الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للتقوى والغلبة للمتقين، والذل والصغار على المشركين والمنافقين ..
عباد الله والمسلمون لا تزيدهم هذه الحملات الظالمة إلا تمسكًا بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وثباتًا على الحق، وهم إن دافعوا أو ردوا العدوان فهم إنما يدافعون عن أنفسهم ودينهم ويتعبدون بذلك لخالقهم، لإنهم إن تولوا استبدل الله بهم قومًا غيرهم ثم لا يكونوا أمثالهم.
نعم إن محمدًا صلى الله عليه وسلم في عصمة الله ويكفيه دفاع الله عنه، ودينه سيظهر على الدين كله - ذلك وعد غير مكذوب.
ولكن ما واجبنا نحن المسلمين تجاه هذه الحملات السافرة؟
حين يسب الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصمت إلا أهل الريب ومن في قلوبهم مرض، وخابت أقلام تتوارى حين يكون الدفاع عن الإسلام وعن رسول الإسلام، ولا بارك الله بألسنة تتحدث عن كل شيء إلا عن الإسلام وقضايا المسلمين؟
حين تكون السخرية برسول الله صلى الله عليه وسلم تشكر وتعجب، وتشكر هذه الغيرة والعاطفة الإيمانية، وتعجب إن كان أصحابها لا يلتزمون بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذواتهم وفي كل حين .. إن الانتصار لمحمد صلى الله عليه وسلم يعني أول ما يعني السير على خطاه والاقتداء بهديه في المظهر والمخبر .. ولا ينبغي أن يكون الانتصار عاطفة تفرغ وكفى .. ألا وإن كثرة الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب من أساليب الاستنكار لهذه الحملة الظالمة حين يسب محمد صلى الله عليه وسلم يجدر بالآباء أن يعلموا أبناءهم وبناتهم ما جهلوا من سيرته وهديه، ويجدر بالمعلمين والمعلمات أن يدعوا الطلبة والطالبات للتعرف أكثر على سيرته والالتزام أقوى بهديه وسنته.
وأعمق من ذلك أن تعمق السيرة النبوية في المناهج الدراسية من المراحل الأولى وحتى الجامعية ويجدر بالخطباء وأصحاب المنابر الإعلامية أن يدافعوا عن نبيهم ويدعو إلى هداه.
حين يسب الرسول صلى الله عليه وسلم يجدر بوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية أن تعنى بهذه السيرة العطرة وأن تعرف أكثر بهذا النبي المختار، وأن تعي مسئولية الكلمة ومسئولية البلاغ.
حين يسخر بالنبي صلى الله عليه وسلم خليق بالهيئات والمنظمات الإسلامية والمجامع والندوات والجمعيات والمؤسسات الإسلامية أن تستنكر وتشجب وتزيد في رسم برامج مستقبلية تعرف بالإسلام ونبيه وتكشف عن زيغ الزائغين وترد على المنتحلين حين يسب الرسول حق على السفارات الإسلامية أن تسحب سفراءها من البلاد التي تجرأت على هذه الجريمة النكراء، وتحية لبلادنا (السعودية) حين سحبت سفيرها من الدانمرك ونأمل أن تحذو الدول العربية والإسلامية حذوها.
حين يسب الرسول خليق بالمسلمين أن يقاطعوا منتجات البلد الساخر ويحاصروهم في اقتصادهم، وخوفهم من انحسار الاقتصاد لم يعد يسرًا وحين يعتدى على جناب النبوة ويسخر بالنبي فخليق بالموسرين أن يطيعوا سيرته بعدة لغات لتصل إلى العالم كله .. فيعرف أخلاق محمد صلى الله عليه وسلم وهديه ورحمته وعظيم رسالته من لم يكن يعرفها من قبل حين يقع السب والاستهزاء بمحمد صلى الله عليه وسلم حق على أهل العلم والدعوة أن ينشروا سنته ويدعوا إلى أخلاقه وينشروا في العالم رسالته.
حين يسب الرسول ويسخر بالنبي فذلك قمة التطرف ودعوة للصدام، وانهيار للقيم وحين يصدر ذلك من دول تدعي الحرية وتتشبث بالديمقراطية فذلك متاجرة بحرية الرأي وامتهان لمسئولية الكلمة وأسلوب للإقصاء، ونموذج
للتعصب، وتعبير عن عدم الاعتبار للآخرين ..
إنه الإفلاس في القيم، والشعور بخطر الآخر، واستهلاك للقوة في غير مكانها .. وهكذا ..
إننا نستطيع أهل الإسلام أن نحول هذه الأزمة إلى فرصة وهذه المحنة إلى منحة .. إن نحن تعاملنا مع الحدث بوعي وإيجابية وعمق ومتابعة وإرادة فاعله وتخطيط.
إن هذه النوازل فرصة لجمع كلمة المسلمين وتوحد صفوفهم، فالعدو يحاصرهم في أعلى ما يملكون، ويشهر سلاحهم عليهم في وضح النهار!
وهذه النوازل موقظات للأمة لتستفيق من رقدتها فيعود الشاردون ويستغفر المذنبون، ويستيقظ النائمون على ضربات الأعداء المتتالية .. وماذا بعد سب الرسول وتدنيس القرآن، والسخرية بالإسلام، والاستهانة بالمسلمين؟
إن أمتنا ولود .. وديننا يأبى الذوبان، وشريعتنا رحمة للعالمين، والعالم على شفا جرف هار ولا منقذ إلا وحي السماء .. ولا يؤتمن على الحضارة إلا من يستمسكون بهدي المرسلين لقد خلف تخلف المسلمين عن الريادة .. أن عم الكون الظلم والظلمات وانتشر الباطل وكثر المبطلون وشكى الحجر والشجر .. فضلاً عن بني الإنسان فأين المسلمون؟ دماءً تنزف هنا وهناك، وجراحات تتكرر، هتك للحجب، وعدوان على الأنفس والأموال، ضحايا بريئة، وحصار ظالم، وتهم تكال وإرجاف في الأرض .. وليس بعد الظلمة إلا النور .. ولا بديل للشقاء والنكد إلا السعادة والأمن، والإسلام هو الحل وعلى المسلمين أن يغيروا ما بأنفسهم ليغير الله ما بهم، والنصر قادم .. والفرج آذف .. ولله الأمر من قبل ومن بعد.