الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَدْرُ دَيْنِهِ فَأَكْثَرَ لَمْ يُقْسَمْ، فَلِرَبِّهِ الْقِيَامُ بِدَيْنِهِ، وَيَقْضِي لَهُ بِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّ سُكُوتَهُ وَقْتَ قَسْمِ مَا قُسِمَ لَمْ يَكُنْ إسْقَاطًا لِحَقِّهِ، وَلَا تَرْكًا يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ يَمِينٍ أُخْرَى وَهِيَ يَمِينُ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، وَلَا تَرَكَهُ وَلَا أَحَالَ عَلَيْهِ لِوُجُوبِهَا عَلَى مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ صَغِيرٍ وَنَحْوِهِمْ، ثُمَّ يَقْتَضِي دَيْنَهُ مِمَّا لَمْ يُقْسَمْ مِنْ التَّرِكَةِ. وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْقَسْمَ وَقَسَمَ جَمِيعَ التَّرِكَةِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَلَا قِيَامَ لَهُ يَعْنِي إلَّا أَنْ يَكُونَ سُكُوتُهُ لِأَمْرٍ كَمَا يَأْتِي قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: قِيلَ لِعِيسَى: فَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ فَاقْتَسَمَ وَرَثَتُهُ مَالَهُ وَرَجُلٌ حَاضِرٌ يَنْظُرُ إلَى قِسْمَتِهِمْ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِذِكْرِ حَقٍّ قَالَ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ وَهُوَ يَدَّعِي حَقَّهُ عِنْدَمَا يَحْدُثُ فِيهِ هَذَا الْإِحْدَاثُ، وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ مُدَّعِيًا بِحَقِّهِ أَوْ يَكُونُ غَائِبًا أَوْ يَكُونُ لَهُمْ سُلْطَانٌ يَمْتَنِعُونَ بِهِ، وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا يُعْذَرُ بِهِ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ أَبَدًا، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ إذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ بَعْضِ مَا وَصَفْنَا انْتَهَى عَلَى نَقْلِ الشَّارِحِ وَنُقِلَ. وَالْمَسْأَلَةُ آخِرَ مَجَالِسِ الْمِكْنَاسِيِّ.
وَقَالَ: لَا شَيْءَ لَهُ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا سَكَتُّ لِأَنَّ الرَّسْمَ كَانَ غَائِبًا عَنِّي، وَخِفْتُ إذَا طَلَبْتُ دَيْنِي عَجَّزَنِي الْقَاضِي، أَوْ قَالَ لَمْ أَجِدْ مَا أَقُومُ بِهِ حَتَّى الْآنَ فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ:" قَدْرِ دَيْنِهِ " أَنَّهُ إنْ بَقِيَ مَا لَا يَفِي إلَّا بِبَعْضِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي ذَلِكَ الْبَعْضَ، وَيُسْقِطُ الْبَاقِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَضْغُوطِ وَمَا أَشْبَهَهُ]
ُ
وَمَنْ يَبِعْ فِي غَيْرِ حَقٍّ شَرْعِي
…
بِالْقَهْرِ مَالًا تَحْتَ ضَغْطٍ مَرْعِي
فَالْبَيْعُ إنْ وَقَعَ مَرْدُودٌ وَمَنْ
…
بَاعَ يَجُوزُ الْمُشْتَرَى دُونَ ثَمَنْ
الْمَضْغُوطُ هُوَ الْمُكْرَهُ الْمُضَيَّقُ عَلَيْهِ (قَالَ فِي الْقَامُوسِ) الضُّغْطَةُ بِالضَّمِّ: الضِّيقُ، وَالشِّدَّةُ وَالْإِكْرَاهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ، وَضُيِّقَ عَلَيْهِ، وَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ أَصْلًا كَانَ أَوْ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ عَبَّرَ النَّاظِمُ بِالْمَالِ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: مَالًا هُوَ مَفْعُولُ يَبِعْ، وَكَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ لِغَيْرِ حَقٍّ شَرْعِيٍّ وَضَغْطُهُ مُرَاعَى شَرْعًا لِكَوْنِهِ مَخُوفًا مُضِرًّا كَالْقَتْلِ، وَالضَّرْبِ، وَالسَّجْنِ، وَالصَّفْعِ لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَحْضَرِ النَّاسِ، وَقَتْلِ الْوَلَدِ، وَأَخْذِ الْمَالِ لَا سِيَّمَا إنْ كَثُرَ. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْإِهَانَةُ الْمُلْزِمَةُ لِمَنْ لَا تَلِيقُ بِهِ إكْرَاهٌ. فَكَيْفَ بِالضَّرْبِ وَالْإِيلَامِ؟
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ: وَالسَّجْنُ بِمُجَرَّدِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إكْرَاهٌ، فَكَيْفَ بِمَا وَصَفْتُ مِنْ الْإِخَافَةِ وَالثِّقَافِ فِي الْحَدِيدِ. فَإِنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ مَفْسُوخٌ، مَرْدُودٌ شَرْعًا. وَالْبَائِعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَأْخُذُ شَيْأَهُ أَيْنَ وَجَدَهُ بِلَا ثَمَنٍ يَلْزَمُهُ فِيهِ. عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ يَأْتِي قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَإِنَّمَا كَانَ بَيْعُهُ مَفْسُوخًا؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ لُزُومِ الْبَيْعِ كَوْنَ عَاقِدِهِ مُكَلَّفًا. وَالْمُكْرَهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عَلَى الصَّحِيحِ فَبَيْعُهُ غَيْرُ لَازِمٍ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي غَيْرِ حَقٍّ شَرْعِيٍّ إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ فِي حَقٍّ شَرْعِيٍّ، كَجَبْرِ الْقَاضِي الْمُفْلِسَ عَلَى الْبَيْعِ لِقَضَاءِ غُرَمَائِهِ، وَجَبْرِ الْمَدِينِ غَيْرِ الْمُفْلِسِ لِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَبَيْعُهُ مَاضٍ وَلَا يُرَدُّ إلَيْهِ شَيْؤُهُ، وَلَوْ بَاعَهُ تَحْتَ الضَّغْطِ، وَالْإِكْرَاهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ اضْطَرَّتْهُ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ لِبَيْعِ شَيْئِهِ فَلَا بَأْسَ بِالشِّرَاءِ مِنْهُ. وَبَيْعُهُ مَاضٍ لَا يُرَدُّ. وَمَفْهُومُ وَصْفِ الضَّغْطِ بِكَوْنِهِ مَرْعِيًّا أَنَّ الضَّغْطَ غَيْرَ الْمَرْعِيِّ شَرْعًا لَا عِبْرَةَ بِهِ وَهُوَ كَالْعَدَمِ، وَذَلِكَ كَالْحَيَاءِ وَالْخَوْفِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ. أَوْ عَلَى مَالٍ تَافِهٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
وَمَا ذَكَرَ النَّاظِمُ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ وَرَدِّ الْمَبِيعِ لِرَبِّهِ هُوَ عَامٌّ سَوَاءٌ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى إعْطَاءِ مَالٍ ظُلْمًا فَبَاعَ لِذَلِكَ. وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ لَفْظِهِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَهُوَ التَّكْلِيفُ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَمَا تَقَدَّمَ
(قَالَ الْحَطَّابُ) وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْبَيْعُ بِإِجْمَاعٍ، وَأَمَّا مَنْ أُكْرِهَ عَلَى دَفْعِ مَالٍ، فَبَاعَ لِذَلِكَ فَفِيهِ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنْ لَا يَلْزَمُهُ. وَقَالَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: بَيْعُهُ لَازِمٌ غَيْرُ مَفْسُوخٍ. قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ
(التَّوْضِيحُ) وَالْمَذْهَبُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى مَالٍ فَيَبِيعُ
لِذَلِكَ انْتَهَى كَلَامُ الْحَطَّابِ وَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ مِنْ كَوْنِ الْبَائِعِ يَأْخُذُ مَا بَاعَ بِلَا ثَمَنٍ قَالَ الْحَطَّابُ إنَّمَا هُوَ إذَا أُكْرِهَ عَلَى دَفْعِ مَالٍ ظُلْمًا، فَبَاعَ مَتَاعَهُ لِذَلِكَ، فَيُرَدُّ إلَيْهِ مَتَاعُهُ بِلَا ثَمَنٍ؛ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّ الْمَضْغُوطَ صَرَفَ الثَّمَنَ فِي مَصَالِحِهِ، وَأَمَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ فَقَطْ. فَلَهُ إجَازَةُ الْبَيْعِ، وَلَهُ رَدُّهُ. فَإِنْ رَدَّ الْبَيْعَ. رَدَّ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهِ. قَالَهُ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ مِنْ النَّوَادِرِ. وَقَالَ فِي الْبَيَانِ: سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ مَضْغُوطٌ أَيْ عَلَى إعْطَاءِ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ.
وَسَوَاءٌ وَصَلَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُبْتَاعِ إلَى الْمَضْغُوطِ فَدَفَعَهُ الْمَضْغُوطُ إلَى الظَّالِمِ، أَوْ جَهِلَ هَلْ دَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ أَدْخَلَهُ فِي مَنَافِعِهِ؟ أَوْ كَانَ الظَّالِمُ هُوَ الَّذِي تَوَلَّى قَبْضَهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ، فَلِلْمَضْغُوطِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَضْغُوطِ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْمَضْغُوطِ عَلَى الظَّالِمِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْبَائِعَ أَدْخَلَ الثَّمَنَ فِي مَنَافِعِهِ، وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الظَّالِمِ فَلَا يَكُونُ لَهُ إلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي. قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَحَكَاهُ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ وَذَهَبَ سَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَضْغُوطُ هُوَ الْبَائِعُ الْقَابِضُ لِلثَّمَنِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى مَا بَاعَ إلَّا بَعْدَ غُرْمِ الثَّمَنِ وَحَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: بَيْعُهُ لَازِمٌ لَهُ غَيْرُ مَفْسُوخٍ عَنْهُ، وَهُوَ أَجْرٌ يُؤْجَرُ بِهِ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ إيَّاهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْقَذَهُ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ الْعَذَابِ انْتَهَى مِنْ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السُّلْطَانِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَطَّابِ
(تَنْبِيهٌ) مَا تَقَدَّمَ فِي نَقْلِ الْحَطَّابِ عَنْ الْبَيَانِ مِنْ الْمُكْرَهِ عَلَى إعْطَاءِ مَالٍ ظُلْمًا، يَأْخُذُ شَيْأَهُ بِلَا ثَمَنٍ، سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ بِالضَّغْطِ أَمْ لَا وَنَقَلَ الشَّارِحُ مِثْلَهُ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ آخِرًا مِنْ كَوْنِهِ إنَّمَا يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالضَّغْطِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَالِمِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا بِثَمَنٍ وَلَفْظُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَضْغُوطِ بِضَغْطَتِهِ فِي كَوْنِهِ يَأْخُذُ مِلْكَهُ مِنْهُ دُونَ ثَمَنٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالضَّغْطَةِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا بِالثَّمَنِ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ كَلَامِ الشَّيْخِ رحمه الله بِهِ، اهـ وَنَحْوُهُ نَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ سَحْنُونٍ قَالَ: مَنْ أُكْرِهَ عَلَى إعْطَاءِ مَالٍ ظُلْمًا فَبَيْعُهُ لِذَلِكَ بَيْعُ مُكْرَهٍ، وَلِرَبِّ الْمَبِيعِ أَخْذُهُ بِلَا ثَمَنٍ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِضَغْطِهِ، وَإِلَّا فَبِالثَّمَنِ رَوَى مُطَرِّفٌ: يَتْبَعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ الظَّالِمَ دَفَعَهُ هُوَ لَهُ، أَوْ الْبَائِعُ.
وَلَوْ قَبَضَهُ وَكِيلُ الظَّالِمِ تَبِعَ أَيَّهُمَا شَاءَ فَقَالَ مُطَرِّفٌ: فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ مَا فَعَلْتُهُ إلَّا خَوْفًا مِنْ الظَّالِمِ لَمْ يُعْذَرْ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: إذَا وَقَعَ مَغْرَمٌ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ، وَأَسْلَمَ لَهُمْ الدَّرَاهِمَ عَلَى الزَّيْتُونِ وَغَيْرِهِ، وَثَبَتَ أَنَّ أَهْلَ الْقَرْيَةِ مَضْغُوطُونَ، فَمَنْ أَسْلَمَ إلَيْهِمْ فَلَا دَرَاهِمَ لَهُ وَلَا زَيْتُونَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ أَخَذَهَا السُّلْطَانُ بِأَعْيَانِهَا اهـ (الْمَوَّاقُ) اُنْظُرْ ظَاهِرَهُ.
وَلَوْ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ أَرْبَابُ الزَّيْتُونِ خِلَافَ مَا لِسَحْنُونٍ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ، وَاَلَّذِي صَدَرَ بِهِ الْحُكْمُ فِي زَمَانِنَا أَنَّ الْمَضْغُوطَ إذَا تَوَلَّى قَبْضَ الثَّمَنِ، لَا يَأْخُذُ شَيْأَهُ حَتَّى يَرُدَّ الثَّمَنَ وَهَذَا هُوَ الْبَيِّنُ
(فُرُوعٌ. الْأَوَّلُ) مَا قَاطَعَ بِهِ الْمَضْغُوطُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْمَالِ وَأَشْهَدَ بِالْبَعْضِ الضَّامِنِينَ مِنْ التَّوْكِيلِ عَلَى بَيْعِ أَمْلَاكِهِ فِيمَا ضَمِنُوا عَنْهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ، وَلَا جَائِزٌ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْهَدَ بِهِ بَعْدَ تَسْرِيحِهِ مِنْ ارْتِجَاعِ أَمْلَاكِهِ مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَتَصْيِيرِهَا إلَى الضَّامِنِينَ فِيمَا ضَمِنُوا عَنْهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ ثَابِتٌ لَا يَجُوزُ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِكْرَاهِ الْمُتَقَدِّمِ. نَقَلَهُ الشَّارِحُ
(الثَّانِي) قَالَ الشَّارِحُ: وَحُكْمُ الضَّغْطِ مُنْسَحِبٌ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ تَرَاخَى الْبَيْعُ عَنْ وَقْتِهِ بِالشَّهْرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا. اُنْظُرْ تَمَامَ كَلَامِهِ.
(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَبَيْعُ قَرِيبِ الْمَضْغُوطِ لِفِكَاكِهِ مِنْ عَذَابٍ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَقَرِيبِهِ لَازِمٌ اهـ يُرِيدُ مَتَاعَ نَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، قَائِلًا: لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يُضْغَطُوا، وَلَوْ لَمْ يَبِيعُوا مَتَاعَهُمْ، لَمْ يُطْلَبُوا اهـ. وَهَذَا فِي غَيْرِ الْأَبِ، وَأَمَّا الْأَبُ إذَا عُذِّبَ وَلَدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ إنَّهُ مِنْ الْإِكْرَاهِ.
(الرَّابِعُ) شَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى بَيْعِ الْمُكْرَهِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِيهَا نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَخَافُوا عَلَيْهِ فَهَذَا وَجْهٌ لَكِنَّ حَقَّهُمْ أَنْ يَذْكُرُوا، وَإِنْ لَمْ يَخَافُوا عَلَيْهِ، فَالصَّوَابُ أَنْ لَا يَشْهَدُوا مِثْلَ هَذَا؛