْنِي إذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِاثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَشَفَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّ لِبَقِيَّةِ شُرَكَائِهِ أَنْ يَدْخُلُوا مَعَهُ فِيمَا شَفَعَ بِقَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ فَمَنْ كَانَ لَهُ رُبُعُ مَا شَفَعَ فِيهِ وَمَنْ كَانَ لَهُ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَعَلَى نِسْبَةِ ذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ وَلِذَلِكَ كَانَ أَهْلُ السَّهْمِ الْوَاحِدِ فِي الْمِيرَاثِ أَحَقَّ بِالشُّفْعَةِ فِيهِ مِمَّنْ عَدَاهُمْ مِنْ أَهْلِ السِّهَامِ كَالزَّوْجَاتِ إذَا وَرِثْنَ الرُّبُعَ أَوْ الثُّمُنَ فَبَاعَتْهُ إحْدَاهُنَّ فَإِنَّ مَنْ لَمْ تَبِعْ مِنْهُنَّ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ فِي ذَلِكَ الشِّقْصِ مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ.

(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قَالَ مَالِكٌ: وَالشُّفْعَةُ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ لَا عَلَى عَدَدِ الرِّجَالِ اهـ.

(وَفِي الْمُدَوَّنَةِ) قَالَ مَالِكٌ الْقَضَاءُ إذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلشُّرَكَاءِ قُسِمَتْ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ لَا عَلَى عَدَدِهِمْ قَالَ أَشْهَبُ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا وَجَبَتْ بِشَرِكَتِهِمْ لَا بِعَدَدِهِمْ فَيَجِبُ تَفَاضُلُهُمْ فِيمَا يَتَفَاضَلُ فِيهِ أَهْلُ الشَّرِكَةِ اهـ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا غَيْرَ شَرِيكٍ فَإِذَا شَفَعَ وَاحِدٌ مِنْ يَدِهِ شَارَكَهُ فِي الشُّفْعَةِ بَقِيَّةُ شُرَكَائِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ الشُّرَكَاءِ وَأَرَادَ شُرَكَاؤُهُ مُشَارَكَتَهُ فِيمَا اشْتَرَى فَإِنَّ لَهُ مِنْهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ.

(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ مِنْهُ سَهْمٌ مُتَقَدِّمٌ حَاصَّهُمْ بِهِ فَقَطْ.

وَمَا بِعَيْبٍ حُطَّ بِالْإِطْلَاقِ

عَنْ الشَّفِيعِ حُطَّ بِاتِّفَاقِ

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبٍ فَحَطَّ عَنْهُ بَعْضَ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْبِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحَطُّ عَنْ الشَّفِيعِ فَيَشْفَعُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْحَطِّ وَالْإِطْلَاقُ رَاجِعٌ لِلْعَيْبِ فَيَدْخُلُ فِيهِ عَيْبُ قِيمَةٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يُرَدُّ مَعَهُ وَالْعَيْبُ الْمُوجِبُ لِلرَّدِّ إذَا صَالَحَهُ عَلَى حَطِّ بَعْضِ الثَّمَنِ أَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ فَأَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحَطُّ عَنْ الشَّفِيعِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا.

(قَالَ ابْنُ شَاسٍ) وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ إلَّا أَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ فَأَخَذَ أَرْشَهُ

ص: 55

فَذَلِكَ الْأَرْشُ مَحْطُوطٌ عَنْ الشَّفِيعِ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ وَهَذَا كَمَا قَالَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَقَالَ ابْنُ شَاسٍ أَيْضًا لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالشِّقْصِ عَيْبًا بَعْدَ أَخْذِهِ الشَّفِيعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَلَبُ أَرْشٍ فَإِنْ رَدَّ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ رَدَّ هُوَ حِينَئِذٍ عَلَى الْبَائِعِ اهـ فَمَا مَوْصُولَةٌ مُبْتَدَأٌ وَاقِعٌ عَلَى الْمَحْطُوطِ مِنْ الثَّمَنِ وَحُطَّ صِلَتُهَا وَنَائِبُهُ يَعُودُ عَلَى مَا وَمُتَعَلِّقُ حُطَّ مَحْذُوفٌ أَيْ عَنْ الْمُشْتَرِي وَبِعَيْبٍ يَتَعَلَّقُ بِحُطَّ وَبَاؤُهُ سَبَبِيَّةٌ حَالَةَ كَوْنِ الْعَيْبِ مُطْلَقًا عَيْبَ قِيمَةٍ أَوْ رَدٍّ كَمَا تَقَدَّمَ وَجُمْلَةُ حُطَّ عَنْ الشَّفِيعِ خَبَرُ مَا فَعَنْ الشَّفِيعِ يَتَعَلَّقُ بِحُطَّ الثَّانِي.

وَلَا يُحِيلُ مُشْتَرٍ لِبَائِعْ

عَلَى الشَّفِيعِ لِاقْتِضَاءِ مَانِعْ

وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَضْمَنَ عَنْ

مُسْتَشْفِعٍ لِمُشْتَرٍ مِنْهُ الثَّمَنْ

ذَكَرَ هُنَا مَسْأَلَتَيْنِ:

(الْأُولَى) : أَنَّ مَنْ بَاعَ شِقْصًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَقَامَ الشَّرِيكُ وَشَفَعَهُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي الَّذِي الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْأَجَلِ أَنْ يُحِيلَ الْبَائِعَ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْحَوَالَةِ حُلُولَ الدِّينِ الْمُحَالِ بِهِ وَالْمُحَالُ بِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا - وَهُوَ الثَّمَنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي - غَيْرَ حَالٍّ فَيُقَيَّدُ الْمَنْعُ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ بِصِيغَةِ النَّفْيِ بِمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِأَجَلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ.

(قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِالنَّقْدِ لَزِمَ الشَّفِيعَ دَفْعُ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ يُؤَجَّلُ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى الشَّفِيعِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُعْدَمًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ مَلِيٍّ أَوْ يُعَجِّلَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ الْبَائِعَ بِهِ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ اهـ وَالشَّاهِدُ هُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ إلَخْ وَفَاعِلُ " يُحِيلَ " فِي كَلَامِ ابْنِ سَلْمُونٍ لِلْمُشْتَرِي وَضَمِيرُ بِهِ لِلثَّمَنِ وَلِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ " لِاقْتِضَاءِ مَانِعْ " وَإِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ.

(الثَّانِيَةُ) : قَالَ فِيهَا ابْنُ سَلْمُونٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي مَسَائِلِهِ لَا يَجُوزُ لِلَّذِي بَاعَ شِقْصًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ أَنْ يَتَحَمَّلَ بِالثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي عَنْ الشَّفِيعِ إلَى الْأَجَلِ لِأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةً إذْ لَعَلَّ الشِّقْصَ لَا يُسَاوِي الثَّمَنَ فَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ الشَّفِيعُ لَمْ يَجِدْ هُوَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَفَاءً بِثَمَنِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَالْحَمَالَةُ مَعْرُوفٌ كَالْقَرْضِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا عِوَضًا وَلَا يَجُرَّ بِهَا نَفْعًا اهـ.

(وَفِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت فَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ قَالَ لِلْمُشْتَرِي أَنَا أَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَا لِي عَلَى هَذَا الشَّفِيعِ إلَى الْأَجَلِ؛ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الْحَقَّ وَجَبَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَفْسَخَهُ فِي دَيْنٍ فَيَكُونُ دَيْنًا بِدَيْنٍ اهـ وَإِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي فَالْمَنْعُ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِكَوْنِ الْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ وَ " الثَّمَنْ " مَفْعُولُ " يَضْمَنَ " وَ " عَنْ مُسْتَشْفِعٍ وَلِمُشْتَرٍ " يَتَعَلَّقَانِ بِ يَضْمَنَ وَمِنْهُ يَتَعَلَّقُ بِمُشْتَرٍ وَالضَّمِيرُ لِلْبَائِعِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

ص: 56

وَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ حَالُ مَا اُشْتُرِيَ

مِنْ جِنْسٍ أَوْ حُلُولٍ أَوْ تَأَخُّرِ

وَحَيْثُمَا الشَّفِيعُ لَيْسَ بِالْمَلِيِّ

قِيلَ لَهُ سُقْ ضَامِنًا أَوْ عَجِّلْ

يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي وَيَلْزَمُهُ مَا لَزِمَهُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ يَعْنِي أَوْ مَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ الْقِيمَةِ فِي الْمُقَوَّمِ وَمَنْ حُلُولِهِ وَتَأْجِيلِهِ فَإِذَا اشْتَرَى بِعَيْنٍ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً لَزِمَ الشَّفِيعَ مِثْلُهُ ذَلِكَ وَإِذَا اشْتَرَى بِمِثْلِيٍّ لَزِمَهُ مِثْلُهُ أَوْ بِمُقَوَّمٍ كَثِيَابٍ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ وَإِذَا اشْتَرَى بِثَمَنٍ حَالٍّ لَزِمَ الشَّفِيعَ الثَّمَنُ حَالًّا وَإِذَا اشْتَرَى بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَزِمَ الشَّفِيعَ ذَلِكَ الثَّمَنُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُهُ " مَا اُشْتُرِيَ ": " مَا " وَاقِعَةٌ عَلَى الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ حَالُ أَيْ صِفَةُ الثَّمَنِ الَّذِي اُشْتُرِيَ الشِّقْصُ بِهِ ثُمَّ فَسَّرَ " حَالُ مَا اُشْتُرِيَ " فَقَالَ: مِنْ جِنْسِ إلَخْ، وَهُوَ أَيْ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ عَنْ الشَّفِيعِ لِلْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ مَلِيًّا وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ مَلِيٍّ يَلْزَمُهُ ضَامِنٌ بِالْمَالِ يَعْنِي أَوْ رَهْنٌ يُسَاوِي قِيمَةَ الشِّقْصِ أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ لَزِمَهُ تَعْجِيلُ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ.

(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) مَا اُشْتُرِيَ بِعَيْنٍ أَوْ مِثْلِيٍّ فَالشُّفْعَةُ فِيهِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ وَمَا اُشْتُرِيَ بِمُقَوَّمٍ فَبِقِيمَتِهِ.

(وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا) مَا اُشْتُرِيَ بِعَيْنٍ شُفِعَ فِيهِ بِقِيمَتِهِ وَمَا اُشْتُرِيَ بِعِوَضٍ فَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ.

(وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا) قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ إنْ كَانَ مَلِيًّا أَوْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ ثِقَةٍ مَلِيٍّ اهـ وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَلَوْ دَيْنًا أَوْ قِيمَةً بِرَهْنِهِ وَضَامِنِهِ مَا نَصَّهُ أَشْهَبُ: إذَا اشْتَرَى بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِحَمِيلٍ أَوْ رَهْنٍ فَقَامَ الشَّفِيعُ وَهُوَ أَمْلَى مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا مِثْلَهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَلَوْ جَاءَ بِرَهْنٍ لَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ وَفَاءً لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا مِثْلُ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ بِرَهْنٍ وَحَمِيلٍ فَجَاءَ بِرَهْنٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَمِيلٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ.

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا وَنَقَدَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ فَإِنَّهُ يُدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَرَّبِ.

(الثَّانِي) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ أَشْهَبُ إذَا اشْتَرَاهُ بِحَمِيلٍ أَوْ رَهْنٍ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ أَمْلَى مِنْهُ أَخْذُهُ إلَّا بِحَمِيلٍ أَوْ رَهْنٍ مِثْلِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ أَيْضًا إذَا كَانَ أَمْلَى مِنْ الْحَمِيلِ وَمِنْ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ بِلَا رَهْنٍ وَبِلَا حَمِيلٍ وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ الْأَوَّلَ.

(الثَّالِثُ) إذَا تَرَاخَى قِيَامُ الشَّفِيعِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَفِي تَأْخِيرِ الشَّفِيعِ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ قَوْلَانِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ.

(الرَّابِعُ) إذَا أَخَذَ الشِّقْصَ عَنْ دَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ فَفِي الْمَذْهَبِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِمِثْلِ الدَّيْنِ الثَّانِي بِقِيمَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ الثَّالِثُ الْفَرْقُ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَخَذَ بِمِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ عَرَضًا أَخَذَ بِقِيمَتِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ اهـ مِنْ التَّوْضِيحِ بِاخْتِصَارٍ.

وَمَا يَنُوبُ الْمُشْتَرِي فِيمَا اشْتَرَى

يَدْفَعُهُ لَهُ الشَّفِيعُ مُحْضَرَا

يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ فِي الشِّقْصِ مِنْ إجَارَةِ عُدُولٍ وَثَمَنِ رِقٍّ وَأُجْرَةِ دَلَّالٍ إنْ كَانَتْ مِنْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ مِثْلُهُ وَظَاهِرُ عُمُومِ قَوْلِهِ وَمَا يَنُوبُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَكْسُ إذَا أَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَرْعٌ: وَعَلَى الشَّفِيعِ أُجْرَةُ الدَّلَّالِ إنْ كَانَتْ مِنْ عِنْدِ الْمُشْتَرِي وَثَمَنُ مَا كُتِبَ فِيهِ لِأَنَّ بِذَلِكَ وَصَلَ الْمُبْتَاعُ إلَى الْمَبِيعِ وَإِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ دَفَعَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُعْتَادِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّفِيعِ إلَّا دَفْعُ الْمُعْتَادِ بِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ مَالِكٍ وَابْنُ الْقَطَّانِ (الْمُتَيْطِيُّ) وَلَا أَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا ابْنُ يُونُسَ) قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: اُنْظُرْ لَوْ غَرِمَ عَلَى الشِّقْصِ غُرْمًا هَلْ يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ وَبِمَا غَرِمَ عَلَيْهِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ هَلْ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِغُرْمٍ أَوْ بِغَيْرِهِ اهـ وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ عَتَّابٍ أَنَّهُ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ الْأُجْرَةُ الَّتِي أَدَّاهَا الْمُشْتَرِي عِنْدَ ابْتِيَاعِهِ.

ص: 57