المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في العمرى وما يلحق بها] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَمَا يُمَثِّلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَضْغُوطِ وَمَا أَشْبَهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَبْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُعَاوَضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّوْلِيَةِ وَالتَّصْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْكِرَاءِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفِي الْجَائِحَةِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مِنْ الْكِرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ وَالسُّفُنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجُعْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِرَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاعْتِصَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُمْرَى وَمَا يَلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْحَوْزِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْأُمَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ]

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ فِي الرُّشْدِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَالْحَجْرِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّيْنِ وَالْفَلَسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ مَا يَجْرِي مَجْرَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمِدْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَلَسِ]

- ‌[بَابٌ فِي الضَّرَرِ وَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ضَرَرِ الْأَشْجَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُسْقِطِ الْقِيَامِ بِالضَّرَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِصَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجِرَاحَاتِ]

- ‌[بَابُ التَّوَارُثِ وَالْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْوَارِثِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَحْوَالِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْإِرْثُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَالَاتِ وُجُوبِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ وَأُصُولِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ إلَى فَرْضٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ لِلتَّعْصِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَانِعَ الْمِيرَاثِ]

الفصل: ‌[فصل في العمرى وما يلحق بها]

بَعْدَ ذَلِكَ بِاسْمِ نَفْسِهِ وَمَاتَ، فَإِنَّ الثَّمَنَ لِلِابْنِ فِي مَالِ الْأَبِ وَلَيْسَ بَيْعُهُ بِاسْمِ نَفْسِهِ عُصْرَةً مِنْهُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ عِنْدَ الْبَيْعِ أَوْ قَبْلَهُ أَنَّ بَيْعَهُ ذَلِكَ اعْتِصَارٌ مِنْهُ لِلْهِبَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَجُوزُ اعْتِصَارُهَا بَعْدَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَغَيَّرَتْ عَنْ حَالِهَا قَالَ الشَّارِحُ أَقُولُ هَذَا الْقَوْلُ هَكَذَا نُقِلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَفِيهِ إذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى كَبِيرٍ إشْكَالُ مَا مِنْ كَوْنِهِ لَا يُعَدُّ عُصْرَةً فَتَأَمَّلْهُ ا. هـ يَعْنِي أَنَّ كَوْنَ الْبَيْعِ عَلَى الصَّغِيرِ لَا يُعَدُّ عُصْرَةً ظَاهِرٌ لِكَوْنِ الْأَبِ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ لَهُ فِي أُمُورِهِ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى أُمُورَ نَفْسِهِ، فَالْبَيْعُ عَلَيْهِ اعْتِصَارٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ:

لَكِنَّهُ يُعَدُّ مَهْمَا مَهْمَا صَيَّرَا

الْبَيْتَيْنِ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَاهِبِ فِي الْهِبَةِ بِالْبَيْعِ لَا يُعَدُّ اعْتِصَارًا اسْتَدْرَكَ هَذِهِ الصُّورَةَ، فَإِنَّ تَصَرُّفَ الْوَاهِبِ فِيهَا اعْتِصَارٌ.

وَهِيَ إذَا وَهَبَ هِبَةً لِابْنِهِ أَوْ بِنْتِهِ ثُمَّ إنَّهُ صَيَّرَ تِلْكَ الْهِبَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي دَيْنٍ لِلِابْنِ أَوْ الِابْنَةِ عَلَى أَبِيهِ الْوَاهِبِ الْمَذْكُورِ فَتَصِيرُ تِلْكَ الْهِبَةُ مِلْكًا لِلْوَلَدِ عِوَضًا عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ وَلَا إشْكَالَ فِي كَوْنِ ذَلِكَ اعْتِصَارًا؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْأَبِ قَضَى بِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ لَازِمٌ لِكَوْنِهِ رَدَّهَا لِمِلْكِهِ وَحِينَئِذٍ دَفَعَهَا فِي دَيْنِهِ، ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ أَطْلَقَ فِي ذَلِكَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْأَبِ ثَابِتًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَرِينَةِ حَالٍ تَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهِ كَمَا يَأْتِي وَلَا إشْكَالَ أَوْ غَيْرَ ثَابِتٍ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ الْهِبَةَ يَمْلِكُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ عِوَضًا عَنْ الدَّيْنِ فَلَا تَفْتَقِرُ لِحِيَازَةٍ؛ لِكَوْنِهَا مُعَاوَضَةً، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: لَكِنَّهُ يُعَدُّ الْبَيْتَ، وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ فَصَّلَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي صَيَّرَ فِيهِ الْهِبَةَ ثَابِتًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَرِينَةِ صِدْقٍ فَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثَابِتٍ، فَعَهْدُ التَّصْيِيرِ هِبَةٌ أُخْرَى مُسْتَأْنَفَةٌ، فَتَفْتَقِرُ لِلْحَوْزِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَقِيلَ: بَلْ تَصِحُّ إنْ مَالٌ شُهِرْ

الْبَيْتَ، فَقَوْلُهُ: لَكِنَّهُ أَيْ الْأَبَ، وَذَاكَ أَيْ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ: يَتَعَلَّقُ بِ صَيَّرَا وَمُعْتَصِرًا: مَفْعُولٌ ثَانٍ لِيُعَدَّ وَفَاعِلُ يَصِحُّ لِلتَّصْيِيرِ وَضَمِيرُ لَهُ لِلْوَلَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ.

وَأَشَارَ بِالْبَيْتَيْنِ لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِّ فِي مَسْأَلَةٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَهَبَ لِابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ دَارًا أَوْ احْتَازَهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَشْهَدَ أَنَّهُ صَيَّرَهَا لَهَا فِي مِائَةِ مِثْقَالٍ تَأَلَّفَتْ عِنْدَهُ مِنْ غَزْلٍ غَزَلَتْهُ وَمِنْ غَيْرِ ذَلِكَ؟ فَأَجَابَ التَّصْيِيرُ اعْتِصَارٌ لِلْهِبَةِ وَتَكُونُ الدَّارُ لِلْمَوْهُوبِ لَهَا بِالتَّصْيِيرِ أَيْ فِي الدَّيْنِ لَا بِالْهِبَةِ الْأُولَى وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّ التَّصْيِيرَ لِلْهِبَةِ اعْتِصَارٌ، أَوْ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ مَا اعْتَرَفَ بِهِ مِنْ الذَّهَبِ نِسْبَةً صَحِيحَةً مِثْلَ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ الِابْنَةَ كَانَتْ تَغْزِلُ الْغَزْلَ الْكَثِيرَ كَقَدْرِ الذَّهَبِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يَجْتَمِعُ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ، أَوْ أَنَّهَا وَرِثَتْ مِنْ أُمِّهَا مَالًا، فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهَا وَإِلَّا فَيَكُونُ هَذَا التَّصْيِيرُ كَهِبَةٍ أُخْرَى إنْ ثَبَتَتْ فِيهَا الْحِيَازَةُ صَحَّتْ وَإِلَّا سَقَطَتْ اهـ. وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي افْتِقَارِ التَّصْيِيرِ لِلْحَوْزِ وَعَدَمِ افْتِقَارِهِ لَهُ

[فَصْلٌ فِي الْعُمْرَى وَمَا يَلْحَقُ بِهَا]

(فَصْلٌ فِي الْعُمْرَى وَمَا يَلْحَقُ بِهَا)

هِبَةُ غَلَّةِ الْأُصُولِ الْعُمْرَى

بِحَوْزِ الْأَصْلِ حَوْزُهَا اسْتَقَرَّا

طُولَ حَيَاةِ مُعَمِّرٍ أَوْ مُدَّهْ

مَعْلُومَةً كَالْعَامِ أَوْ مَا بَعْدَهْ

(ابْنُ عَرَفَةَ) الْعُمْرَى: تَمْلِيكُ مَنْفَعَةِ حَيَاةِ الْمُعْطَيْ بِغَيْرِ عِوَضٍ إنْشَاء (قَالَ الرَّصَّاع) قَوْلُهُ: تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ أَخْرَجَ بِهِ عَطَاءَ الذَّاتِ وَأَخْرَجَ بِحَيَاةِ الْمُعْطَيْ الْحُبُسَ وَالْعَارِيَّةَ وَالْمُعْطَى بِفَتْحِ الطَّاءِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُعْطِي بِكَسْرِهَا لَيْسَ بِعُمْرَى وَانْظُرْ تَقْسِيمَ الْعُمْرَى فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: بِغَيْرِ عِوَضٍ أَخْرَجَ بِهِ إذَا كَانَ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَقَوْلُهُ: إنْشَاءً أَخْرَجَ بِهِ الْحُكْمَ بِاسْتِحْقَاقِ الْعُمْرَى، كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ، ثُمَّ قَالَ مَا حَاصِلُهُ إنَّ الْعُمْرَى الْمُعَقَّبَةَ إنْ قُلْنَا تَرْجِعُ مِلْكًا فَهِيَ عُمْرَى، وَلَا إشْكَالَ.

وَإِنْ قُلْنَا تَرْجِعُ حَبْسًا، فَهِيَ عُمْرَى أَيْضًا حُكْمُهَا أَيْضًا حُكْمُ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّهَا حَبْسٌ

ص: 160

حَقِيقَةً، فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْحَدِّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ أَنَّهَا تَكُونُ فِي كُلِّ مَا لَهُ مَنْفَعَةٌ، فَتَكُونُ فِي الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ (قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ:) فَإِنْ أَعْرَى حُلِيًّا وَثِيَابًا قَالَ: أَمَّا الْحُلِيُّ فَهُوَ كَالدُّورِ وَأَمَّا الثِّيَابُ فَلَمْ أَسْمَعْ فِيهَا مِنْ مَالِكٍ شَيْئًا اهـ وَآخِرُهُ بِالْمَعْنَى مَعَ اخْتِصَارٍ.

قَوْلُهُ: هِبَةُ غَلَّةِ الْأُصُولِ. . . إلَخْ يَعْنِي أَنَّ الْعُمْرَى: هِيَ هِبَةُ غَلَّةِ الْأُصُولِ طُولَ حَيَاةِ الْمُعْمِرِ أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَالْعَامِ، أَوْ مَا بَعْدَهُ، وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَنْوَاعِ الْعَطِيَّةِ، فَتَفْتَقِرُ إلَى الْحَوْزِ، وَعَلَيْهِ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:

بِحَوْزِ الْأَصْلِ حَوْزُهَا اسْتَقَرَّا

وَحَوْزُهَا هُوَ بِحَوْزِ أَصْلِهَا، وَلَا مَحْذُورَ فِي كَوْنِهَا لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَهُوَ حَيَاةُ الْمُعْمِرِ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ، فَلَا يَدْخُلُهَا الْغَرَرُ الْمَحْظُورُ فِي الْبُيُوعِ فِي جَهْلِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا أَرْسِلْ مِنْ يَدِك بِالْغَرَرِ، وَلَا تَأْخُذْ بِهِ، فَإِنَّ فِي الْمُقَرَّبِ قُلْت: لَهُ أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ: لِرَجُلٍ قَدْ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ حَيَاتَك أَوْ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ هَذَا الْحُلِيَّ، أَيَجُوزُ هَذَا قَالَ: نَعَمْ وَيَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ جُعِلَ ذَلِكَ لَهُ إلَى الَّذِي أَعْمَرَهَا أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ (وَفِي الْمَنْهَجِ السَّالِكِ) : وَأَمَّا هِبَةُ الْمَنَافِعِ كَالْعُمْرَى وَالْإِخْدَامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنَّهَا كَهِبَةِ الْأَعْيَانِ إلَّا فِي تَمْلِيكِ الرِّقَابِ. قَالَ: أَعْمَرَهُ دَارًا أَوْ جَنَّةً مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاةَ الْمَوْهُوبِ لَهُ رَجَعَتْ بَعْدَ انْصِرَامِ الْمُدَّةِ مِلْكًا لِرَبِّهَا أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَكَذَلِكَ إنْ أَعْمَرَ عَقِبَهُ (وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ) .

وَلَا يَجُوزُ الْعُمْرَى إلَّا بِحِيَازَةٍ وَقَبْضٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ لِمَنْ يَجُوزُ لِلْمُعَمَّرِ الْقَبْضُ لَهُ كَالِابْنِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ فَقَوْلُهُ: (هِبَةُ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالْعُمْرَى: مُبْتَدَأٌ وَطُولَ: ظَرْفٌ يَتَعَلَّقُ بِهِبَةٍ وَمُدَّةً: بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى طُولَ أَيْ الْعُمْرَى هِبَةُ غَلَّةِ الْأُصُولِ حَيَاةَ مُعْمِرٍ أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَالْعَامِ أَوْ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْعَامِ، وَهُوَ الْمُرَادُ أَوْ مَا بَعْدَهُ، وَحَوْزُهَا: مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جُمْلَةُ اسْتَقَرَّا وَبِحَوْزٍ: يَتَعَلَّقُ بِاسْتَقَرَّا، وَخَصَّ الْأُصُولَ، وَإِنْ كَانَتْ تَصِحُّ فِي غَيْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَى فِيهَا أَكْثَرُ

وَبَيْعُهَا مُسَوَّغٌ لِلْمُعْمَرِ

مِنْ مُعْمِرٍ وَوَارِثٍ لِلْمُعْمِرِ

يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ وَيَسُوغُ لِلْمُعْمَرِ بِالْفَتْحِ بَيْعُ الْعُمْرَى لِلْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ شِئْت قُلْتَ يَجُوزُ لِلْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ وَلِوَرَثَتِهِ شِرَاءُ عُمْرَتِهِ مِنْ الْمُعْمَرِ بِالْفَتْحِ الْمَعْنَى وَاحِدٌ، فَالْمُعْمَرُ بِالْفَتْحِ بَائِعٌ وَبِالْكَسْرِ مُشْتَرٍ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ (قَالَ فِي الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ:) وَيَجُوزُ لِلْمُعْمِرِ شِرَاءُ عُمْرَاهُ قِيَاسًا عَلَى الْعَرِيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَلِلْمُعْمِرِ كِرَاؤُهَا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ لَا غَيْرُ، وَقِيلَ: لِأَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ كَالْأَحْبَاسِ، وَلَوْ كَانَتْ لِمُدَّةٍ مَحْصُورَةٍ لَجَازَ كِرَاؤُهَا إلَيْهَا، وَيَجُوزُ لِوَرَثَةِ الْمُعْمِرِ شِرَاؤُهَا مِنْ الْمُعْمَرِ كَمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَبِيهِمْ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ مُعَقَّبَةً، وَفِيهِ أَيْضًا يَجُوزُ ابْتِيَاعُ الْمُعْمِرِ لِلْعُمْرَى بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ بِالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ بِالنَّسِيئَةِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ إذْ لَيْسَ بِبَيْعٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مَعْرُوفٌ

ص: 161

ظَاهِرُهُ الْمُكَايَسَةُ مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ ابْتِيَاعِ الصَّدَقَةِ اهـ.

فَضَمِيرُ " بَيْعُهَا " لِلْعُمْرَى " وَمُسَوَّغٌ " بِفَتْحِ الْوَاوِ اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ سَوَّغَهُ الشَّارِعُ وَجَوَّزَهُ " وَالْمُعْمَرُ " بِالْفَتْحِ يَتَعَلَّقُ بِمُسَوَّغٍ أَيْ يَسُوغُ لِلْمُعْمَرِ بَيْعُ الْعُمْرَى وَالْمُشْتَرِي لَهَا هُوَ الْمُعْمِرُ بِالْكَسْرِ أَوْ وَارِثُهُ

وَغَلَّةٌ لِلْحَيَوَانِ إنْ تُهَبْ

فَمِنْحَةٌ تُدْعَى وَلَيْسَتْ تُجْتَنَبْ

وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ هِيَ الْإِخْدَامُ

وَالْحَوْزُ فِيهِمَا لَهُ الْتِزَامُ

حَيَاةَ مُخْدَمٍ أَوْ الْمَمْنُوحِ

أَوْ أَمَدًا عُيِّنَ بِالتَّصْرِيحِ

قَالَ الْإِمَامُ الْحَطَّابُ فِي تَأْلِيفِهِ الْمُسَمَّى بِتَحْرِيرِ الْكَلَامِ فِي مَسَائِلِ الِالْتِزَامِ: مَا نَصُّهُ الْبَابُ الْأَوَّلُ: وَفِي الِالْتِزَامِ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّقٍ وَهُوَ إلْزَامُ الشَّخْصِ نَفْسَهُ شَيْئًا مِنْ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ عَلَى شَيْءٍ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَالْحَبْسُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْعُمْرَى وَالْعَرِيَّةُ وَالْمِنْحَةُ وَالْإِرْفَاقُ وَالْإِخْدَامُ وَالْإِسْكَانُ وَالنَّذْرُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَلَّقٍ وَالضَّمَانُ وَالِالْتِزَامُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ أَعْنِي بِلَفْظِ الِالْتِزَامِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْحَقَائِقِ

وَإِنَّمَا هُوَ بِأُمُورٍ اعْتِبَارِيَّةٍ اعْتَبَرَهَا الْفُقَهَاءُ فِي كُلِّ بَابٍ فَخَصُّوا الصَّدَقَةَ وَالْهِبَةَ بِتَمْلِيكِ الرِّقَابِ، وَجَعَلُوا الْأُولَى: فِيمَا كَانَ لِقَصْدِ الثَّوَابِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً، وَالثَّانِيَةَ: فِيمَا كَانَ لِقَصْدِ ثَوَابٍ مِنْ الْمُعْطِي أَوْ لِوَجْهِ الْمُعْطَى لِصَدَاقَةٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَخَصَّ الْحَبْسَ وَمَا بَعْدَهُ إلَى الْإِسْكَانِ بِإِعْطَاءِ الْمَنْفَعَةِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّأْبِيدِ، فَهُوَ الْحَبْسُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُعْطَى، فَهُوَ الْعُمْرَى، وَإِنْ كَانَ مُحَدَّدًا بِمُدَّةٍ أَوْ غَيْرَ مُحَدَّدٍ فَهُوَ الْعَارِيَّةُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَقَارٍ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْإِسْكَانُ.

وَإِنْ كَانَ فِي ثَمَرَةٍ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْعَرِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ فِي غَلَّةِ حَيَوَانٍ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْمِنْحَةُ، وَإِنْ كَانَ فِي خِدْمَةِ عَبْدٍ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْإِخْدَامُ، وَإِنْ كَانَ فِي مَنَافِعَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَقَارِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْإِرْفَاقُ، وَخَصُّوا الضَّمَانَ بِالْتِزَامِ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ لَهُ، أَوْ الْتِزَامِ إحْضَارِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لِمَنْ هُوَ لَهُ، وَخَصُّوا النَّذْرَ الْمُطْلَقَ بِالْتِزَامِ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ، وَالِالْتِزَامَ الْأَخَصَّ بِمَا كَانَ بِلَفْظِ الِالْتِزَامِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُخْرِجُ الْعِدَةَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ لِأَنَّهَا الْتِزَامٌ فِيهَا اهـ.

وَفِيهِ بَيَانُ الِاصْطِلَاحِ فِي مُسَمَّى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَأَخْبَرَ النَّاظِمُ رحمه الله أَنَّ هِبَةَ غَلَّةِ الْحَيَوَانِ كَالرُّكُوبِ وَاللَّبَنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ تُسَمَّى مِنْحَةً، وَهِيَ جَائِزَةٌ أَوْ مَنْدُوبَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَا يُجْتَنَبُ، وَأَنَّ هِبَةَ خِدْمَةِ الْعَبْدِ تُسَمَّى الْإِخْدَامَ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ طُولَ حَيَاةِ الْمَمْنُوحِ أَوْ الْمُخْدَمِ أَوْ تَوْفِيَتِهِ بِأَجَلٍ مَحْدُودٍ مِنْ الْمُعْطِي، وَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ الْحَوْزِ عَلَى قَاعِدَةِ كُلُّ مَا يُعْطَى بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَحَوْزُهُمَا بِحَوْزِ الْحَيَوَانِ الْمَمْنُوحِ غَلَّتُهُ، وَحَوْزِ الْعَبْدِ الْمَبْذُولِ خِدْمَتُهُ (قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) : وَالْمِنْحَةُ هِيَ هِبَةُ غَلَّةِ الْحَيَوَانِ، وَالْإِخْدَامُ. هِبَةُ خِدْمَةِ الْعَبْدِ

قَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ الْحِيَازَةِ فِي الْمِنْحَةِ وَالْإِخْدَامِ، وَإِلَّا بَطَلَا، وَفِي (الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) ، فَإِنْ مَاتَ الْمُخْدَمُ وَالْخِدْمَةُ لِأَمَدٍ مَعْلُومٍ وَرِثَ وَرَثَةُ الَّذِي لَهُ الْخِدْمَةُ بَقِيَّةَ الْأَمَدِ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ حَيَاةَ الْمُخْدَمِ لَمْ يَرِثْ وَرَثَتُهُ ذَلِكَ عَنْهُ، وَرَجَعَ الْعَبْدُ إلَى رَبِّهِ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَهُ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ فِيهِ اهـ.

وَقَوْلُهُ: حَيَاةَ مُخْدَمٍ بِالنَّصْبِ ظَرْفٌ لِلْإِخْدَامِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمَمْنُوحِ: عَطْفٌ عَلَى مُخْدَمٍ مَدْخُولٍ لِحَيَاةٍ أَيْ حَيَاةِ الْمَمْنُوحِ: ظَرْفٌ لِمِنْحَةٍ وَقَوْلُهُ: وَأَمَدًا: بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى " حَيَاةَ "

وَأُجْرَةُ الرَّاعِي لِمَا قَدْ مَنَحَا

عَلَى الَّذِي بِمَنْحِهِ قَدْ سَمَحَا

وَجَائِزٌ لِمَانِحٍ فِيهَا الشِّرَا

بِمَا يَرَى نَاجِزًا أَوْ مُؤَخَّرًا

يَعْنِي أَنَّ أُجْرَةَ الرَّاعِي الَّذِي يَرْعَى الْحَيَوَانَ الْمَمْنُوحَ غَلَّتُهُ تَكُونُ عَلَى الْمَانِحِ الَّذِي سَمَحَ بِهِبَتِهَا لَا عَلَى الْمَمْنُوحِ، وَيَجُوزُ لِلْمَانِحِ شِرَاءُ مِنْحَتِهِ مِنْ الْمَمْنُوحِ بِمَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْ نَاجِزٍ، أَوْ مُؤَخَّرٍ كَمَا سَبَقَ فِي الْعُمْرَى (قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) وَالرِّعَايَةُ: عَلَى رَبِّ الْمِنْحَةِ وَلِصَاحِبِ الْمِنْحَةِ أَنْ يَبْتَاعَهَا مِنْ الْمَمْنُوحِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ حَالًا، وَيَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ مِنْحَتِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ الدَّنَانِيرِ

ص: 162