المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب العتق وما يتصل به] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَمَا يُمَثِّلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَضْغُوطِ وَمَا أَشْبَهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَبْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُعَاوَضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّوْلِيَةِ وَالتَّصْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْكِرَاءِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفِي الْجَائِحَةِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مِنْ الْكِرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ وَالسُّفُنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجُعْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِرَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاعْتِصَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُمْرَى وَمَا يَلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْحَوْزِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْأُمَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ]

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ فِي الرُّشْدِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَالْحَجْرِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّيْنِ وَالْفَلَسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ مَا يَجْرِي مَجْرَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمِدْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَلَسِ]

- ‌[بَابٌ فِي الضَّرَرِ وَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ضَرَرِ الْأَشْجَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُسْقِطِ الْقِيَامِ بِالضَّرَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاغْتِصَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجِرَاحَاتِ]

- ‌[بَابُ التَّوَارُثِ وَالْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْوَارِثِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَحْوَالِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْإِرْثُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَالَاتِ وُجُوبِ الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ وَأُصُولِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ إلَى فَرْضٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ لِلتَّعْصِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَانِعَ الْمِيرَاثِ]

الفصل: ‌[باب العتق وما يتصل به]

أَجَلِهِ، وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ الْعُرُوضَ، وَالطَّعَامَ مِنْ قَرْضٍ لَا مِنْ بَيْعٍ. اهـ.

فَقَوْلُ النَّاظِمِ: وَإِنْ رَأَى مُسَلِّفٌ تَعْجِيلَهُ يَشْمَلُ الْعَيْنَ وَالْعَرْضَ وَالطَّعَامَ الْحُكْمُ فِي الْقَرْضِ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الْعَيْنُ مِنْ غَيْرِهَا فِي الْبَيْعِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْعِتْقِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

بَابُ الْعِتْقِ (تَعْرِيفُهُ) وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ الْعِتْقِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ رَفْعُ مِلْكٍ حَقِيقِيٍّ لَا بِسِبَاءٍ مُحَرَّمٍ عَنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ، فَقَوْلُهُ رَفْعُ مِلْكٍ الرَّفْعُ هُوَ إزَالَةُ أَمْرٍ مُتَقَرِّرٍ ثُبُوتُهُ، وَأَخْرَجَ بِالْمِلْكِ رَفْعَ غَيْرِ الْمِلْكِ كَرَفْعِ الْحُكْمِ بِالنَّسْخِ، وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ حَقِيقِيٍّ اسْتِحْقَاقَ عَبْدٍ بِحُرِّيَّةٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ بِحُرِّيَّةٍ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا حَقِيقَةً ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا، وَقَوْلُهُ لَا بِسِبَاءٍ مُحَرَّمٍ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ بِغَيْرِ سِبَاءٍ لَا بِسِبَاءٍ، وَأَخْرَجَ بِهِ فِدَاءَ الْمُسْلِمِ مِنْ حَرْبِيٍّ سَبَاهُ، وَكَذَلِكَ مِمَّنْ صَارَ لَهُ مِنْ حَرْبِيٍّ، وَقَوْلُهُ عَنْ آدَمِيٍّ مُتَعَلِّقٌ بِرَفْعُ (قَالَ الرَّصَّاعُ) قَالَ الشَّيْخُ الْأَبِيُّ تِلْمِيذُ الشَّيْخِ: لَا يُقَالُ: الْحَدُّ غَيْرُ مَانِعٍ لِصِدْقِهِ عَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ وَهِبَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ إنَّمَا هِيَ نَقْلُ مِلْكٍ لَا رَفْعُهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ ذَهَابَهُ وَنَقْلُهُ يَقْتَضِي وُجُودَهُ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مَحَلِّهِ وَالْبَيْعُ وَمَا شَابَهَهُ مِنْ الثَّانِي لَا مِنْ الْأَوَّلِ، وَالْمُرَادُ بِالْآدَمِيِّ: الْجِنْسُ فَيَصْدُقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَوَصَفَهُ بِحَيٍّ؛ لِيُخْرِجَ بِهِ مَنْ ارْتَفَعَ الْمِلْكُ عَنْهُ بِالْمَوْتِ. انْتَهَى بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ.

وَلَعَلَّهُ يَعْنِي بِمَا يَتَّصِلُ بِالْعِتْقِ اخْتِلَافُ الْعَبْدِ وَالسَّيِّدِ فِي قَدْرِ مَالِ الْكِتَابَةِ أَوْ فِي الْمَقْبُوضِ مِنْهُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ كَجِنْسِهِ وَأَجَلِهِ وَعَدَمِ لُزُومِ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْعِتْقُ بِالتَّدْبِيرِ وَالْوَصَاةِ

وَبِالْكِتَابَةِ وَبِالْبَتَاتِ

وَلَيْسَ فِي التَّدْبِيرِ وَالتَّبْتِيلِ

إلَى الرُّجُوعِ بُعْدٌ مِنْ سَبِيلِ

وَالْعِتْقُ بِالْمَالِ هُوَ الْمُكَاتَبَهْ

وَمَالَهُ بِالْجَبْرِ مِنْ مُطَالَبَهْ

أَخْبَرَ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعِتْقَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ التَّدْبِيرُ، وَهُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ كَقَوْلِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي أَوْ دَبَّرْتُكَ أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِالتَّدْبِيرِ، أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي لَا يُغَيِّرُ عَنْ حَالَةٍ.

(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَيُّ التَّدْبِيرِ عِنْدَ مَالِكٍ فَقَالَ: إيجَابٌ يُوجِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ، وَفِيهِ قُلْت: لَهُ أَرَأَيْت إنْ قَالَ رَجُلٌ فِي صِحَّتِهِ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أَمُوتُ، فَقَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَهُ؟ فَقَالَ: يُسْأَلُ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ، فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ التَّدْبِيرَ مُنِعَ

ص: 197

مِنْ بَيْعِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهِيَ وَصِيَّةٌ أَبَدًا حَتَّى يُرِيدَ التَّدْبِيرَ.

(قَالَ سَحْنُونٌ) : وَكَانَ أَشْهَبُ يَقُولُ: إذَا قَالَ: مِثْلَ هَذَا فِي صِحَّتِهِ فِي غَيْرِ إحْدَاثِ وَصِيَّةٍ بِسَفَرٍ، فَهُوَ تَدْبِيرٌ (ابْنُ الْحَاجِبِ) ، وَأَمَّا إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ مِنْ سَفَرِي هَذَا، فَوَصِيَّةٌ لَا تَدْبِيرٌ (التَّوْضِيحُ) ، وَإِنَّمَا كَانَتْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ إنْ لَمْ يَمُتْ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ، فَكَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً صَارِفَةً عَنْ التَّدْبِيرِ إذْ التَّدْبِيرُ لَا رُجُوعَ فِيهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، لَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: أَنَّ ذَلِكَ تَدْبِيرًا. اهـ.

نَقَلَ مَا قَبْلَهُ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي لِيَوْمٍ أَوْ لِشَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ، وَيَلْحَقُهُ الدَّيْنُ قَالُوا: وَهَذَا وَصِيَّةٌ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ التَّدْبِيرَ بِكَوْنِهِ لَيْسَ مُعَلَّقًا عَلَى الْمَوْتِ قَرِينَةٌ فِي إرَادَةِ الْوَصِيَّةِ. اهـ.

وَقَالَ قَبْلَهُ أَيْضًا: لَمَّا ذَكَرَ صِيَغَ التَّدْبِيرِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ مَا نَصُّهُ نَعَمْ قَدْ يَخْرُجُ عَنْ الصِّيَغِ إلَى الْوَصِيَّةِ بِالْقَرِينَةِ كَقَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي مَا لَمْ أُغَيِّرْ ذَلِكَ وَأَرْجِعْ عَنْهُ، أَوْ أَفْسَخْهُ، كَمَا أَنَّ صَرِيحَ الْوَصِيَّةِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ التَّدْبِيرِ انْتَقَلَ إلَى حُكْمِهِ، كَقَوْلِهِ إذَا مِتُّ فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ، لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ أَوْ لَا مَرْجِعَ لِي فِيهِ، فَهَذَا لَهُ حُكْمُ التَّدْبِيرِ حَكَاهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ أَوْجُهِ الْعِتْقِ الْعِتْقُ بِالْوَصِيَّةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْوَصَاةُ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ الْوَصِيَّةُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ: وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: إنْ قَدَّرَ اللَّهُ بِمَوْتِي فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ أَوْ أَعْتِقُوهُ أَوْ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا، أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَنَحْوُهُ الْوَجْهُ الثَّالِثُ: الْعِتْقُ بِالْكِتَابَةِ وَهُوَ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ يُعْطِيهِ الْعَبْدُ مَوْقُوفًا عِتْقُهُ عَلَى أَدَائِهِ، وَقَدْ فَسَّرَهُ النَّاظِمُ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ: وَالْعِتْقُ بِالْمَالِ هُوَ الْمُكَاتَبَةُ.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : سُمِّيَتْ كِتَابَةً مَصْدَرُ كَتَبَ؛ لِأَنَّهُ يَكْتُبُ عَلَى نَفْسِهِ لِمَوْلَاهُ ثَمَنُهُ، وَيَكْتُبُ مَوْلَاهُ عَلَيْهِ الْعِتْقَ، ثُمَّ قَالَ: وَخُصَّ الْعَبْدُ بِاسْمِ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمُكَاتَبَةِ مِنْ السَّيِّدِ، وَهُوَ الَّذِي يُكَاتِبُ عَبْدَهُ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: الْعِتْقُ النَّاجِزُ وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالْبَتَاتِ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُعْتَقٌ (ابْنُ الْحَاجِبِ) الصِّيغَةُ الصَّرِيحُ كَالتَّحْرِيرِ وَالْإِعْتَاقِ وَفَكِّ الرَّقَبَةِ، (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ اللَّفْظَ عَنْ إرَادَةِ الْعِتْقِ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ عَجِبَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ: مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ أَوْ قَالَ لَهُ: تَعَالَ يَا حُرُّ وَلَمْ يُرِدْ الْحُرِّيَّةَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّك تَعْصِينِي، فَأَنْتَ فِي مَعْصِيَتِك إيَّايَ كَالْحُرِّ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا، وَلَا فِي الْقَضَاءِ. اهـ.

ثُمَّ أَخْبَرَ الْبَيْتُ الثَّانِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى وَجْهِ التَّدْبِيرِ أَوْ التَّبْتِيلِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الرَّابِعُ الْمُعَبِّرُ عَنْهُ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ بِالْبَتَاتِ، ثُمَّ نَدِمَ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ

ص: 198

فِي ذَلِكَ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ، وَمَا عَقَدَهُ فِيهِ لَازِمٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعِتْقِ عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ، فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّدْبِيرِ حَتَّى لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ، وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا مَا نَقَلَهُ السَّبْتَانِيُّ فِي شَرْحِ التِّلْمِسَانِيَّة وَنَصُّهُ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي وَصَايَا الْمُقَدِّمَاتِ الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ عِدَةٌ وَلِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا إنْ شَاءَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ، وَقَالَ فِي الْمُدَبَّرِ: مِنْهَا الْفَرْقُ بَيْنَ التَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ أَنَّ التَّدْبِيرَ عِتْقٌ أَوَجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِعَبْدِهِ إلَى أَجَلٍ آتٍ لَا مَحَالَةَ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ بِقَوْلٍ وَلَا بِفِعْلٍ كَالْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَاحْتِمَالُ الثُّلُثِ لَهُ بِعَقْدِ السَّيِّدِ الْعِتْقُ لَهُ، كَمَا يَقَعُ عَلَى الْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ لَمْ يَعْقِدْ السَّيِّدُ لَهُ عَقْدَ عِتْقٍ فِي حَيَاتِهِ، وَإِنَّمَا أَمَرَ أَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَالْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ الْمُوصَى إلَيْهِ، فَهُوَ كَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ فُلَانًا أَوْ يَهَبُهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ بِمَا شَاءَ مِنْ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ مَا لَمْ يَعْقِدْ الْوَكِيلُ مَا أَمَرَ بِهِ. اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَالْعِتْقُ بِالْمَالِ هُوَ الْمُكَاتَبَةُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَمَالَهُ بِالْجَبْرِ مِنْ مُطَالَبَهْ، فَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَلَا لِلْعَبْدِ أَنْ يُجْبِرَ سَيِّدَهُ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا تَصِحُّ بِرِضَاهُمَا مَعًا فَمَا نَافِيَةٌ، وَضَمِيرُ لَهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِمَا بِاللُّزُومِ، وَإِذًا الْعِتْقُ يَسْتَلْزِمُ مُعْتَقًا وَمُعْتِقًا، وَمِنْ: زَائِدَةٌ بَعْدَ النَّفْيِ لَا تَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ وَمُطَالَبَهْ: مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لَهُ وَبِالْجَبْرِ يَتَعَلَّقُ بِمُطَالَبَهْ أَيْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ مُطَالَبَةُ الْآخَرِ بِالْجَبْرِ عَلَى الْكِتَابَةِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) ، وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى السَّيِّدِ، فَلَا يُجْبَرُ الْعَبْدُ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ.

وَبَعَّدَ كَوْنَهَا غَيْرَ وَاجِبَةٍ عَلَى السَّيِّدِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ: مُبَاحَةٌ حَكَاهُ ابْنُ الْجَلَّابِ عَنْ مَالِكٍ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: غَيْرَ وَاجِبَةٍ عَلَى قَوْلِ الظَّاهِرِيَّةِ بِإِيجَابِهَا لِلْأَمْرِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] وَقَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ الْعَبْدُ عَلَيْهَا عَلَى الْأَصَحِّ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ، وَمُقَابِلُهُ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ وَتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ.

وَمُعْتِقٌ لِلْجُزْءِ مِنْ عَبْدٍ لَهُ

مُطَالَبٌ بِالْحُكْمِ أَنْ يُكَمِّلَهُ

وَحَظُّ مَنْ شَارَكَهُ يُقَوَّمُ

عَلَيْهِ فِي الْيُسْرِ وَعِتْقًا يَلْزَمُ

اشْتَمَلَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ: عَلَى مَنْ لَهُ عَبْدٌ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ فَأَعْتَقَ جُزْءًا مِنْهُ كَثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ، وَكَذَا إنْ أَعْتَقَ عُضْوًا مِنْهُ كَيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ، فَإِنَّ الْعِتْقَ يَسْرِي لِبَاقِيهِ، وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ، فَالْجُزْءُ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ ظَاهِرٌ فِي الْجُزْءِ الْمُشَاعِ كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَلَا يَبْعُدُ شُمُولُهُ لِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ، وَهَلْ تَتَوَقَّفُ السِّرَايَةُ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ؟ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ النَّاظِمِ أَوْ لَا تَتَوَقَّفُ، وَيَكُونُ جَمِيعُهُ حُرًّا بِنَفْسِ عِتْقِ الْجُزْءِ قَوْلَانِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَمَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا أَوْ عُضْوًا مِنْ عَبْدِهِ سَرَى وَفِي وُقُوفِ الْعِتْقِ عَلَى الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ (التَّوْضِيحُ)، قَوْلُهُ: سَرَى عِتْقٌ عَلَيْهِ جَمِيعِهِ، وَالرِّوَايَةُ بِوُقُوفِ السِّرَايَةِ عَلَى الْحُكْمِ.

قَالَ: اللَّخْمِيُّ هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى نَقَلَهَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، ثُمَّ بَحَثَ فِي التَّوْضِيحِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِتَوَقُّفِ السِّرَايَةِ عَلَى الْحُكْمِ لَا سِرَايَةَ، وَأَجَابَ بِأَنَّ السِّرَايَةَ حَاصِلَةٌ عَلَى قَوْلٍ، وَهُوَ عَدَمُ افْتِقَارِهَا لِلْحُكْمِ اُنْظُرْهُ إنْ شِئْت، وَاشْتَمَلَ الْبَيْتُ الثَّانِي عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ يَمْلِكُ جُزْءًا مِنْ عَبْدٍ كَنِصْفٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، فَأَعْتَقَ جُزْأَهُ الَّذِي يَمْلِكُ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ

ص: 199

نَصِيبُ شَرِيكِهِ يَدْفَعُ قِيمَةَ ذَلِكَ النَّصِيبِ لِلشَّرِيكِ، وَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ وَلِتَقْوِيمِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ شُرُوطٌ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا، وَعَلَيْهِ نَبَّهَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: فِي الْيُسْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَاهُ مِنْ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ وَيُسْرُهُ بِأَنْ تَفْضُلَ لَهُ الْقِيمَةُ عَنْ قُوتِهِ الْأَيَّامَ وَكِسْوَةِ ظَهْرٍ كَالْمَدِينِ، وَيُبَاعُ فِي ذَلِكَ مَنْزِلُهُ وَشَوَارِبِيَّتُهُ، وَالْمَرِيضُ فَقِيرٌ إلَّا فِي الثُّلُثِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِالْبَعْضِ سَرَى الْعِتْقُ فِي ذَلِكَ، وَيُشْتَرَطُ مَعَ كَوْنِهِ مُوسِرًا أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَا يُعْتَقُ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَدَفْعِ الْقِيمَةِ عَلَى أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ.

الثَّانِي: أَنْ يَحْصُلَ عِتْقُ الْجُزْءِ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بِسَبَبِهِ فَلَوْ وَرِثَ جُزْءًا مِنْ قَرِيبِهِ لَمْ يَسْرِ، وَلَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ سَرَى.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُبْتَدِي لِتَبْعِيضِ الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا لَمْ يُقَوَّمْ، وَلِذَلِكَ لَوْ كَانُوا جَمَاعَةً، فَالتَّقْوِيمُ عَلَى الْأَوَّلِ، الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا أَوْ الْعَبْدُ مُسْلِمًا، فَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ، فَلَا تَقْوِيمَ، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ ذَكَرهَا ابْنُ الْحَاجِبِ، وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ، فَرَاجِعْهَا فِي التَّوْضِيحِ إنْ شِئْتَ.

(فَرْعٌ) قَدْ يَجْتَمِعُ الْمَسْأَلَتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ فِي الْبَيْتَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، كَمَنْ لَهُ نِصْفُ عَبْدٍ، فَأَعْتَقَ رُبْعَهُ، فَيُكَمَّلُ عَلَيْهِ الرُّبْعُ الْآخَرُ، وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ النِّصْفُ الَّذِي لِشَرِيكِهِ.

وَعِتْقُ مَنْ سَيِّدُهُ يُمَثِّلُ

بِهِ إذَا مَا شَانَهُ يُبَتِّلُ

أَشَارَ بِالْبَيْتِ لِمَسْأَلَةِ قَوْلِهِ فِي الرِّسَالَةِ: وَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ مُثْلَةً بَيِّنَةً مِنْ قَطْعِ جَارِحَةٍ وَنَحْوِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ مَثَّلَ بِرَقِيقَةٍ عَمْدًا مُثْلَةَ شَيْنٍ عَتَقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَطْعُ الْأُنْمُلَةِ وَالظُّفْرِ، وَشَقُّ الْأُذُنِ شَيْنٌ، وَوَسْمُ وَجْهِهِ بِالنَّارِ شَيْنٌ، وَفِي ذِرَاعِهِ وَشِبْهِهِ لَيْسَ بِشَيْنٍ، وَفِي وَشْمِ وَجْهِهِ بِغَيْرِ النَّارِ قَوْلَانِ، وَقَلْعُ الْأَسْنَانِ، وَسَحْلُهَا أَيْ بَرْدُهَا شَيْنٌ، وَفِي السِّنِّ الْوَاحِدَةِ قَوْلَانِ، وَحَلْقُ رَأْسِ الْأَمَةِ، وَلِحْيَةِ الْعَبْدِ لَيْسَ بِشَيْنٍ إلَّا فِي التَّاجِرِ الْمُحْتَرَمِ وَالْأَمَةِ الرَّفِيعَةِ، اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ.

(وَفِي الْمُقَرَّبِ) قَالَ سَحْنُونٌ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت إنْ أَحْرَقَ رَجُلٌ جَسَدَ عَبْدِهِ بِالنَّارِ فَقَالَ: هَذِهِ مُثْلَةٌ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعْذِيبِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ كَوَاهُ عَلَى وَجْهِ الْعِلَاجِ لِلْعَبْدِ، فَلَا عِتْقَ لَهُ.

وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ امْرَأَةٍ كَوَتْ فَرْجَ جَارِيَتِهَا بِالنَّارِ؟ فَقَالَ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّعْذِيبِ لَهَا، فَانْتَشَرَ وَسَاءَ مَنْظَرُهُ أُعْتِقَتْ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَيْبَسْ، وَيَقْبُحْ مَنْظَرُهُ فَلَا عِتْقَ لَهَا.

(قَالَ سَحْنُونٌ) : وَمَنْ مَثَّلَ بِأُمِّ وَلَدِهِ أُعْتِقَتْ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَثَّلَ بِعَبْدٍ لِأُمِّ وَلَدِهِ أَوْ مَثَّلَ بِعَبْدِ عَبْدِهِ أُعْتِقَا عَلَيْهِ. قُلْت لَهُ: فَإِنْ مَثَّلَ بِمُكَاتَبِهِ، مِثْلُ أَنْ يَجْرَحَهُ أَوْ يَقْطَعَ يَدَهُ قَالَ: يُنْظَرُ إلَى جُرْحِهِ أَنْ لَوْ جَرَحَهُ أَجْنَبِيٌّ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْجُرْحِ وَالْكِتَابَةِ سَوَاءً أُعْتِقَ الْعَبْدُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْكِتَابَةِ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ الْفَضْلُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْكِتَابَةِ أُعْتِقَ الْعَبْدُ.

(قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) : وَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِ مُكَاتَبِهِ كَانَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُثْلَةً فَاسِدَةً يَضْمَنُهُ، وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ.

(قَالَ مَالِكٌ) : وَمَنْ خَصَى عَبْدَهُ أُعْتِقَ عَلَيْهِ (قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) : وَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِ ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ أُعْتِقَ وَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ لِوَلَدِهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدَ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ، وَهُوَ مَلِيٌّ جَازَ عِتْقُهُ فِيهِمْ، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُمْ، وَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِ امْرَأَتِهِ عُوقِبَ وَضَمِنَ مَا نَقَصَ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُثْلَةً فَاسِدَةً، فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُمْ، وَيُعْتَقُونَ عَلَيْهِ. اهـ.

وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْعَمْدِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْعِقَابِ، وَأَمَّا الْخَطَأُ، وَمَا قُصِدَ بِهِ الْمُدَاوَاةُ وَالْعِلَاجُ أَوْ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَلَيْسَ بِصَرِيحِهِ مِثْلُ أَنْ يَحْذِفَ بِسَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ، فَيَبِينَ مِنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ عُضْوٌ، فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ.

(وَفِي الْمُقَرَّبِ) قَالَ مَالِكٌ وَمَا أَصَابَ بِهِ الْمَرْءَ عَبْدَهُ عَلَى غَيْرِ تَعَمُّدٍ مِثْلُ أَنْ يَضْرِبَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ فَيَفْقَأُ عَيْنَهُ أَوْ يَكْسِرَ يَدَهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْقَطْعِ وَالشَّلَلِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ. اهـ.

وَهَذَا أَيْضًا إذَا كَانَ الَّذِي مَثَّلَ بِعَبْدِهِ رَشِيدًا لَا حَجْرَ عَلَيْهِ، أَمَّا إنْ كَانَ سَفِيهًا، فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَفِي مُثْلَةِ السَّفِيهِ قَوْلَانِ (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: عَلَيْهِ عِتْقٌ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ وَأَصْبَغَ، وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَانْظُرْ ابْنَ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحَ عَلَى مُثْلَةِ الزَّوْجَةِ لِعَبْدِهَا وَالْعَبْدِ وَالْمِدْيَانِ بِعَبْدَيْهِمَا وَقَوْلُ النَّاظِمِ عِتْقُ هُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَمَنْ: وَاقِعَةٌ

ص: 200

عَلَى الْعَبْدِ، وَيُمَثِّلُ بِتَشْدِيدِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مِنْ الْمُثْلَةِ، وَهِيَ الْعُقُوبَةُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَمَا بَعْدَ إذَا زَائِدَةٌ وَيُبَتِّلُ: خَبَرُ عِتْقُ.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) : لَمْ يُقَيِّدْ النَّاظِمُ الْمُمَثِّلَ بِعَبْدِهِ بِكَوْنِهِ رَشِيدًا مُتَعَمِّدًا، وَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ. (الثَّانِي) : قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ خَوَاصُّ الْعِتْقِ السِّرَايَةُ وَالْعِتْقُ بِالْقَرَابَةِ وَالْمُثْلَةُ، وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيضِ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ وَالْقُرْعَةُ وَالْوَلَاءُ (التَّوْضِيحُ) الْخَاصَّةُ الْوَصْفُ الْمُخْتَصُّ بِالْمَاهِيَّةِ. اهـ.

فَالسِّرَايَةُ فِيمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ أَوْ أَعْتَقَ جُزْءًا لَا يَمْلِكُ مِنْ الْعَبْدِ سَوَاءٌ، وَتَقَدَّمَ هَذَانِ فِي الْبَيْتَيْنِ قَبْل هَذَا الْعِتْقُ بِالْقَرَابَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ النَّاظِمُ، وَقَالَ فِي الرِّسَالَةِ، وَمَنْ مَلَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَ وَلَدِهِ أَوْ إحْدَى بَنَاتِهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ أَوْ أَخَاهُ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ أَوْ لَهُمَا: عَتَقَ عَلَيْهِ وَالْمُثْلَةُ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَأَمَّا الْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْقُرْعَةُ، فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَلَيْسَ الْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيضِ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ خَاصَّةً بِالْعِتْقِ، بَلْ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْقُرْعَةُ تَأْتِي فِي قِسْمَةِ الْمُشْتَرَكِ، وَالْقِسْمَةِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ. اهـ. وَالْقُرْعَةُ فِي الْعِتْقِ هِيَ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا دَفْعَةً فِي مَرَضِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ، وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ أَوْ أَوْصَى بِعَدَدٍ سَمَّاهُ وَعَبِيدُهُ أَكْثَرُ وَالْوَلَاءُ لَا إشْكَالَ إنَّهُ مِنْ خَوَاصِّ الْعِتْقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَرْعٌ) رَوَى سَحْنُونٌ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَطْلُقُ بِمُثْلَةِ الْعِتْقِ طَلْقَةً بَائِنَةً مَخَافَةَ أَنْ يَعُودَ، وَقِيلَ ثَلَاثًا، وَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ.

وَمَنْ بِمَالٍ عِتْقُهُ مُنَجَّمِ

يَكُونُ عَبْدًا مَعْ بَقَاءِ دِرْهَمِ

يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عَلَى مَالٍ مُنَجَّمٍ أَيْ يَدْفَعُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَهُوَ الْمُكَاتَبُ، فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ حُرًّا حَتَّى يَدْفَعَ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ قِنًّا، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ حَتَّى يَدْفَعَهُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (، وَقَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) : عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَمٌ. اهـ. وَمَنْ: مَوْصُولٌ مُبْتَدَأٌ وَصِلَتُهُ عِتْقُهُ بِمَالٍ، وَمُنَجَّمِ: صِفَةُ مَالٍ، وَجُمْلَةُ يَكُونُ عَبْدًا خَبَرُ مَنْ.

وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي مَالٍ حَصَلْ

الْخُلْفُ فِي جِنْسٍ وَقَدْرٍ وَأَجَلْ

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْمُكَاتَبُ وَسَيِّدُهُ، فَادَّعَى الْمُكَاتَبُ أَنَّهُ دَفَعَ لِلسَّيِّدِ الْكِتَابَةَ، وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْكِتَابَةِ وَعَدَمِهَا، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، كَمَا يَأْتِي، وَلَيْسَ هَذَا الْفَرْعُ الثَّانِي فِي كَلَامِ النَّاظِمِ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ أَوْ فِي جِنْسِهِ أَوْ فِي الْأَجَلِ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ الثَّلَاثَةَ أَوْجُهٍ فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ، وَفِي قَدْرِهِ، وَفِي حُلُولِهِ، وَفِي عَدَمِ حُلُولِهِ، هَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ أَيْضًا مَعَ يَمِينِهِ أَوْ قَوْلُ الْعَبْدِ؟ (ابْنُ الْحَاجِبِ) ، وَإِذَا تَنَازَعَا فِي الْكِتَابَةِ وَالْأَدَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ (التَّوْضِيحُ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ السَّيِّدَ كَاتَبَهُ، وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ أَوْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ دَفْعَ الْكِتَابَةِ، وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْكِتَابَةِ وَالْأَدَاءِ

ص: 201