المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بلادنا بين تهم الأباعد وتجريح الأقارب - شعاع من المحراب - جـ ١٢

[سليمان بن حمد العودة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني عشر

- ‌السلفية المفترى عليه

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌معاوية رضي الله ستر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وحلقة الباب

- ‌الخطبة الثانية

- ‌من هدي المرسلين

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وما وراء الحملة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أقسام الناس مع المنكرات .. والأندية النسائية

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌المال وغوائل الربا و (السندات المالية)

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أرض الشام وجرائم النصيرية في سوريا

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الحياء من الإيمان

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌مشاهد الرعب والموت في عبارة السلام

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌آفتا التعصب والتعالم

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الدَّيْن

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أصحاب السبت

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أبو محذورة رضي الله عنه بين الاستهزاء والاستقامة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌كيف نستثمر الأجازة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌بين الراسخين والزائغين

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌بين الاستضعاف والتمكين

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الهيئة ورجالاتها محن أم منح

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌حصار الفلوجة، وحرمة الدماء المعصومة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌بلادنا بين تهم الأباعد وتجريح الأقارب

- ‌انتصاراتنا في رمضان

- ‌من يظلم المرأة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الحج والعشر بين ذكر الله ومراغمة الشيطان

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌بين تدمير الحضارات والطعن في آل البيت

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أزمة دارفور .. وضرورة المقاومة الإسلامية

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الإمام العالم العباد عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الرحلات البرية، إيجايبات وسلبيات وقفات وتنبيهات

- ‌الخطبة الثانية

- ‌القرآن في غوانتناموا .. تدنيس أم تكريس

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌المبادرة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌عالمية الإسلام وواقع المسلمين ومستقبلهم

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌فتنة السيف(الفتنة والمخرج)

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌السماحة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌غزو من الخارج أم غزو من الداخل

- ‌تجربتنا في التعليم والابتعاث

- ‌السلام شعارنا أهل الإسلام

الفصل: ‌بلادنا بين تهم الأباعد وتجريح الأقارب

‌بلادنا بين تهم الأباعد وتجريح الأقارب

(1)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره

هناك فرق بين إرادة التطوير والرغبة في التجديد المثمر وبين جلد الذات والنقد لذات النقد، والتصيد في الماء العكر.

وهناك فرق بين أن ينتقدنا الآخرون بعدل، ويبدوا ملاحظاتهم على مسيرتنا التنموية، ومؤسساتنا المختلفة بإنصاف وبين تصدير التهم جزافًا ومحاولات الإسقاط لقيمنا ومحاضرة مؤسساتنا.

إن بلادنا، ومؤسساتنا بشكل عام، - وعلى الخصوص مؤسساتنا التربوية والاجتماعية- واقعة تحت (مطرقة) التهم الجائرة من (الخارج) و (سندان) التجريح والانتقائية الممقوتة من (الداخل)، إنها تهم الأباعد، وتجريح الأقارب.

أجل لقد راجت فترة من الزمن (دعاوى الإرهاب) لهذه البلاد المباركة، ولم يسلم أحد من التهمة، وأصدرت (قوائم) وصنفت (مؤسسات) في قائمة الإرهاب المزعوم؟

ولحقت الدعوى (الكاذبة) بأخص الخصوصيات، وأطلقت صيحات مطالبة بالتغيير، ألم يتهم ولا يزال يتهم (أشخاص) بالإرهاب، وهم أبعد ما يكونون عن التهمة؟

ألم تصنف مؤسسات وهيئات خيرية بالإرهاب، وهي التي كانت ولا تزال تدفع الإرهاب .. بل تخلف الإرهاب المسيء لتعفي أثره، تكفكف دموع اليتامى، وتداوي جراح الأيامى، وتغيث المنكوبين؟

(1) ألقيت هذه الخطبة في 27/ 3/ 1426 هـ.

ص: 177

لقد كانت حربًا ظالمة، وثمة ضحايا بريئة للإرهاب، فج المجتمع الغربي المصدر لها من ويلاتها .. وتنادي العقلاء (منهم) بإيقاف نزيفها، حتى قال عضو الكونجرس الأمريكي الأسبق، السيناتور (بول فندلي):«إن أنظمة مكافحة الإرهاب أصبحت تمثل تهديدًا لمصالح مجتمعنا أكثر من الإرهاب نفسه .. وإن جميع الأمريكيين وبالذات المسلمون منهم أصبحوا ضحية لهذه القضية» (1).

لقد كان العالم وما يزال يواجه أزمات خانقة، وكان بإمكان الغرب وفي مقدمته (أمريكا) أن يساهم في حلها، بدل أن يتجه إلى تأزيمها، ويضيف (قضية الإرهاب) المفتعلة، إلى جانب هذه القضايا الحقيقية، فتنعقد الأمور، ويزيد النزيف.

لقد اعترف وزير الخارجية الأسبق لأمريكا (كولن باول) في أوائل عام 2005 م أن «نصف سكان هذا الكوكب حوالي 3 مليارات يعيشون في فقر مدقع، وملياران يفتقرون للطاقة الكهربائية والصرف الصحي، وأكثر من مليار شخص يفتقرون إلى مياه الشر النظيفة» (2).

ويزيد من هذه المأساة ويضاعف هذه الكوارث ذلك الإقصاء المتعمد الذي تمارسه الولايات المتحدة ضد عدد من المؤسسات الإغاثية الإسلامية.

ويضيف رئيس البنك الدول (جيمس وولفينسون) إلى حجم هذه المأساة أرقامًا جديدة إذ يقول:

إن العالم ليس عالمين اثنين موسر ومعدم، وآمن وغير آمن لقد انهار ذلك

(1) (مجلة البيان اللندنية، حوار مع السيناتور في سبتمبر 2003 م، وانظر: ضحايا بريئة في الحرب على الإرهاب د. محمد السلومي/ المقدمة.

(2)

(د. محمد السلومي. ضحايا بريئة في الحرب على الإرهاب).

ص: 178

الحائط وأصبح العالم مرتبطًا بطرق عديدة بالاقتصاد والتجارة والهجرة والبيئة والمرض والعقاقير، والنزاعات وأكد على الأخطار المستقبلية- بلغة الأرقام- قائلًا: في عالمنا الذي يضم ستة مليارات شخص، يستحوز (مليار) منهم على 80% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، بينما الخمسة مليارات الآخرون يملكون 20%، ويعيش نصف سكان هذا العالم تقريبًا على أقل من دولارين يوميًا، ولا تتوفر (لمليار) شخص إمكانية الحصول على الماء النظيف، ولا يحصل 100 مليون على فرصة الذهاب إلى المدرسة، وأكثر من 40 مليون إنسان في الدول النامية مصابون بالإيدز مع أمل قليل في تلقي العلاج» (1).

والسؤال المهم .. وأمام هذا الوضع الكارثي للعالم، ماذا قدم دهاقنة الحرية، والزاعمون لرعاية حقوق الإنسان، والمدعون تصدير العدل والرفاهية والتنمية للعالم؟

وهل غزو (العراق) ومن قبل (أفغانستان) وقوائم الانتظار الأخرى وتكريس الاحتلال الصهيوني في فلسطين هي في نظر الغرب الحل الأنسب لتصدير الحرية والرفاهية وتقليل الكوارث .. ؟ أهذه مخرجات حضارتهم؟

أم أن هذه وتلك أضافت أرقامًا موحشة وجديدة للفقر واختلال الأمن، وانتشار الأمراض .. فضلًا عن قوافل الموتى والمشردين والناقمين .. والذين باتوا يشكلون قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، ساخطة على الظلم وهكذا بات المصدرون للإرهاب يجنون ثمارًا مرة لما زرعوا.

إن واقع العصر يشهد على أن دعاة محاربة الإرهاب هم الذين يصنعون الإرهاب .. وأدعياء الحرية والعدل هم الذين يؤسسون للظلم ويزرعون الحقد،

(1)(صحيفة الاقتصادية السعودية 22/ 10/ 2004 م، د. محمد السلوقي .. السابق/ 7).

ص: 179

ويشعلون الحرائق، ويمنعون الإطفاء.

على أن الحق مهما طال الزمن يحق .. والباطل مهما زيف يزهق وما هي إلا برهة يسيرة في عمر الزمن حتى بدأت الدعاوى تكشف والتهم تعرى من الدليل، والحق يبين ويعلن، ويشهد شاهد من أهلها لا على سقوط الدعوى بالإرهاب فقط، بل يثبت أنه لا يوجد دليل أصلًا على التهمة .. والتي لم تكن مجرد تهمة، بل استتبعها (سيل) من الإجراءات المتعسفة أجل نطق الشهود وهم (أجانب) وحكمت المحكمة (وهي خارج الأسوار) فماذا قالوا؟ وبم حكموا؟

قال أحدهم المحامي الدكتور ويندل (معترفًا بالجور) أن السياسات الحالية لمكتب مراقبة الممتلكات الأجنبية OFAC تشتمل على القليل جدًا من العدالة، ولا رحمة فيها ولا تواضع».

كما قال آخر (ديفد أتاوي) حتى الآن لم تنجح وزارة الخزانة الأمريكية في إدانة أي من المؤسسات الخيرية الثلاث التي تم تجميد ممتلكاتها أثناء التحقيقات بأي عمل إرهابي، وهي مؤسسة: الإغاثة العالمية وهيئة الأعمال الخيرية العالمية، ومؤسسة الحرمين الإسلامية».

بل يتساءل هؤلاء ويقولون: هل الأمر يستحق تدمير هذه المؤسسات؟ هل أدى ذلك إلى تحسين أمن الولايات المتحدة أم أنه كان مجرد تصرف عقيم انتهك حقوقًا مدنية دون أن يحقق إنجازًا ملموسًا للأمن .. » (1).

هذا جانب مشرق في عدالة قضايانا ونموذج لظلم الآخرين لنا .. ولكن الجانب الأكثر إيلامًا .. حين تنبعث التهم من داخلنا، وحين تكون المجاراة للآخرين من أبناء جلدتنا، وأيًا ما كانت بواعثه (أبواق مقلدة، توجهات تتصيد،

(1)(ضحايا بريئة في الحرب على الإرهاب د. محمد السلومي: / 93).

ص: 180

فرص للانتقام، انتقائية متعمدة) وحينها يكون تحطيم الحصون من داخلها، ويستنيب الخصم عنه من يقوم بالمهمة، فلا يبقى هذا الخصم ولا يذر ومن مقولاتهم: المؤسسات الخيرية مصدرة للإرهاب، ومحاض التربية بؤر للإرهاب، المناهج سبب المشكلة، والمرأة المحتشمة والقوانين المنظمة لعملها وتعليمها والمراعية لأنوثتها سبب في تخلفنا ..

والمراكز الصيفية ينبغي أن تغلق، حتى وإن ساب الشباب في الشوارع وخلفوا مشكلات أمنية وأخلاقية .. ومراكز الدعوة والاحتساب وحلق القرآن والتسهيلات الإسلامية ودروس المساجد في قفص الاتهام وإن كانت ضمن سياسة الدولة وتجربة التعليم في بلادنا- وإن كانت رائدة- أصبحت محل شك وهجوم وتهم؟ أهذه الشبهات الظالمة تحل المشكلة .. أم تلك الطروحات المتطرفة تعالج أزمة الإرهاب؟ وهل تجب هذه المطارحات الصفيقة الأمن وتوفر المحبة؟

أين دعاوى الإنصاف للآخر؟ وأين التأسيس للمنهجية في النقد أين أمانة الكلمة ومسئولية الكتابة .. وأخلاقيات العمل الإعلامي.

إننا نسمع ونقرأ بين الفينة والأخرى ما يفرق الكلمة ويوغر الصدور .. في حين يدعا للحوار وأدب الاختلاف، ومنطقية الأحكام أين نحن من هذه المعاني الكبرى، وهي قبل أن تكون صيحات العالم هي هدي إسلامنا وقيم قرآننا {وإذا قلتم فاعدلوا} {وكونوا مع الصادقين} .

هناك مشكلة .. وثمة علاج .. وإيجابيات تحتاج إلى مبادرات:

1 -

لا بد- في النهاية- أن نصدق في نقدنا، ونعدل في أقوالنا ونتوازن في رؤانا، وألا نؤصل التهم للآخرين فيطمع فينا الطامعون ويشنأنا الشائنون، لاسيما في وقت بدأت لغة التراجع عن التهم تطل، وسجائب التهم تتقشع، والمطلوب منا أن

ص: 181

نساهم في إطفاء الحرائق لا أن نبحث عن سبب لإشعالها.

2 -

هناك فرق بين النقد والإسقاط، وفرق بين طلب إعادة النظر في التجربة وتقويم الأخطاء المصاحبة، وبين الهجوم الكاسح ومحاولات اجتثاث البناء من جذوره، والتطرف في الطرح أو الممارسة مرفوض، ومجارات الآخرين في النقد تبعية وضعف في الانتماء.

3 -

لا بد أن نتواصل مع العالم نوضح له الصورة وندفع التهمة، ونعين الراغبين في الوصول إلى الحقيقة للوقوف عليها، ولا نستحي بإسلامنا ولا نشعر بشيء من الدونية في مؤسساتنا وبرامجنا، فالإعلام مؤثر ومن لم يغزو غزي.

4 -

وكم هو خليق بنا أن نطرح نتائج تجربتنا أمام العالم حتى لا نتيح الفرصة للآخرين ليتقولوا علينا، أو يستمسكوا بالشائعات ضدنا إننا نعيش في عالم يموج بالتجارب وتتقاطع فيه الطروحات، فليكن صوتنا ظاهرًا. وعلى سبيل المثال لأهمية الإعلام أقول إن مسيرة التعليم في بلادنا- بشكل عام- وسيرته تعليم المرأة على وجه الخصوص تجربة تستحق الإشادة والإعلام، وذلك بعقد مؤتمر عالمي، يتنادى له الناس، ويجتمع المثقفون والإعلاميون، وتعقد له الندوات المحلية، والمطارحات الفكرية .. يعتمد لغة الأرقام ويركز على المخرجات، ويعني بالأهداف والسياسات، ويخلص إلى الاستفادة من تجارب الآخرين النافعة، ويثمن المسيرة ونتائجها ويطبع ذلك في كتب تترجم بعدد من اللغات لتكون كتابًا مفتوحًا ودليلًا صادقًا على هذه التجربة الناجحة.

5 -

والمحاضن التربوية خليقة بالدعم، حرية بالتطوير، جديرة بالتجديد والإبداع النافع، لاسيما تلك التي تنظم مجموعة من الفتيان والفتيات في عطلة الصيف- حيث الفراغ والشباب والدعة- كالمراكز الصيفية، والدور النسائية، والدورات التربوية، والبرامج الترفيهية.

ص: 182

إن الشغب عليها ليس حلًا ناصحًا .. والطرق على إغلاقها عجز عن استيعابها وربما كان سبيلًا لتفلت المستفيدين منها ووقوعهم في إدواء تكلف مستقبلًا ثمنًا باهظًا لعلاجها .. وإن التحجر على برامج عفى عليها الزمن لا يسهم في فاعليتها .. إذًا يمكن أن تطور وأن تضبط مسيرتها، وأن تكلف لجان مخلصة للإشراف على أعمالها كل ذلك ممكن وهو أسلوب لإعادة تفعيلها وضبط مخرجاتها بما يخدم المصلحة العامة.

6 -

يمكن أن تساهم مراكز البحوث والرسائل الجامعية في دراسة عدد من الظواهر وتقويم التجارب في بلادنا، فمؤسساتنا الخيرية ومناهجنا التعليمية، وتجربتنا في التربية، وتحولاتنا في الاقتصاد كل ذلك ونحوه يمكن أن يسجل في رسائل علمية عالية، ويستكتب لها عدد من أساتذة الجامعات المختصين .. لتكون نتائج هذه الدراسات ملفات علمية ودليلًا موثقًا يقرأه المنصفون ويستفيد منه الآخرون.

7 -

وإذا وقعت بلادنا وغيرها، ومؤسساتنا ومثيلاتها ضحايا بريئة لحملات الحرب على الإرهاب .. فنحن الآن نمر بمرحلة تعاف بوارق الأزمة فيه تخف، والتراجع يعلن ولا يسربه، ومن الحصافة والكياسة أن نستثمر هذه الظروف، وأن نحقق مزيدًا من المكاسب لديننا وحضارتنا وبلادنا.

8 -

نحن حين ندعو ندعو إلى حوار الحضارات لا إلى زمالة الأديان وتقاربها وندعو إلى كلمة سواء بيننا وبين غيرنا ألا يعبد إلا الله ولا يشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله .. ونعيب على الذين ينادون بصدام الحضارات مستعلين بقوة المادة مستكبرين بسلطان العلم والتقنية فهذا الصراع الأحمق ربما تفوق فيه الأقوى وإن كان الأسوأ أما أجواء الحوار الصادقة فتكون القوة لسلطان الحجة، والفيصل لشواهد الحق والعدل، والبقاء لمن يملكون

ص: 183

إسعاد البشرية في الدنيا ويهدونها إلى طرق الخلاص والفوز في الآخرة.

9 -

لا بد أن ندعم القضايا العادلة ونؤكد حقوق الشعوب في تحررها وسلطانها على بلادها، ونستنكر العدوان والظلم والاحتلال والاستعمار فتلك مورثات الكراهية، باعثات الأحقاد، مهددات للأمن والسلام وإذا كانت قضية فلسطين أم القضايا فلا بد أن نوليها من العناية ما تستحق دون أن يكون ذلك على حساب غيرها من قضايا الأمة المسلمة في كل مكان.

10 -

وعلينا أمة الإسلام واجب البيان والبلاغ لشعوب العالم وحكوماته ولا بد أن ننهض بمهمتنا ونمثل إسلامنا، ونحمل النور الذي نزل به الأنبياء من السماء وختم بمحمد صلى الله عليه وسلم .. إلى أمم الأرض نأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، نقرر الوسطية ونشهد على الناس. تلك مسؤليتنا وذلك قدرنا، وهو مؤشر لخيريتنا {كنتم خير أمة أخرجت للناس} .

ص: 184