المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في القرض] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَمَا يُمَثِّلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَضْغُوطِ وَمَا أَشْبَهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَبْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُعَاوَضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّوْلِيَةِ وَالتَّصْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْكِرَاءِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفِي الْجَائِحَةِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مِنْ الْكِرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ وَالسُّفُنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجُعْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِرَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاعْتِصَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُمْرَى وَمَا يَلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْحَوْزِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْأُمَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ]

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ فِي الرُّشْدِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَالْحَجْرِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّيْنِ وَالْفَلَسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ مَا يَجْرِي مَجْرَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمِدْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَلَسِ]

- ‌[بَابٌ فِي الضَّرَرِ وَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ضَرَرِ الْأَشْجَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُسْقِطِ الْقِيَامِ بِالضَّرَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِصَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجِرَاحَاتِ]

- ‌[بَابُ التَّوَارُثِ وَالْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْوَارِثِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَحْوَالِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْإِرْثُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَالَاتِ وُجُوبِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ وَأُصُولِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ إلَى فَرْضٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ لِلتَّعْصِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَانِعَ الْمِيرَاثِ]

الفصل: ‌[فصل في القرض]

أَعْلَمُ.

(تَتْمِيمٌ) ذَكَرَ النَّاظِمُ الْأُمَنَاءَ الَّذِينَ لَا يَضْمَنُونَ، وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِيهِمْ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ الضَّمَانُ، وَقَدْ عَدَّ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمَنْهَجِ نَحْوَ التِّسْعَةِ، فَقَالَ:

يَضْمَنُ ذُو إرْثٍ وَرَهْنٍ وَخِيَارْ

وَصَانِعُ عِرْسٍ وَحَاضِنُ مُعَارْ

وَحَامِلُ الطَّعَامِ كَاَلَّذِي حُبِسْ

لِثَمَنِ ذَا غَيْبَةٍ إنْ اُلْتُبِسْ تَلَفُهُ

إلَخْ (فَالْأَوَّلُ) : الْوَارِثُ فِيمَا إذَا ظَهَرَ دَيْنٌ أَوْ طَرَأَ وَارِثٌ أَوْ نَحْوُهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ تَلَفَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْعَيْنِ وَالطَّعَامِ وَالْإِدَامِ، وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَدَّقُونَ، وَاخْتُلِفَ إذَا قَامَتْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يَضْمَنُونَ.

(وَالثَّانِي) : الْمُرْتَهِنُ يَضْمَنُ الرَّهْنَ الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ، فَلَا يَضْمَنُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَالثَّالِثُ) : الْبَائِعُ، فَإِنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ مِنْهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ. (وَالرَّابِعُ) : الصَّانِعُ يَضْمَنُ مَصْنُوعَهُ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يُنَصِّبَ نَفْسَهُ لِلصَّنْعَةِ عِيَاضٌ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ لِلرَّجُلِ أَوْ الْجَمَاعَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَالصَّانِعُ الْخَاصُّ الَّذِي لَمْ يُنَصِّبْ نَفْسَهُ لِلصَّنْعَةِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى هَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّ التَّضْمِينَ إنَّمَا كَانَ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ فِي بَيْتِ رَبِّ السِّلْعَةِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ جَلَسَ مَعَهُ أَمْ لَا ابْنُ حَبِيبٍ؛ لِأَنَّهُ هُنَا أَجِيرٌ خَاصٌّ الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ رَبُّهُ مُلَازِمًا لَهُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِحُضُورِهِ مَعَهُ يُشْبِهُ الصَّانِعَ الْخَاصَّ. (وَالْخَامِسُ) : الزَّوْجَةُ إذَا قَبَضَتْ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ مَهْرٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَادَّعَتْ تَلَفَهُ، فَتَضْمَنُ لَهُ نِصْفَهُ.

(وَالسَّادِسُ) : الْحَاضِنُ يَضْمَنُ مَا قَبَّضَ الْمَحْضُونَةَ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ مُؤَنِ الْمَحْضُونِ فَيَدَّعِي تَلَفَهُ، فَيَضْمَنُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ.

(وَالسَّابِعُ) : الْمُعَارُ، فَيَضْمَنُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ، وَيَضْمَنُ أَيْضًا مَا ثَبَتَ تَعَدِّيهِ فِيهِ أَوْ تَفْرِيطُهُ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، أَمْ لَا (الثَّامِنُ) : حَامِلُ الطَّعَامِ يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الَّذِينَ لَا يَضْمَنُوا. (التَّاسِعُ) : الْبَائِعُ الَّذِي يَحْبِسُ سِلْعَتَهُ، حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ أَوْ لِلْإِشْهَادِ، فَيَضْمَنُ تِلْكَ السِّلْعَةَ، كَمَا يَضْمَنُ الرَّهْنَ.

وَحَارِسُ الْحَمَّامِ لَيْسَ يَضْمَنُ

وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ بَلْ يَضْمَنُ

يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي حَارِسِ ثِيَابِ دَاخِلِ الْحَمَّامِ، هَلْ يَضْمَنُهَا أَوْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) وَأَمَّا حَارِسُ الثِّيَابِ إنْ أَكْرَاهُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ لِحِفْظِ الثِّيَابِ بِأُجْرَةٍ فِي ذِمَّتِهِ، فَلَا خِلَافَ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ إلَّا أَنْ يُضَيِّعَ أَوْ يُفَرِّطَ، وَإِنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ يَأْخُذُهَا مِنْ النَّاسِ الدَّاخِلِينَ لِلْحَمَّامِ، فَقَالَ مَالِكٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (ابْنُ لُبَابَةَ) ، وَمَا سِوَاهُ خَطَأٌ وَضَمَّنَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ نَفْيَ الضَّمَانِ عَلَى الْحَمَّامِيِّ وَالْحَارِسِ، وَلَوْ دُفِعَ لَهُ أُجْرَةٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْمُودَعِ يُدْفَعُ لَهُ أُجْرَةٌ عَلَى أَمَانَتِهِ (ابْنُ الْقَاسِمِ)، وَلَوْ قَالَ الْحَارِسُ: جَاءَنِي إنْسَانٌ فَشَبَّهْتُهُ بِك فَدَفَعْت إلَيْهِ الثِّيَابَ، ضَمِنَ (اللَّخْمِيُّ) ، وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ إنْ رَأَى إنْسَانًا يَأْخُذُ ثِيَابَكَ، فَتَرَكَهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ أَنْتَ. اهـ.

[فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ]

ِ وَهُوَ السَّلَفُ الْقَرْضِ وَهُوَ السَّلَفُ حَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي عِوَضٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ لَهُ لَا عَاجِلًا تَفَضُّلًا فَقَوْلُهُ: مُتَمَوَّلٍ أَخْرَجَ بِهِ مَا لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ إذَا دَفَعَهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَرْضٍ وَلَا يُقْرَضُ، مِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي عِوَضٍ أَخْرَجَ بِهِ الْهِبَةَ قَوْلُهُ: غَيْرُ مُخَالِفٍ لَهُ أَخْرَجَ بِهِ دَفْعَهُ فِي الْمُخَالِفِ، فَإِنَّهُ بَيْعٌ قَوْلُهُ: لَا عَاجِلًا عَطْفٌ بِلَا عَلَى حَالٍ مُقَدَّرَةٍ، أَيْ

ص: 195

الْمُتَمَوَّلُ الْمَدْفُوعُ فِي عِوَضٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ حَالَةَ كَوْنِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لَا عَاجِلًا، أَخْرَجَ بِهِ الْمُبَادَلَةَ الْمِثْلِيَّةَ، فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا الْحَدُّ لَوْلَا الزِّيَادَةُ، وَقَوْلُهُ تَفَضُّلًا مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، أَيْ دُفِعَ لِأَجْلِ تَفَضُّلِ الْمُقْرِضِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا قُصِدَ بِدَفْعِهِ نَفْعُهُمَا مَعًا أَوْ نَفْعُ الْمُقْرِضِ أَوْ نَفْعُ أَجْنَبِيٍّ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا قُصِدَ نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ

الْقَرْضُ جَائِزٌ وَفِعْلٌ جَارِ

فِي كُلِّ شَيْءٍ غَيْرَ فِي الْجَوَارِي

وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَجُرَّ مَنْفَعَهْ

وَحَاكِمٌ بِذَاكَ كُلٌّ مَنَعَهْ

وَلَيْسَ بِاللَّازِمِ أَنْ يُرَدَّا

قَبْلَ انْقِضَاءِ أَجَلٍ قَدْ حُدَّا

وَإِنْ رَأَى مُسَلِّفٌ تَعْجِيلَهُ

أُلْزِمَ مَنْ سَلَّفَهُ قَبُولَهُ.

اشْتَمَلَتْ الْأَبْيَاتُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ (الْأُولَى) : أَنَّ الْقَرْضَ أَيْ السَّلَفَ جَائِزٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي الْجَوَارِي، فَلَا يَجُوزُ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ، وَغَيْرَ بِمَعْنَى إلَّا وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ مَنْ تَسَلَّفَ جَارِيَةً جَازَ لَهُ رَدُّهَا بِعَيْنِهَا إنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ، فَإِنْ رَدَّهَا فَقَدْ آلَ أَمْرُهُمَا إلَى أَنَّهُ أَعْطَاهُ جَارِيَةً اسْتَمْتَعَ بِهَا مُدَّةً، ثُمَّ رَدَّهَا لَهُ، وَهُوَ مِنْ إعَارَةِ الْفُرُوجِ.

(قَالَ الشَّارِحُ فِي تَمْهِيدِ ابْنِ فَتْحُونٍ) الْقَرْضُ فِعْلُ خَيْرٍ وَبِرٍّ، وَهُوَ جَائِزٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ تَحْصُرُهُ صِفَتُهُ سِوَى الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّ لِلْمُقْرِضِ فِي كُلِّ شَيْءٍ اقْتَرَضَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِعَيْنِهِ بَعْدَ الْمَغِيبِ عَلَيْهِ، وَالِانْتِفَاعِ بِهِ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ صِفَتُهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ.

وَيَلْزَمُ الْمُقْرِضَ أَخْذُهُ مِنْهُ، فَلَوْ أُجِيزَ الْقَرْضُ فِي الْإِمَاءِ، لَكَانَ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِجَارِيَةِ غَيْرِهِ أَنْ يَقْتَرِضَهَا مِنْهُ، فَيَطَأَهَا مَا شَاءَ، ثُمَّ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ، فَكَانَ ذَلِكَ مُؤَدِّيًا إلَى عَارِيَّةِ الْفُرُوجِ، وَإِبَاحَةِ وَطْئِهَا بِغَيْرِ نِكَاحٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ، فَسُدَّ هَذَا الْبَابُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَقْتَرِضَهَا ذُو مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٌ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ فِيهَا لِسَلَامَةِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ عَارِيَّةِ الْفُرُوجِ الْمَحْظُورَةِ ا. هـ.

فَإِذَا اقْتَرَضَ أَمَةً رَدَّهَا مَا بَطَّأَهَا ابْنُ يُونُسَ، فَإِنْ فَاتَتْ بِالْوَطْءِ، فَالْأَصْوَبُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا لَا رَدَّ مِثْلِهَا. اهـ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) : أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْقَرْضِ أَنْ لَا يَجُرَّ مَنْفَعَةً لِلْمُقْرِضِ بِالْكَسْرِ، فَإِنْ جَرَّ لَهُ مَنْفَعَةً لَمْ يَجُزْ كَسَلَفِهِ قَمْحًا قَدِيمًا لِيَرُدَّ لَهُ جَدِيدًا أَوْ سَائِسًا أَوْ عَفِنًا لِيَرُدَّ لَهُ جَيِّدًا (قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ) : لَا يَجُوزُ سَلَفُ الطَّعَامِ السَّائِسِ، وَلَا الْعَفِنِ، وَلَا الْقَدِيمِ، لِيَأْخُذَ جَدِيدًا إلَّا إنْ نَزَلَتْ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ، فَسَأَلُوا رَبَّ الطَّعَامِ الْمَذْكُورِ إذْ الْمَنْفَعَةُ لَهُمْ دُونَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ حِينَئِذٍ بَاعَهُ بِثَمَنٍ غَالٍ، وَفِي الْغَالِبِ أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي يُؤَدُّونَهُ يَكُونُ وَقْتَ الْأَدَاءِ أَرْخَصَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَائِسٍ، وَلَا مَعْفُونٍ. اهـ.

وَإِلَى هَذِهِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي فَقَوْلُهُ: أَنْ لَا يَجُرَّ مَنْفَعَهْ أَيْ لِلْمُقْرِضِ، وَقَوْلُهُ: وَحَاكِمٌ بِذَاكَ كُلٌّ مَنَعَهْ شَرَحَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَالْحَاكِمُ بِإِجَازَةِ ذَلِكَ كُلُّ الْمَذْهَبِ عَلَى مَنْعِهِ اهـ.

، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ حَاكِمٍ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ، وَمَعْنَاهُ الْمُؤَدِّي، وَالْمُوَصِّلُ، وَبَاءُ بِذَاكَ لِلْغَايَةِ عَلَى حَدٍّ " وَقَدْ أَحْسَنَ بِي " أَيْ إلَيَّ وَالْإِشَارَةُ لِجَرِّ الْمَنْفَعَةِ، وَالتَّقْدِيرُ، وَالْقَرْضُ الْمُؤَدِّي وَالْمُوَصِّلُ إلَى جَرِّ الْمَنْفَعَةِ كُلُّ الْفُقَهَاءِ مَنَعَهُ، وَلَمْ يُجِزْهُ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) : أَنَّ الْقَرْضَ إذَا كَانَ لِأَجَلٍ مَحْدُودٍ لَمْ يَلْزَمْ الْمُقْتَرِضَ رَدُّهُ قَبْلَ الْأَجَلِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُقْتَرِضُ، وَهُوَ الْمِدْيَانُ تَعْجِيلَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ، فَذَلِكَ لَهُ، وَلَيْسَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ إلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ، وَلَيْسَ بِاللَّازِمِ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْتَيْنِ (قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ) : لَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي قَرْضِهِ مُنِعَ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِانْتِفَاعِ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالْعَادَةِ.

(وَفِي الْمُدَوَّنَةِ) إذَا كَانَ لَك دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ إلَى أَجَلٍ، فَعَجَّلَهَا لَك قَبْلَ الْأَجَلِ جُبِرَتْ عَلَى أَخْذِهَا كَانَتْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ انْتَهَى. وَفِي الرِّسَالَةِ وَمَنْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ مُؤَجَّلٍ، فَلَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ قَبْلَ

ص: 196