الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، ولا عدوانَ إلا على الظالمينَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وليُّ الصالحينَ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسوله سيدُ الأولينَ والآخرين.
أيّها المسلمونَ: وقعَ بيدي قرارٌ حكيم، وتعميمٌ كريم صادرٌ من أعلى سلطةٍ في الدولةِ ومُبلَّغٌ إلى كافةِ الجهاتِ الحكوميةِ والمؤسساتِ العامةِ للاعتمادِ والتقيُّدِ بموجبهِ .. هذا التَّعميمُ حَرِيٌّ بأن يُذكرَ ويشكرَ من أصدرَه .. ويُتابعَ من تباطأَ أو قصّرَ في تنفيذه، التعميمُ يَخصّ قضيةً مهمةً من قضايانا المعاصرةِ .. ويحسمُ جدلًا طالما ركضَ وأرجفَ مَن في قلوبهم مرضٌ - إنه يتعلقُ بالمرأةِ وحمايتِها من الاختلاطِ بالرجال ويقطعُ دابرَ الدعوةِ للزجِّ بها وظيفيًّا في أيِّ مكان، ويؤكِّد على أن يكون عملُ المرأةِ في الأعمالِ التي تُناسبُ طبيعَتها، ولا يخدشُ حياءَها أو يهدرُ كرامَتها أو ينالُ من أخلاقِها.
التعميمُ الجديدُ تاريخه في 5/ 10/ 1421 هـ، ولكنه معطوفٌ على تعميمٍ سابقٍ مؤرَّخ في 16/ 5/ 1403 هـ. وعلى قرارٍ صادرٍ لهيئةِ كبارِ العلماءِ بتاريخ 20/ 8/ 1412 هـ.
ومن حقّ من اطلّعَ على هذا التعميمِ الحديثِ القديمِ أن يتساءل:
- هل من حقّ أحدٍ أن يقترحَ أو يطرحَ ما يخالفُ ما نصّ عليه التعميمُ بشأنِ عملِ المرأةِ ومنعِها من أيِّ عملٍ تختلطُ فيه بالرجال، سواءً في الإداراتِ الحكوميةِ أو غيرِها من المؤسساتِ العامةِ أو الخاصةِ أو الشركاتِ أو المهن؟
- ومَن المسئولُ عن عدمِ جِدِّيَّةِ بعضِ القطاعاتِ في التنفيذ - حيثُ يوجدُ أحيانًا اختلاطُ المرأةِ بالرجالِ في العملِ في عددٍ من الوزاراتِ والدوائرِ الحكوميةِ والمؤسسات - ولعلّ عملَ المرأةِ في المستشفياتِ أو الخطوطِ
السعوديةِ نماذجُ صارخةٌ لهذا الاختلاطِ، والحاجةُ لا تستدعيه ولا تستلزمُه، والتعميمُ يؤكدُ على منعِه، بل ومحاسبةِ من يُخالفُه.
- هل سيُسكِتُ هذا التعميمُ الطروحاتِ الفجةَ عن عملِ المرأة، وهل سينكفئُ الموتورونَ الذين لا يزالونَ يطرحونَ إشكاليةَ عملِ المرأةِ على أعمدةِ الصحفِ والمجلاتِ وفي كافةِ القنواتِ الإعلاميةِ دون تحفُّظٍ أو تحوُّطٍ، كالذي جاءَ في التعميمِ الكريمِ السالف.
- ماذا سيكونُ وضعُ المرأةِ العاملةِ في أيٍّ من الدوائرِ والمؤسساتِ التي يوجدُ بها ما يخالفُ ما نَصّ عليه القرارُ .. حاضرًا ومستقبلًا، ومَنْ المسئولُ عن الممارساتِ الخاطئةِ والمنافيةِ لمضمونِ هذا التعميم؟
- كيف سيتعاملُ المسئولونَ في المؤسساتِ الحكوميةِ والخاصةِ مع هذا التعميم، هل سيحتاجونَ إلى متابعةِ الجهاتِ الرقابيةِ؟ أم سيجعلونَ من أنفُسِهم أداةً للمراقبةِ لتنفيذِ ما حواهُ التعميمُ، وإصلاحِ ما يحتاجُ إلى إصلاحٍ بوضعِ المرأةِ المختلطةِ؟
- هل ستمارسُ الهيئاتُ الدينيةُ والشئونُ الإسلاميةُ، وهيئاتُ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ دورَها في العملِ بموجبِ هذا التعميم .. والإنكارِ على من تجاوزَ أو قصّرَ في التنفيذ؟
- كيف سيستثمرُ الغيورونَ هذا التعميمَ لصالحِ المرأةِ، بل ولصالحِ الرجلِ .. بل وصالحِ المجتمعِ بأسرِه؟
- بل وهل تستثمرُ المرأةُ هذا التعميمَ لصالحِ قضيّتِها وحمايَتِها من العملِ إلى جانبِ الرجلِ، فمن حقِّها أن تطالبَ بتأمينِ أماكنَ للعملِ خاصةٍ بها، تُديرُها وتشرفُ عليها، وتمنَعُ وجودَ الرجالِ بها مطلقًا .. فالمرأةُ قادرةٌ بنفسِها ومع بناتِ جنسِها على ممارسةِ العملِ وإدارتِه .. وتجربتها في تعليمِ المرأةِ نموذجٌ
يشهدُ على نجاحِها وعَدمِ حاجتها إلى مشاركةِ الرجل.
إنه قرارٌ يستحقّ الإشادة .. وتعميمٌ يحتاجُ إلى دقّةٍ في المتابعة .. وجدِّيّةٍ في التنفيذ - إنه مُنصفٌ للمرأةِ كما أنه منصفٌ للرجل - وهو بوابةُ أمانٍ بإذنِ اللهِ عن فسادِ القيمِ والأخلاق - فهل نتفاعلُ جميعًا معه .. وهل يَعتبرُ كلُّ شخصٍ منّا نفسَه مسئولًا عن تنفيذِه على مستوى الرجلِ والمرأةِ والمسئولِ والعاملِ في القطاعِ العامِّ أو الخاصِّ .. ذلكَ ما نرجو ونأملُ، وتحيةً لمن أصدرَ هذا التعميمَ، ولمن تعاملَ معه بجديةٍ وإخلاصٍ.