الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة الثانية
إننا نتألم بشكل عام حين يقع أحد من المسلمين في عرض أخيه المسلم بغير حق فالله يقول: {وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} .
ويتألم أكثر حين تكون الوقيعة في أهل العلم والدعوة، وأرباب التربية وأهل الحسبة، وهنا يكون الأمر أعظم، والوعيد أشد، وهنا أقبس كلامًا نفيسًا لشيخنا محمد بن عثيمين رحمه الله حين سأل عن الاتهامات الموجهة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فقال: - فيما قال- الوقيعة في أهل الخير أشد من الوقيعة في عامة الناس .. والوقيعة في الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر توهن جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويخشى أن يكون الدافع فيهم بكراهة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي كراهة ذلك خطر على دين العبد لقوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (1).
إنها بلية حين ينقسم المجتمع إلى آمرين ومثبطين، وإلى رجالات هيئة مكلفين وإعلاميين يتهمون ولا ينصفون .. ولذا توجه الدعوة لهؤلاء أن يتقوا الله فيما يكتبون وإلى رجالات الهيئة أن يحتاطوا لما يفعلون .. ولنا جميعًا ألا نروج بيننا الشائعات ولا أن نقبل التهم دون دليل، ولا التجريح دون تفسير، ولا التعجل في إصدار الأحكام قبل نتائج التحقيقات .. نحن أمة العدل وديننا دين الفضيلة وبلادنا مهبط الوحي وفيها قبلة المسلمين، ولا خيار لنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو قدرنا وأكرم به من قدر، وهو حظنا ونعم الحظ، ولئن
(1)(موقع الرئاسة 22/ 5/ 28 هـ).
ضاقت به نفوس قليلة فعامة مجتمعنا بحمد لله تؤيد الأمر بالمعروف وتساند رجالاته وتنهى عن المنكر وتساهم في محاصرة أصحابه .. وقومه ذلك فولاتنا- بحمد الله- يؤكدون على ذلك في كل مناسبة ويؤكدون على أهمية هذا القطاع ودعم رجالاته ولولا فضل الله ورحمته ثم دعم للدولة لهذا القطاع لما أصبح له هذا الشأن الذي شرق به من شرق.
وبعد أيها المسلمون فخلاصة القول أن قطاع الهيئات أحد قطاعات الدولة، وحقه الثقة والمساندة من المواطنين والمقيمين، ورجالات الهيئة إخواننا والساهرون مع غيرهم من رجالات الأمن من أجل قيمنا وحرماتنا ومن حقهم علينا المدافعة عن أعراضهم والمساندة والتعاون معهم في مهمتهم، وهي مهمتنا جميعًا «فمن رأى منكم منكر فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه» الحديث .. وتستطيعون معاشر المسلمين إبطال هذه الهجمة ضدهم حين تأمرون أهليكم وأولادكم بالمعروف وتنهونهم عن المنكر، فتلك مساهمة جليلة منكم في الأمر والنهي وبها تخففون على رجالات الهيئة المسئولين وحين تتعاون أيها المسلم مع جيرانك وزملائك على البر والتقوى وتنهون عن الإثم والعدوان فتلك مساهمة أخرى مع رجالات الهيئة، وحين تقدمون نصحًا أو مساعدة أو مقترحًا نافعًا لرجالات الهيئة أو يكتب القادرون مقالًا، ويؤلفون كتابًا أو محاضرة فتلك مساهمة جليلة وهكذا وبهذا وغيره تتحول المحن إلى منح، والتجريح والتهم إلى تزكيات ومساندات.
وأخيرًا بقيت همسة تقال لرجالات الهيئة- بل همسات- وفي مقدمتها الإخلاص لله في أعمالكم، والصبر والاحتساب على ما تلقون من إخوانكم .. فأنتم تتعاملون مع فئة معينة في المجتمع، كما تحتاج إلى صبركم تحتاج إلى رفقكم ونصحكم، وظنكم تفرحون بتوبة المخطئ أكثر مما تفرحون بالقبض على
المجرم وهو متلبس بجريمته، عليكم بالرفق فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وعليكم باستحضار فقه تغيير المنكر حتى لا يترتب عليه منكر أعظم منه، كونوا رفيقين في مهمتكم منضبطين باللوائح والأنظمة الموجهة لكم من مسئوليكم حتى لا تعطوا الشائنين فرصة لتوجيه النقد لكم، طوروا أنفسكم بالدورات، وتثبتوا في المعلومات، ونشطوا غدارات التوعية فالوقاية خير من العلاج، واستفيدوا من أخطاء غيركم حتى لا تتكرر معكم، وحين تتقون وتصبرون لا يضركم كيدهم شيئًا، وقد قيل لمن هو خير منكم {إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ} وقيل لنبيكم {وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ} .
أيها المسلمون وغدًا أيام الامتحانات للطلاب والطالبات .. وقد سبق لنا في مناسبات مماثلة التذكير بقيمة العناية بفلذات الأكباد دائمًا وفي مناسبات الامتحان على وجه الخصوص، فنجاحهم وتفوقهم نجاح وتفوق لكم، واستفادتهم من المناهج والمقررات رافد مهم من روافد التربية لكم ..
حذار- معاشر الأولياء- من الغفلة عن تربيتهم ورعايتهم في كل حين، وحذار على الخصوص من ضعف المتابعة لهم أيام الامتحانات .. إنها أيام لقاءات واختلاطات وأيام يصطاد فيها العابثون والمجرمون .. ويغررون ويمنون .. في أيام الامتحانات فرصة كبرى للمجرمين لترويج المخدرات .. وربما بدأت بأقراص تمنع النوم وتساعد على الدراسة والسهر، ثم انتهت ببلية المخدرات والمسكرات فاحذروا أولئك المتصيدين والمروجين وحذروا أبناءكم وبناتكم منهم وأيام الامتحانات أيام يصطاد فيها الشاذون جنسيًا وربما رغبوا أو رهبوا الشبات أيام الامتحانات حتى أغروهم بالفاحشة فكانت سبة عار عليهم وعليكم، وربما صورت الجريمة عبر كاميرات الجوال فكانت ورقة يتلاعب بها ويضغط أولئك المجرمون على أبنائكم على الدوام ..
وثمة متصيدون ومعاكسون على أبواب مدارس البنات، فهذا يرمي كلمة، وآخر يلقي برقم، وثالث يغري بموعد .. وهكذا تكون البدايات التعسة والنكسات وثلم الأعراض، والانتقاص من الشرف .. فكونوا على حذر .. وارعوا واهتموا بأبنائكم وبناتكم من حين خروجهم للامتحان إلى عودتهم، وقبل ذلك في أوقات دراستهم، وتشكر إدارات التربية والتعليم للبنين والنبات حين تجعل الامتحان فترة واحدة لا فاصل بينها، أو تجعل الطلاب في الداخل المدرسة- إن كان ثمة حاجة للفترة الثانية- حتى لا يعطى الفرصة للباحثين عن فرص فراغ الشباب كما تشكر القطاعات الأمنية حين تكثف من جهود رجالاتها أيام الامتحانات، لتأخذ على أيدي المستهترين، وتحمي المجتمع من ألاعيب العابثين، وتحية للمعلمين والمعلمات حتى يستمر عطاؤهم وتوجيههم إلى آخر لحظة.
حمى الله بلادنا ومجتمعنا من كل سوء ومكروه.