المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخطبة الثانية الحمد لله القوي العزيز، يفعل ما يشاء ويحكم ما - شعاع من المحراب - جـ ١٢

[سليمان بن حمد العودة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني عشر

- ‌السلفية المفترى عليه

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌معاوية رضي الله ستر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وحلقة الباب

- ‌الخطبة الثانية

- ‌من هدي المرسلين

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وما وراء الحملة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أقسام الناس مع المنكرات .. والأندية النسائية

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌المال وغوائل الربا و (السندات المالية)

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أرض الشام وجرائم النصيرية في سوريا

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الحياء من الإيمان

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌مشاهد الرعب والموت في عبارة السلام

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌آفتا التعصب والتعالم

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الدَّيْن

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أصحاب السبت

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أبو محذورة رضي الله عنه بين الاستهزاء والاستقامة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌كيف نستثمر الأجازة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌بين الراسخين والزائغين

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌بين الاستضعاف والتمكين

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الهيئة ورجالاتها محن أم منح

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌حصار الفلوجة، وحرمة الدماء المعصومة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌بلادنا بين تهم الأباعد وتجريح الأقارب

- ‌انتصاراتنا في رمضان

- ‌من يظلم المرأة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الحج والعشر بين ذكر الله ومراغمة الشيطان

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌بين تدمير الحضارات والطعن في آل البيت

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أزمة دارفور .. وضرورة المقاومة الإسلامية

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الإمام العالم العباد عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الرحلات البرية، إيجايبات وسلبيات وقفات وتنبيهات

- ‌الخطبة الثانية

- ‌القرآن في غوانتناموا .. تدنيس أم تكريس

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌المبادرة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌عالمية الإسلام وواقع المسلمين ومستقبلهم

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌فتنة السيف(الفتنة والمخرج)

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌السماحة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌غزو من الخارج أم غزو من الداخل

- ‌تجربتنا في التعليم والابتعاث

- ‌السلام شعارنا أهل الإسلام

الفصل: ‌ ‌الخطبة الثانية الحمد لله القوي العزيز، يفعل ما يشاء ويحكم ما

‌الخطبة الثانية

الحمد لله القوي العزيز، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.

أيها المؤمنون، وأيام الله دول وحيث تقلبت بلاد الشام بين عز المسلمين، وذل الباطنيين فقد شاء الله وقدر أن تقع أرض الشام (دمشق وما حولها) في هذا الزمان في قبضة (النصيرية) فمن هم النصيرية وما جرأهم ضد المسلمين؟ هي فرقة تنسب إلى مؤسسها وهو الشيعي محمد بن نصير المتوفى سنة 260 هـ وكان من أتباع الحسن العسكري، وقد ادعى النبوة ويقول بالتناسخ والحلول وتأليه الأئمة (كما ذكر ذلك النوبختي في فرق الشيعة/ 78) وفي عقائدهم (النصيرية) وتأثر بعقائد النصارى، ويعتقدون أن عليًا رضي الله عنه إلهًا- تعالى الله- (1). وقد سئل عن (النصيرية) شيخ الإسلام: ما تقول السادة العلماء في النصيرية القائلين باستحلال الخمر، وتناسخ الأرواح، وقِدم العالم، وإنكار البعث والنشور، والجنة والنار في غير الحياة الدنيا، وبأن الصلوات الخمس عبارة عن خمسة أسماء وهي: علي، وحسن، وحسين، ومحمد، وفاطمة .. إلخ ما ذكر السائل من أوصافهم فأجاب الشيخ: هؤلاء القوم المسمون بـ (النصيرية) هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية، أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين إلى أن قال: ولا ريب أن جهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات، وهم أتباع أبي شعيب محمد بن نصير، وكان من الغلاة الذين يؤلهون عليًا (2).

(1)(تاريخ الإسلام حسن إبراهيم 4/ 266)

(2)

(الفتاوى 35/ 145 - 161).

ص: 71

وحيث تبين معتقد النصيرية وعدوانهم على المسلمين في الماضي، فهم مثل أو أشد في زماننا الحاضر (1)، ومنذ أن استولى النصيرية على سوريا، وهم يسومون المسلمين السنة سوء العذاب، وقد عاد الإسلام غريبًا في حكمهم، والمسلمون غربًا فمنهم من قتل ومنهم من طرد أو سجن، هدمت المساجد، واضمحل العلم وغاب العلماء، بل وعادت الأرض المباركة ميدانًا للخيانات والتحالفات مع أعداء الأمة يفعل وتجاوزات هذه الطائفة النصيرية المنحرفة حتى صرح قادة الكتاب الصهيوني بقوله:«إن إسرائيل لن تكون بأمان ولن تكون قوة إقليمية عظمى ما لم تكن محاطة لفيفًا من الدويلات الطائفية والعرقية» واليوم وحيث ينتفض الشعب السوري مطالبًا بالحرية ورفع الظلم، والعودة للهوية المسلمة.

يواجه بالحديد والنار، وتتحرك الدبابات والمدفعيات لتقصف المدن الآهلة بالسكان قصفًا عشوائيًا، تتساقط على أثره الجثث، ويكثر الجرحى، في مذابح بشعة، وعلى مرأى العالم ومسمعه، وإذا ثبت مشاركة النظام البعثي النصيري من قبل ميلشيات وعصابات تابعة لحزب الله (المزعوم) والباسيج الإيراني- حيث تقوم بالقتل على الهوية- فإن ذلك يعني حربًا طائفية على المسلمين السنة في سوريا.

إنها جرائم حرب ومذابح يندى لها الجبين، ويستصرخ المستضعفون المحاصرون في سوريا إخوانهم فهل من مجيب؟ ويحكم الحصار أكثر على

(1) وليس بخفي أن وجود هؤلاء النصيرية وتمكينهم كان يدعم من الغرب لاسيما (الفرنسيين) الذين أنزلوهم من الجبال وشجعوهم على الانخراط في السياسة تحت راية المستعمر ليخلفوهم بعد رحيلهم وقد كان، حتى أن تسمية النصيرية بـ (العلويين) صدر بقرار رسمي من قبل المندوب السامي الفرنسي في بيروت.

ص: 72

(درعا) وساكنيها، وتهدم بيوتها وتحاصر مساجدها، وتفنى أهلها وهمجية تذكر بغزو بلاد المسلمين.

وحيث أعلن عن أدوار إيجابية لبعض الدول الأوروبية (كفرنسا) لردع النظام السوري إذا استمر في بطشه على المدنيين العزل وأمريكا تعتبر تصرفات سوريا تحمل شعب تصرفات همجية .. فالمسلمون أولى بالنصرة والمساعدة وأول ما يتجه الخطاب للأحرار من قوات الأمن والجيش في سوريا يكف القتال ورفع السلاح عن إخوانهم الذين يطالبون بحقوقهم ورفع الظلم عنهم، وهو حق كفلته شريعة الإسلام بل والأنظمة العالمية كلها، ثم يسير التذكير للعلماء والعامة في سوريا أن يكونوا صفًا واحدًا مقابل الظلم والعدوان، ويذكر شيوخ العشائر والقبائل في سوريا كذلك بنصرة المظلوم وردع الظالم كما تطالب الدول بمنع النظام السوري من عمليات القمع الوحشية ضد شعبه الأعزل، ويطالب المسلمون عمومًا بالنصرة والمؤازرة لإخوانهم- بما يستطيعون- وبالتضرع إلى الله تعالى بأن يكشف كربتهم ويحقن دماءهم ويحمي أموالهم وأعراضهم، ويثير في هذه المحنة، وأن يخذل عدوهم ويظهر الحق ويبطل الباطل .. ويطالب العلماء والدعاة وأصحاب الفكر بقول كلمة الحق وفضح النظام البعثي النصيري والكلمة منهم في هذه المرحلة ومن يدري فلعل هذه الانتفاضة في بلاد الشام مقدمات لعودة هذه الأرض لسابق عزها، وإيذان برفع الظلم عن المسلمين، واجتماعهم على الحق، وعدًا تنازليًا لهذه الأقلية النصيرية التي ساقت المسلمين وأفسدت بلادهم والتاريخ لا زال يعلمنا أن البطش والانتقام لا يقيم حضارة ولا يحمي دولة فالله هو القوي العزيز، وكم من مغرور بقوته جعله الله عبرة للمعتبرين .. وعلى المسلمين في سوريا أن يبتهلوا إلى الله، ويصبروا ويصابروا ويرابطوا، ويتقوا آيات الله لا يصلح عمل المفسدين ولا

ص: 73

يهدي كيد الخائنين، وسوف يمكن للمستضعفين ويجعلهم أئمة إن هم صدقوا واتقوا .. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، وسيعود إلى أرض الشام بإذن الله عزها، وللمسلمين مجدهم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..

اللهم انصر دينك وعبادك الصالحين، واجعل الدائرة على الكافرين والمنافقين، اللهم أصلح أحوال إخواننا المسلمين في سوريا، واحفظ عليهم أمنهم وإيمانهم وثبت أقدامهم واشف أمراضهم، واسخط على عدوهم. وفرق جمعهم، واقذف الرعب في قلوبهم.

ص: 74

الأوامر الملكية الواقع والمأمول (1)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره.

كانت الجمعة الماضية 13/ 4/ 1432 هـ موعدًا للوفاء، وفرصًا للعطاء، ومزيدًا من التلاحم بين الراعي والرعية، وكانت هذه الجمعة- بحق- مضيئة كإضاءة القمر في آخر أيام البيض التي وافقت إعلان هذه الأوامر الملكية والأعطيات السخية، ومهما اختلفت وجهات النظر في تقييمها، أو اختلف الناس في النظر إليها .. فلا يمكن بحال لمنصف أن ينكر جملة من المعاني والمعالم البارزة في هذه الأوامر الملكية ولعل أبرزها ما يلي:

1 -

أنها سبقت بكلمة معبرة من خادم الحرمين الشريفين صُفع فيها الباطل بالحق والخيانة بالولاء، وحيثما كان الخطاب موجهًا لعموم شعب المملكة، فقد خصص العلماء بالخطاب أولًا، وهم في نظر الوالي أوفى من وقف، وأحق من يكرم، وأخص من يذكر ويشكر، وكأن في هذه الاستهلالة إشارة إلى آيتين في كتاب الله أولاهما قوله تعالى:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} ، والأخرى قوله تعالى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} .

2 -

والتأكيد على مكانة العلماء في المملكة ليس غريبًا ولا جديدًا، فالدولة السعودية الأولى تأسست على يد رجلين هما: الإمام محمد بن سعود، والإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمهما الله- واستمر للعلماء مكانتهم، وتواصوا

(1) ألقيت هذه الخطبة في 20/ 4/ 1432 هـ.

ص: 75

الأمراء بتقديرهم والثناء على مكانتهم حتى جاء خطاب النائب الثاني ووزير الداخلية- قبيل إعلان الأوامر- مؤكدًا على العلماء مثنيًا على جهودهم، مقدرًا لمواقفهم (1).

3 -

ويتجاوز الثناء على العلماء إلى التأكيد على قيمة العلم الشرعي بكافة رجاله ورحابه وبكل مؤسساته العلمية والشرعية والدعوية والاحتسابية .. فأخذ الأوامر الملكية إنشاء مجمع فقهي سعودي لمناقشة القضايا الفقهية .. وآخر بإنشاء فروع للرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء في كل منطقة من مناطق المملكة، وإحداث ثلاثمائة وظيفة لهذا الغرض، واعتماد مائتي مليون لهذه الفروع، وثالث لتخصيص مبلغ ثلاثمائة مليون لدعم مكاتب الدعوة وتوعية الجاليات، ورابع هذه الأوامر: دعم الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بمائتي مليون لاستكمال بناء مقرات لها في مختلف مناطق المملكة، وخامسها دعم جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بمائتي مليون.

4 -

يحق للمتابع لهذه القرارات والأوامر الملكية أن يستنتج رمزيتها، وأن يبصر طعمها ولونها، وأن يتأكد من مكانة هذه القطاعات والمؤسسات الشرعية في بلاد الحرمين، فهي -في نظر الدولة- لا تستحق مجرد البقاء، بل وتستحق الدعم والمساندة ماديًا ومعنويًا، وكشفت هذه الأوامر الخاصة بهذه المؤسسات الشرعية والدعوية عن هوية قوم كانوا يغردون خارج السرب، وربما وصل الحال ببعضهم إلى المطالبة بإلغاء هذه المؤسسات أو ضمها لبعض، أو تقليص

(1) والأوامر الملكية لا تقف عند حد الثناء على العلماء وتقدير مكانتهم، بل وتمنع من أكل لحومهم، وتضع حصانة على أعراضهم من أن تمس بسوء في أي وسيلة من وسائل الإعلام، والدفع عن كل من يتجاوز ذلك لمقام خادم الحرمين.

ص: 76

صلاحيتها .. أو الشغب عليها بشكل أو بآخر .. فجاءت الأوامر صفعة للباطل بالحق، وترسيخًا للخير، وتزكية للخيرين، وتأكيدًا على خصوصية بلاد الحرمين والتي طالما حاول البعض تغيبها أو إنكارها.

5 -

وحيث شملت الأوامر الملكية العناية ببيوت الله بتخصيص خمسمائة مليون لترميمها في كافة أنحاء المملكة، فلا شك أن العناية بالمساجد يعني العناية بدور المسجد ورسالته في المجتمع، والعناية بأئمة المساجد تأهيلًا وتدريبًا، والعناية بالمصلين دعوة وتعليمًا.

6 -

أما كتاب الله فهو المهيمن على الكتب السماوية كلها، وهو النور والشفاء، والذكر والبصائر. ولا غرابة أن تعني الدولة -وفقها الله- به تعلمًا وتعليمًا، وطباعة وحلقًا .. فهو الدستور الأعظم الذي تستمد منه نظامها .. وهو مع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الفيصل والحكم في أنظمتها وأحكامها.

7 -

ولم تهمل الأوامر الملكية دنيا الناس ومعاشهم، وتحسين ظروفهم الاقتصادية حيث شملت العاطلين عن العمل، ووفرت السكن، وحمت المستهلك من الجشع، ورفعت الحد الأدنى لرواتب السعوديين لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال، ورفعت قرض صندوق التنمية العقارية إلى خمسمائة ألف، ثم أكملت فرحة موظفي الدولة بمنحهم مرتب شهرين، وتجاوزت إلى طلاب وطالبات التعليم العالي الحكومي، وهذه الأعطيات يقدرها الإسلام وتعني بها الحضارة الإسلامية، فديوان العطاء مفرق في تاريخه الإسلامي.

8 -

وجاء الأمر بمحاربة الفساد ومتابعة المفسدين معلمًا بارزًا في هذه الأوامر الملكية لا يستثنى أحد (كائنًا من كان) ولا يسمح بأي لون من الفساد (المالي والإداري) ولا مكان للمحسوبية والرشاوي، أو استغلال النفوذ، أو التستر ولعل من نافلة القول أن يشمل هذا الأمر الملكي الداعي لمحاربة

ص: 77

الفساد إصلاحًا في السياسة والاقتصاد والتربية والتعليم والعدل، والاجتماع والإعلام .. وسواها من مرافق الدول .. إنها صيحة ينبغي أن تجلجل في بلادنا وثقافة حرية بأن تنتشر بين كافة أفراد مجتمعنا، ومسئولية ينبغي أن نحملها ونتحملها جميعًا.

9 -

كما جاء الأمر بمحاربة الجريمة وملاحقة اللصوص وسراق المال والأمتعة أو سراق العقول والقلوب بالمخدرات والمسكرات ونحوها، ومتابعة من تسول له نفسه العبث بأمن البلد ومقدراته .. وذلك بتعزيز الأمن وضخ ستين ألف وظيفة للأمن العام، نأمل أن تكون إنذارًا للمجرمين وحسمًا لمواقع الفتنة، وفرصًا وظيفية لأبناء الوطن.

10 -

وحيث شملت الأوامر الملكية العسكريين المرابطين بترقياتهم وبناء وحدات سكنية لهم، فلاشك أن هؤلاء يمثلون خط الدفاع الأول، وهم أهل لحراسة مكتسبات الوطن والزود عن قلعة الإسلام، وقطع الطريق على كل صاحب فكر منحرف يريد نقبًا في السد، والترصد لكل فئة أو طائفة لها ولاءات وارتباطات خارجية (فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن){وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} .

11 -

ولم تهمل الأوامر الملكية صحة المواطن والمقيم حيث جاء فيها دعم وتوسعة المدن الطبية في المملكة وشمول ذلك للمدنيين والعسكريين .. اللهم فلك الحمد والشكر، والشكر موصول لولاة أمرنا، ولكل من ساهم في تفعيل هذه الأوامر وعجل بمخرجاتها ووسع دائرة الاستفادة منها {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} .

إخوة الإسلام .. ومع الشكر والثناء والابتهاج بالواقع والعطاء .. فثمة أمل ومأمول ورجاء وتطلع .. فالحياة بطبيعتها متجددة، وهي فرص متواصلة،

ص: 78

وتحديات لا بد من فعاليتها .. وبرغم شمول هذه الأوامر بخيرها لشريحة كبرى في بلادنا، فالمأمول أن تمتد المساحة ويشمل بالعطاء من فاته الكرم، وكم هو جميل أن نسمع عن عدد من القطاعات الخاصة شمول منسوبيها بالعطاء تفاعلًا مع هذه الأوامر، ولا نزال نتطلع للمزيد حتى تعم الفرحة المواطن والمقيم والموظف الحكومي وغيره، ولا نزال نتطلع من قادتنا وفقهم الله الالتفات إلى شرائح في المجتمع قد يكون نصيبها من هذه الأعطيات أقل من غيرها، ولا يزال الكرم في الكرام حتى يكون سجية لهم وطبعًا، وخلقًا يتحسسون فيه المحتاج ويبعدون شبح الإحباط.

عن كل فئات المجتمع، وحيث شملت الأوامر المرأة العاملة - خارج بيتها- فالمأمول أن تشمل مكارم الدولة المرأة العاملة في بيتها، حيث هو عمل يستحق الإشادة والتشجيع، وربات البيوت هن الحارسات الأول لبيوتنا، والمدارس المخرجة لفلذات أكبادنا .. فالأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق، والأم أستاذ الأساتذة الأولى شغلت مآثرهن مدى الآفاق.

والمأمول كذلك من قادتنا- وفقهم الله- أن يشملوا بكرمهم من هم خلف القضبان يتطلعون إلى الإفراج عنهم ليشاركوا بالفرحة مع غيرهم، ولتكتمل فرحة ذويهم وأهليهم، ويهدأ الطلب بالحديث عنهم، لاسيما من لم يثبت بحقه جرم يستحق العقوبة شرعًا، أو تلبس بأفكار وقناعات تجعله يمثل خطرًا على أمن البلد مستقبلًا أو من أحس بخطأه وصحت توبته، ومن يتطلعون للعفو عنهم كما عُفي عن غيرهم.

والمؤمل كذلك أن يستشعر أصحاب الجهات والهيئات والمؤسسات، والجمعيات والقطاعات المدعومة مسئوليتهم في استثمار هذه الأوامر وتفعيلها، والتفكير بعقليات متفتحة، وأفكار ورؤى وآليات تطور وتبدع، وتدرب وتبتكر، وتزيد مساحة الخير، وتكون على مستوى تطلع القادة، وتحديات الواقع، فتوفر المال نعمة، ولكن استثمار هذا المال وتوسيع مخرجاته والعمق في فقه القرارات والأوامر نعمة لا تقل عن سابقتها.

أملنا كبير في تفعيل هذه الأوامر الملكية، ووضع الهيئات واللجان الرقابية والمعايير، واستصدار الأنظمة واللوائح المفيدة حاضرًا ومستقبلًا.

وأمل أكبر أن يصاحب هذه القرارات شعور جماعي بالمسئولية، وثقافة تنتشر

ص: 79

في المجتمع لتغيير كثير من المفاهيم الخاطئة، وتعاون على البر والتقوى يحفظ على هذه الأوامر جمالها ويبلغ بها الحد الذي يريك الإسلام أولًا، ويتطلع إليه كل مسئول ومخلص لبلده وأمته ثانيًا.

والمأمول كذلك أن نفرح جميعًا بهذه الأوامر .. ولا يسوغ لأحد أن يختزلها أو يختصر شيئًا منها، وكم كانت صدمة حين خرجت بعض صحافتنا بعد الإعلان عن هذه الأوامر، لتهمل عددًا من هذه الأوامر، في عناوينها، أو في تعليقات رؤساء وأصحاب الأعمدة فيها ولئن كان من حق أي إنسان أن يعبر عن وجهة نظره في موقعه الإلكتروني أو في مجالسه الخاصة، أو مع من يشاركونه الثقافة .. فليس يسوغ بحال أن يكون الاجتراء في صحف تمثل الدولة وتنطلق من سياستها الإعلامية، وليست ملكًا لثقافة معينة، أو حكرًا لأشخاص معينين ومجتمعنا - بحمد الله- بلغ به الوعي منزلة لا يليق تغييبه أو تجهيل أفراده وكما حجبت مواقع - كانت تسبح عكس التيار- ينبغي أن تحاسب أو تحجب من يزيف الوعي، أو يعبر عن الدولة بخلاف تعبيرها. وعزاؤنا أن الأكثرية في المجتمع فرحة وشاكرة، وأن ثمة وسائل إعلام أخرى عبروا بها عن فرحتهم وشكرهم لولاته أمرهم.

وبعد يا عباد الله فبالشكر تدوم النعم ترى كم منا من شكر الله على هذه النعم فأعطى وتصدق، وأخلص في عمله وشارك في إصلاح مجتمعه وزادته هذه النعم طاعة لله وشكرًا له وحسن عبادة، ولم يتيسر شكر ولاته والدعاء له.

هنا وقفة ولفتة ذكر بها خادم الحرمين الشعب بالدعاء له .. والدعاء لولي الأمر حق وهو أقل واجب، وصلاح الراعي أقرب طريق للإصلاح ومحاربة الفساد، اللهم فاهد قلبه وثبت إيمانه وقو عزيمته على الخير، وبارك له في عمره وعمله، وألبسه ثوب الصحة، واجعله نصرة للحق وسيفًا على المبطلين،

ص: 80

وأصلح له البطانة، وسدده في مسؤلياته ومتابعة قراراته، واشمل بالدعاء نائبه الأول، ونائبه الثاني الذي بشر بهذه الأعطيات قبل صدورها، وأثنى على العلماء والخطباء وقدر مواقفهم .. اللهم انصر من نصر الدين واجعل الدائرة على الكافرين المنافقين.

ص: 81