الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشباب إيجابيات وسلبيات نماذج وتوصيات
الخطبة الأولى
(1)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا.
فئة من المجتمع تستحق الرعاية والاهتمام، نسبتها في الإحصاءات عالية، والاهتمام الدولي والمحلي بها ظاهرة، تستحوذ على اهتمام المخططين للمستقبل، بها يقاس قوة المجتمع أو ضعفه طاقتها كبيرة، والمخططات لإصلاحها أو إفسادها كثيرة هذه الفئة لها إيجابيات تستحق الإشادة والمتابعة ولها سلبيات تستوجب النظر والعلاج.
إنهم الشباب (الفتيان والفتيات) لفت القرآن الإشارة إليهما {قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم} وأصحاب الكهف {إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى} .
وجاء في السنة النبوية العناية بهما «وشاب نشأ في طاعة الله» «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج» وفي السيرة النبوية اعتمد النبي صلى الله عليه وسلم على الشباب في الدعوة والهجرة، والجهاد، وتعلم العلم وتعليمه وهل كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إلا شبابًا أحداثًا .. ومصعب بن عمير ومعاذ بن جبل، وعلي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن الزبير، وابن عباس وابن عمر، وخالد بن الوليد، وعكرمة بن أبي جهل نماذج لهؤلاء الشباب وفي مجالات متعددة.
(1) ألقيت هذه الخطبة في 21/ 3/ 1429 هـ
أخوة الإسلام العناية بالشباب عناية بالمجتمع فهم يمثلون (نسبة كبيرة) منه، وفاعلة فيه والالتفات للشباب عناية بالمستقبل، فهؤلاء هم رجالاته وصانعوا تاريخه.
إن المتأمل في وضع الشباب، يرصد إيجابيات تسرُّ وتفرح ومنها الحرص على الصلاة والإقبال على المساجد، والانخراط في حِلَقْ تحفيظ القرآن، والبحث عن السنة ومحاولة الالتزام بها والمشاركة في الدعوة، وطلب العلم، ومحبة العلماء، ومحاولة تقديم النموذج الأمثل للشباب، والبر والصلة، والإحسان والحسبة.
وأيًا ما كان إجادة الشباب أو الشابات في هذه الأمور أو غيرها، أو تقصيرهم .. فالرغبة موجودة والدافع وإن ضعف يقوى، والملاحظات وإن وردت تُعالج، والجميل أن لدى الشباب استعدادًا للتوجيه، وقدرة على تطوير الذات وهذه وتلك تفرح وتسر.
لكن ثمة ما يحزن ويؤلم ويحتاج إلى وعي بالداء ومعرفة بوضع الدواء، وصبر على المتابعة والتربية.
إنها أخطاء يقع فيها الشباب .. ممارسات سلوكية مشينة وفراغ قاتل، وتسكع في الشوارع واعتداء على الآخرين وغيبة في الاستراحات - ولا تسأل عن موائدها - وخروج عن البيت وغيبة عن الأهل لساعات طوال لا يدري الأبوان فضلًا عن الأخوان والأخوات أين يكون هذا الشاب؟
نهم في العكوف على الفضائيات وأي فضائيات - إنها سارقة الدين والخلق، مثيرة الغرائز والفتن.
وانشغال ولساعات طوال في الشبكات العنكبوتية، ولا سيما في مواقع مشبوهة، ومحادثات ودردشات هابطة وإدمان على مشاهدة برامج معينة في ما
يسمى (بالسني) أو ما يسمى بـ (بلي ستيشن) وما فيها من غزو للأفكار والمعتقدات.
ضعف في الدراسة وعقوق للوالدين وانطواء وعزلة عن الأسرة والمجتمع، تهور في القيادة وتسبب في قتل أنفس بريئة .. تهافت على الوجبات السريعة وزهد في طعام الأهل وموائد الأسرة ويسوءك في هذه النوعية من الشباب سهر مفرط - وعلى غير فائدة - بل ربما كان على أمور مشبوهة.
ونوم ولساعات طوال في النهار يفوِّت الصلوات المكتوبة ويكون على حساب العمل أو الدراسة، ويشكل خطرًا يهدد الصحة ويدعو للانطواء والسلبية فماذا ترجوا من شباب يطيل السهر أن يقدم خدمات لأهله وأسرته.
وربما نفعهم البعيد والقريب يغط في نوم عميق؟
والأخطر من ذلك حين يساق الشاب إلى مجتمعات وشلل من الشباب قلَّ دينها، أو يغرر به في الدخول إلى نفق المخدرات والمسكرات إنها خسارة للفرد والمجتمع وخطر وقلق على الأهل ومن سواهم.
وحين يكون الحديث عن الشباب والجوال فالحديث يطول، ومكالمات تحصد الدرهم والدينار وتحصد قبل ذلك المُثُل والأخلاق، ورسائل تُبعث عبر بريد الرسائل يندى لها الجبين، وصور فاخمة يتبادلها الشباب وربما الشابات عبر تقنية البلوتوث أو غيرها وتلك تثير الغرائز وربما كانت سببًا في الوقيعة في المحظور.
ومواعيد تربط عبر الجوال عبر أحداث وربما وقعت في فخهم فتيات أغرار فكانت الفتنة ومن يراقب الجوال؟ وإن شئت أن تقع على الداء فاذهب إلى محلات بيعها لترى معظم نوعية زبائنها؟
يا أيها الشباب وحين تهدى إليكم نصائح فاقبلوها، أو على الأقل تأملوا في جدواها.
إنكم مَعْقِدْ أمل للأهل والمجتمع والدولة والأمة فأين تضعون أنفسكم؟
إن سكرة الشباب قد تلهيكم ولكن النظرة بعمق لمستقبلكم توقظ مشاعركم.
يا أيها الشباب طاقتكم أمانة فارعوها، وصحتكم نعمة فلا تغبنوا فيها وأوقاتكم غالية فإياكم أن تقتلوها، ومعدنكم ومعتقدكم من الأصالة والطيب فإياكم أن تذبحوها على قارعة الطرقات والقنوات.
يا معشر الشباب لن تزول أقدامكم يوم القيامة حتى تُسألوا عن شبابكم وأعماركم فيما أفنيتموها، فأعدوا للسؤال جوابًا يا معشر الشباب أيسركم أن يكون شباب الأمم الأخرى غارقين في الدراسة والبحث، مشاركين في بناء الحضارة، ووضع لبنات المستقبل، وأنتم في لهوكم غافلون وعن تطلعات بلدكم وأمتكم سادرون.
{من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل: 97].
إن العناية بالشباب (فتيان كانوا أم فتيات) ينبغي أن يستحوذ على اهتمام المربين (تعقد له الاجتماعات وتناقش السلبيات والإيجابيات ونخلص إلى توصيات تُتَابع لا تُحفظ.
وعلى رعاية ووقاية الآباء والأمهات فهم أغلى كنز، وأحق من توجه له التربية، زينة في الدنيا، ورصيد بعد الممات، وذكر ومفخرة للأحياء والأموات وعلى الجهات الدعوية والاحتسابية أن تخصهم ببرامج توعية متميزة، وتوضع لهم الدورات والمسابقات، وتدعم بالجوائز والمحفزات .. وليس خسارة ما ينفق على هؤلاء وأولئك وعلى الجهات الأمنية أن تراقب وتتابع، وتشخص المشكلات وتقترح العلاج، وأن تغطي الجوانب التربوية والتوعوية في هذه القطاعات ما عسى الله أن يفتح به على قلوب من بُلي بقضايا أمته تخل بالشرف
والعرض وتخرم المروءة وتهدد المجتمع وعلى القطاعات المعنية بالشباب وسواء كانت رسمية (كرعاية الشباب) أو خيرية كالندوة العالمية للشباب أن تطور في خدماتها، وتوسع دائرة مناشطها، وتسهم بفاعلية في حل مشكلات الشباب واستثمار طاقاتهم بما يفيدهم ويفيد مجتمعهم.
وعلى وسائل الإعلام أن تخصص برامج للشباب وتكون من القوة والجاذبية بحيث تشكل بديلًا نافعًا عن عدد من وسائل الإعلام التي فتنت الشباب أن للكلمة وقعها .. وللحوارات، والمنتديات والقصة والشعر، وغير ذلك من مفردات الإعلام أثر لا يستهان به.
والمهم أن نستشعر جميعًا موقع هؤلاء الشباب ومسئوليتنا تجاههم، ومع ذلك وقبله أن يستشعر الشباب موقعهم ويضعوا أنفسهم في الموقع المناسب لهم.