الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة الثانية
إخوة الإيمان كيف نشعر بالعالمية ونستثمر العولمة وبعضنا لا يتجاوز في تفكيره ومشاعره حدود نفسه أو عشيرته .. بينما تمر أمتنا بالكرم ويمارس بحق إخواننا المسلمين الجرائم والموبقات العظام؟ إن النصرة للمظلوم حق مشروع في ديننا، وهو في لغة السياسة أسلوب من أساليب الدفاع عنا، وعدونا إذا نجح في احتلال أرض إخواننا وجيراننا فلن يتوقف مده الظالم عنا.
إن أي أمة تنطوي على نفسها وتخاف أعداءها، وتنكمش على نفسها، يأكلها خصومها، ويعتبرونها مادة خامًا وطعمًا رخيصًا وذلك ما حذر عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم بتداعي الأمم على أمة الإسلام كما تداعى الأكلة على قصعتها.
إن أي أمة مهما كانت حضارتها لا ترضى أن تكون (المائدة الرخيصة) للآخرين .. وأمة الإسلام بقيمها وحضارتها أشرف وأكرم وأعز وأقوى أن تكون (قصعة) يتنافسون الطامعون في أكلها .. وكأنها ثروة من ثرواتهم المستخرجة من أرضهم .. أو نصيبًا لأيتام يتنادى لسرقتها اللئام؟
وكيف نتطلع إلى عولمة أو عالمية نفتح بها قلوب وبلاد قوم آخرين- وفينا- معاشر المسلمين- من تقف سلوكياته المنحرفة وأخلاقه الرديئة سدًا في اقتناع غير المسلمين بالإسلام.
كيف نتطلع إلى نقل العالمية في الدعوة للآخرين وفنيا معاشر المسلمين من قصر في دعوة أهله وعشيرته الأقربين؟ أو أبنائه وطلابه الدارسين؟
كيف نتطلع للعالمية في دعوة الآخرين وفينا معاشر المسلمين سماعون للقوم الكافرين؟
كيف وفينا من لو خرج معنا ما زادنا خروجه إلا خبالًا وأورثونا فتنة وبلاء؟
كيف نمسح غبار الهزيمة ونتخلص من عار التبعية وفينا من يتكلمون بألسنتنا ويعيشون بيننا وقلوبهم مع غيرنا؟
كيف نحمي بلادنا ونمنع العدوان يحوس أوطاننا .. وفينا من يدلهم على العورات ويرشدهم إلى المعابر وأقرب الطرقات؟
إنها أدواء وأمرض لا نبد أن نتعافى منها، ونعالج من مرض أو ابتلي بشيء منها.
أيها المسلمون ولم يعد سرًا من الأسرار أن الذين حاصروا المسلمين وغزو بلادهم وحاولوا بالقوة فرض وجودهم .. هم اليوم يعيشون في مآزق، وتلاحقهم التهم، وتزعجهم الاستنكارات الرافضة لسياستهم .. ويودون لو خرجوا من الأزمة بسلام يحمي سوآتهم ويعيد الثقة بهم .. كيف لا وهم في كل يوم يواجهون مشكلة .. ويسمعون أو يرون لافتات تندد بسيادتهم ومؤشرًا لاقتصاد بدأ يتحول للأسوأ نتيجة الإنفاق الكبير للحرب المدمرة والكتاب الغربيون يفصحون عن وضع متدن في الاقتصاد، ويكتب أحدهم مقالًا بعنوان (لا أمل ولا عمل) في جريدة نيويورك تايمز) ويقول إن أمريكا تمر بأطول زمن تراجع اقتصادي (1). وتشير لغة الأرقام أن تكلفة الجندي الأمريكي خارج أمريكا تكلف ربع مليون دولار في العام تقريبًا (2).
وثمة مبشرات للعالم الإسلامي توحي ببغضه ووعيه وتمهله من غطرسة المستعمرين، وتلك سيكون لها شأنها في المستقبل إن شاء الله فالحصار المادي لا يعني حصار القيم، والهزيمة العسكرية لفترة من الفترات لا تعني دوام النصر للمعتدين.
(1)(ملامح المستقل/ الأحمري/ 276).
(2)
(السابق/ 277).
فالمسلمون الذين أصيبوا في (أحد) وجدوا أنفسهم محاصرين وراء خندق ضيق ولكن الحصار المكاني لم يحاصر الفكرة، ولم يمت روح المقاومة، وفي غضون سنة قلب الحصار وانتقل المسلمون (بقيادة محمد صلى الله عليه وسلم من الدفاع إلى الهجوم وعاد خصومهم الظالمون في دائرة الحصار وبين خيارات أحلاها فرٌّ، فإما أن يسمحوا للمسلمين بدخول مكة .. وإما أن يعقدوا معهم معاهدة يعترفون بقوتهم ويوقعون على عدم الهجوم عليهم.
أيها المسلمون وفي مسلسل المبشرات للمسلمين أن لغة الإحصاءات تشير إلى زيادة في عدد المسلمين وانقراض في نسب أعدائهم ..
واليوم يتحدث أحد أساتذة (اكسفورد) عن الوجود المتزايد للمسلمين في أوربا، وعن المسلمين المغاربة في أسبانيا، والجزائريين في فرنسا، والأتراك في ألمانيا والباكستانيين في بريطانيا ويقول: يكفي أنني اشتريت جريدة من بائع مسلم وملابس من مغسلة لمسلم، وأحضرت علاجي من صيدلية مسلم. كل هذا في شمال أوكسفورد (1).
ومن هنا فلا يستغرب أن شرق قادة الغرب بالمسلمين .. وهاجموا وأغلقوا مراكزهم وأماكن عيادتهم .. ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره.
إن على المسلمين أن يتقوا بربهم في النصرة والتمكين .. وعليهم قبل ذلك أن يصلحوا حالهم ويغيروا ما بأنفسهم، ويجمعوا كلمتهم وبالمعتقد الصحيح، وبالعلم الراشد والعمل الرشيد يتحقق للمسلمين ما وعدوا به.
ومن الضعف أن يتعلقوا بمبتدعات لا أصل لها في الدين، ويقيموا احتفالات لم يأذن بها الشرع .. كمن يقيمون الاحتفالات في السابع والعشرين من شهر
(1)(الأحرى/ ملامح المستقبل/ 190).
رجب ظنًا منهم أن ذلك زمن الإسراء والمعراج .. ولم يثبت من ذلك شيء .. والأمة اليوم أحوج ما تكون إلى تصحيح المسار .. والتجاوز عن أمور شكلية إلى أمور جوهرية في الدين .. يبدأ العولمة بإصلاح نفسه- وفق تعاليم الإسلام الحقة- ثم يدعوا غيره للهدى والرشاد .. ولن يمكن المسلمون في الأرض حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .. ولله عاقبة الأمور .. اللهم أصلح أحوال المسلمين ..